|
|
|
 Re: احمد علي ..بعد خروج الجزائر المشرف ( الجمل ) العربي نجح في مجاراة ( المرسيدس ) الالماني (Re: عماد الشبلي)
|
الجزائر أبدعت .. وأمتعت .. وودعت
أحمد علي
بريد الكتروني:
[email protected]
تويتر: AhmedAli_Qatar
لم تكن مباراة الجزائر وألمانيا المثيرة في «مونديال البرازيل»، بكل أبعادها «الثورية»، وتراكماتها «الثأرية» مجرد مباراة عادية في البطولة العالمية، ولكنها كانت مواجهة استثنائية، ولهذا ستظل محفورة في ذاكرة الكرة «المونديالية».
.. ويكفي أنها جعلت العالمين العربي والغربي يقفان على أقدامهما، ويحبسان أنفاســهـما، ومعهــما باقي أرجاء «العالم الكروي»، وهم جميعاً يتابعون مجرياتها المريعة وأحداثها السريعة، المفتوحة على جميع الاحتمالات، التي تكاد تجعلك تسمع دقات قلبك، وتنصت لخفقات فؤادك، بينما يتصاعد شهيقك دخولا وزفيرك خروجا، وتتأرجح معدلات ضغطك صعوداً وهبوطاً!
كان إيقاع المباراة أسرع من «ومضة الضوء»، مما يجدد تأكيد «النظرية النسبية»، المسجلة باسم العالم الألماني «ألبرت أينشتاين» الفائز بجائزة «نوبل» في الفيزياء عام 1921، والذي أثبت أن «موجات الضوء» تنتشر في الخلاء دون حاجة لوجود محيط أو مجال، بعكس الموجات الأخرى، التي تحتاج إلى وسط حاضن، تنتشر فيه كالهواء والماء!
.. وعلى غرار تلك النظرية العلمية أثبت الجزائريون في «نظريتهم الكروية» أن موجاتهم الهجومية المتلاحقة، خلال مباراتهم مع الألمان كانت هي الأخطر، ولهذا كان «المنتخب الأخضر» هو الأحق بالفوز والأجدر، لولا أن «الحظ» أثبت في الأنفاس الأخيرة من تلك المباراة، أنه يحمل الجنسية الألمانية ويقف بجوار القارة الأوروبية على حساب جارتها الإفريقية!
.. ويمكن القول إن المواجهة بين الكرتين الجزائرية ونظيرتها الألمانية كانت حضارية، ولم تكن «حصارية»، بمعنى أنها لم تمكن بطل العالم السابق من حصار منافسه العربي، ووسط هتافات تشجيع المنتخب الجزائري التي سادت الأوساط العربية من المحيط إلى الخليج، نستذكر على الطرف الآخر تلك «الصيحة المخيفة»، التي أطلقها الكاتب «صامويل هنتنغتون» عن «صراع الحضارات» أو صدامها!
لكن مباراة الجزائر وألمانيا جاءت لتعطي مثالاً حياً على «حوار الحضارات» الكروية، الذي يدعو إليه الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، ويعمل على إنجاحه في المباريات وترسيخه في جميع المقابلات!
.. ولأن الحوار سواء كان رياضياً أم سياسياً يقتضي قبولا مبدئياً بوجود الآخر، واعترافا بحقه في هذا الوجود، فقد استطاع المنتخب الجزائري إثبات وجوده في مباراته مع نظيره الألماني القوي، بل وتأكيد جودة أدائه على حساب منافسه الآخر.
كانت مباراة الجزائر وألمانيا التي انتهت بخسارة المنتخب العربي أمام نظيره الغربي بهدفين مقابل واحد، تم إحرازها في الشوطين الإضافيين بعد انتهاء وقت المباراة الأصلي بالتعادل السلبي، وإن شئت قل في رمقها الأخير.. أقول كانت تلك المباراة تشكل «حواراً حضارياً» بين المشاهير و «المغاوير»، بين المستكبرين والمستضعفين، بين الأغنياء والفقراء!
.. ويكفي الإشارة إلى أن مجموع قيمة اللاعبين الذين يشكلون منتخب «المانشافت»، وأسعارهم في عالم الكرة الاحترافية تعادل موازنة «دولة إفريقية» بل ربما تزيد عليها!
.. ورغم أن حسابات «ميزان القوة» كانت تصب في صالح المنتخب الألماني، الذي يعد واحداً من «القوى العظمى» في العالم، فقد نجح الجزائريون في كسر «حاجز الخوف» من منافسهم العملاق.
.. بل كســـروا «حائط برلين» الذي يفصـلهم عن نظرائهم الألمان، وأسـقـطـوا ذلك «الجدار الوهمي» الذي كان الغرض منه تحجيم مرورهم نحو المرمى الألماني.
.. وبذلك الإسقاط الذي يعادل سقوط «حائط برلين» في التاسع من نوفمبر عام 1989، نجح الجزائريون في تهديد مرمى الحارس «نوير»، وتمكنوا من إثارة الرعب في منافسهم، لدرجة أن مدربه «يواكيم لوف» كان يبلع ريقه مع كل هجمة جزائرية، بل كاد يبلع لسانه على مدى أشواط المباراة الأربعة!
.. ورغم خسارته بهدفين مقابل واحد، فقد كسب منتخب الجزائر إعجاب الملايين على امتداد العالم العربي، كما كسب تقدير المشجعين في دول العالم الثالث، وكسب أيضاً احترام المنافسين سواء داخل ألمانيا وخارجها.
لقد عزف الجزائريون في مباراتهم مع منتخب ألمانيا «السيمفونية العاشرة» التي لم يعزفها الموسيقار الألماني «لودفيج فان بيتهوفن» (1770 - 1827)، الذي يعد أبرز عباقرة الموسيقى الكلاسيكية على مر العصور، باعتباره صاحب «السيمفونيات التسع» الشهيرة، وهي الأهم في الكلاسيكيات العالمية، وخصوصاً «سيمفونيته» التاسعة التي تحمل عنوان «كل البشر سيصبحون أخوة».
.. وعلى إيقاع تلك «السيفمونية الكروية» انهمرت الدموع من عيني المدرب القدير «خليلوجيتش»، الذي ظهر عليه التأثر بعد خسارة منتخب الجزائر المؤثرة.
كان هذا المدرب أخاً كبيراً للاعبي الجزائر، ومدرباً قديراً لهم يستحق التقدير، والاحترام والتبجيل بعدما أثبت قدراته الخططية، ومهاراته التكتيكية، فكانت قراءاته صحيحة في جميع المباريات التي لعبها فريقه باستثناء مباراة بلجيكا.
.. ويمكن القول إنه أظهر قدرات فائقة على وضع الحلول المناسبة، وفقاً لتطورات كل مباراة ومجرياتها، وأحداثها ومستجداتها، ولهذا ندعو الاتحاد الجزائري لكرة القدم للإصرار على استمراره مع المنتخب العربي، الذي ساهم في صقل مهاراته، ليواصل إبداعاته، وتسجيل حكاياته في الاستحقاقات المقبلة، وفي مقدمتها بطولة الأمم الإفريقية.
أما المدرب الألماني «يواكيم لوف» فقد انكشف في مباراة فريقه مع الجزائر، مثلما انكـشـفت أكاذيب «جوزيف غوبلز» (1897 - 1945) وزير الدعــاية النازيـة في عهد «أدولف هتلر»، الذي يعتبر واحدا من أساطير «الحرب النفسية» ومؤسس فن الدعاية الرمادية!
.. ومثلما كان «جوبلز» يردد قولته الشهيرة:
«اكـذب حــتـى يصـــدقـك النـــاس».
كانت خطة المدرب الألماني تعتمد على مقولة:
«اركض حتى يخاف منك خصمك»!
لكن الجزائريين قلبوا هذه الخطة رأسا على عقب، ودفعوا المنتخب الألماني ليركض إلى الوراء، مدافعاً عن مرماه المفتوح!
.. ويكفي الإشارة إلى أن اللاعب «فيليب لام» كابتن ألمانيا لم يجد وسيلة لإيقاف خطورة المهاجم «ياسين إبراهيمي» سوى ان يشده من قميصه، حتى لا ينفرد بالمرمى، مما اضطر الحكم لمواجهته بالبطاقة الصفراء، التي استحقها في شوط المباراة الثالث!
لقد لقن الجزائريون نظراءهم الألمان درسا لن ينسوه في كرة القدم، وكانوا قاب قوسين من إخراج أبطال العالم السابقين، من «مونديال البرازيل» وكانت المباراة عبارة عن رواية عصرية من روايات «ألف ليلة وليلة» الكروية، حضرها «شهريار» و«شهرزاد» اللذان كانا يشجعان المنتخب الجزائري، ويهتفان بأعلى صوتيهما بكلمات «الأهزوجة» الشهيرة:
«ون .. تو .. ثري ــ أحيانا تنطق فري ـ فيفا الجيري».
هذه الكلمات كان «أهل الجزائر» يرددونها بثلاث لغات، هي الفرنسية والإنجليزية والإسبانية، في المظاهرات منذ أيام الحقبة الاستعمارية، ثم انتقلت لتتردد أثناء سير المباريات، وفي أجواء البطولات.
.. وبعيداً عن تلك الهتافات، ينبغي التأكيد على أنه إذا كانت المستشارة الألمانية «انجيلا ميركل» حازت على الصدارة في قائمة أقوى السيدات في العالم، التي تصدرها سنوياً مجلة «فوربس»، فإن الحارس الجزائري «رايس مبولحي» يستحق أن يوصف بأنه «أقوى حراس مونديال البرازيل»، بعدما قدم «مباراة العمر» أمام المنتخب الألماني، وأبطل هجمات أخطر مهاجميه، وفي مقدمتهم المهاجم الخطير «توماس مولر».
كان الحارس «مبولحي» يذود عن مرماه كالاخطبوط الذي يلتقط فرائسه، وبدا وكأنه «كائن أسطوري» هبط من الفضاء الخارجي، ويملك عشرات الأذرع، التي استخدمها لإفساد الهجمات الألمانية!
.. وخلال أشواط المباراة الأربعة بدا أن الحارس الجزائري يملك «مصباح علاء الدين»، الذي يحكه بين حين وحين، مع كل هجمة ألمانية، ليخرج له «مارد المصباح» ويقول له:
«شبيك لبيك .. لن تمر كرات الألمان بين يديك».
.. ويمكن القول إن سلسلة «جبال أطلس» تجسدت في شخصية الحارس «مبولحي»، وشكلت فيه حاجزاً بشرياً طبعيياً، تصدى لهجمات المنتخب الألماني، وأفسد تأثيرات غزواتهم في عمق الصحراء الجزائرية، حتى تكاد تشعر عندما تراه يذود عن مرماه بكل بسالة أنه واحد من فرسان «الطوارق»، الذين يسكنون تلك الصحارى، ويرتدون «لثاما» على وجوههم يسمونه «تاكلموسنت».
لكن «مبولحي» صاحب الأذرع المتعددة لم يلثم وجهه، بل وضع «لثاما سحريا» على مرماه، فأبطل مفعول الهجمات الألمانية!
.. وهكذا على وقع أخفاف الجِمال العربية، التي تسير فوق رمال الصحراء الجزائرية، أحرج الجزائريون «المرسيدسات» الألمانية، وأجبروهم على تشغيل محركاتهم، حتى الرمق الأخير في مباراتهم «المونديالية».
.. ومثلما يمشي الجمل دؤوباً على رمال البادية، غير عابئ بالرياح العاتية، والتحديات العالية، والضغوط القاسية، وغير مكترث بحرارة الشمس النارية، كان أبطال الجزائر يسيرون بلا يأس نحو مرمى منافسهم الألماني، رغم تقدمه عليهم بهدفين، أحرزهما «أندريه شورله» و«مسعود أوزيل» خلال الشوطين الإضافيين!
.. وبهذا الإصرار نجح المنتخب العربي في تقليص الفارق ، بعدما أرسل «سفيان فغولي» كرة لولبية، حولها «عبدالمؤمن جابو»بتسديدة ذهبية في الشباك الألمانية.
.. ومثلما «الحداء» يثير الشجن في رحلات الصحراء، كان «الحذاء» الذي يرتديه «إسلام سليمان» يثير الرعب خلال رحلاته الكروية، كلما تحرك خطوة في الملعب، واقترب من المرمى الألماني!
.. ومثلما ساهم «الجمل العربي» في إثبات «حضارة العرب»، وصناعة تاريخهم، ولولاه لاستقروا في مكانهم، ولاستحالت عليهم سبل التواصل والاتصال مع العوالم الأخرى المحيطة، فقد أثبت الجزائريون أنهم أصحاب «حضارة كروية» في «المونديال»، تتواصل وتتفاعل مع «الحضارات» الأخرى!
.. ومثلما تعلم الإنسان العربي من «سفينة الصحراء» الصبر وقوة التحمل، والقدرة على حمل الأثقال، فقد تحمل نجوم المنتخب الجزائري كل الضغوط التي صاحبت مباراتهم مع منتخب ألمانيا، مما ساهم في رد اعتبار «الجمل العربي» أمام سطوة محرك «المرسيدس» الألماني!
.. ويبقى التوقف عند مشاركة اللاعب الجزائري «هلال سوداني» المنحدر من منطقة «الشلف»، وكانت تسمى «مدينة الأصنام»، وتم تغيير اسمها بعدما نكبت بأربعة زلازل أولها عام 1922، تلاه آخر عام 1934، ثم ثالث كان أشد عنفاً عام 1954، ورابع عام 1980.
.. وما من شك في أن مشاركة اللاعب «سوداني» جعلت السودان الغائب عن «المونديال» حاضراً ومشاركاً في مبارياته، ولو من خلال ترديد اسم ذلك اللاعب الجزائري، الذي جعل السودانيين من «الحصا حيصا» حتى «كردفان» يهتفون له مع كل كرة يلمسها، بسبب اسمه.. «سوداني»، «سوداني»، «سوداني»!
- أحمد علي
[email protected]
تم النشر في: 02 Jul 2014
| |
  
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: احمد علي ..بعد خروج الجزائر المشرف ( الجمل ) العربي نجح في مجاراة ( المرسيدس ) الالماني (Re: عماد الشبلي)
|
Quote: .. ويبقى التوقف عند مشاركة اللاعب الجزائري «هلال سوداني» المنحدر من منطقة «الشلف»، وكانت تسمى «مدينة الأصنام»، وتم تغيير اسمها بعدما نكبت بأربعة زلازل أولها عام 1922، تلاه آخر عام 1934، ثم ثالث كان أشد عنفاً عام 1954، ورابع عام 1980.
.. وما من شك في أن مشاركة اللاعب «سوداني» جعلت السودان الغائب عن «المونديال» حاضراً ومشاركاً في مبارياته، ولو من خلال ترديد اسم ذلك اللاعب الجزائري، الذي جعل السودانيين من «الحصا حيصا» حتى «كردفان» يهتفون له مع كل كرة يلمسها، بسبب اسمه.. «سوداني»، «سوداني»، «سوداني»! |
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: احمد علي ..بعد خروج الجزائر المشرف ( الجمل ) العربي نجح في مجاراة ( المرسيدس ) الالماني (Re: عماد الشبلي)
|
.
Quote: جعلت السودان الغائب عن «المونديال» حاضراً ومشاركاً في مبارياته، ولو من خلال ترديد اسم ذلك اللاعب الجزائري،
الذي جعل السودانيين من «الحصا حيصا» حتى «كردفان» يهتفون له مع كل كرة يلمسها، بسبب اسمه.. «سوداني»، «سوداني»، «سوداني»! |
ديل السودانيين الدراويش كما يتصورهم الكاتب!!
السودانيين اعجبوا بالجزائر للروح الحماسي العالي وتابعوا تألق الموهوب يسن الإبراهيمي،
وهم يعرفون ان الجزائر ينقصه القليل لينافس الكبار، فالتحية لمحاربي الصحراء ومزيدا من الإنجاز.
.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: احمد علي ..بعد خروج الجزائر المشرف ( الجمل ) العربي نجح في مجاراة ( المرسيدس ) الالماني (Re: عماد الشبلي)
|
شكرا لك عماد الشبلي لايراد مقال كاتبنا المحبوب احمد علي وهو الذي يحمل همنا من المحيط الي الخليج
اتابع ما يكتبه عن محاربي الصحراء باعجاب
فالاستاذ احمد تتميز مقالاته بالمعلومة وسلاسة التعبير وعشق الانسان في كل مكان
لقد امتعنا محاربي الصحراء في حماسهم وصلابتهم واستبسالهم علي رغم نشاتهم بعيدا عن ر الصحراء ورمالها مما ضاعف الامل فينا وفي ابنائنا الذين ولدوا وترعرعوا بعيدا عن الصحراء ان جينات الصلابة والشموخ لن تزول بزوال الرمال التي قال عنها اجدادنا ولدنا وفي اعيننا الرمل ولن يملئها شئ غير تلك الرمال
شكرا لك عماد الشبلي وشكرا للاستاذ احمد علي
| |
|
|
|
|
|
|
| |
عماد الشبلي
Elsanosi Badr
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست