|
ظاهرة كمال عمر..
|
سمعنا عن مقولات كثيرة في التعريف برجل السياسة والسياسة نفسها عندما قيل عنها انها لعبة قذرة وانها فن الممكن و انها نفاق و فيها الغاية تبرر الوسيلة , لكن ظاهرة كمال عمر هذه فاقت التصور و الظن حسنه وسيئه , الى عهد قريب سمعنا تصريحاته النارية بشأن دكتاتورية البشير وحزب المؤتمر الوطني و كانت كلماته التي عبر فيها عن سوء نظام الحكم البشيري عبر برنامج الاتجاه المعاكس الذي تمت استضافته فيه قبل اشهر فبعد تمشدقه بتلك الكلمات لم يتصور احد ان هذا الكمال من بعدها سوف يقبل بمهادنة النظام او حتى الدخول معه في حوار , ولكنها غرابة الاشياء ان تتبدل الاحوال ما بين ليلة وضحاها ليصبح الباطل عند كمال وزمرته حق ابلج و يتحول الحق الى باطل لجلج ترفع في وجهه اسنة الرماح و الراجمات , الانحراف المفاجيء في مواقف كمال وحزبه لم تفلح فيها اكثر الاقلام مضاءً في ان تصفها وتعرفها و تحللها , حتى الكاريكاتير الذي انتجته قريحة احد التشكيليين البارعين لم توفي هذا الطرزان حقه عندما صوره ككلب يربض بالقرب من باب حوش المؤتمر الوطني نابحاً في وجوه الداخلين بطريقة فيها عواء وانتفاخ للاوداج مما حدا باحدى النسوة من وضع ابهامها على شفتيها مندهشة ومتسائلة عن السبب الذي يجعل ذات الكلب ينتقل من حراسة باب حوش المؤتمر الشعبي ويمسي اكثر كلبنة من الكلاب الضالة ليقوم بالنباح في وجوه اصحاب دار المؤتمر الوطني ليكون اكثر ملوكية من الملك الظالم نفسه. ظاهرة كمال عمر عمقت في نفس محمد احمد المسكين ان لافرق بين هذا وذاك في مسألة السعي لكرسي السلطة و لابين علان وفلتكان في امر ساس يسوس , ولا بين ملتحي وحليق في امر الاستقامة والاخلاق النبيلة , مثل هذه الظاهرة التي نحن بصددها تعتبر أسوأ من الذين يمارسون السوء في صمت , ان تكون بوقاً و لساناً باسم جماعة او حزباً لهي مسئولية تنوء بحملها الجبال و الجمال , لست ممن يملكون ناصية الفقه وشئون الحياة الاخرى و الجزاء والحساب لكني اجزم بان الذين يكونون لساناً ناطقاً باسم الظلم توجهات المنحرفين من الساسة هم اكثر الناس تواجداً في الدرك الاسفل من الجحيم مهما تدثروا بلباس البراءة والبعد عن اثم الطغاة. في العراق ابان الحرب الامبريالية الغاشمة على نظام صدام حسين تجسدت ظاهرة كمال عمر في ظاهرة الصحاف الذي كان يطل على شاشة تلفزيون الدولة التي اوشكت على الانهيار ليمسك بيد احد المزارعين ليخبر العالمين ان ذلك الرجل البسيط قد قام باسقاط طائرة مقاتلة لا يستطيع مدى السلاح التقليدي ان يصل اليها , وعندما كان عقيد ليبيا يهم بالرحيل عن باب العزيزية الى الابد كان موسى ابراهيم الناطق باسمه يطمن المشاهدين لتلفزيون الجماهيرية ان الامور تحت السيطرة , هل يتم اختيار مثل هؤلاء الرجال البارعين في فن التدليس والتلفيق ومهانة الضمير بطريقة واحدة من اصحاب النفوذ ؟ ام ان مثل هذه الظواهر الكمالية موجودة اصلاً في جميع المجتمعات البشرية بكل انواعها وتعدداتها لكنها تحتاج الى اكتشاف وتنشيط و تفعيل ؟ في الواقع ان ظاهرة كمال عمر (بفتح الميم في عمر) هي في حقيقتها كمال عُمُر (بضم الميم في عمر) اي (نقاص عُمُر), اذا استرسل الفرد منا مع هذا الكمال سوف تكتمل ايامه وعمره بفضل امراض الضغط والسكر والقلب و الزهايمر و الهيستيريا.
|
|
|
|
|
|
|
|
|