ركـــن بنات وأبناء كســـلا ( خيــرات)

Quote: التهريب بين كسلا وأريتريا لن ينتهي أبداً ما دامت الإجراءات الحكومية ترى في إستيراد البن الحبشي والسكر جريمة ، فبدلاً من تعامل الجماركـ السودانية مع هذه السلع المستوردة معاملة تدر عليها دخلاً اضافياً يساعدها في تنفيذ مشروعات تنموية تسد إحتياجات المواطن من الخدمات والسلع وتكتل الدش (للمخاطرين بحياتهم من اجل التهريب) وترفع المعاناة عن كاهل المواطنين وتخفف تكاليف المعيشة الباهظة وتزيد من دخل الولاية المفقود كليةً وذلكـ من خلال إجتراح الجماركـ لمنطقة تجارة حرة بين السودان وأريتريا وتحديداً في منطقة كسلا تكتفي فيها الجماركـ السودانية برسوم بسيطة على هذه السلع ( بسيطة عند الدفع ، كبيرة عند التحصيل) تنعش الإقتصاد الوطني وتدر بعض الدخل على حكومة الولاية لمساعدتها في تنفيذ مشاريعها وأحلامها وأحلام شعبها مقابل إنسياب هذه السلع للمدينة بطريقة أمنة وسلسة إلا أن الجماركـ تمارس تصعيب الأشياء خاصة وأن هذه السلع ينتفع منها في المقام الاول إنسان كسلا دون غيره من المدن والولايات ، وتنتفع منها المدن الاخرى والولايات فالسوق الذي تتوقف عليه الشاحنات السفرية عند قرية ابو طلحة قرب مطار كسلا وسلع سوق هيكوتا في داخل رحم كسلا هي أكبر دليل كافي على ضرورة وصول السلع للمستفيد حتى لو كان هذا الوصول غير نظامي ، ولعل قيام منطقة تجارة حرة بين الدول أصبح ضرورة ملحة لإستفادة انسان الولاية منها بدل من دفع الناس الى تهريبها ودخولها بطرق ملتوية تستنزف خزينة الدولة لمطاردة المهربين وأذرعهم المنتشرة في حدودٍ طويلة لا تكفي كل شرطة وجيش كسلا لتغطيتها ... إعتمد الناس في السابق على الجمال والكوامر بإعتبارها الوسائل المتاحة للمهربين ولأفراد شرطة مكافحة التهريب وكانت السلع التي تهرب هي البن الحبشي والسكر وسلع أخرى مثل الروائح والساعات والخمور ، وكانت هناكـ سلع مثل التفاح والمشمش وغيرها من الفواكه والحلويات والعصائر وصابون اللوكس وساعات الرومر كانت تأتي كل أسبوع عبر السكة حديد التي كانت تربط بين المدينتين كسلا وتسني (راجع بوست أبو هالة عن قشلاق البوليس وبوست أستاذ الطيب عن كسلا أيام زمان وبوست شحوتاي عن لوري ود حاج ) ... فلماذا تأتي الينا السلع من تسني ؟؟؟ ونحن الأقرب لمصنع سكر كنانة ومصانع العطور ومواني دبي علماً بأن تسني مدينة بعيدة من المركز الأريتري وليست هي ميناء أو قريبة من المواني مثل قرب كسلا من بورتسودان ، وتسني بلد لا تنتج لهذه السلع بل تاخذ هذه السلع دورة طويلة حتى تصل لهناكـ خاصة انها بلد لا تتوفر فيها مقومات الحياة المريحة بعد حرب التحرير الأريترية التي انهكـت بنيتها التحتية ، ولكن هذا مؤشر بأن السياسة الإقتصادية في أريتريا لديها هامش تسمح من خلاله بتداول ما نحرمه نحن على أنفسنا وعلى مواطنينا الذين يضطرون الى إستدعاء مهارتهم ومغامراتهم بغية نفاذ السلع وإدراكـها لمناطق الطلب ... قيام منطقة حرة بين أريتريا والسودان في منطقة عواض أو ود شريفي أو قلسة أو أبوقمل أو أبو علقة أو في منطقة متاخمة للحدود الشرقية فضلاً على انه سينعش المنطقة وإنسانها إقتصادياً وسيقلل من تكاليف المعيشة الباهظة لمحدودي الدخل فهو أيضاً سيزيد من عرى العلاقات بين الشعوب ، فالأرتباط بالمصير الإقتصادي أهم من الإرتباط بالدم وبالقبيلة ، فكل السودان مهاجر لمنافي وشتاتات لاتحتويها الأطالس ليس بإي سبب سوى المصير الإقتصادي الذي تغلب على أواصر الدم في البقاء والإنتماء ، وكم من القبائل تمازجت بسبب المصير الإقتصادي ... كما أن الحكومات تبحث دوماً لما يعزز إقتصادها وما يجعل أفئدة الناس تهوى اليها والى مضاربها فجذب المستثمر الأجنبي وفق رؤية إقتصادية واضحة ستجعل عدد غير قليل من الناس تهرع للإستفادة من الميزات الإقتصادية وتسويق بضائعها بصورة تنافسية تعود بالخير وتحقق شروط المنافسة الكاملة وبالتالي سيحدث مزيد من تدفق الرساميل والعملات الأجنبية لبلادنـا وستنتعش السياحة من خلال رغبة الأخرين في التعرف على معالمنا وتاريخنا وطبيعتنا الخلابة وكل ما يتثير في النفس الشجون جراء المعطيات السودانية الجاذبة .. لا اظن أن هذه البديهيات خافية على أولى الامر وأصحاب القرار الإقتصادي في بلادنا ولكن هناكـ بعض اللعبات الخفية التي تجعل قيام مثل هذه المنطقة الحرة حلم طويل الأمد تتضافر فيه هذه الأسباب الغامضة مع العوامل الإقٌتصادية والمتاريس السياسية لتفضي بنا الى هذا الخواء .. ولا أظن أن الوضوع الإقتصادي المتردي لولاية كسلا وإعتمادها كليةً على دعم المركز المشروط يخفى على المسوؤليين بان المنطقة الحرة ستجعلها تتحرر من إلتزامات المركز وخوفها من القاش كم أن عدمها سيجعل من الولاية نقط نفور سكاني وراسمالي وستكون منطقة مهجورة من بيوت الرساميل وتغادرها الفرنجة والهنود والأغاريق واليهود مثل ما فعلت طيور السمنبر والباضاو باضو والتي أدركت ذلكـ مبكراً فرحلت قبلهم بعدما تيقنت ان مسؤولي كسلا يريدون لها ان تكون بناية خربة تعيش فيها أسراب البوم والجرذان والفئران والغربان ومن قفلت امامه المخارج فأصبح العطالة والمقاهي سمتها الأساسية التي يمارسها الجميع قسراً ومن باب مكروهٌ اخاكـ لا بطل.. أتمنى أن تتخذ الولاية خطوات فعالة تجاه المنطقة الحرة ، حيث أنها سترفع معدلات التجارة البينية وستزيد من دخل الولاية لينعكس ذلكـ على تنمية الريف والخدمات فيه وستخفف العب عن المواطن بإنخفاض الأسعار ، وستوجد فرص وظيفية لجيوش العطالة المتراكمة وستقلل الصرف الحكومي تجاه مكافحة التهريب ... ولنا فيها مآرب أخرى والله الموفق