|
تجارة صناعة علامة الصلاة على الوجه
|
كتب الاستاذ الطاهر ساتى الصحفى
مقطع فتاة الواتساب - أو هكذا أسمت الصحف حادثة اغتصاب شارك فيها بعض المراهقين - لايزال يشغل الناس والصحف..قبل أسابيع، عكست حكايات صديقنا وجدي الكردي مقاطع من حياة الناس، ظاهرها مضحك ومغزاها يبكيك دماً على ما آلت إليه أخلاق بعض الناس في بلادنا..فالصبيان بمقطع الواتساب اكتفوا باغتصاب تلك الفتاة، ولكن الشيوخ والشباب بمقاطع حكايات يغتصبون وطناً بكامل شعبه، وهذا أيضاً ما يجب أن يشغل أذهان الناس والصحف وكل السلطات..فللجرائم أيضاً قوائم تصنيف تتراوح ما بين (الخطيرة) و(الأخطر)..وفي تقديري، إن كانت جريمة مقطع الواتساب خطيرة، فإن جرائم مقاطع حكايات هي (الأخطر )..!! :: المقطع الأول، حسب خبر حكايات، يعكس تجارة رائجة بسوق ليبيا .. بنواة التمر، صناعة علامة الصلاة ونحت وجه الزبون بخمسة جنيهات، أو هكذا يحترفون الاحتيال، وهناك مراعاة للزبون الدائم بحيث يتم تخفيض سعر النحت في حال عودة الزبون لتجديد علامتها وتحديثها.. والزبائن، كما يصفهم مقطع الخبر، هم بعض ذوي اللحي الذين يتاجرون بالخلاوي والمساجد..أي من يمدون لك إيصال التبرع للخلوة والمسجد، فيهم من ترى أثر السجود على وجهه، بيد أن ذاك الأثر ( أثر النواة)..وكذلك، حسب مقطع الخبر المزعج، ينحت بعض الشباب جباههم بنواة التمر طمعاً في الوظائف ..علماً بأن تجارة صناعة هذه العلامة رائجة، ولها زبائن..!! :: والمقطع الآخر، بذات الصحيفة الاجتماعية، يعكس انتقال هذه الظاهرة من العاصمة إلى مدائن الولايات، ولكن بوسائل مختلفة ومواكبة للعولمة.. على سبيل المثال، بشندي، حاضرة نهر النيل، تقدم بعض استديوهات التصوير الفوتغرافي خدمات أخرى لبعض الشباب بجانب تصويرهم، ومن الخدمات رسم علامة صلاة مميزة - بالفوتوشوب - على صورهم الفوتغرافية، وذلك بغرض إرفاقها مع سيرتهم الذاتية ثم تقديمها إلى منافذ لجان الوظائف الشاغرة..وكذلك بعض السماسرة، كما يقول الخبر المحزن، يحرصون على نحت تلك العلامة على وجوههم، لتكسبهم الوقار عند تعاملهم مع مرافق الدولة ومؤسساتها..!! :: وراء كل جريمة دوافع ومناخات..فلنقل أن دوافع ومناخات الجريمة التي ارتكبها المراهقون بمقطع فتاة الواتساب هي عدم إتقان أسرهم تربيتهم ومراقبتهم وسوء سلوك فتاتهم، ولكن ماهي دوافع ومناخات جرائم الاحتيال التي يمارسها شيوخ وشباب (مقاطع حكايات)؟.. للأسف، مناخات النهج الحاكم التي يتنفسها المجتمع السوداني هي الدوافع التي دفعت شيوخ وشباب مقطع حكايات إلى نحت جباههم بالنواة ورسم علامات الصلاة بالفوتشوب على صورهم.. نعم، هم من الذين آمنوا بأن التنطع والاحتيال والنفاق حل محل الإيمان والكفاءة والنزاهة في تعامل مرافق الدولة ومؤسساتها مع الناس، ولذلك ( نافقوا، تنطعوا، احتالوا)، بالنواة والفوتشوب ..!! :: كم من ذوي العلامة المصنوعة في سوق ليبيا نجح في اغتصاب منابر الناس ومناصب دولتهم ووظائف مرافقها؟، وكم من ذوي العلامة المنحوتة بسوق ليبيا نجح في خداع مشاعر الناس واغتصابهم أموالهم بحيث لم تذهب الأموال إلى الخلاوي والمساجد؟، وكم من ذوي الصور الموسمة بعلامة الفوتشوب بشندي وغيرها نجحوا في شغل وظائف كانت بحاجة إلى المؤهل والكفاءة؟، ولماذا يساهم مناخ التنطع العام في ارتكاب مثل هذه الجرائم بدفع أفراد المجتمع إلى ( الاحتيال)..؟..فالقدوة في أي زمان ومكان - مسؤولاً كان أو نهجاً حاكماً- هي التي تغرس في نفوس المجتمع مقاصد الشرع وما في المقاصد من قيم العدل والرحمة والصدق والإخلاص، وليست من سلامة القدوة تعليم أفراد المجتمع (فنون الاحتيال)..!!
|
|
|
|
|
|
|
|
|