الطريق إلى القطينة مذكرات طالب جامعي موديل التسعينات - الحلقة الأولى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-26-2024, 07:53 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عماد البليك(emadblake)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-23-2003, 03:04 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الطريق إلى القطينة مذكرات طالب جامعي موديل التسعينات - الحلقة الأولى


    التاريخ 7- 8 ديسمبر 1991

    المكان : أمام إدارة الدفاع الشعبي – شارع البلدية – الخرطوم

    الزمان : ساعة شؤم ( مستعارة من رواية ماركيز )

    يلا يا شباب قالها شاب بلحية حديثة عندما توقف الباص أمام المبنى، إنه الشتاء برائحته المختلفة، هذا الفصل المحبوب بالنسبة لي سيكون فصلا مزعجا مع نهاية العام، الطريق إلى جامعة الخرطوم يبدأ برأس بلا شعر وقفز بهلواني على طريقة الأراجيز، صعدت، صعدنا، صعدوا إلى الباص وأنطلق بنا، اشتعل الكاسيت بالأناشيد ( الجهادية )

    أمريكا روسيا قد دنا عذابها
    علي أن لاقيتها ضرابها

    بين ليبيا والسودان والعراق واليمن وحدة إلى الأمام فوق هامة الزمن

    كان الزمن يتقاعس إلى الوراء وفي داخل الباص المحتشد بالرؤوس الصغيرة، أندس رأسي بين فخذي وبدأت في البكاء، من حقي أن ابكي في اول غربة لي داخل الوطن، وأنا أبتعد لأول مرة عن بيتي لشهرين كاملين، كنت كم يبكي مستقبله الضائع لا شك، نحن جيل بلا هوية، بلا أمل، جيل سيسرق حدقات العيون الغائصة في وحل الدروب القادمة بالحلم المقتول

    ينطفئ النهار على عجل كأنه بدأ للتوّ، كأنه نهار بلا أنثى تدقدقه، لكنه نهار الطريق إلى الجنة، نهار أفراح الروح مع سيد قطب، نهار إبراهيم عبيد الله وهو يقص لنا كيف أسس عثمان بن عفان لمفهوم الإدارة في الإسلام، الإسلام في حد ذاته ينشطر لثلاثة ديانات، إسلام نصلي من اجله وبه أكتشف أبي أن الحياء ديدن الحر، وإسلام مقوس الظهر كجمل صحراوي يسير بلا خارطة إلى متاهات التيه والانكسار وغربة المؤمن الذي يبحث عن الله خارجه وهو أقرب إليه من حبل الوريد، وإسلام سيعصف بعظامنا الصغيرة إلى الخلاء، يجعلنا نلوك البسملة بدلا عن اللبان المعتق بالحرية

    أنزلوا .. نزلنا .. قفلوا صفا .. وقفنا .. صفا .. انتباه .. عزة في هواك .. رأيت خليل فرح حزينا، ورأيت ضراع عازة منكسرا، ورأيت أمي في بيتنا تبكي وهي تقول : " دي جامعة شنو البتودي للموت ". نعم رأيتها من على البعد في رمال القطينة الباردة وهي تستعر حرارة مع الشمس التي تخشى أن تتعامد على المكان خوفا من رائحة البارود. ألبس .. لبسنا الدمور، ومع الدمور تذكرت شندي وأهلنا الحلب وبقايا الفول الذي تعسر هضمه، أكلته هناك عند الكشك في محطة الباص الشنداوي. كانت الأيام تلبس سوادا أعظما وعيني تغرورقان بالدموع والأسف

    يلا يا ولد ما تأخرنا.. ربطت البوت الأبيض ربطة مقهور منكسر، وعودت نفسي المشي على السراط المستقيم الذي سأصل به إلى الجنة الموعودة، وقلت في سري وأنا أستغفر الله العظيم " يا ولد هو الجنة معقول فيها جنود" الجنود مكانهم النار، مع فرعون وثمود، ألم يأتك حديثهم وحديث الغيب الذي تعفن فجأة مع الوجع الذي سيحاصرك منذ هذه اللحظة


    الكتيبة ثلاثة – السرية خمسة - الخيمة رقم 67 – يلا شد الخطوة، كانت خطاي متثاقلة من الجوع والقهر وإحساسي بالخوف من المجهول، لم أشد الخطوة، شددت حزني فأنكسر بصوت قاهر جاء من وجه يشبه التبش الني:

    - أنت يا ولد مش ماشي الجامعة

    - ايوه

    - هنا برضو جامعة .. هنا الأساتذة اللفي الجامعة جاءوا
    وأنسحقوا في التراب، أنت شنو يا جربوع

    جربوع .. اعتصر قلبي الألم، كنت ضعيفا لا أقدر على المقاومة، المقاومة لا تأتي من صبي لم يخبر العالم بعد، هل سينسحق حلم أبي بأن أكمل دراسة الهندسة واصير مهندسا كبيرا، قبل أن أجيب على السؤال الذي سيظل بلا إجابة وجدت نفسي ابصق دما ودموعا، قلت لنفسي :" آه ما هذا الشقاء " وقال لي الشقاء من حولي : " ولات حين مناص "

    تأملت في الفراغ من حولي، صحراء ممتدة وخيام ومبني صغير هناك في نهاية المعسكر، وفي مرمى الأفق البعيد يقع النهر، هل سأهرب يوما إلى هذا النهر ليحملني إلى بلدي في الشمال، لا أريد الجامعة يا امي، أريد أن أكون صبيا غبيا في الحلة يفتح متجرا صغيرا ويبيع الطلح للنسوان، لكن هل سيتركوك، ألا تتذكر محمد ود عجبنا عندما فتح الطبلية في الحلة وجاءوا ليحملوه في الدفار، سألت جارتنا مريم وأنا أقف أمام الدكان لاشتري النبق لي ولأختي اسماء، من هؤلاء ؟ . قالت لي : " هس ولا كلمة ما يسمعوك ".

    وماذا لو سمعوني؟ ماذا يا مريم ؟ هل هم كائنات قادمة من كوكب آخر تختطف الصبية من أمهاتهم، في ذاك الزمن شاعت شائعة لا يعرف أحد هل هي صحيحة أم لا عن رجال يقبضون الأطفال ويمصون دمهم بحقن وأبر طويلة ثم يرمون الصبي ويهربون، تخيلت نفسي أقع في قبضة مصاصي الدماء، رأيت جو رجي آمادو الكاتب البرازيلي وهو يقود أولاد الشمس إلى مدن الرمال الجديدة في الصحراء، رأيت العقاد وعبقرية عمر، رأيت سيد قطب في ظلال قرانه، رأيت دومة ود حامد تقع على رأس أمحمد فتصنع له كدمة كما وصفها بشرى الفاضل، رايت قانون الجاذبية يفضح ذاته أمام قوانين جديدة، رأيت الأله ديكه، إله العدل القديم في ممالك مجهولة، يدس راسه في التراب مثل النعامة ويقول لا حول ولا قوة إلا بالله، كان قد قضى أعواما بين البشر يعيش معهم في البيوت ويمشي معهم في الأسواق والأشواق ويتغوط في مراحيض السوق الغارقة إلى فمها بالبلوى، وفي يوم ما بعد أن أقتنع بأن البشر لا يستحقون محبة إله العدل بصق فيهم وغادرهم إلى السماء، ينظر من علُ إلى وقاحتهم

    (عدل بواسطة emadblake on 06-23-2003, 03:05 AM)
    (عدل بواسطة emadblake on 06-23-2003, 03:11 AM)
    (عدل بواسطة emadblake on 06-23-2003, 04:06 AM)

                  

العنوان الكاتب Date
الطريق إلى القطينة مذكرات طالب جامعي موديل التسعينات - الحلقة الأولى emadblake06-23-03, 03:04 AM
  Re: الطريق إلى القطينة مذكرات طالب جامعي موديل التسعينات - الحلقة الأولى emadblake06-23-03, 04:03 AM
  Re: الطريق إلى القطينة مذكرات طالب جامعي موديل التسعينات - الحلقة الأولى emadblake06-23-03, 05:09 AM
    Re: الطريق إلى القطينة مذكرات طالب جامعي موديل التسعينات - الحلقة الأولى emadblake06-23-03, 06:19 AM
      Re: الطريق إلى القطينة مذكرات طالب جامعي موديل التسعينات - الحلقة الأولى الاميرة9806-23-03, 11:00 AM
        Re: الطريق إلى القطينة مذكرات طالب جامعي موديل التسعينات - الحلقة الأولى إسماعيل وراق06-23-03, 01:26 PM
          Re: الطريق إلى القطينة مذكرات طالب جامعي موديل التسعينات - الحلقة الأولى emadblake06-24-03, 01:36 AM
        Re: الطريق إلى القطينة مذكرات طالب جامعي موديل التسعينات - الحلقة الأولى emadblake06-24-03, 01:33 AM
  Re: الطريق إلى القطينة مذكرات طالب جامعي موديل التسعينات - الحلقة الأولى ahmad almalik06-23-03, 02:24 PM
    Re: الطريق إلى القطينة مذكرات طالب جامعي موديل التسعينات - الحلقة الأولى emadblake06-24-03, 01:39 AM
      Re: الطريق إلى القطينة مذكرات طالب جامعي موديل التسعينات - الحلقة الأولى ebrahim_ali06-24-03, 05:12 PM
        Re: الطريق إلى القطينة مذكرات طالب جامعي موديل التسعينات - الحلقة الأولى emadblake06-25-03, 01:10 AM
  Re: الطريق إلى القطينة مذكرات طالب جامعي موديل التسعينات - الحلقة الأولى نادر06-24-03, 06:17 PM
    Re: الطريق إلى القطينة مذكرات طالب جامعي موديل التسعينات - الحلقة الأولى emadblake06-25-03, 01:13 AM
  Re: الطريق إلى القطينة مذكرات طالب جامعي موديل التسعينات - الحلقة الأولى أحمد أمين06-24-03, 07:47 PM
    Re: الطريق إلى القطينة مذكرات طالب جامعي موديل التسعينات - الحلقة الأولى emadblake06-25-03, 01:17 AM
      Re: الطريق إلى القطينة مذكرات طالب جامعي موديل التسعينات - الحلقة الأولى emadblake07-03-03, 07:17 PM
  Re: الطريق إلى القطينة مذكرات طالب جامعي موديل التسعينات - الحلقة الأولى willeim andrea07-04-03, 09:37 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de