|
Re: كيف تضلل أمنجية الانترنت (Re: عبد الحميد البرنس)
|
Quote: الوقت ليس نهار أوليلا، هدوء قاتل يعم المكان، عندما أقبل رجل غريب، ملامحه لاتشبه ملامح أهل المدينة، ولا تبدو عليه آثار السفر الطويل، يرتدي جلبابا أبيض، حول عنقه تلتف مسبحة طويلة خضراء تتدلى إلى أسفل صدره كثعبان ميت، همهم بصوت أجش مبحوح ثلاثا قبل أن يطرق باب بيت الداية أم صدير. كانت الحيرة ترتسم على وجهها الجميل ذي القسمات الدقيقة وهي تقف في فراغ الباب تحاول جاهدة أن تتعرف عليه بلا جدوى. لسبب ما، كانت عيناه حزينتان. وثمة دموع سائلة تبلل لحيته البيضاء المستديرة في صمت. هنا تحركت عواطف أم صدير، وكادت أن تسأله إن كان جائعا أم في حاجة إلى مساعدة، لولا أنه قاطعها بصوته الأجش قائلا: "لا هذا ولا ذاك يا أم صدير.. لست جائعا.. ولا أريد حاجة من بشر".
بدأ الخوف يتسلل إلى أم صدير من بريق وامض كان يصدر من عينيه الحزينتين، ومن قدرته الخارقة على معرفة الخواطر الصامتة وما تخفي الصدور، حين رفع يده البيضاء، وربت على كتفها قائلا: "لا تراعي يا أم صدير". كان يتفوه بإسمها بحنو أعاد شيئا من طمأنينة إلى صدرها الذي بدأ يعلو ويهبط كما لو أنها تعاني ضيقا في التنفس. قالت أخيرا مغالبة الدموع التي طفرت من عينيها البنيتين على حين غرة بينما تستند إلى جانب الباب المشرع كمن سيتداعى في أية لحظة: "هل أنت سيدي ولي الله الشيخ الطيب راجل أم مرح"؟!.
قال الرجل: "لا يا أم صدير.. فذلك سيدي.. أمدنا الله بمدده.. وسقانا من كؤوس معارفه ورشده.. وقد ظهر عند ولادته ما دل على ولايته من الروائح العطرية.. والانشراحات الصدرية.. وما أنا سوى عبد فقير إلى الله سبحانه وتعالى.. وقد أتيت إليك اليوم لأخبرك فقط أنها إرادة الله. أجل.. إنها إرادة الله يا أم صدير.. إنها إرادة الله". وفجأة كما أقبل تلاشى مخلفا في أنفها أثرا قويا طيبا كرائحة المسك. هكذا، لم يعد أمام أم صدير سوى نظرتها الساهمة إلى الشارع الذي كان قد تحول إلى نهير بمياه حمراء راكدة.
قبل ثلاثة شهور أويزيد قليلا من ولادة الأمنجي السابق، كان نفس الحلم يتكرر كل ليلة بأدق تفاصيله في منام الداية أم صدير، لكن أكثر ما كان يثير روعها حين تستيقظ شاعرة في أعماقها بخوف غامض لاقبل لها به من قبل هو تحول الشارع إلى بركة حمراء تظهر على سطحها دائما أيادي بشرية غارقة تمتد نحوها كمن تستجير بها من شيء يضغط على أرواحها بثقل وقسوة جاذبا إياها نحو أعماق سحيقة لا يدري مداها سوى الله. أجل.. ثلاثة أشهر بالتمام والكمال لم يغادر ذلك الحلم منام أم صدير ليلة واحدة إلى أن جاءها في ساعة نحس من يخبرها أن والدة الأمنجي السابق على وشك أن تخرجه إلى عالم يبدو من أحواله آنذاك أن خروج الأمنجي السابق إليه كان الشيء الوحيد الغائب من مصائبه التي لاتحصى.
ذلك الحلم لم يغادر ذاكرة أم صدير حتى وهي تزحف الآن نحو عقدها التاسع بوعي حاضر وحاد. بيد أنها لم تفهم أبدا ما الذي كانت تحاول أن تخرجه من جحر عميق وهي جاثية على ركبتيها لحظة أن طرق ذلك الرجل باب بيتها بدموع سائلة. بعض الناس أخبروها أنها ستحصل على كنز في القريب. آخرون نظروا إليها بجزع مؤكدين لها أن عليها من الآن فصاعدا أن تصلي وتصوم كثيرا لأن يديها هاتين سيجلبان إلى العالم ولاشك من لايخاف الله في نفسه والناس. وقد كان. |
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
كيف تضلل أمنجية الانترنت | عبد الحميد البرنس | 06-11-14, 12:41 PM |
Re: كيف تضلل أمنجية الانترنت | عبد الحميد البرنس | 06-11-14, 01:49 PM |
Re: كيف تضلل أمنجية الانترنت | عبد الحميد البرنس | 06-11-14, 02:01 PM |
Re: كيف تضلل أمنجية الانترنت | عبد الحميد البرنس | 06-11-14, 02:21 PM |
Re: كيف تضلل أمنجية الانترنت | عبد الحميد البرنس | 06-11-14, 02:38 PM |
Re: كيف تضلل أمنجية الانترنت | عبد الحميد البرنس | 06-11-14, 02:55 PM |
Re: كيف تضلل أمنجية الانترنت | عبد الحميد البرنس | 06-11-14, 04:57 PM |
Re: كيف تضلل أمنجية الانترنت | عبد الحميد البرنس | 06-11-14, 07:17 PM |
Re: كيف تضلل أمنجية الانترنت | عبد الحميد البرنس | 06-11-14, 07:56 PM |
Re: كيف تضلل أمنجية الانترنت | عبد الحميد البرنس | 06-12-14, 10:37 AM |
Re: كيف تضلل أمنجية الانترنت | عبد الحميد البرنس | 06-12-14, 11:54 AM |
Re: كيف تضلل أمنجية الانترنت | عبد الحميد البرنس | 06-12-14, 02:44 PM |
الهيئة القومية للاتصالات في السودان | osama elkhawad | 06-12-14, 08:55 PM |
Re: الهيئة القومية للاتصالات في السودان | عبد الحميد البرنس | 06-13-14, 10:59 AM |
Re: الهيئة القومية للاتصالات في السودان | عبد الحميد البرنس | 06-13-14, 02:21 PM |
Re: الهيئة القومية للاتصالات في السودان | عبد الحميد البرنس | 06-14-14, 10:25 AM |
الشحاذون و مفارقة المنفى "الضحية و الجلّاد معاً" | osama elkhawad | 06-14-14, 04:38 PM |
Re: الشحاذون و مفارقة المنفى andquot;الضحية و الجلّاد معاًandquot; | عبد الحميد البرنس | 06-14-14, 05:52 PM |
Re: الشحاذون و مفارقة المنفى andquot;الضحية و الجلّاد معاًandquot; | Mohamed E. Seliaman | 06-15-14, 08:22 AM |
Re: الشحاذون و مفارقة المنفى andquot;الضحية و الجلّاد معاًandquot; | عبد الحميد البرنس | 06-15-14, 10:31 AM |
|
|
|