الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
حطّاب الليل..(2) في حجية العلم وميتافيزيقا النظرية العلمية
|
05:54 PM Mar, 11 2015 سودانيز اون لاين Sinnary-usa مكتبتى فى سودانيزاونلاين
هذا هو الجزء الثاني من البوست الذي إعتزمته علي خلفية الإدعاء بأن الإستشهاد بالنظرية العلمية هو نقل مماثل للنقل في الإستدلال الفقهي وإبانة لللبث في الخلط بين العلم والدين البوست مخصص للحوار عن حجية النظرية العلمية وأجناسها وفي إطار النظرية العلمية والبحث العلمي تبرز مدرستان نقديتان تعالجان مفهوم الحقيقة وجدلها أولاهما كما ورد سابقاً تعرف بالواقعية العلمية والثانية تعرف بالأداتية العلمية (الضد واقعية أو الذرائعية) وتتفرع عن كلاهما مواقف ومواقع علمية متعددة. تختلف المدرستان في الحدود المفترضة للنظرية العلمية (مجال إشتغالها) إذ يرى الأداتيون أن مجال النظرية العلمية يجب أن ينحصر في الجانب المشاهد أو المنظور من الكون بينما يعتبر الواقعيون العلميون بأن كل الكون ما هو مشهود أو لا يمكن مشاهدته بالعين المجردة هو مجال البحث والتنظير العلمي.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حطّاب الليل..(2) في حجية العلم وميتافيزيقا (Re: Sinnary)
|
ترفض الواقعية العلمية في جدلها مع الأداتيين وضع أي حدود لا يتعداها العلم في أبحاثه لمعرفة نظام الكون وأسرار الطبيعة، ونقطة إختلافها الأساسية مع الأداتيين أنهم لا يعترفون بحقيقة كل ما هو غير مرئي لنا مثل الألكترونات والثقوب السوداء وغيرها من الظواهر والحالات التي يؤمن الواقعيون بوجودها ويجادلون بأننا في البحث العلمي لا نشترط الوصول إلي الحقيقة الحتمية ذلك أن الحقيقة التقريبية ترضي طموحنا وتخدم معرفتنا بهذا الكون وإبتكارتنا علي ضوء هذه المعرفة التقريبية أدت في كثير من الأحيان إلي نتائج مدهشة. كارل بوبر يؤيد هذا المنحي ورأيه أننا لا يجب أن نقبل أي نظرية علمية وكأنها حقيقة مطلقة، وكل نظرية علمية تدعي هذا الإدعاء كالفرويدية أو الأيدلوجيات السياسية هي في الحقيقة أبعد ما تكون عن العلم، ومن جهة أخرى الأديان حيث أن نصوصها لا تقبل الدحض ليس بسبب قدرتها علي المخارجة عن طريق اللعب علي حبل التآويل بل بسبب طبيعتها المقدسة وصدورها عما يجل عن الخطأ
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حطّاب الليل..(2) في حجية العلم وميتافيزيقا (Re: Sinnary)
|
إننا في حقيقة الواقع نشهد بإستمرار نقض نظرية علمية بنظرية أخري والأبحاث الجارية حالياً حول نظرية الأوتار، تلك التي تدعي تفسير كل شيء تستجد فيها النتائج يوماً بعد يوم، بل حتى كما سيتضح لاحقاً مع توماس كون أن المنظور العلمي بكامله أحياناً يتغير لصالح منظور آخر كما حدث مع المنظور البطليمي الذي كان سائداً أيام الإغريق القدماء وتبنته الأديان في القرون الوسطى ثم قمعت الحركة العلمية التي وصلت في تلك الأيام إلي منظور آخر مع كوبرنيكس وكبلر وجاليليو، منظور يعتبر الشمس مركز الكون وليس الأرض مما أدي لتأخير الحركة العلمية حيناً من الدهر بسبب تلبيس الدين بالعلموية وإستخدامه للقهر والسلطة في حماية تلبيساته هذي. إن تقريبية الحقيقة في منطوق النظرية العلمية يغبش الحدود بين أي نظرية علمية والأبحاث التي تجري لإثباتها ويعسّر مهمة تحول النظرية العلمية لقانون علمي. إن إستعادة مقولات المنظور البطليمي المندثر مثل القول بكروية الأرض أو دوران الشمس حولها، ليس لأن ذلك خرافة أو غير حقيقة بل لأن تلك الفرضية تصلح ضمن المنظور البطليمي القديم وتفسر كثير من الظواهر الكونية ضمنه لكنها تتقاطع مع المنظور الحديث مما يحول الكلام عنها لصنف الكلامات التي تصيب المستمع لها بالدهشة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حطّاب الليل..(2) في حجية العلم وميتافيزيقا (Re: Sinnary)
|
علم الأحياء بجانبيه النباتي والحيواني ينهمك كثيراً في دراسة أحياء منظورة في الكون ولكن علم الفيزياء يدرس في غالبه ظواهر وحالات غير منظورة إلا عبر تأثيراتها، وهذا بالضبط ما نلاحظه في هذه الفيزياء الحديثة التي تعني الآن بما هو دون الأبعاد المكانية الثلاث من الكون والأوتار التي كل ما يقترب منها حتي الشعاع الضوئي يحركها من مكانها فيتحول المكان المقصود إلي خلاء. الأداتيون يحتجون بأنه ما دام هذه النظريات تبحث في الجانب غير المنظور من الكون فإن هذه النظريات الفيزيائية التي تحدثنا عنه لا تفيد ولا تضر كثيراً في أمر حقيقة هذا الجانب من الطبيعة ويتمسكون بالتالي برأيهم أن أي نظرية علمية لا يجب إعتبارها حقيقة علمية وأن العلوم مليئة بالنظريات التي أثبتت الأيام خطلها، نظريات عظيمة مثل قوانين نيوتن إتضح أنها خاطئة فيما يخص القياسات الصغيرة جداً والسرعات العالية. يرى الأداتيون أن مثل هذه النظريات التي تتحدث عن عالم الإلكترونات والفوتونات والأوتار ما هي إلا خيالات علمية يقدمها العلماء حتى يستطيعوا عبرها تفسير ظواهر مشاهدة وتحتاج إلي تفسير
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حطّاب الليل..(2) في حجية العلم وميتافيزيقا (Re: Sinnary)
|
يختلف الواقعيون والأداتيون في الإجابة علي سؤال هو : ماذا نعني عندما نصف نظرية ما بأنها نظرية علمية؟ هل الهدف النهائي للنظرية العلمية هو بلوغ الحقيقة أم أن الأمر أعقد من ذلك؟ إلي أي مدي تتأثر النظرية العلمية بالتحيزات الإجتماعية أو والسياسية أو الدينية؟ هنالك من يرى بأن العلم يستهدف الحقيقة المستقلة عن أي تأثيرات أو إرتباطات، فمثلاً أرسطو يرى بأن العلوم تبحث عن شيئين الحقيقة والجوهر(الخصائص الدائمة غير المتغيرة في الأشياء فمثلاً لون الطبشيرة ليس جزء من جوهرها لأنها قد تأتي في أكثر من لون ولكن خاصية الكتابة هي الخاصية الجوهرية للطباشير). فمثلاً عندما نسأل هل الذرات والجزيئات تمثل أشياء حقيقية في الكون يجيب الواقعيون نعم ويجيب الأداتيون بلا. طيب إذا لم تكن أشياء حقيقية ماهي إذن حقيقة الذرات والجزيئات؟ يجيب الأداتيون بأنها مفاهيم وأشياء تساعدنا في الشرح والتنبوء ببعض الظواهر المرئية وليس بالضرورة أنها أشياء موجودة بذاتها، لكن هذه هي نفسها حجة الواقعيين المرتكزة علي ملائمة نظرياتهم عن هذه العناصر غير المرئية والنتائج المبنية علي سلوكها المفترض وإن كنت أظن بأن الواقعية لا تستطيع الإستمساك بحجتها عن حقيقة اللامرئي من إلكترونات وفوتونات وغيرها خارج النموذج أو المنظور العلمي الحديث الذي نتفيأ ظلاله وخيراته علي إنه العلم الصحيح والحقيقي، لكن إذا طل علينا ذات يوم جديد منظور علمي آخر يشقلب ما آمنا به على أنه حقائق الكون كما شقلب المنظور الكوبرنيكي الكبلري حقائق الكون القديم فستجد الواقعية العلمية نفسها ومعها بداهتنا في تصديق كل الإفتراضات العلمية الحالية في حيص بيص ربما لن نفيق منه أبداً. يحتج الواقعيون علي الأداتيون بالحجة الكانطية المضادة لهم والتي تقسم العالم إلي أشياء في ذاتها وفي صورتها علي أن حقيقة الأشياء هي في ذاتها لا فيما تبدو لنا أي أن حقيقة الأشياء مستقلة عما نراه فيها أو نفهمه عنها، ولكن أي عالم يحقق وجوده وهو بالكامل خارج نطاق المشاهدة أو التأمل؟ أي ماذا يمكننا أن نعلم عما لا يُعلم وكيف نتقبّل ما لا يُستقبل؟ إنها حجتان في مواجهة الواقعية لكنها مسلحة إلي حدٍّ كاف للرد عليهما بما يتجاوز إرتكازها علي البداهة
| |
|
|
|
|
|
|
|