|
Re: محمد ابراهيم نقد : صفحات من سيرة الشمولية السودانية .. (Re: Abdel Aati)
|
(7) اما في مسألة القيادة الابدية والتسلط ، فأقول اني شخصيا عاتب على الراحل العظيم الخاتم عدلان رغم موقعه في قلبي انه لم يتخل عن قيادة حركة حق في حياته، وخصوصا بعد مرضه ، وكان بذلك سيسن سنة حسنة ، رغم انه ترأس الحركة لعشر سنوات فقط ، بينما ترأس نقد حزبه لاكثر من 40 عاما ، ولن يمنعني حبي واحترامي للخاتم العظيم من ان اسجل ان هذه كانت واحدة من سلبياته واخطائه . وقد يسألني سائل ما بالي ااتي لهذه المسألة والرجل قد مات ، وأقول لهم ان الرجل مات ولكن تجربته لم تمت ، وانما تعيد انتاج نفسها وتتناسل في غيرها، و مثلنا السوداني يقول: الحفلن خلوهن اقرعوا الواقفات .. لماذا يصر العجائز على ان يقودوا احزابنا مع هرمهم ومرضهم ؟؟ لماذا اختار الحزب الشيوعي عجوزا في السبعين ليخلف نقد في مجتمع 60% منه هم دون الثلاثين ؟؟ ذلك لأن نقد خط لهم سنة سيئة، هي الاستمرار في السلطة حتى بعد ان بلغ الثمانين ... هذا المنطق لا يجدي وكلام كبار العائلة هنا لا يفيد فنحن نناقش مستقبل وطن وليس قضايا اسرة او عائلة ..
(8) ومعروف ان نقد قد توفي في لندن بعد ان ذهب لها للعلاج، وكان قد سافر من قبل لكوبا للعلاج او كاد . والسؤال هنا كم من الشيوعيين البسطاء المرضى ، ذُهب بهم الى لندن طلبا للعلاج ؟ انا شخصيا اعرف عددا من الشيوعيين ومن افراد أسرهم ممن ماتوا في ريعان شبابهم، ولم يُذهب بهم للقاهرة ، ناهيك عن لندن للعلاج ، فما بالك تاخذ رجلا بلغ الثمانين لتعالجه في لندن ؟؟؟ وهل للهرم علاج ؟؟ لو ذهب نقد بامواله الخاصة او اموال اسرته فلا جناح في ذلك ، ولكن ان ذهب بأموال الحزب الشيوعي المجموعة من عضويته، فهذا انتهاك منه ومن القائمين على تلك الاموال لمبدأ تكافؤ الفرص والشفافية والمحاسبية في ادارة المال العام . وقد قال بعض الشيوعيون انهم قابلون لصرف اموالهم بهذا الشكل ، أي لعلاج نقد ، وقد قلت لهم انهم يمكن ان يتنازلوا عما يخصهم، ولكن الفرد لا يمكن ان يتنازل عن حق عام هو ملك للشعب ، خصوصا ان بعض اموال الحزب الشيوعي تأتي من المتعاطفين وليس الاعضاء فقط. مبدأ تكافؤ الفرص وعدم المحسوبية والتوزيع المنطقي للموارد الصغيرة هي من مبادئ الحق العام ، وهي ما يجب ان تحرص عليه الاحزاب، رغما عن عواطف عضويتها ، اذا ما اردنا بناء بديل معافي قائم على مبادئ الحقوق المتساوية والمحاسبية والعقلانية . الحزب الشيوعي السوفيتي صرف اموالا طائلة على علاج برجنيف وابقاءه على قيد الحياة ، بعد ان تجاوز الثمانين، وهي الاموال التي كان يمكن ان تعالج مئات ان لم نقل الاف من الشباب والاطفال المصابين بامراض خطيرة . الان علاج الدولة للبشير في الخارج يصب في نفس المجري السيء ، في وقت لا يجد فيه المواطن العادي الدواء في بلده، وهو أمر مرفوض تماما ...
(9) وقد قال البعض ان خروج الالاف في تشييع نقد انما هو اعتراف بدوره الايجابي، وقد رددت ان الشعب السوداني مسكين يتيم يبحث عن بطل في وسط هذا الحطام العظيم ، وهو شعب مغيب عن المعلومات للاسف ، ويمارس الشيوعيون وغيرهم عليه تجهيلا ممنهجا، لخلق الاصنام . عموما كنا قد كتبنا صديقي عثمان محمد صالح وشخصي مقال عن الظاهرة في وقته بعنوان ((تأملات في مراسم تشييع السيّد محمد إبراهيم نقد )) فليرجع له من يريد .
(10) وقد سأل السائل هل أرى للرجل فضلا ، و هل هدف لغير مصلحة هذا الوطن والشعب ، وأي فائدة جناها من الحياة بلا أسرة ولا ثروة ولا أبناء؟ وقد قلت اني لا ابخس الناس حقهم ، ,انه جاء في الاثر " ولا يجرمنكم شنان قوم الا تعدلوا" ، وانا احاول ان اتحرى العدالة ما وسعي ، ولكني للأسف لا اجد للرجل ايجابيات كثيرة بل اعتبره مثله مثل الترابي والصادق من الذين افسدوا الحياة السياسية السودانية ، ولو جمعت سيئاته الكثيرة مع حسناته القليلة المجهولة بالنسبة لي لمحقتها محقا .. بالقطع كتبه التوثيقية حول علاقات الرق وحول قضايا الارض لا باس بها ، ولكن كما يقول اهلنا القلم ما بيزيل بلم ولقد كتب الصادق اكثر منها وربما افضل ولكن ما الفائدة ؟؟ واقول ان هدف الرجل ربما لم يكن المال ، ولكن هدفه كان السلطة ولو في حزب صغير ، والدليل انه لم يتخل عنها حتى بعد ان بلغ ارذل العمر وبعد ان نخره المرض ، وهو في هذا ساهم في السنة السيئة لأبدية القيادات .. وأنا شخصيا لا اعتبره زاهدا فقد عاش بشكل مرفه على حساب الفقراء ، وقد حكى بنفسه كيف ان طعامه الفواكه والخضروات وكيف تأتيه الكتب من مشارق الارض ومغاربها، فوق ان امراضه تعالج في لندن وغيرها .. ولكن حتى لو كان زاهدا فهذا لا يغير من الامر شيئا ، وقديما قال الشاعر : وقد صبرت عن لذة العيش أنفس * وما صبرت عن لذة النهي والأمر!!
(11) فلترحمه السماء ان ارادت اما موقعه في تاريخ شعبنا السياسي فسلبي .
عادل عبد العاطي
|
|
|
|
|
|
|
|
|