|
Re: تدمير الأمس في الرواية أغوتا كريستوف نموذجا في رواية " أمس "ـ (Re: ودقاسم)
|
اخي ود قاسم بالطبع ليس سهلا ان نكتشف كيف يكون الابداع هذه محاولة لقراءة في الكتابة سبق ان نشرتها في صحيفة الوطن القطرية
الكتابة وهذيان الدماغ
اشعر احيانا وكأنني افقد السيطرة على حركة اناملي‚‚ إني اتساءل عن سر هذا الوفاق الغريب والسريع بين حركة اليد وهذيان الدماغ بمثل هذه الكلمات عبر جورج اورويل عن علاقته مع الكتابة وهو يعاني المرض منتظرا رحيله عن العالم بعد ان انتهى من كتابة روايته الساخطة ضد الاشتراكية واستعباد الانسان‚ الرواية التي حملت رقما اسما لها 1984م ووجدت صدى واسعا عندما نشرت في عام 1949م بعد روايتيه الرائعتين مزرعة الحيوان 1944 وايام بورمية 1934‚ دائما هناك منابع مجهولة للابداع والكتابة عند العباقرة من الذين غيروا انظمة العالم المشاهد لنا عبر ما قدموه من ابداعات عندما تكون الكتابة اكتشافا جديدا للعالم بقدر ما تحكي عن المعاش في حياتنا ‚ محاولة قراءة هذه المنابع واستكشافها مهمة صعبة شغلت المشتغلين في حقول المعرفة بسائر انواعها من الفلاسفة الى المفكرين الى علماء النفس والاجتماع وغيرهم‚ وبالطبع كانت هناك محصلات لهذه المحاولات من الاستكشاف لكن ليس ثمة نتائج نهائية تجزم لنا بالأمر وتكشف اين يقع ذلك النهر المجهول‚ ما الذي يحرك دافع الكتابة عند المبدع؟ هل هي مجرد الرغبة في البحث عن نوع جديد من العدالة لعالم يفتقد لهذه العدالة اي البحث عن ارفع عدالة يمكن ان تصنع بها الانسانية وجودها وترسم مسارها نحو الافق البعيد ‚‚ العدالة في حد ذاتها لا تبدو مبررا كافيا لتحريك دافعية الكاتبة لان هناك ما وراء هذه الدافعية المباشرة من حركات خفية كالتي تحدث عن جورج اورويل مسميا اياها في تجربته الخاصة بـ الوفاق الغريب بين حركة اليد وهذيان الدماغ اذن الدماغ وفي منظور اورويل يهذي لينتج ابداعه‚ هل تكون الكتابة نوعا من الهذيان اللاارادي لاعادة اكتشاف الحياة؟ الهذيان مفردة تجر وراءها مفردات اخرى عديدة منها الجنون‚ السحر‚ اللاوعي ‚‚ الخ‚ جملة هذه المفردات تحيل مشروع الكتابة الانساني الى عمل مرتبط بعوالم مجهولة قد يكون مصدرها الدماغ البشري او خارج الدماغ‚ في حالة الدماغ البشري مصدرها للهذيان - الكتابة فان الاشتغال هنا يكون مرتبطا بالجوانب المتعلقة بعلوم النفس والتشريح وفي الحالة الثانية فان الاشتغال يرتبط بعلوم الروح والمايتا فيزيقيا الما ورائيات‚ تظل علاقة المبدع مع الكتابة مجنونة خفية لها طريقها من مبدع لآخر ولها انفعالاتها وهذيانها بطرق مختلفة ومهما كان شكل هذه العلاقة فان الكتابة الجميلة التي تدغدغ الروح الانسانية لها مذاقها الخاص وسحرها وكيمياء وجودها الذاتي‚ تذهب توني مورسيون الى ان علاقتها مع الكتابة نشأت من فكرة بسيطة تقول: متى تكتب انت تكتب عندما تحس بأن هناك كتابا تريد انت تقرأه ولم يكتب ‚‚ انت الذي سوف يكتب هذا الكتاب الغائب‚ لكن كيف تكتبه‚ وهل تنجح في مهمة هذيانك؟
|
|
|
|
|
|
|
|
|