|
الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3)
|
قبل أن ألج في لجة هذا الموضوع الشائك والمتشابك دعوني أورد لكم مقالا أرسله لي أحد المعرف وربما إطلع عليه الكثيرون يقول الذي أرسل لي المقال إنه لكاتب خليجي. إلا أنني أميل إلى أن الكاتب سوداني يقبع خلف إنتقادات قد يكون سمعها سماعا ثم زاد عليها من بهار كوامن نفسية : إليكم المقال :
***
ان الفرد السوداني غير متصالح مع كون ان لونه "لونا اسودا" لا غبار عليه .. كما انه غير متقبل لحقيقة ان هناك "مكون افريقي" يغلب على "مكونه العربي" بكل وضوح .. هذا الاضطراب النفسي - الانكار الشديد للحقيقه التي يراها الكل- جعل الفرد السوداني يسلك سلوكا تعويضيا حالما تحط به الطائره في احدى المطارات العربيه .. جعله شديد الحساسيه لا يتقبل نقد الاخر العربي .. جعله يسعى بشتى الطرق لنيل الاستحسان من الاخر العربي.. وليس صعبا تحديد مظاهر السلوك التعويضي للسودانيين عند التعامل مع العرب .. وسأذكر بعضا منها -املا منكم- ذكر اي سلوك تعويضي للشخصيه السودانيه خارج السودان شاهدتموه او سمعتم به: التبرع باظهار الاختلافات العرقيه في السودان: من الشائع ان يتبرع الفرد السوداني بتقديم "توضيح علمي" للجغرافيا العرقيه في السودان .. حيث يوضح بحماس -مشكورا- ان السودان ملئ بالقبائل العربيه والافريقيه .. هذا التوضيح يقصد به اضفاء شيئ من "المصداقيه" في حديثه .. حيث انه سيذكر بعد قليل ان قبيلته من القبائل العربيه في السودان .. ثم قد يقوم احيانا بسرد "شجرة نسب" قبيلته التي ستصل بلا شك الى قريش .. وهنا اتذكر نكتة السوداني الذي اخبر سائق التاكسي السعودي انه من "الاشراف" .. وكلكم تدرون بقية القصه. الانكار الضمني للون الاسود: يركز الفرد السوداني كثيرا على ان السودان به جميع الالوان "ههههه" .. الابيض والاسود وما بينهما من تدرج .. ثم لا ينسي ان يقول ان في السودان "اقباطا" بشيئ من الغبطه والارتياح .. كل هذا سلوك تعويضي لتفادي وصم الشعب السوداني باللون الاسود الذي سيبعده عن العرب .. وهو يعلم "حقيقة" ان 99 في المائه من السودانيين هم سود البشره.
الحبوبه التركيه والجذور المصريه:
وحينما يجد الفرد السوداني انه من المستحيل "انقاذ" السودان ككل من وصمة "اللون الاسود" و"المكون الافريقي" .. فانه يسلك سلوكا تعويضيا مرضيا بانقاذ نفسه فقط .. حيث انه وحينما يجد الفرد السوداني انه من المستحيل "انقاذ" السودان ككل من وصمة "اللون الاسود" و"المكون الافريقي" .. فانه يسلك سلوكا تعويضيا مرضيا بانقاذ نفسه فقط .. حيث انه يذكر لمستمعيه العرب -وبدون سبب- ان حبوبته تركيه وان جده لأبيه من مهاجري مصر قديما..
الاخلاق كسلوك تعويضي:
اكثر السلوكيات شيوعا وانتشارا .. يبالغ السودانيون كثيرا في اظهار كرم اخلاقهم وصفاتهم تجاه "الشعوب العربيه" تحد
اللهجه العاميه السودانيه :
يردد الفرد السوداني باستمرار أن "الدراسات" اثبتت ان العاميه السودانيه هي اقرب اللهجات للفصحى! .. وليس الغرض من ترديد ذلك هو الغايه العلميه كما هو واضح .. وانما الغرض هو محاولة اثبات اصالة السودانيين كعرب مثلهم مثل بقية العرب .. وقد يصبح هذا السلوك الذي يبحث عن الاعتراف "اكثر مرضية" بأن يقوم الفرد بالبحث في معاجم اللغه لاثبات ان تلك الكلمه موجوده في اللغه الفصحى القديمه.
الدين الاسلامي:
يلتزم السودانيون بتعاليم الدين الاسلامي "عموما" بصوره اكبر عندما يكونوا في المجتمعات المتدينه في الخليج.. وليس الامر ناتجا عن التأثير المباشر كما يبدو .. وانما لمحاولة الذوبان وانتزاع الاستحسان من هذا الاخر العربي.
التفاعل مع القضايا العربيه:
السودانيين اكثر الشعوب معرفة وتفاعلا وتضامنا مع القضايا العربيه الداخليه .. الاهتمام الزائد و "حشر الانف" هذا يهدف الى اشاعة روح التضامن بين العرب .. هذا الاهتمام يتخذ خطوات عمليه تقول: نحن نهتم لأمركم .. نحن شعب واحد كما تعلمون.. فاهتموا لامرنا .. ولكن يصل الاحباط النفسي قمته حينما لا يهتم العرب بالقضايا الداخليه السودانيه .. فيلجأ الفرد السوداني الى سلوك اخر وهو اقحامهم واعلامهم بتفاصيل الواقع السوداني عنوة .. ثم لومهم فيما بعد على عدم الاهتمام بالسودان وعدم المعرفه به .. فالمطلوب -حقيقه- هو اهتمام العرب بنا فقط.
قد يذكر لك السوداني مقولة مجهوله قديمه وهي بيروت تطبع القاهره تكتب والخرطوم تقرأ .. قد يذكر لك ان نزار قباني اعجب بشعراء السودان .. قد يذكر لك مؤتمر قمه عربي عقد بالخرطوم يسميه اللاءات الثلاثه .. قد يذكر لك زيارة ام كلثوم للخرطوم في الستينات .. ويخبرك ان الملك فهد درس بالخرطوم .. كل هذه المحاولات المستميته اليائسه وكل هذه الدفاعات هي وسائل تستخدم لاثبات ان السودانيين ليسوا "أقل شأنا" من اقرانهم العرب وهي توضح حقيقة مدى تحقير هذا الانسان السوداني لنفسه!
كل هذا جعل من الشخصيه السودانيه في الخليج شخصيه غريبة مضحكه متناقضه جاده طيبه انفعاليه عنيفه هادئه امينه متعلمه مجرمه يهابها الجميع ويسخر منها الجميع ايضا .. هذا لان الشخصيه السودانيه لا تتقبل نفسها .. ولا تتصالح مع حقيقتها.. فتنتج مسخا مشوها غير مفهوم ولا يمكن التنبؤ به. فيا عزيزي الزول .. انت لست مطالب باثبات شيئ .. لست في حوجه لانتزاع اعجاب احد .. كن كما انت ولا تتصنع شيئا .. لا تبالغ في اظهار كرمك .. ولا تبالغ في اظهار غضبك ولا تبالغ في تأكيد عروبتك او افريقانيتك .. فلا أحد في هذا الكون تدين له بشئ .. لا تبالغ في شيئ
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) (Re: ابو جهينة)
|
رأي الطبقة المستنيرة : دائماً ما تكون مسألة التمييز العرقي و فرز كيمان الاٌنتماء ناراً تحت الرماد ، يتشدق معظم مثقفونا بأنهم ضد أي إستعلاء أو تمييز عرقي ، و لكنهم عند أول محك نجدهم قد إعْتَلوا أبراج التمييز العرقي و لا شيء يحفظ ماء وجوههم سوى التستر خلف قناعة المُستَعلَي عليهم : و هي قناعة تنتصب كـلافتة ضخمة ترفرف في ســماء الوطـن و تقف كـواجهة أو لــوحة إعـلانية بأن ( ساقية ) التعالي ستدور تروسها إلى ما شاء الله. دِلاء الطبقة المستنيرة التي يدْلون بها في آبار الهوية ما هي إلا طلاء رقيق سرعان ما يزول ويذوب بفعل حرارة الاستعلاء المستدام و الكامن بين طيات الموروثات القبلية و الجهوية. فالمساواة كلمة يستهلكها الجميع بينما يتمترسون خلف القبيلة و نقاء الدم المزعوم و فرز كيمان النسب و الحسب لا يردعهم دين أو نواميس الإنسانية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) (Re: ابو جهينة)
|
السخرية المغلفة و سخرية التنفيس : و الغريب في الأمر أن بعض السودانيين يتناول مسألة الإستعلاء العرقي أو يمارسه بنوع من السخرية التي لا تصل بالقضية إلى أي حد أو مستوى .. سخرية لا تعرف إن كانت تثبيتاً لمعلومة أو تشتيتاً لمعالمها و ثوابتها. فمن المعروف أن السخرية من الشيء قد تنبع من ذروة الغضب أو منتهى التشبع بالمنغصات كنوع من التنفيس و الترويح عن زخم ما يترسب في الروح و النفوس.. و لكن سخرية غالبيتنا من أمر الهوية تنبع من : 1. إما من إستعلاء عرقي بحْت ( سنأتي إلى تفصيله ). 2. إما من نقد ذاتي للأصول و الجذور مشوب بإستعلاء حذِر ( و هو نقد يتيح مساحة للتراجع عن هذا النقد إن دعا الداعي لذلك. ) مثال : في رحلة بقطار ( كريمة ) المتجه إلى كريمة ....... جلستُ في الدرجة الرابعة المشهورة بإنفتاح ( الونسة ) فيها و التي تطال كل ركاب عربة القطار. كان هناك خليط من الركاب و جُلَّهم من أهلنا الشايقية .. و عدد من ما نسميهم جزافاً لدينا بالشمال ( عبيداً ) .. مازح أحد هؤلاء أحد بني جلدته قائلاً : أنا أحسن منك .. أنا عبد جروف و إنت عبد بندر. فإنفجر الجميع ضاحكين بمن فيهم ( عبد البندر ) و ( عبد الجروف ) .. هذه سخرية من الذات.. كالذي يندب حظه علناً أو كمن يُعَلق بطاقة هويته المفروضة عليه على رقبته.. و لا ترقى بالطبع للسخرية الإستعلائية. على سبيل التعبير عن التضامن مع المستعْلَى عليهم من أمثاله و إظهار عدم الرضا من المستَعْلي فإن بعض المستَعْلى عليهم لا يقبل بأي سخرية ذاتية إلا مِن مَن هم على شاكلته ، و لكن إن أتتْ من غيرهم فتلك مسألة أخرى .. حتى في أمريكا .. يقبل السود بكلمة ( Niger ) من شخص في لونه و لكن لا يقبلها حتى من صديق أبيض. فإطلاق الصفة العرقية من شخص يحمل نفس الصفة تُعتبر نقداً ذاتياً ساخراً ، أما من الغير فهي ترْقى إلى مصاف ( الشتيمة ) و التبخيس. و بما أن الشيء بالشيء يُذْكر .. و كمثال ثانٍ : العم ( فائد ) من نسْل أسرة كانت مملوكة لأسرة في قريتنا.( رحمه الله ) الشيء المعروف أن معظم قرانا في الشمال لم تمارس فعلياً مع أرقائهم مقولة ( إذهبوا فأنتم أحرار ) و لم ينطقها أحد من مالكي الرقيق .. و لكن كل هؤلاء المملوكين إنطلقوا أحراراً إبتداءاً من الجيل الذي قبل السابق تلقائياً و إنفلتوا من ربقة العبودية بشفاهة فعلية و عاشوا بين ظهرانيْ الأهالي هناك إنطلاقاً من مفهومٍ ساد هذه الأجيال ، و هو مفهوم يؤمن بنوع من المساواة و إن كانت هذه المفاهيم لا زالت تشوبها بعض الممارسات الاجتماعية العرقية و فرز الكيمان. العم فايد من الجيل السابق رحمه الله. كان لماحاً و سريع البديهة و لا يبحث عن الإجابة على أي سؤال. كنت أقول دائماً أنه لو نال فرصة التعلم لصار علما في رأسه نار. أتى العم فايد للسعودية و كانت أولى ملاحظاته أن قال : الحمد لله كلنا هنا عبيد. جملته التي أضحكتْ الكثيرين و وضعوها ضمن قفشاته و تلميحاته الكثيرة ، لم يفطنوا إلى مغزاها البعيد. ففي السودان كلمة ( عبد ) تراوح معنى العرق أو اللون أو صفة المملوكية القديمة. و لكن في بلد كالسعودية حيث يتعدى الأمر كل ذلك أيضاً ليطال حتى معاملة أرباب العمل (الكفلاء ) للذين يعملون معهم من أجانب العالم الثالث فقط ( إن لم يكونوا كلهم فالغالبية العظمى منهم ) بممارسات مُقَنَّنـَة تفوق في تأثيراتها النفسية السلبية كل ما عرفته الإنسانية من رق وإستعباد. فالعم ( فايد ) رحمه الله كان ينظر إلى أن أفعال كل المغتربين من السودانيين قد طالتها يد الرضوخ القسري لسطوة السيد الآمر الناهي. لذا فالعم ( فايد ) لم يكترث للون أو العرق ، لأن بعض السود من السعوديين يمارسون نفس أفعال ( الكفيل ) بتطرف و مغالاة أكثر من غيرهم من ممارسي العنجهية و الصلف. و الغريب في أمر السود في السعودية و الخليج العربي أنهم ينظرون للسود من الدول الأخرى بنظرة يشوبها العتب الغاضب و بنوع من التعالي المكبوت ، وكأنهم يلومونهم إلى أنهم بقدومهم للسعودية قد أعادوا بعض ممارسات الإستعباد التي إندثرتْ بعد قرار الملك فيصل بن عبد العزيز طيب الله ثراه بإلغاء العبودية ... أو كأن ( السادة الجدد ) يذكرونهم بأن سيف العبودية لا زال مسلولاً على الرقاب على بني جلدتهم . نظرة سود الخليج إلى ( السود القادمين للعمل من الخارج ) تطابق وتشابه نظرة معظم السودانيين إلى الأعراق الزنجية حتى تلك التي تتحدث بالعربية و كأن هذه الأعراق تذكرها ( بأصل العرق و الجذور التي كانت في الأصل بلون أديم الأرض التي يدبون عليها ) ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) (Re: ابو جهينة)
|
و بوجود و بروز سمات العرق الزنجي في كافة أهل السودان من (الشعر الأكرت ) و ( الأنف الأفطس ) و البشرة ( السوداء أو السمراء ) فإن غالبية الذين يُرجِعون أنسابهم و إنتماءهم لقبائل أو أسماء عربية في الجزيرة العربية ما هو إلا تمسك و تعلق بأهداب ببعض الإستعلاء الذي كان يمارسه الغزاة من العرب ( و بالطبع يندرج ذلك على الإستعلاء التركي و ما خلفوه من دماء في بعض الأسر و القبائل) .. فالعرب كانوا ينظرون إلى أنفسهم بأنهم بدخولهم السودان و تزاوجهم مع ( الزنوج و النوبة وبقايا أحباش مملكة أكسوم المتشبثة بالبقاء في السودان ) فإنهم قد سكبوا في دماء هذه القبائل فقط شرف اللون و اللغة و الدين و بالتالي الإنتساب هذا المبتور ، هذا الإنتساب ( القِشْرة ). و بإنزواء العرق العربي و بقاء ( بعض من دمائهم بنسب متفاوتة في بعض القبائل و بعض القبائل العربية الخالصة ) فإن المتشبثين بنقاء الدم العربي فيهم يجب أن يقارنوا ما بين السوداني ( كعربي ) و اللبناني ( كعربي ) على سبيل المقارنة و المثال. فلو إستثنينا اللغة فإن كل المؤشرات تقول بأن هذا الأسود الذي يتكلم بفصاحة العرب ما هو إلا ( إفريقي أسود بلسان عربي مبين و ثقافة عربية ) و كأنه يقول ضمنا : أنه لمن الفخر و دواعي الإعزاز أن يتكلم شخص بمواصفاته الشكلية و الخَلْقية بلغة القرآن و لغة العاربة و قحطان .. أو هو في سبيل المقاربة أمر يشبهونه بشعوب دول (الكمنولث) التي لا تزال ترتبط بحبل سري ( هو حبل الإقتصاد و اللغة ) مع الإمبراطورية التي لم تك الشمس تغيب عنها ( بريطانيا ). بينما شرف إنتمائنا يجب أن نرُده إلى كينونتنا الحالية كسودانيين ، وسودانيين فقط بدمائنا (الكوكتيل ) ، و ألواننا التي تحدث عن حكمة الخالق التي قبضتْ من كل تراب الكون قبضة ليخلق منها أبو البشر( آدم ) فكنا خير مثال لهذه التركيبة الإلهية فجاءت هذه البانوراما اللونية السودانية ). يبرز هنا أيضاً سؤال : ماذا لو كانت لغة الأمهرا أو التغراى أو النوبة أو الدينكا أو أي لغة نيلية مثلاً قد طغتْ على ألسنتنا رغم وجود الدم العربي واللغة العربية ،، كقبيلة العفار بالصومال وجيبوتي الذين يحتفظون بلهجاتهم الموروثة بينما يؤكدون وجود الدم العربي فيهم بنسب تتساوى مع بعض قبائلنا التي تُرْجع أصولها للحسين بن على كرم الله وجهه و إلى العباس و إلى قبائل عدنان و قحطان ؟ صناعة سودانية تشكو البوار : من اللافت للنظر هو إستعلاؤنا الذي يذكرني بذلك الطوق المغناطيسي الذي يلبسه بعض المطلوبين في أمريكا ليتم تحديد أماكن تواجدهم في نطاق معلوم للشرطة ، فلا يغادر لابس الطوق المكان المحدد له و إن حاول إختراق نطاقه فإن كل شرطة المنطقة تعلم بأمره .. فيعيدوه صاغراً. و هذا ما كان من إمر إستعلائنا .. إستعلاءٌ لا يتجاوز حدودنا الجغرافية و جغرافيتنا البشرية ، لا تتعدى حدود التعامل داخل الوطن و لكن خارجه فإن جرس الزنوجة سرعان ما يتم تعليقه على رقابنا لتموسق رناته جنبات إنتمائنا اليتيم.. إستعلاء موغل في المحلية بينما ينهال علينا نفس الإستعلاء في كل الدولة العربية مهما حاولنا أن نلحق بآخر عربة في قطار العروبة و الذي يجعل كل الأنوف متساوية حتى و إن شابهتْ أنوف أصحاب الدماء الزرقاء.. حتى ( الحلبي ) منا هو عبد و لو توهج بياضاً أو وقف لونه نِدَّاً لألوان السادة و مدمني النخاسة في أسواقها العلنية والمستترة. إنتماء بلا وجيع و وجعٌ منتمي إلى المجهول أو : ( انتماء مبتور كالحب من طرف واحد ): و هو إستعلاء موسوم بإنتماء غير موثَّق في أضابير التاريخ السوداني بشكل يستند على علم الأنساب أو تسلسل الأسماء ، و لكنه إنتماء يستند على أسماء تتناقلها الأسرة عن الأسرة و الأب عن الجد و الكابر عن الكابر و كلها أنساب و أسماء تصب في صحاري الجزيرة العربية ومضاربها و قبائلها ، بينما لا نجد بالمقابل أي بحث للجذور التي رماها أجداد أهل الجزيرة العربية في غَيَابَة عتامير السودان و أحراش غاباته و صحاريه و تلاله و جباله ، و كأنَ هؤلاء الأجداد من الجزيرة العربية قد أتوا فقط فاتحين و مُحَسِّنِين للنسل أو أنهم قضوا أوطارهم حينما أتوا غزاة وفاتحين، ثم إنطلقوا إلى جهة أخرى يجربون فيها فحولتهم و يمزجون حيَامِينَهم بأعراق أخرى . لا أحد من العرب العاربة يبحث عن جينات أجداده المدلوقة في أرحام هؤلاء الأفارقة ، و كأن أجدادهم هؤلاء قد دلقوها مع ماء ( قِرابهم ) فإنسربتْ بين طيات الرمال أو كأن بذورهم التي بذروها قد إندثرتْ بمجرد إغتسالهم من ( رجس الجنابة ) بمياه النيلين و ( الفولة ) و ( العِدْ ) و من ثَم َّ إستودعوا ( الركوة و الإبريق والمآذن ) سر حمْل زوجاتهم و سراريهم ثم بعدها يمموا شطْر الكعبة يسألون الله المغفرة حيث أنهم أسكنوا من ذريتهم بوادٍ ذاخرٍ بالزرع و الضرع ونفوس تعتلج في بوتقة الهوية المفقودة و أرواح مسكونة بوسواس الهوية الخناس. من المفارقات أن نجد أشخاصاً من دولة كالـ ( المَجَر ) يأتون من أقصى شمال أوروبا باحثين عن بذرة بذرها رجل منهم بإحدى فروع الحلفاويين و كوَّن فرع ( المجراب ) .. قابلت ( مجرياً ) كان مع فوج سياحي لزيارة ( قصر الحمرا ) بمنطقة الأندلس بأسبانيا .. فدار بيننا حديث طال ( المجراب ) و تاريخهم فدهشت لما يعرفه الرجل عنهم و عن منطقتهم و تاريخ دخول ذلك المجري لبلاد النوبة و البعثات المجرية التي زارت المنطقة و الباحثين و المهتمين. كان يتحدث بإنبهار خاصة بعد أن عرف أنني نوبي و منطقتي قريبة من وادي حلفا. إتكاءة : ( بلح الشام و عنب اليمن ) : أُعْجِب الغراب ذات مرة بألوان ريش الطاوؤس .. فدهن ريشه بألوان زاهية و إندسَّ مع سرب الطواويس.. و عندما حاول تقليد أصواتها و مشْيتها عرفته و طردته من سربها شر طردة .. وعاد الغراب إلى الغدير حزيناً ينظر في سطح الماء إلى ألوانه التي لوَّن بها ريشه .. فأنكرته أسراب الغربان و نقرته بمناقيرها حتى مات. و نحن الآن نقف في برزخٍ نتوسط الطواويس و الغربان .. فلا طواويس العروبة تعترف بألواننا حتى و إن جعلناها ( فسفورية ) و لا غربان إفريقيا تعترف بنا لأنها تدمغنا بتهمة الدم الممزوج. (هنا تكمن تثييت الهوية السودانية بكل أبعادها و مزيجها الفريد ). و هو أيضاً إستعلاء عرق على عِرْقٍ ، بحيث يمكننا تشبيهه بنظرة ( الأعور ) للأعمى .. فالأول قد يصير ملكاً على مملكة الثاني بينما الأول نفسه مهدد باللحاق بالثاني في أي سانحة خاطئة أو مقصودة بضربة عشوائية قد تطال عينه الصحيحة. إستعلاؤنا ( الأعور ) تكمن مشكلته الكبرى في أنه إستعلاء ( أعمى ) لا يُدْرِك بأن مَنْ يَسْتَعلي عليهم هم ( عيْنه الأخرى المطموسة ) .. فكلنا في ( الإنطماسُ ) سودانُ . إذن هو إستعلاء ( أعور ) يتكيء على ( عصا إنتماءٍ نخره السوس ) بينما هو في أغفاءة كاذبة كنَوْمة الدجاج ينام محتضناً أحلام إنتمائه و يصحو على واقعه .. و هو إستعلاء يسنده إنتماء لعرقٍ متنامي الإستعلاء على كل الأعراق .. كانتونات التمييز العرقي : من المضحك المبكي أن نجد أن الإستعلاء العرقي و التمييز في السودان يتنوعُ تَنَوُّع مناخنا ومناطقنا الجغرافية. ففي الشمال قطنتْ قبائل ( تتحدث العربية ) و سكنتْ مع القبائل ( النوبية ) .. الفرق الوحيد بين العرقين بأن النوبة يمتلكون السواقي و الجروف .. أما العاربة فهم تجار أو زراع أو مهن أخرى، والمفارقة تكمن في أن النوبة يطلقون على الشخص ( النوبي الصميم منهم ) و الذي يكون بلا أرض أو نخيل أو جروف ، يطلقون عليه لقب ( آراب ) .. يعني مثله مثل العربي .. الذي لا ممتلكات له تربطه بهذه الأرض. ثم ساقتني الأقدار إلى الجزيرة التي يمتلك معظم أهلها الحواشات .. و أيضاً وجدت هناك أن بعض النوبة ( دناقلة و محس ) يسكنون في هذه القرى بين أهل الجزيرة ، و بما أنهم نازحون للجزيرة فإنهم لا يمتلكون حواشات بها ، لذا نجد أن أهل الجزيرة يطلقون على كل من لا يملك حواشة أو أرض ، يطلقون عليه لقب ( دنقلاوي ) ..
نسْل آدم .. في قبضة اللوائح :
معظم السود في أي بلد ديمقراطي يملكون ثقة زائدة بالنفس و هم يعلمون تماماً بأن أي نوع من هضم الحقوق أو إطلاق نعوت عرقية لها من القوانين الرادعة التي تجعل كل من يزمع أن يرتكب نوعاً من هذا الإستعلاء يفكر ألف مرة قبل أن يُقْدم عليه. و رغم هذا لا زال الإستعلاء يُمارَس بين الفينة و الأخرى و يطل برأسه هنا و هناك. مشكلة بعض المُسْتَعْلَى عليهم.. أنهم ينزوون بهذا الشعور المذل و ينطوون على أنفسهم ويمارسون ردة الفعل بطريقة مكبوتة.. فيتعالى ويتنامى هذا الشعور حتى يصل إلى أقصى درجاته فتنطلق لا تُبْقي و لا تَذَر.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) (Re: ابو جهينة)
|
الاستاذ الأديب ابو جهينة السودان كاسم يعني السود الكثيرون و هي ترجمة عربية كسولة للكمة الاغريقية Ethiopians و التي تعني اصحاب الإيهاب ( الجلد) المحروق يصير بذلك اسم الوطن وصفي من الخارج لأنه لا يمكن ان يصف قوم انفسهم بلون جلدتهم فنحن أهل دول كثيرة كانت لها اسماءأخري بدلالات متعددة و أول من وصفنا بلوننا هم المصريون القدماء و فقالوا عنا تاسيتي و نهسو و غيرها و جميعها تعني السود. عندما سمي السودانيون انفسهم أطلقوا علي انفسهم اسماء تدل علي هويتهم غير لون بشرتهم. فهم الكوشيون، النبتيون و المرويون الاولي لا اعرف معناها و الثانيتين نسبة للعواصم نبتة و مروي لا يمكن اختزال موضوع كبير كالهوية في اسم البلد بلا شك و لكن اسم البلد يعني التسليم بالوصف الذي صاغه الآخر غير السوداني. نحن عندهم سود و نحن حقيقة سود لكننا اناس كغيرنا من الامم لا يمكن اختزالهم في لون بشرتهم. الاستعراب مرض نفسي و إدعاءالنسب العربي ورطة دخل فيها اجدادنا لتبرير استرقاق مواطنيهم بدعوي أنه ليسو عرباً و كما تعلم فأول من اختلق فكرة الاشراف هذه هو السلطان الفونجي بادي ابو دقن عندما اراد تبرير استرقاق رعايا مملكة تقلي المسلمين ( راجع يوسف فضل تاريخ ممالك السودان الشرقي) ليس بيننا عرب ينتسبون لقريش و لا ليس بيننا عرب ينتسبون للبيت النبوي هذه مجرد اوهام. نحن شعوب مسيحية و اهل ديانات أخري قهرهم العرب النازحون عن مصر نتيجة للغلاغل السياسية في مصر الخلافة و مصر الاموية و مصر العباسية و مصر الفاطمية و مصر الايوبية و مصر المملوكية. الغلاغل السياسية دفعت بالمعارضين للنظام في مصر بالهجرة جنوباً . هكذا دخلت الثقافة العربية و الدين الاسلامي للسودان ( راجع ويليام آدمز النوبا روق افريقيا ترجمة دكتور محجوب التجاني) السبب الرئيسي للاستعراب كان بحثا عن الأمان امام الاقطاع العسكري الغازي فلاعلان الاسلام و الانسحاق امام الثقافة العربية كان هو مصدر الامان الوحيدة في دويلاتنا المسيحية عندما اشتد اوار الضغط . و لتسمح ليأن اضع في هذا البوست المهم رؤيتي حول الاستعراب و الغزو العربي التي صغتها في شكل قصة قصيرة .
طه جعفر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) (Re: طه جعفر)
|
Quote: ماذا لو كانت لغة الأمهرا أو التغراى أو النوبة أو الدينكا أو أي لغة نيلية مثلاً قد طغتْ على ألسنتنا رغم وجود الدم العربي واللغة العربية ،، |
بل منهم تعلّم "قحطان" الكلام ... ولم يتعلم "الكتابة" إلاّ بعد أن لجأ المسلمون الأوائل للحرف السرياني لتدوين القرآن ...
... المهم ....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) (Re: Osman Dongos)
|
الاستاذ الأديب ابو جهينة السودان كاسم يعني السود الكثيرون و هي ترجمة عربية كسولة للكمة الاغريقية Ethiopians و التي تعني اصحاب الإيهاب ( الجلد) المحروق يصير بذلك اسم الوطن وصفي من الخارج لأنه لا يمكن ان يصف قوم انفسهم بلون جلدتهم فنحن أهل دول كثيرة كانت لها اسماءأخري بدلالات متعددة و أول من وصفنا بلوننا هم المصريون القدماء و فقالوا عنا تاسيتي و نهسو و غيرها و جميعها تعني السود. عندما سمي السودانيون انفسهم أطلقوا علي انفسهم اسماء تدل علي هويتهم غير لون بشرتهم. فهم الكوشيون، النبتيون و المرويون الاولي لا اعرف معناها و الثانيتين نسبة للعواصم نبتة و مروي لا يمكن اختزال موضوع كبير كالهوية في اسم البلد بلا شك و لكن اسم البلد يعني التسليم بالوصف الذي صاغه الآخر غير السوداني. نحن عندهم سود و نحن حقيقة سود لكننا اناس كغيرنا من الامم لا يمكن اختزالهم في لون بشرتهم. الاستعراب مرض نفسي و إدعاءالنسب العربي ورطة دخل فيها اجدادنا لتبرير استرقاق مواطنيهم بدعوي أنه ليسو عرباً و كما تعلم فأول من اختلق فكرة الاشراف هذه هو السلطان الفونجي بادي ابو دقن عندما اراد تبرير استرقاق رعايا مملكة تقلي المسلمين ( راجع يوسف فضل تاريخ ممالك السودان الشرقي) ليس بيننا عرب ينتسبون لقريش و لا ليس بيننا عرب ينتسبون للبيت النبوي هذه مجرد اوهام. نحن شعوب مسيحية و اهل ديانات أخري قهرهم العرب النازحون عن مصر نتيجة للغلاغل السياسية في مصر الخلافة و مصر الاموية و مصر العباسية و مصر الفاطمية و مصر الايوبية و مصر المملوكية. الغلاغل السياسية دفعت بالمعارضين للنظام في مصر بالهجرة جنوباً . هكذا دخلت الثقافة العربية و الدين الاسلامي للسودان ( راجع ويليام آدمز النوبا روق افريقيا ترجمة دكتور محجوب التجاني) السبب الرئيسي للاستعراب كان بحثا عن الأمان امام الاقطاع العسكري الغازي فلاعلان الاسلام و الانسحاق امام الثقافة العربية كان هو مصدر الامان الوحيدة في دويلاتنا المسيحية عندما اشتد اوار الضغط . و لتسمح ليأن اضع في هذا البوست المهم رؤيتي حول الاستعراب و الغزو العربي التي صغتها في شكل قصة قصيرة .
طه جعفر
"""""""
تمام استاذنا طه جعفر هذا هو بيت القصيد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) (Re: Osman Dongos)
|
الأستاذ / عثمان دنقس
تحية طيبة وأشكرك على المرور الباذخ
***
تشبيه في مكانه. إسمح لي أن أُضيف بأن ليس غربان أفريقيا هي التي تنبذنا، بل نحن الذين ننبذها باستلاءنا الدائم عليها و هذا هو سبب حروبنا اللّامتناهية في السودان. رغم كل ذلك تجد أن أقرب الناس رحما و أكثرهم إحتراماً لنا هم الأفارقة خاصةً في المهاجر.
****
لا فض فوك ... كبد الحقيقة
*** أكتفي بهذا القدر من مقالك الدسم، فالحديث يطول.
***
أرجو أن تواصل تعليقك ، فهو يضع إطارا ساطعا للنقاط المثارة
دمتم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) (Re: ابو جهينة)
|
من اللافت للنظر هو إستعلاؤنا الذي يذكرني بذلك الطوق المغناطيسي الذي يلبسه بعض المطلوبين في أمريكا ليتم تحديد أماكن تواجدهم في نطاق معلوم للشرطة ، فلا يغادر لابس الطوق المكان المحدد له و إن حاول إختراق نطاقه فإن كل شرطة المنطقة تعلم بأمره .. فيعيدوه صاغراً. و هذا ما كان من إمر إستعلائنا .. إستعلاءٌ لا يتجاوز حدودنا الجغرافية و جغرافيتنا البشرية ، لا تتعدى حدود التعامل داخل الوطن و لكن خارجه فإن جرس الزنوجة سرعان ما يتم تعليقه على رقابنا لتموسق رناته جنبات إنتمائنا اليتيم..
:::
هذه جزئية جديرة بالتوسع في حيثياتها
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) (Re: ابو جهينة)
|
أستاذنا أبو جهينة، سلام مجدداً، Quote: أرجو أن تواصل تعليقك ، فهو يضع إطارا ساطعا للنقاط المثارة. |
أشكرك على كرمك و لطفك و دعوتك الكريمة لي بالإستمرار في التعليق على بقية النقاط التي وردت في مقالك.Quote: من اللافت للنظر هو إستعلاؤنا الذي يذكرني بذلك الطوق المغناطيسي الذي يلبسه بعض المطلوبين في أمريكا ليتم تحديد أماكن تواجدهم في نطاق معلوم للشرطة ، فلا يغادر لابس الطوق المكان المحدد له و إن حاول إختراق نطاقه فإن كل شرطة المنطقة تعلم بأمره .. فيعيدوه صاغراً. و هذا ما كان من إمر إستعلائنا .. إستعلاءٌ لا يتجاوز حدودنا الجغرافية و جغرافيتنا البشرية ، لا تتعدى حدود التعامل داخل الوطن و لكن خارجه فإن جرس الزنوجة سرعان ما يتم تعليقه على رقابنا لتموسق رناته جنبات إنتمائنا اليتيم.. ::: هذه جزئية جديرة بالتوسع في حيثياتها |
هذه النقطة شائكة جداً. فهي بمثابة حقل ألغام يهدد كل من يسير فيه بانفجار الألغام تحت رجليه في أي لحظة. فهنالك من لا يُقرِّ و يرضى بهذه الحقيقة. يأخي الكريم، هذا واضح جداً لكل من غادر السودان و احتك بالعرب بمختلف جنسياتهم. قد يجاملونك في بعض الأحيان و لكن تظهر نظرتهم الحقيقية إليك عند أول خلاف معهم. فأول ما يلجأون إليه هو الشتائم ذات الطابع العنصري إلَّا من رحم الله. لا يستثنون أحداً من أي جهةٍ من السودان كان. قد يُنكِّر بعضنا تلك الحقيقة و لكن ذلك لا يغير تلك الحقيقة الصادمة التي يؤكدها الواقع اليومي المعاش. خليط الدم العربي الزنجي هذا، و نواتجه من سحنات و ثقافات هجينة متوافرة في أغلب البلدان الأفريقية جنوب الصحراء، تشاد، نيجيريا، الكمرون، النيجر كأمثلة، ولكنهم أُناس متصالحون مع أنفسهم و أفريقانيتهم و معتدون بها. لماذا نحن رافضون أو غير قادرون على التصالح مع، وقبول أنفسنا كما نحن؟ لا أملك إجابة على هذا السؤال. لك الود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) (Re: Osman Dongos)
|
تحياتي اخي عثمان دنقس ولك الشكر على العودة لهذه المساحة والتي من الواضح ان الكثيرين لا يرغبون في الخوض في غمارها
:::: اعجبني ردك :::
خليط الدم العربي الزنجي هذا، و نواتجه من سحنات و ثقافات هجينة متوافرة في أغلب البلدان الأفريقية جنوب الصحراء، تشاد، نيجيريا، الكمرون، النيجر كأمثلة، ولكنهم أُناس متصالحون مع أنفسهم و أفريقانيتهم و معتدون بها. لماذا نحن رافضون أو غير قادرون على التصالح مع، وقبول أنفسنا كما نحن؟ لا أملك إجابة على هذا السؤال.
:::
التصالح مع هذا المزيج الذي يجري في عروق اهل السودان هو بيت القصيد ومضاربه واركانه واوتاده
نطمع في المزيد من المواصلة بالتشريح دمتم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) (Re: Osman Dongos)
|
موضوع الهوية موضوع شائك ، معقد و يصبح وهميا الى حد ما ونحن نعيش عصر العولمة و امتداد الثقافة الغربية لتعم سائر الكوكب.. وظهور مفاهيم جديدة للمواطنة مثل فكرة الانسان الكوزمو او المواطن العالمي. البوست ابتدأ بكلام عام حول الهوية لم استوعبه جيدا ربما ، لكنه ما لبث ان انحرف عن مساره ليرتد ويصب في مجرى جلد وتقريع العنصر العربي "كالعادة طبعا" .. ولا ادري صراحة لماذا كلما أتينا على ذكر الهوية و ما يرتبط بها من مشاكل اثرت على حاضرنا بشدة يشير غير العرب الى العنصر العربي كمتهم أول وأوحد ؟ اولا : لم يخترع العرب ثقافة الاستعلاء في السودان ، وفي الحقيقة ، فإن العنصر العرب العربي كان محكوما على الدوام وليس حاكما حتى استقلال السودان 1956م ، كيف يستقيم ان يستعلى المحكوم على الحاكم طالما ان الاستعلاء بالأساس ناتج من موروث ثقافي و اختلاف إثني ؟ معروف ان السودان الحالي كانت تتنازعه سلطنتين افريقيتين ، الفور والفونج حتى دخول جيش محمد علي و انهاء حقبة الفونج 1821م. ثانيا : هل يمكن للزميل ابوجهينة ان يؤكد ان العرب اكثر استعلاء على بقية مكونات السودان من النوبيين؟ وما هي مسئولية النوبيين كشريك اصيل في حكم السودان منذ العام 1956 ، واقصد مسئوليتهم تجاه سيطرة النزعة الاسلامية - العربية ؟ حسب ملاحظاتي لا يوجد اي اختلاف مطلقا في النظرة تجاه المكون الافريقي السوداني واستيعابه كند وشريك اصيل ، إذن فالسبب ليس عرقيا .. نفس الشيء ينطبق على عرب دارفور وكردفان ..
Quote: و هو إستعلاء موسوم بإنتماء غير موثَّق في أضابير التاريخ السوداني بشكل يستند على علم الأنساب أو تسلسل الأسماء ، و لكنه إنتماء يستند على أسماء تتناقلها الأسرة عن الأسرة و الأب عن الجد و الكابر عن الكابر و كلها أنساب و أسماء تصب في صحاري الجزيرة العربية ومضاربها و قبائلها ، بينما لا نجد بالمقابل أي بحث للجذور التي رماها أجداد أهل الجزيرة العربية في غَيَابَة عتامير السودان و أحراش غاباته و صحاريه و تلاله و جباله ، و كأنَ هؤلاء الأجداد من الجزيرة العربية قد أتوا فقط فاتحين و مُحَسِّنِين للنسل أو أنهم قضوا أوطارهم حينما أتوا غزاة وفاتحين، ثم إنطلقوا إلى جهة أخرى يجربون فيها فحولتهم و يمزجون حيَامِينَهم بأعراق أخرى . |
يؤسفني ان اعقب على هذه الجزئية بأنها "كلام ساي" ، اذا كان سبب استعلاء العرب هو جذورهم التي "تصب في صحاري الجزيرة العربية " فما هو سبب استعلاء النوبيين؟ ولماذا يبحث عرب الجزيرة عمن هاجر قبل الف عام الى دولة اخرى ، ما هو السبب او المبرر ؟ في الاصل ان الفرع هو من يبحث عن الاصل وليس الاصل رغم يقيني بأن عالم اليوم ما هو الا مجرد هجرات حدثت عبر التاريخ ، هل سمعت بأي حالة حدثت في اي دولة غير السودان؟ و أعني حالة بحث "عربية" عن مهاجرين عرب في دولة اخرى ، تونس مثلا .. تصويب السهام نحو العنصر العربي وغالبا قبائل الجعليين والشايقية هو مجرد التفاف على المشكلة وتهوين لها ، السودان كله استعلاء X استعلاء ، الكل يرى انه الافضل ، فقط الفرق يكمن في ان هناك جهة محددة تضم عربا وافارقة وجدت حظا اكثر من بقية الجهات في الحكم . اما عن الحديث عن نظرة الخليجيين ومثل هذه المقالات المكرورة ، يا سادتي ، مشكلتنا ليست في الخليج وانما هنا في السودان ، الخليجيين لديهم نظرة عنصرية وتعالي تجاه الجميع ، الشخص العنصري دائما يبحث عن اشياء متوهمة تحسسه بالتفوق الكاذب ولن يعدمها. هم عنصريون تجاه الكل و حتى داخل مجتمعهم هناك قبائل درجة اولى وبعضها درجة تانية وهكذا .. لن يغير من الامر شيئا تكرار مثل هذه الحجج غير المفيدة. تحياتي ابوجهينة والجميع سأعود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) (Re: Abdullah Idrees)
|
أخي الفاضل/ عبد الله إدريس، السلام عليكم،Quote: تصويب السهام نحو العنصر العربي وغالبا قبائل الجعليين والشايقية هو مجرد التفاف على المشكلة وتهوين لها ، السودان كله استعلاء X استعلاء ، الكل يرى انه الافضل ، فقط الفرق يكمن في ان هناك جهة محددة تضم عربا وافارقة وجدت حظا اكثر من بقية الجهات في الحكم . |
نعم، أتفق معك في هذه الجزئية بالتحديد. و لكن إسمح لي أن أُضيف أن هنالك إستعلاء أو سَمِّه فخر من كل قبيلة على الأُخرى و هنالك سُوبر إستعلاء أو فخر من العناصر العربية (الأصح الأفروعربية) على الجميع. بالتأكيد سيطرة العناصر الأفروعربية (جعليين و شوايقة و أبناء عمومتهم) و بعض من العناصر الأفريقية (نوبة الشمال) على مفاصل السلطة و الثروة بعد إستقلال السودان أدى إلى وضع إستعلاءهم على الواجهة دون الآخرين، هذا من جهة. من جهة أُخرى، محاولة صبغ السودان بصبغة عربية إسلامية و ربطه بالعالم العربي و تجاهل مكونه الأفريقي بعد الأستقلال، و وضع الكل في هذا القالب قسراً، فاقم من المشكلة أكثر. لك الود، عثمان دُنقس
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) (Re: Osman Dongos)
|
مرحبا عثمان دنقس .. حبابك 10
Quote: هنالك سُوبر إستعلاء أو فخر من العناصر العربية (الأصح الأفروعربية) على الجميع. بالتأكيد سيطرة العناصر الأفروعربية (جعليين و شوايقة و أبناء عمومتهم) و بعض من العناصر الأفريقية (نوبة الشمال) على مفاصل |
نعم اتفق معك ، بيد انه استعلاء "نيلي" و اكرر نيلي ، يستوي فيه النوبيين مع القبائل المنسوبة للعرب او المجموعة الجعلية بشكل عام ، وهذه الجزئية تحتاج لبحث اكثر ، حيث ان هنالك قبائل اكثر عروبة من المجموعة الجعلية تتعرض للاستعلاء مثل غيرها نظرا لأنها لا تملك اراضي زراعية او سواقي على النيل "حواكير بلغة الغرب" وهذا يجعلنا نتريث في اطلاق تفسير عرقي على ما يحدث ، المكانة الاجتماعية في الشمال تاريخيا يحددها مقدار ما يمتلكه الشخص من اراضي زراعية على النيل وربما كان هذا موروثا نوبيا فالعرب النيليون قد تبنوا الكثير من الموروث الثقافي النوبي.
Quote: محاولة صبغ السودان بصبغة عربية إسلامية و ربطه بالعالم العربي و تجاهل مكونه الأفريقي بعد الأستقلال |
هذه احد المعلومات الشائعة المغلوطة تماما والتي اصبح البعض يكررها ويجزم بصحتها تواترا ، والصحيح هو ان سلاطين الفونج و من بعدهم سلاطين الفور هم اول من كرس لسيطرة الثقافة العربية - الاسلامية في وقت كانت القبائل العربية مجرد تابع لهم ، فقد فرضوا الاسلام واللغة العربية دينا ولغة رئيسية و انتقى كليهما نسبا "شريفا" ولا يخفى على الجميع ان " ايديولوجيا النسب الشريف" التي انتشرت في القرون الوسطى كانت امضى سلاح يستخدمه الطامحين النابهين للحكم ، قاموا بتقريب العلماء القادمين من مصر والحجاز واستوزروا بعضهم ، استباحوا اراضي غير المسلمين واسترقوهم ، بالطبع غير المسلمين كانوا كلهم ينتمون للعنصر الافريقي ، كان الرقيق اكبر صادرات السلطنتين للعالم الخارجي حتى قبل ظهور الجلابة ، وبذا تم التكريس لتفوق العربي المسلم على الافريقي الوثني- المسيحي الى يومنا هذا. وقد يصبح الافريقي افضل مرتبة إذا ما اعتنق الاسلام ، على الاقل ليجنب نفسه الاسترقاق رغم ان هذا لم يكن مضمونا فقد تم استرقاق مسلمين افارقة في حالات كثيرة. سيطرة السلطنتين على اغلب السودان الحالي لعدة قرون ضمن تماما سيطرة الثقافة العربية الاسلامية على السودان وعندما استقل السودان 1956م كانت هويته تبدو محسومة لولا وعي الصفوة الجنوبية آنذاك بهويتها ، بعدها ظهر مؤتمر البجا ونهضة دارفور وشقوا طريقا بالغ الصعوبة حتى تغيرت افكار الكثير من الناس ، الآن هنالك وعي عام بضرورة مراجعة هويتنا ما بين الافرقة ، العروبة أو الغابة والصحراء ورغم ان الطريق وعر وفي بدايته ، لكن يمكن تعبيده فقط اذا تمكنا من اسكات الاصوات المتطرفة من الجانبين و بناء دولة القانون والمؤسسات، عندها سيتساوى الجميع ولن من يتحدث عن الهوية مرة اخرى. تحياتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) (Re: ابو جهينة)
|
تحياتي أخي عبد الله إدريس
نأتي لمداخلتك المهمة :
اولا : لم يخترع العرب ثقافة الاستعلاء في السودان ، وفي الحقيقة ، فإن العنصر العرب العربي كان محكوما على الدوام وليس حاكما حتى استقلال السودان 1956م ، كيف يستقيم ان يستعلى المحكوم على الحاكم طالما ان الاستعلاء بالأساس ناتج من موروث ثقافي و اختلاف إثني ؟ معروف ان السودان الحالي كانت تتنازعه سلطنتين افريقيتين ، الفور والفونج حتى دخول جيش محمد علي و انهاء حقبة الفونج 1821م.
****
أوافقك جدا في هذه الجزئية
*** ثانيا : هل يمكن للزميل ابوجهينة ان يؤكد ان العرب اكثر استعلاء على بقية مكونات السودان من النوبيين؟ وما هي مسئولية النوبيين كشريك اصيل في حكم السودان منذ العام 1956 ، واقصد مسئوليتهم تجاه سيطرة النزعة الاسلامية - العربية ؟ حسب ملاحظاتي لا يوجد اي اختلاف مطلقا في النظرة تجاه المكون الافريقي السوداني واستيعابه كند وشريك اصيل ، إذن فالسبب ليس عرقيا .. نفس الشيء ينطبق على عرب دارفور وكردفان ..
***
أنا نوبي ، واؤكد لك هنا أن عنصرية النوبة أعنف وأشد عنصرية أي قبيلة أخرى بالوطن. بل هي عنصرية تتجاوز اللون ، بمعنى أن من لا ينتمي لهم فهو موسوم بلعنة كاللعة التي يصبها الأوربيون على الغجر ولكن ، أؤكد هنا ثانية أنه في العقود الأخيرة تغيرت النظرة تماما وأستشرت ثقافة ( كلنا أولاد آدم وحواء ) رغم وجود بعض البؤر لم يكن التزاوج من قبائل أخرى متاحا بالمعنى السائد بالرغم من أن العرب الفاتحين تزاوجوا مع النوبيين وتفرعتْ منهم قبائل أخرى ممتدة جنوب الوطن حى تخوم الجزيرة وأرض البطانة الشوايقة أليس نتاج عربي نوبي ؟ السدارْنة أليس نتاج نوبي عربي ؟ ولكن النوبة الذين بقوا في أرض أجدادهم تقوقعوا ردحا من الزمن ، وكما أسلفتُ فإن التعنصر بدأ في الذوبان بنسب متفاوتة على نطاق واسع نوعا ما
****
اما عن الحديث عن نظرة الخليجيين ومثل هذه المقالات المكرورة ، يا سادتي ، مشكلتنا ليست في الخليج وانما هنا في السودان ، الخليجيين لديهم نظرة عنصرية وتعالي تجاه الجميع ، الشخص العنصري دائما يبحث عن اشياء متوهمة تحسسه بالتفوق الكاذب ولن يعدمها. هم عنصريون تجاه الكل و حتى داخل مجتمعهم هناك قبائل درجة اولى وبعضها درجة تانية وهكذا .. لن يغير من الامر شيئا تكرار مثل هذه الحجج غير المفيدة.
***
هذا تحليل جيد وعقلاني أنظر الآن إلى المجتمع الأمريكي ، على رأس الدولة رجل أفريقي الأصل أسود ، تم إنتخابه ديمقراطيا ولكن لا تزال العنصرية تطل برأسها هنا وهناك
دمتم
| |
|
|
|
|
|
|
|