|
Re: أم درمان القرية الطفيلية (Re: أبوبكر عباس)
|
"حدثت الكارثة في عام 1888م عندما نفذ مخزون الذرة من "بيت المال" وكان من المستحيل الحصول على أي كمية من الذرة بسعر رخيص وزمن معقول من أي مصدر. سرعان ما غدت أمدرمان مسرحا لأحداث رهيبة. كان أنصار المهدي فيما مضى يسخرون من المصريين الذين حاصروهم في مدينة الأبيض وأجبروهم على أكل الكلاب والحمير والجلود والقاذورات، واليوم أجبرتهم المجاعة هم أنفسهم على فعل كل ذلك، بل وأكل حتى أطفالهم. نجا الأغنياء من آثار تلك المجاعة بشرائهم، وفي الوقت المناسب، لكميات كافية من الذرة. بيد أن الفقراء لم يكن بوسعهم التحسب أو الاستعداد لتلك الكارثة، فقد قفز سعر إردب الذرة من 60 ليرة إلى 250 ليرة. رأيت في عيون تلك الحشود الهزيلة ذات الغور الذي رأيته في عيون الناس وهم يهيمون على وجوههم وهم تحت الحصار في الأبيض...ولكن فقط مع اختلاف الأعداد. رأيت في أمدرمان أيضا جموعا كثيرة من البشر يبحثون عن أي شيء يدخلونه في أفواهم ... فقط لمجرد حفظ مهجهم، وشاهدت مئات من جثث من قضوا جوعا ملقاة على الطرق لم تجد من يلقيها في النهر أو لذلك المكان الذي اختاره الخليفة كمقبرة. اليوم هنالك تلال من العظام المبيضة هي كل ما بقي من اولئك الذين ماتوا من الجوع. تكاثرت الضباع في أمدرمان واكتسبت جرأة عجيبة فصارت تجوس خلال شوارع المدينة، وذكر لي الأب أورفالدر أن ضبعة وجدت طريقها ذات مرة للعشة الحقيرة التي اتخذها سكنا له. كذلك تكاثرت الجوارح والطيور الأخرى فغطت سماء المدينة المنكوبة. كذلك شاعت عمليات خطف الأطفال، فقد حدث ذات يوم أن أفلحنا في تخليص طفل من "براثن" رجل جائع، ولم يكن ذلك ليتم لولا أنه طرقت مسامعنا صرخات ذلك الطفل اليائسة. وحدث أيضا أن اقتحمت المحكمة امرأة وهي في أشد حالات الفزع تطلب الحماية من والدتها التي زعمت أنها قد التهمت ولدها الأصغر، وذكرت إنها ستكون الضحية المقبلة دون ريب. قبض على تلك الأم البائسة وأودعت السجن حيث فقدت عقلها وفارقت الحياة بعد أيام قلائل. تقاطرت علينا عدد من الأمهات يعرضن أطفالهن (للبيع أو الإهداء) بعد أن عجزت أثدائهن المتغضنة عن إطعامهم، وجاءت ذات يوم امرأة للأب أورفالدر وعرضت عليه شراء أطفالها فأبى ولكنه أعطاها قليلا من الذرة وصرفها بعد أن دعا الله أن ييسر حالها. عادت المرأة في اليوم التالي ومعها طفلين فقط بعد أن مات الثالث من الجوع، ثم أتت في اليوم الذي يليه ومعها طفل واحد. تلك كانت آخر زيارة لها لنا"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ *أمدرمان أيام المهدية: ملخص لبعض ما جاء في كتاب للأسير الإيطالي روزيقونولي. ترجمة: بدر الدين الهاشمي
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
أم درمان القرية الطفيلية | أبوبكر عباس | 08-19-14, 10:54 AM |
Re: أم درمان القرية الطفيلية | أبوبكر عباس | 08-19-14, 10:58 AM |
Re: أم درمان القرية الطفيلية | muntasir | 08-19-14, 11:04 AM |
Re: أم درمان القرية الطفيلية | تبارك شيخ الدين جبريل | 08-19-14, 10:20 PM |
Re: أم درمان القرية الطفيلية | محمد البشرى الخضر | 08-19-14, 10:23 PM |
Re: أم درمان القرية الطفيلية | muntasir | 08-20-14, 03:26 AM |
Re: أم درمان القرية الطفيلية | أبوبكر عباس | 08-20-14, 04:12 AM |
Re: أم درمان القرية الطفيلية | أبوبكر عباس | 08-20-14, 04:24 AM |
Re: أم درمان القرية الطفيلية | أبوبكر عباس | 08-20-14, 04:32 AM |
Re: أم درمان القرية الطفيلية | أبوبكر عباس | 08-20-14, 04:38 AM |
Re: أم درمان القرية الطفيلية | أبوبكر عباس | 08-21-14, 07:27 AM |
Re: أم درمان القرية الطفيلية | أبوبكر عباس | 08-22-14, 03:31 PM |
Re: أم درمان القرية الطفيلية | مامون أحمد إبراهيم | 08-22-14, 03:50 PM |
Re: أم درمان القرية الطفيلية | mustafa mudathir | 08-23-14, 03:41 AM |
Re: أم درمان القرية الطفيلية | أبوبكر عباس | 08-23-14, 01:23 PM |
Re: أم درمان القرية الطفيلية | أبوبكر عباس | 08-23-14, 01:55 PM |
Re: أم درمان القرية الطفيلية | مامون أحمد إبراهيم | 08-23-14, 03:02 PM |
Re: أم درمان القرية الطفيلية | مامون أحمد إبراهيم | 08-23-14, 03:54 PM |
|
|
|