|
جمهورية الموز "جنوب السودان" .. تخبط اقتصادي وهروب للمستثمرين
|
Quote: رحيل العمالة والخبرات الأجنبية قد يفاقم أزمتها جنوب السودان .. تخبط اقتصادي وهروب للمستثمرين
مختصو نفط أجانب في أحد حقول النفط جنوب السودان.
هشام محمود من لندن
حالة من التخبط والارتباك الاقتصادي تسود دولة جنوب السودان، تلك الدولة التي راهن بعض المستثمرين الدوليين على ما اعتبروه مستقبلا اقتصاديا واعدا لها في ظل ثروتها البترولية، وقدرتها الزراعية.
لكن هؤلاء المستثمرين أصيبوا بالإحباط وخيبة الأمل ليس فقط من جراء الاقتتال العنيف بين رفاق الأمس، والصراع السياسي الدائر، بل من القرارات الاقتصادية العشوائية المتخذة أخيرا، التي أضحت تلقي بظلال وخيمة ليس فقط على تدفق المزيد من الاستثمارات الدولية على ذلك الاقتصاد الوليد والهش، بل انسحاب شركات دولية كبرى من مواصلة الاستثمار على أراضيها.
واتخذت جوبا قبل أيام قراراً بمطالبة العمال الأجانب بمغادرة البلاد، وبدا هذا القرار للكثيرين غير منطقي ويحمل العديد من التداعيات الاقتصادية السلبية، لكن لم يكد يمر يوم أو اثنان إلا وعدلت الحكومة عن قرارها، وهو ما أثار مخاوف أكبر من أن التخبط وغياب الرؤية الاقتصادية الواضحة هما المهيمنان على المشهد الاقتصادي في تلك الدولة الوليدة، بينما يعكس سرعة تغيير القرارات الاقتصادية أنها لم تكن مدروسة وأن تضاربها يكشف التناقضات والصراعات الدائرة بين كبار المسؤولين.
وتعد شركة "فينيكس" البريطانية المعنية بالتعمير والتنمية في البلدان الإفريقية الخارجة من الصراع، إحدى الشركات الدولية البارزة والمستثمرة في القطاع الزراعة في دولة جنوب السودان، التي اعتبرت أن قرار جوبا سواء بمنع العمال الأجانب أو العدول عنه يدفعها للتفكير مليا في مواصلة الاستثمار في تلك الدولة.
بادمور بادي أحد كبار المسؤولين في الشركة البريطانية والمشرفين على أنشطتها في دولة جنوب السودان أوضح لـ "الاقتصادية"، أن لديهم الآن شكوكاً بشأن السياسات المستقبلية لجوبا تجاه المستثمرين الأجانب، ومن الواضح أن هناك مسؤولين داخل الدائرة الضيقة لصنع القرار الاقتصادي لا يرحبون بالاستثمارات الدولية، كما أنه لا يوجد اتساق في القرارات السياسات المتخذة.
وأضاف أنه سيكون من الصعب علينا وعلى غيرنا من المستثمرين التوسع واستثمار المزيد، لأن هذه الاستثمارات تتطلب خبراء أجانب، وباختصار لا يمكن للاقتصاد المحلي أن يتقدم دون مستثمرين وخبرات أجنبية في القطاعات كافة.
ولا تتوافر إحصاءات دقيقة عن حجم العمالة الأجنبية في دولة جنوب السودان، إلا أن عشرات الآلاف من الخبراء من إثيوبيا وإريتريا وكينيا والسودان وأوغندا يعملون في وظائف مختلفة مثل قطاع المصارف والنفط والفنادق والاتصالات وغيرها من قطاعات البنية الأساسية.
وتشير الدكتورة سوزن مولير الخبيرة في الشؤون الإفريقية التي زارت جنوب السودان الشهر الماضي لـ "الاقتصادية"، إلى أن الدافع الأول إلى تراجع جوبا عن قرارها يعود إلى وجود المئات إن لم يكن الآلاف من الأجانب يعملون في قطاع المساعدات الإنسانية، وعلى الرغم من ذلك فإن الدولة الوليدة يوجد فيها حاليا ما يراوح بين أربعة ملايين و4.5 مليون شخص يعانون المجاعة، ورحيل العمالة والخبرات الأجنبية سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.
وقد أثار قرار جوبا حفيظة العديد من دول الجوار الإفريقي، وامتد الغضب إلى حد "معايرة" وسائل إعلام رسمية في كينيا وأوغندا لحكومة جنوب السودان، وتذكيرها بوضعها قبل سنوات وقبل انفصالها عن الخرطوم حيث كانت هذه البلدان تستضيف مئات الآلاف من اللاجئين من جنوب السودان، وتسمح لهم بالعمل الشرعي وغير الشرعي على أراضيها.
وعلى الرغم من أن الدوائر الاقتصادية في بلدان شرق إفريقيا، اعتبرت أن قرار جوبا غير واقعي، بحكم عدم توافر الخبرات المحلية القادرة على الحلول محل الخبراء الأجانب، إلا أن بعض الأصوات تعالت بضرورة الرد بالمثل، وإيقاع الأذى الاقتصادي بجوبا، ودفعها للتفكير في حجم الضرر الذي يمكن أن يصيبها من جراء تبني سياسات اقتصادية ضيقة الأفق وغير متعاونة.
وكان شعور المستثمرين بعدم اليقين في ثبات واستقرار السياسات الاقتصادية لجنوب السودان قد دفع بعملاق النفط العالمي شركة أكسون الأمريكية إلى اتخاذ قرار الشهر الماضي بالانسحاب من البلاد، وهو ما بعث برسالة شديدة السلبية إلى شركات النفط العالمية بعدم الاستثمار أو على الأقل توخي الحذر قبل الإقدام على الاستثمار في هذا القطاع الحيوي والمفصلي هناك. |
aleqt.com/2014/09/21/article_888959.html
|
|
|
|
|
|