12:19 PM May, 08 2015 سودانيز اون لاين تراث-اليمن مكتبتى فى سودانيزاونلاين
فرغت منها للتو بعد نحو 10 ساعات متصلة. ربما تتعثر قراءتك بادئ الأمر لـ "شوق الدرويش" بسبب العدد الكبير الذي تقرأه من الصفحات ( الـ 65 صفحة الأولى تقريباً) بدون أن تتضح لك خلفيات الأحداث المحكية، وماهيات فاعليها ودوافعهم، يقلقك الغموض، يصيبك بالإجهاد، وربما بالملل، ولكن ما أن تصل لجة السرد وتغمرك أمواج الأحداث وتتضح ملامح الأشخاص، حتى تجد نفسك وسط تيار اللذة- تلك اللذة التي تحدث عنها رولان بارت فلا تعرف كنهها إلا عندما تغوص في مثل هذا العمل السردي العجيب- لا ترفع راسك لتملأ رئتيك بالهواء قليلا إلا بعد إتمام الصفحة 460، وهي الأخيرة. من المؤكد أنها قصة حب عظيمة، ولكنها لا تكتفي بذلك، أنها من الأدب الذي يكشف النقاب عن كل شيء. مثلما هي مليئة بالحب، فهي محتشدة بقدر من مهول من الكراهية، والقسوة، ليست فقط قسوة ما تشهده من أحداث، بل القسوة التي تمارسها ضدك كقاري عندما تفضحك وتكشف سوء الكثير مما تعتبره جيدا أو اعتياديا. ليست غيبوبة تخدير التي تدخلك فيها أجواء هذا العمل، بل نشوة تحس أحيانا أنها مثل نشوة المازوخي، والأمر بالتأكيد لا يكمن في الموضوعات التي تتناولها: الحب الانتقام، صراع الحضارات... الخ، بل في كيفية هذا التناول (التكنيك)، فهذا هو موضوع الأدب، الذي برعت فيه "شوق الدروش" حينما حولت الحدوتة إلى أحداث مشوقةـ وإلى لغة سليمة التحرك بين السرد والوصف والحوار، وقدمت شخصيات تنبض بالحياة، وكان اكثر ما يلفت هو لعبة الزمن التي تصيبك بدوار لذيذ وهي تقترن بالانتقال السينمائي من مشهد إلى آخر، فتزيد مقدار التشويق. الأحدث يغلب عليها الدراماتيك، وببراعة امتزج فيها ما هو تاريخي مع المتخيل الروائي فلا تتبين خطا فاصلا بينهما. أما التراكيب اللغوية فكانت أحد اهم الأبطال: السرد مشوق حد أسرك، والوصف يلعب دوره جيداً، يجمل العمل الروائي، ويفسر الأحداث ويقي السرد من الفجاجة والابتسار، وهو يأتي شعريا في غالبه فيدهشك، ويدعوك لقراءته مجدداً، ومع ذلك فهو يمر سريعا فلا يعرقل مسار الأحداث، ويظهر في أحيان كثيرة ممتزجا بحركة السرد، فيحافظ على الحيوية وجمال اللغة.
ليت الحوار كان كله بالعامية، فذلك كان سيعطي الرواية حميمية خاصة، خاصة بالنسبة لنا نحن السودانيين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة