من ذكريات زمن الشموخ

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-30-2024, 03:31 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-21-2014, 11:17 AM

معاوية عبيد الصائم
<aمعاوية عبيد الصائم
تاريخ التسجيل: 06-09-2010
مجموع المشاركات: 22458

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
من ذكريات زمن الشموخ

    أساتذتي
    المناضل والشاعر الكبير محجوب محمد شريف
    في نهايات السبعينيات ونحن بالبورت كنا نملأ ليالي سمرنا ونحن ننشد اغاني احمد فؤاد نجم والشيخ امام وقد كانت لنا في ذلك اجتهادات متعدده اذكر منها ان صديقنا يوسف سوس وهو نفسه شاعر وعازف ماهر على الطمبور لحن بعض اناشيد احمد فؤاد كرائعته(عزه) وقصيدته زائعة الصيت التى مسح بواسطتها صيغة تحالف قوى الشعب العامله بالارض ( يعيش اهل بلدي))
    يعيش اهل بلدي وبينهم مافيش
    تعارف يخللي التحالف يعيش
    تعيش كل طايفه من التانيه خايفه
    وتنزل ستاير بداير وشيش
    الى اخر تلك القصيده الموقف ثم وصلتنا بعدها مناحات محجوب شريف في شهداء 19 يوليو حيث غنينا له (يابنوتنا غنن) و(مجرتك بالرصاص محنن بالدما) و(الفارس معلق وللا الموت محلق) و(الشفيع يافاطنه في الحي) وكذلك (مشتاقين كتير والله) وقد كانت هي والفارس ومجرتك من الحان محمد وردي
    وبعدها انهمرت علينا ابداعات محجوب فغادرنا محطة مصر الى حواري ام درمان واخذنا في حفظ قصائد محجوب ثم ظهر حميد وكان يعمل انذاك بالموانئ وقد احيي ليالينا بالقاءه المميز وروائعه التى خلقت وسطنا حميديين صارو من رواة قصائده كصديقنا الراحل المقيم محمد عبدالرحمن الفكي
    وظلت امنيتي العزيزه ان اقابل محجوبا الذي اسرني شعره ولم تتح لي تلك الفرصه الا في زواج استاذنا د محمد مراد بعد شهر من الانتفاضه في عام 1985 حيث شاهدت اكبر تجمع للشيوعيين من مختلف دول العالم في ذلك العرس الفريد بنادي المكتبه القبطيه ببحري وكنت بصحبة الصديق الراحل المقيم راشد محمد صيام الذي تمكن وبصعوبة شديده من الاستيلاء على كرسيين وطلب مني المحافظه عليهما حتى يعود بالعشاء فجلست على احدهما وتشبثت بالاخر وانا اقلب عيني المندهشتين في ذلك التجمع العجيب ووردي يشدو باجمل الحانه ومفردات معظم اللغات الحيه والميته تزحم الفضاء حولي وبينما كنت مندمجا في ذلك الجو اذا برجل عاري الرأ س خشن الشعر يرتدي جلابيه من الدموريه ينازعني في كرسي راشد مبتسما فصحت به (الكرسي محجوز) فضحك وقال لي (خد السيجاره دي وهات الكرسي) فقلت في نفسي لابد ان الرفيق من شيوعيي افريقيا الوسطى ويحاول رشوتي (انا مابدخن والكرسي محجوز)
    وكان ذلك الرجل يبدو مستمتعا بالحوار بينما وقف راشد وهو مستغرق في ضحكة طويله وعندما استفسرته قال( انت موشى كنت داير تقابل محجوب شريف هو ده محجوب)
    وكانت تلك مقابلتي الاولى مع صديقي محجوب
    تحدثت كثيرا وخاصة في مقالاتي التى نشرتها بعد وفاته عن تفاصيل علاقتي به اضافه الى عشرات المقالات التى كتبت عنه بعد وفاته واثناء حياته مما غطى كثيرا من جوانب حياته من مختلف الزوايا
    ولكن ومهما كتبنا تتبقى جوانب مضيئه من حياة راحلنا العزيز تستحق الدراسه
    اذا كانت البساطه والانسانيه وعدم التعقيد يمكن ان تمشي على قدمين لكانت محجوب الذي كان يجد نفسه وسط بسطاء الناس يتحدث بلغتهم ويتفهم حاجاتهم ويلبيها بتلقائية افراد الاسره وليس بتعالي المحسنين فقد كانو يشعرون انه واحد منهم يحفظ اسرارهم ويظل جزءا من تفاصيل حياتهم اليوميه
    اضافة الى ان محجوب لم يكن لديه ادنى احساس بالملكيه الخاصه وما فكريوما في التوفير او اقتناء الاشياء بل كان يعيش يومه ولو ابديت اعجابك بقميصه لاهداه لك بلا تردد واذكر انه وعندما خرج من احد اعتقالاته الكثيره وجد ان زوجته اميره وزوجة كمال الجزولي قد فكرتا في مشروعين صغيرين للاعاشه بعد فصلهم جميعا من العمل فاشترت فايزه زوجة كمال بقرتين حلوبتين للاستفاده من البانها بينما جمعت اميره مجموعه من الدجاجات من اجل البيض وخلافه وبعد وصول محجوب الى منزله وانتهاء عاصفة الترحيب من الاسره بدأت الدجاجات تقوقئ مرحبة به هي الاخرى فصاح بها محجوب (كاك كاك محجوب جاك) ولم ينقضي اسبوعان او ثلاثه الا واصبح الدجاج كله في خبر كان بين ولائمه وهو يقسم على الضيوف( على الطلاق الا نضبح ليك جداده)
    كان احساسه بالاخرين غريبا جدا فهو سريعا مايحب ويتعلق بالناس وله ترمومتر خاص يحدد به شخصيات الناس واذكر انه كان يحب صديقنا المهندس شلبي الذي كان انسانا طيبا ورقيقا وغاية في التهذيب وكان يقوم بتطريز قصائد محجوب على الاقمشه والاوشحه والملاءات ويكون هذا تامين خروجها من المعتقل لكي تنتشر بين الناس واذكر ان ادارة السجن العمومي بالبورت بنت لنا حوضا خلف العنابر لغسل الملابس ركبت به ماسورة طويله لتفريغ المياه وكانت مشكلتنا مع تلك الماسوره ان الكثيرون كانو يصطدمون بها وسط الظلام اذ كانت تمتد لاكثر من متر خارج الحوض وقد اصطدم بها شلبي ذات مساء حالك الظلام مما أغضب محجوبا عليها فاخذ عصنا من شجرة النيم وانهال به ضربا على الماسوره وهو يصيح بها (ليه تدقشي شلبي)
    كما كان بارعا في تدبير المقالب واذكر ان اقبال زوجتي زارتنا بالسجن ذات يوم وكنا نتحف الزوار بالحلوى في بعض الاحيان فارسل اليها علبة الحلوى مع العسكري وعندما فتحتها شاكره فوجئت بعدد من الحصى ترنو اليها باستغراب ثم جاءت بعدها الحلوى الحقيقيه ومازالت اقبال تحتفظ بتلك الحصوات للذكرى
    ومازال الكثيرون يجترون حكاياتهم وقصصهم مع محجوب وكلها تفيض انسانية وجمالا
    وقد راجعت علاقتي الطويله به وانا افكر في كتابة هذا المقال فوجدت ان قيما اصيلة وكثيره رسخها محجوب في نفوسنا وكم حاولنا ان نشب الى ذراه العاليه ولم نتمكن فقد كان ابو مريم من طينة اصحاب الرسالات والقيم الانسانيه العاليه بدون ان يحاضرنا بذلك او ان يشرح ويوضح فقط كان يعيش كما يؤمن ويريد ولا يوجهك ولكنك وبدون شعور تنساب معه في رحلته الجميله ليس لانه اقنعك باهميتها ولكن لانك امنت بماشاهدته واردت ان تكون جزءا منه
    فهو معلم حقيقي من معلمي السودان ومستودع لكل جمال يمكن ان يتميز به انسان ولهذا احبه الناس بنفس التلقائيه التى احبهم بها فقد كان نيلا ثالثا يتدفق بحنية وعنفوان يسقي وينمي كلما يمر به بدون فرز او تحديد ولهذا فليس من المستغرب ان تجد في قوائم اصدقاء محجوب اشخاصا من مختلف الاحزاب والملل فكما ظلت تحتفي به الطرق الصوفيه فكثيرا ما احتفى به شباب الكنائس فهو هنا وهناك يخاطب اعظم مافي قلوب الاخرين وهي مشاعر المحبه والانسانيه
    رحم الله صديقي ابا مريم ومي فقد عاش كل لحظة من عمره وهو يعطي لشعبه اجمل ماعنده وقد كانت حياته صفحة ناصعة البياض عطاء ومحبة بحيث انتشر في عقول وقلوب الملايين وقد اصبحت المبادئ التى عاش ومات من اجلها ملك لشعبه تسير بين الناس وتنشر المحبة والسلام وحقيقة فقد مضي عليه امر الله ورحل عن الدنيابعد انقضاء عمره ولكن مامثله من قيم سيظل يعطر حيواتنا ويعطيها معناها الحقيقي فهو كمن زرع حديقة وارفة الظلال سيستمر الناس بالتمتع بها حقب قادمات هكذا هم اصحاب الرسالات والقيم النبيله
    طبت حيا وميتا ياصديقي فأنك قد سكنت قلوبنا الادب رحمك الله
    يابا مع السلامه في سكة سلامه
    في الحزن المطير

    عبد الله موسى


    2 من ذكريات زمن الشموخ
    المناضل الكبير عمر محمد ابو امنه
    الكتابه عن أستاذنا عمر لها نكهة عطر الاحباب فالقلم عند الكتابة عنه لاينشر حروفا على الصفحات بقدر مايتشكل دررا مضيئه بالمحبه ونكران الذات
    ولد استاذنا من والدة من منطقة كنور بنهر النيل من الحسناب الذين قطنو تلك المنطقه من عصور بعيده ووالده هو العمده محمد ابوامنه من طوكر نشأ بطوكر وعمل منذ شبابه الباكر بمكتب الاراضي وظل يترقى به حتى تولى ادارته مما اعطاه معرفة عميقه بمنطقة طوكر وسكانها وانماط معيشتهم
    ولد عمر من اسرة شكل افراده جزءا مهما من تاريخ طوكر كوالده واشقاؤه وخاصة عمنا هاشم ابو امنه مد الله في ايامه
    عمر من ابناء طوكر الذين امنو بقضية الشعب الارتري وحقه في الحريه والاستقلال وقد كان لجوار طوكر لدولة ارتريا والتى تبعد حدودها حوالى مائة ميل وحركة السكان بين الدولتين وعمق الروابط الثقافيه والقبائل المشتركه في مناطق الحدود كل ذلك لعب دور ا هاما في ارتفاع درجة اهتمام شعب طوكر بتلك القضيه اضافة الى روح التضامن التى اشاعها وجود اللاجئين الارتريين ووفودهم وقصصهم عن الظلم والتشريد الذي حاق بهم مما رفع من وتيرة التضامن مع قضية ارتريا بحيث اعتبرها كثيرون قضية عمرهم فتقرغو لها في حركة تضامن واسعه دعمت نضال الشعب الارتري بمختلف الوسائل ومن اشهر هؤلاء المناضلين استاذنا عمر واصدقاء عمره استاذنا عبدالله محمد احمد (كنه)واستاذنا رفعت توفيق واخرين كرسو اعمارهم في دعم قضية ارتريا
    وقد تعرض استاذنا للمطارده والتشريد والاعتقال في سبيل نضالاته كما اهتم باكرا بقضية مؤتمر البجا اذ ظل يقدم الدعم المادي والمعنوي لابناء المنطقه
    ويقدر اهتمامه بالقضيه الارتريه لم يهمل شؤون بلاده فكان له مساهماته في كل القضايا التى مرت على بلادنا
    بعد انتصار الثوره الارتريه اعتبر عمر انه قد ادى واجبه وانصرف للاهتمام بباقي القضايا التى ظلت محور اهتمامه كمشاكل مشروع دلتا طوكر وتطويره وقضايا التعليم والعمل الاجتماعي وكان يعتبر من اكبر الخبراء بشؤون طوكر
    ومع اعلان الكفاح المسلح لمؤتمر البجا وضع استاذنا كل خبراته القديمه والتى راكمها ابان تضامنه مع الشعب الارتري في خدمة قضية مؤتمر البجا وكان له دور كبير ابان فترة الكفاح المسلح وخاصة فيما يختص بولاية البحر الاحمر سندا للمؤتمر ودعما لصديق عمره عبدالله كنه وكان يتنقل بسهولة كنا نحسده عليها بين جانبي الحدود دون ان يلفت الانظار بحسبانه يقوم بعمل ظل يجوده منذ عشرات السنين
    كان استاذنا شخصا مهذبا مؤدبا حييا رضي الخلق قليل الكلام ثابت الجنان عطوفا يتفقد احوال الناس ويقدم خدماته في صمت بلا من او اذى وكان انسانا كريما مضيافا
    واذكر انه وفي احدى زياراتي الى طوكر علم بوجودي وانا اتاهب للسفر فأصر ان ابقى يوما اضافيا لكي يقوم بواجبات الضيافه تجاهي وعندما حاولت الاعتذار اصر قائلا (عندنا مطعم متخصص في الكمونيه لازم اعزمك فيهو)فصحت به مندهشا((عمر انت نسيت القاود حقنا؟؟)فقل لي بابتسامته المعهوده ((وجبه واحده ماتعمل حاجه))
    وفي اليوم التالي استضافني بذلك المطعم وقد كان طباخه ملكا على عالم الكمونيه الناشفه ومطعمه يقع جوار فرن بلدي تتوهج نيرانه وينتشر عبق ارغفته الساخنه في الجو وهجمنا على تلك الكمونيه هجوم الضواري ولست ادري كم طلبا اكلنا ذلك النهار ولكنها لم تكن تقل عن السته في اقل التقديرات تواضعا وصفوف الرغيف الساخن يتصاعد دخانها بين ايدينا واكواب السفن اب تبرد تلك السخونه وعمر يحكي طرائفه وحكاياته وقهقهاتنا تملا الاجواء حتى اكملنا تلك الوجبه الخطيره حيث عدت الى البورت بعدها ومع وصولي اليها اقعدني القاوت عن الحركه تماما وعندما اتصل غلي الاهل والاصدقاء من طوكر معايدين قلت لهم (( دعوكم مني وطمئنوني على عمر) وقد علمت بعدها ان عمرا قد عطل القاوت حركته حتى لزم سرير المستشفى والاصدقاء يتناقلون قصتنا ضاحكين مستغربين
    كان عمر وبالرغم من تاريخه النضالي الشهير شخصية وفاقية مقبولة من كل الاطراف حيث لعب دور الاطفائي في كل المشاكل الداخليه التى عاصرها بالمؤتمر وكان لهدوءه وطول باله ومحبة الناس واحترامهم له الدور الاكبر في حل الاشكاليات التى كان يتدخل فيها
    ولعل الكثيرون لايعلمون مساهماته في الظل من اجل انجاح مؤتمر تسني وهو اول لقاء موسع بين كوادر الداخل والكفاح المسلح لمؤتمر البجا كما ساعد مساعدة كبيره في العبور من عنق الزجاجه عندما تفاقم الصراع بيننا وقيادات الجبهه الشعبيه الحاكمه بارتريا عندما اصرو بعد الاتفاقيه على ضرورة حل مؤتمر البجا والانضمام لجبهة الشرق كبديل له وعندما عقدنا مؤتمر ربده بالحدود السودانيه الارتريه من اجل توحيد مؤتمر البجا الداخل مع الكفاح المسلح تمهيدا للعوده الى الداخل والدخول في مرحلة العمل السياسي السلمي
    كنا ككوادر للمؤتمر ننظر الى ذلك المؤتمر باعتباره مرحلة انتقاليه يعود بعدها الحزب موحدا الى الداخل وكانت نظرتنا الى جبهة الشرق باعتبارها مجرد مظله تحالفيه سيتاسيه وليست حزبا بديلا للمؤتمر
    وقد وصل الخلاف بيننا وبين حلفاءنا الارتريين الى مستوى المواجهه اذ وقف اعضاء الداخل مدعومين بجيش مؤتمر البجا كتلة واحده من اجل الحفاظ على الحزب التاريخي للبجا في وقفة تاريخيه مشهوده وقد خرجنا نتيجة اصرارنا ذاك بتوحيد الحزب ولجنة مركزية موحده من عشرون مناضلا نصفهم من الكفاح المسلح والنصف الاخر من مؤتمر البجا بالداخل ثم انطلقنا موحدين الى مؤتمر جبهة الشرق بحدش معسكر (معسكر حداشر) التابع للاستخبارات الارتريه حيث قضينا تماما على فكرة استبدال المؤتمر بالجبهه وفصلنا كل الذين انحازو ضد مؤتمر البجا ولم يكونو يتجاوزون اصابع اليد الواحده
    كان عمر وفي الظل من الذين وضعو علاقاتهم المميزه بالقياده الارتريه من اجل الخروج بمؤتمر البجا من تلك الاذمه موحدا وقويا مع المحافظه على علاقة التحالف والصداقه اللتين تربطان المؤتمر بالشعب الارتري وقيادته وطوي تلك الصفحه باعتبارها خلافا في الراي بين اصدقاء وهو ماعبر عنه السيد يماني قبراب مسؤول الخارجيه الارتري بقوله((فكرة جبهة الشرق في اعتقادنا هي الافضل ومادمتم ترون رايا اخر فليس علينا غير احترامه ونحن نودعكم وانتم تعودون الى بلادكم))
    ولعلها المره الاولى التى نكشف فيها دوره ذاك فقد كان رحمه الله من الذين يفضلون العمل في صمت
    عرف استاذنا بأخلاقه الفاضله ونزاهته المشهوده والتى اجمع عليها كل من عرفه ومازالت ذكراه عطره في النفوس فقد كان نظيف اليد والقلب واللسان
    توفي استاذنا في عام 2007 بالخرطوم اثر علة لم تمهله طويلا بينما كان اصدقاؤه عبدالله كنه ورفعت وصلاح باركوين وغيرهم يجهزون اوراقه للعلاج بالاردن ولكن الاجل سبقهم
    رحم الله استاذنا العزيز وجعل البركة في ذريته واسرته وجعل الجنة مثواه



    منذ سنوات بعيده ربطتني علاقات صداقة ومحبه باستاذنا محمد ادروب وافراد اسرته وقد كنت اتردد الى منزله واجد عنده كل الترحاب وحسن الاستقبال وتلك الطمأنينه والسكينه التى افتقدناها جميعا فقد كان استاذنا على علمه الغزير ومعارفه المتعدده انسانا طيبا ومتواضعا خفيض الصوت باسم المحيا تربطك اول زياره اليه بامتن روابط المحبه معه فقد كان يشع انسانية ولطفا بحيث يشعر كل معارفه انهم من اقرب اصدقاءه وحتى اولئك الذين يخالفونه في الراي لم يكونو يملكون امامه غير المحبة والاحترام فما كان التعصب للراي من عاداته ولا كان ممن يشغلون اوقات زوارهم بالحديث عن ايمانياتهم والترويج لقناعاتهم على عكس كل العقائديين الذين اختلطت بهم
    اقتنع استاذنا بالفكر الجمهوري منذ شبابه الباكر وذلك عن علم ودراسة وحوارات طويله عبر علاقة تتلمذ على الشهيد محمود محمد طه اذ كان من خاصة اصحابه وانجب تلاميذه وقد بلغ من امانته العلميه واحترامه للاخرين انه لم يكن يفتح النقاش حول بعض قضايا الفكر الجمهوري الا اذا طالبه احدهم بذلك وحتى في تلك الحاله كان يورد رايه بكل ادب وهدوء متقبلا مواقف مخالفيه بدون ان يسفه اراءهم فتخرج من مجلسه وقد استوعبت فكرته واعجبت بطرحه صرف النظر عن اتفاقك او اختلافك معه
    عمل استاذنا معلما بالثانويات سنين طويله وخرج اجيالا من الطلاب وقد تسلحو في مواجهة الحياة بالافكار العلميه ومحبة الحكمة والبحث الدؤوب عن الحقيقه متسلحين بكل القيم الفاضله التى غرسها معلمهم في عقولهم بحيث انتشرو في كل مناحي الحياة نماذج تحتذى في النجاح وحسن الخلق فقد كانو غرس معلم عظيم
    اذا اعتبرنا ال ضرار هم رواد كتابة تاريخ منطقة البجا مقدرين دورهم الرائد فان محمد ادروب ايضا كان رائدا لم يسبقه احد الى مجال محاولة كتابة اللغه البجاويه(البداوييت) وقد امضى اعوام طويله وهو يبحث ويقارن ويرحل من منطقة الى اخرى متابعا مفردات اللغه البجاويه واساليب نطقها من منطقة الى اخرى حتى تمكن من كتابة اول قاموس بجاوي عربي واهمية جهود استاذنا تأتي في انه كان الاول وبالتالي فلم تنتظره مراجع ولا تجارب اخرى يستند عليها فقد وضع بنفسه قواعد صارمه في البحث اصبحت فيما بعد اثرا عميقا يمشي عليه من تابعو طريقه الصعب الجميل وقد اسس بعد ذلك لطريقته تلك وفق احدث خطوات البحث العلمي عندما كتب رسالته للدكتوراه حول موضزع عمره في كتابة البداوييت وقد لاقى في سبيل ذلك اصنافا من المشقات وانواعا من المضايقات ممن منعهم التعصب من احترام ابسط حقوق مخالفيهم في مجال البحث العلمي وهو مجال ينبغي الا ترفرف عليه غير رايات الحقيقه ويكون الحوار خلاله عبر وسائل البحث العلمي وايراد الحجج والحقائق ولم يقدر من وضعو العقبات الماديه والمعنويه امام بحثه انه كان باحثا تعدى السبعين يحمل باقتدار مدهش مسؤولية بحث رائد يثقل كواهل شباب الباحثين ولو لم يكن لاستاذنا من فضل غير انه قدم بحثه لنيل درجة الدكتوراه وهو في ضواحي الثمانين لكفاه ذلك فخرا مما يعني انه يقف على قمة عمر طويل انفقه في البحث العلمي وقد اختار موضوعا شائكا وغير ممهد بالمراجع وتجارب الاخرين بل كان هو رائده المقتحم لمجاهله بشجاعة الباحثين وايمان الفاتحين
    ومع الاسف فقد ظل استاذنا وحتى اخر ايامه بدنيانا يسعى لتحقيق حلمه في مناقشة وطباعة رسالته للدكتوراه ورحل عن حياتنا بدون ان يحقق حلمه وليت تلاميذه وعارفي فضله يواصلون احياء مشروع اقامة مركز محمد ادروب اوهاج الثقافي الذي اقترحه اولاده وتلاميذه حتى تتمكن الاجيال القادمه من مواصلة رسالته
    منذ اعوام بعيده قام استاذنا بالتنقيب في تاريخ منطقة البجا وهو تاريخ شفاهي في اغلبه تطلب منه بحوثا دؤوبة وزيارات الى بوادي الشرق واجراء مئات المقابلات لوزن المعلومات وضبط المصادر حتى اخرج الجزء الاول من كتابه (من تاريخ البجا) وقد غطى جوانب جديده لم تصلها جهود الباحثين وقد اضاف اليها نصوص شعريه وحكايات كشواهد وقد قام بترجمتها الى اللغتين العربيه والانجليزيه شارحا معانيها وموضحا مفرداتها كما تناول ظاهرة التهريب كحالة اجتماعيه عبر كتابه الرائد ايضا (المهرب)
    تابع استاذنا قيام ومراحل تطور تنظيم مؤتمر البجا من موقع المؤيد لقضايا المنطقه والاهتمام بانسانها فهو لم يكتف بالتأريخ للماضي فقط بل كان لصيقا بقضايا الحاضر باذلا جهودا جباره لتحسين حياة ابناء البجا وفتح فرص العمل والتعليم امامهم عبر صندوق تعليم ابناء البجا وعبرنشاطه الشخصي وعلاقاته المتشعبه والتى جيرها لخدمة منطقته ولهذا لم يكن غريبا عليه ان يكتب كتابا عن (مؤتمر البجا) متابعا انشاء الحزب وتاريخه الطويل وقد تشرفت شخصيا بمشاركته ندوتين بمناسبة الاحتفال بذكرى قيام مؤتمر البجا حيث تحدثنا عن ذلك امام طلاب جامعة البحر الاحمر
    كان لاستاذنا مجلسه المعهود في بعض الامسيات امام داره في شكل ندوة ادبية وعلميه مصغره يكون فيها المستمع اغلب الاحيان موجها للنقاش بادبه المعهود وقد استفدت والكثيرون من تلك اللقاءات علما وادبا وتعلقا بالبحث عن الحقيقه واحترام الراي الاخر
    قدم استاذنا لشعبه ذرية صالحه هم نجوم في مجالات اهتمامهم فمنهم الفنانون والموسيقيون والمناضلون والعاملون في كل المجالات وكلهم يسير على طريق الوالد العظيم محاولين قدر الامكان مواصلة رسالته ونشر علمه فهم من نجوم مجتمعنا منارات جميله حيث هم فقد تركهم استاذنا نجوما يهتدى بهم الاخرون
    توفي استاذنا في 22 يوليو 2013 الموافق الثالث عشر من شهر رمضان المبارك بشكل مفاجئ وكأنه من لطفه باسرته وبمحبيه لم يتعب احدا في تمريضه وهكذا رحل كالنسمة الخفيفه كما عاش بين الناس انسانا شفيفا رقيقا وقد كانت ايام مأتمه مهرجانا للمحبه اذ تبارى الناس في ايراد محاسنه وايات فضله رحمه الله رحمة واسعه وجعل البركه في اسرته وجعل جهوده علما نافعا يثقل ميزان حسناته يوم القيامه
    استاذنا ادروب مازلنا نسير على دروبك المضيئه دمت خالدا






    نتااااااااااابع مع النضيف عبد الله موسى .....ما لم ينشر عن تاريخ شرفاء شعبنا
                  

11-21-2014, 11:43 PM

azhary taha
<aazhary taha
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 2326

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من ذكريات زمن الشموخ (Re: معاوية عبيد الصائم)

    .....اخونا عبدالله موسي سردكم جميل....ولكن هناك اسماء لايمكن تجاهلها كالاستاذ المناضل إبراهيم التونسي او محمد طاهر ابوبكر اول من قاد الكفاح المسلح اوأخونا ابراهيم أداب الذي بذل ولايزال الكثير من اجل القضية.......الإغفال حتي عن مجرد ذكر اسمائهم خلل يجب تداركة ولك شكري.....
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de