ركـــن بنات وأبناء كســـلا ( خيــرات)

Quote: سنتحدث في هذا البوست عن عدد من شخصيات حي البوليس من الآباء لنختم بهم على أمل الحديث لاحقا بإذن الله عن أبناء الحي من جيلنا. العم إدريس همد بضم الهاء وتشديد الميم كان الصديق الأقرب للوالد وربما كان عملهما بفرقة الهجانة وسفرهما المتواصل للنقاط الخارجية سببا في هذه الصداقة العميقة التي ربطت بين الرجلين وتواصلت بين الأسرتين. وكان العم إدريس هو الوالد الثاني بالنسبة لنا في حال غياب الوالد ، وقد عرف الرجل بالحكمة والهدوء والتقوى والورع وعلاقاته طيبة مع كل أهل الحي دون استثناء. وقد كانت علاقتي بأبنائه طيبة للغاية ومن بينهم حسين الذي كان يكبرنا في السن وقد لعب لفترة على ما أظن لفريق الميرغني ، وعباس وحمزة الذي توفي وهو في سن الصبا وكانت وفاته بعد معاناة مع المرض حسرة لجميع أبناء جيله في الحي ، وجعفر الذي كان دفعتي في المدرسة وكان يمثل لي الصديق اللدود فقد كنا نعبر عن حبنا لبعضنا البعض بالكثير من الجدل الذي قد يصل حد الاشتباك بالأيدي. العم على عبد الهادي وقد كان من أشجع رجال البوليس وقد تعرض لإصابة خطيرة في سوق كسلا وهو يحاول في إحدى الليالي القبض على مجرم أقلق بال مواطني كسلا وتجارها في ذلك الوقت. وللعم علي عدد من الأبناء منهم صديقي العزيز أحمد. وهناك الصول الذي كنا نعرفه باسم موسوليني ولم نكن نعرف له أولادا وقد ألصق الصبية خرافات بالمنزل الذي كان يقيم فيه جعلتنا نتهيبه ونسرع الخطى كلما مررنا أمام بيته. وكان يسكن بجواره العم عوتيب وعائلته الكريمة. ومن سكان الحي المعروفين في ذلك الوقت العم محمد مدني الذي تعرض لحادث غريب عندما كان يعمل في نقطة بوليس خشم القربة ، والعم محمد زين ، والعم حسن عطاري ، والأعمام أحمد ومحمد صالح عريبي ، والعم أحمد السيد والد يس وعم السياسي المعروف ناصر السيد ، ومحمد دين "حب اليك" ، وحامد عنجة وغيرهم كثير مما لا يسمح المجال بذكرهم. كانت حلة الجديد هي التوأم السيامي بالنسبة لحي البوليس فقد ارتبطنا به ارتباطا وثيقا. كان العم فضل الله أول من تعاملنا معه باعتباره صاحب أقرب دكان من حي البوليس. لم يكن في القشلاق دكان بالطبع ما عدا الجمعية التعاونية التي كان يشرف عليها الأمباشي خليفة محمد الحسن عندئذ. وكان العم فضل الله يحسن فن التعامل إذ أنه لم يكن يتردد في التعامل بالجرورة لعلمه بإمكانيات أهل القشلاق المحدودة ، وقد كانت له صداقات عديدة معهم. من شخصيات حلة الجديد التي عرفتها العم قاسم الزبير وقد كان مساعد حكيم في مستشفى كسلا ، وقد كان العم قاسم محبا لعمله بصورة مبالغ فيها وأذكر أنه زارنا بالمنزل عندما قبل شقيقي الأكبر بكلية الطب بجامعة الخرطوم في عام 1959. وبعد التهنئة استخرج من شنطته لفافة نظيفة فتحها أمامنا وكانت تحوي كمية من المعدات الطبية النظيفة والمحفوظة بعناية. ومما فهمت يومئذ أنه جاء بعدة الشغل ليقدمها هدية لأخي الذي التحق بكلية الطب وكان وجه العم قاسم متهللا بالرغم من أنه كان يفارق شيئا عزيزا ظل يحتفظ به لسنوات ، وأدركت وقتها مدى حبه للمهنة. لذلك فقد سعدت سعادة بالغة عندما تمكن الأخ أحمد قاسم من الالتحاق بكلية الطب بجامعة الخرطوم محققا بذلك أمنية كان والده العزيز يختزنها في صدره دون أن يبوح بها ربما. ومن شخصيات حلة الجديد شيخنا محمد داير الذي تحدثت عنه في بوست سابق ، والعم عباس سائق الكندة الذي كنا نسمع منه أحيانا حكايات مدهشة عن رحلاته البرية لإيطاليا (إرتريا) ، والخالة بشات وقد كانت سيدة أنيقة تزور نساء القشلاق من حين لآخر بغرض تمشيط شعورهن ، وكانت متقنة لعملها وكانت النساء يتنافسن عليها وتشمل الجلسة بالطبع بالإضافة للعملية نفسها القهوة (بكري ، وتني ، وبركة) والسمر البرئ. ومن شخصيات حلة الجديد المدهشة الحاجة مريم شفيق وهي شخصية قيادية من الطراز الأول ، وبسبب غياب زوجها الطويل مع أعماله التجارية في غرب السودان فقد قامت بتربية أبناءها حتى تقلدوا مناصب رفيعة ، وكانت حكمتها المعروفة ضالة الكثير من الناس الذين يقصدونها للاستشارة. لا أشك في أن أخينا الطيب محمود يمكن أن يتحفنا بالكثير عن شخصيات حلة الجديد المدهشة.