|
كتب للقراءة.. تجعل من وجودك المعرفي وجوداً غير مُتناهٍ
|
ما هي الكتب التي يمكن أن يقرأها المرء، وتجعل من وجوده المعرفي وجوداً غير مُتناهٍ؟
سيقول المُتديّن: كتابي المقدس؛ الوجود مختصراً في كتاب واحد، غير المتدين سيقول (هكذا تكلّم زرادشت) لـ "نيتشه"؛ آن أوان الإنسان الفائق، الملحد سيقول: (وهم الإله) لـ "ريتشارد دوكنز"، لقد انتهينا من الحِمْل الثقيل. الناقد العربي القديم سيحيلك إلى كتاب (البيان والتبيين) للجاحظ وكأنه يحيلك إلى سِرٍّ مُقدَّس، والناقد الحديث سيشرح لك –بصدر رحب- خطورة كتاب (نظام الخطاب) لـ "ميشيل فوكو". عالِم الاجتماع سيدفعك دفعاً إلى (مقدمة ابن خلدون) لكي لا تقع في جُبِّ الخطأ، السيكولوجي إلى (مدخل إلى التحليل النفسي) لـ "سيغموند فرويد" لكي تفهم ما يحدث في عالمنا الحديث بصورة أعمق، الاقتصادي إلى (ثروة الأمم) لـ "آدم سميث" لتعاين بنفسك ما آل إليه الاقتصاد العالمي، والسياسي إلى (أمير) ميكافيللي؛ فأنت أمام قذارات إنسانية لا يمكن أن تفهمها بدون هذا الكتاب. السُنِّي سيتحدّث أمامك عن كتاب (معالم في الطريق) لـ "سيد قطب" كما لو كنتَ مُريداً عند شيخ جليل، الشيعي عن كتاب (فقه الشريعة) لـ "محمد حسين فضل الله" لكي تنتقل من الزلل إلى الصراط المستقيم، الصوفي عن كتاب (الفتوحات المكية) لـ "ابن عربي" لتفهم سِرّ الله المتواري في الآفاق، اليساري عن كتاب (رأس المال) لـ "كارل ماركس" لتتحوّل من مجرد مثقّف عادي إلى مثقّف أممي، وربّة البيت الشغوفة بالطبخ ستحيلك إلى كتاب (مطبخ منال العالم)؛ لن تعرف طعمة فمك إلا على يديها وتعاليم منال العالم. العاشق سيحيلك إلى ديوان (طفولة نهد) لـ "نزار قبّاني"، ليقول لك: أين أنت من عشقي؟!، والمكتئب إلى (أناشيد مالدورور) لـ "لوتريامون"؛ الحزنُ أيضاً يُأكل أكلاً مثل الطبيخ، والحالِم إلى رواية (الخيميائي) لـ "باولو كويلو"، فلطالما راودته أحلام مماثلة. الصبية المتحمسة ستأكل رأسك برواية (ذاكرة الجسد) لـ "أحلام مستغانمي"، إنها تعيش دور الاقتباسات المُشذّبة، والشاب المندفع ناحية التغيير سيعتبرك جاهلاً بنواميس الحياة إذا لم تقرأ (سيكولوجية الجماهير) لـ "غوستاف لوبون"؛ أيها العبيد لماذا لا تثورون وتنتفضون؟. الشاعر سيحيلك إلى أحد دواوينه لا محالة، والذين يُدبّجون كلمات التأبين على أحد الكُتَّاب الراحلين سيأتون على ذكر مُؤلّف لهم كان قد أعجب به الراحل الكبير!. الأردني سيهديك (عشيات وادي اليابس) لـ "عرار"، السوداني (موسم الهجرة إلى الشمال) لـ "الطيب صالح"، اليمني (من أرض بلقيس) لـ "عبد الله البردوني"، الفرنسي (بؤساء) "فكتور هوغو"، الكولومبي (جنرال) "ماركيز"، الهندي ملحمة الماهابهارتا لـ "فالميكي" والإيراني شاهناماة الفردوسي. العربي سيخلع قبعته احتراماً لمعلقات أجداده الشعرية، الأوروبي لـ (أورغانون) "فرنسيس بيكون" الجديد، الأمريكي لـ (براغماتية) "وليم جيمس"، والأفريقي لـ (الطريق الطويل إلى الحرية) لـ "نيلسون مانديلا"؛ وهكذا. وحده الإنسان المفطوم عن ثدي أمه، سيرشدك إلى كتاب الإنسان المفتوح على مصراعيه؛ إنسان الحضارات والثقافات والأديان على اختلاف منابتها ومسلكياتها. إنه يتمثَّل كل المعارف الإنسانية بصفتها حليباً لذيذاً ورافداً لحليب الأم الأصيلة، فهو إذ يُرابط على ساقية بعينها، فإنَّه لا يتوانى عن إطفاء ظمأه من السواقي الأخرى، فكلها تصبّ في النهر الكبير. إنَّ الخلاص العظيم هو حاصل مجموع كبير من (الخُلاصات)؛ وفي الحقل المعرفي الإنساني يمكن لآلاف مؤلّفة من الكتب، من مختلف الثقافات والحضارات والأديان والعلوم أن تجعل المسامات المُغلقة والمنافذ المُصمتة تنفتح على بعضها البعض، كخطوةٍ ضرورية لتقديم بدائل معرفية لإنسانٍ شغوف وتوّاق إلى تأكيد امتداداته اللانهائية في كل الذراري الإنسانية. معاذ بني عامر كاتب وباحث أردني
https://http://http://www.facebook.com/mooa.alsaheeb?fref=tswww.facebook.com/mooa.alsaheeb?fref=ts
|
|
|
|
|
|
|
|
|