|
ما بعد الحداثة .. نسخ الآيات أو نسيها.. (حوار عقلاني مع أدونيس وذوي الألباب)
|
في حوار أجرته قناة "الـ بي سي" اللبنانية مع أدونيس، يوم الخميس الماضي تحدث عن أشياء كثيرة. وإذا كان الرجل يكرر ما يقول. إلا أن أهم سمة يتمتع بها أدونيس هي أنه يعمل دائما على قتل الثوابت ليس بهدف نفيها وإنما لأن "الثابت في حد ذاته" متحول.. ونعرف تماما أن الرجل أسس منذ فترة مبكرة لنظرية "الثابت والمتحول" في الثقافة العربية وهو عنوان كتابه الذي كان في الأصل أطروحة لنيل الدكتوراه. تحدث أدونيس عن مفصليات مهمة في الثقافة الإسلامية، تبدأ من فكرة الله وتنتهي بفكرة "انحطاط العرب" أو بمعنى أدق "انقراضهم" وهو الانقراض الذي يعني به توقف القدرة على التفكير الإبداعي. ويرى أن السبب الرئيسي وراء ذلك يتعلق بأزمة النص.. والمعني النص القرآني الذي بات أسير الأمس في تأويله وفي انفتاحه، في ظل تغير شرطيات الحياة. وإذا كانت واحدة من المقولات الأسيرة لدينا أن "القرآن صالح لكل زمان ومكان" فرد أدونيس "ما ننسخ من آية أو ننسها نأتِ بخير منها أو مثلها".. وهذا المعنى وأنا أسمع لأدونيس كأنما أراد به أن يقول أن القرآن يجدد نفسه، فالنسخ والنسي هما سمتان بشريتان، وألا كان ذلك يعارض قول الله تعالى "وتمت كلمة ربك صدقًا وعدلاً لا مبدل لكلماته". وبتحليل أدق فالثابت هو "كلمة الرب" والمتغير هو "الآية" وهي معنى مفتوح هنا لا تعني مجرد الآية القرانية بمعناها الدلالي الكلاسيكي، وإنما تعني الآية التي تتجدد بتجدد الحياة الإنسانية وتتحول مع تحول متطلبات الكائن البشري. ومثل هذا التأويل البسيط يمكن أن يفتح القراءة إلى نقطة مهمة أشار إليها أدونيس وهي النص القرآني يجب أن تعاد قراءته ليواكب الحياة الإنسانية في آخر تجلياتها، وهي المرحلة التي اسماها (ما بعد الحداثة) ووصفها على أنها (مرحلة التجريب والفوضى).. وحتى لا نضل في المعنى فالمقصود أن الحداثة كانت بناء استاتيكي جامد، في حين أن "ما بعد الحداثة" ليست بناء في حد ذاتها بل هي ثورة على القيم والتقاليد والأنماط.. ومفهوم الثورة هنا يعني البحث عن الجديد، وطالما كان الإنسان باحثا عن الجديد فهو وفق المفهوم القرآني أو مفهوم النص يعمل على نسخ الآيات ونسيها.
|
|
|
|
|
|