|
الحوار الوطني و الإنقسام القادم
|
منذ المفاصلة الشهيرة و الدكتور الترابي في صف اعداء الحكومة ان لم يكن اشدهم عداوة لها الامر الذي حفظ للمعارضة بعض التوازن الفكري ومنعها من ان تميل يسارا نفس الامر ينطبق على حزبي الامة و الإتحادي بقيادة زعيميهما الميرغني و الصادق المهدي رغم ان هذين الرجلين لم يكونوا بعيدين عن الحكومة بأي حال من الأحوال بل كانا مشاركين و مساهمين فيها خصوصا الحزب الاتحادي و دائما ما كانت احزاب اليسار شبه منعزلة عن بقية الاحزاب الإسلامية بإستثناء المؤتمر الشعبي الذي ظل مساهما في المعارضة بقوة بشقيها المدني و العسكري . اما الان و مع اطلاق المؤتمر الوطني لمبادرة الحوار الوطني نجد ان اكثر الاحزاب ترحيبا هي الاحزاب الإسلامية بينما ابدت احزاب اليسار الكثير من التحفظ و اعتقد ان الاختلاف الفكري بين احزاب المعارضة قد بدأ يظهر جليا في موقفها من الحوار الوطني كما ان للحركات المسلحة و خصوصا الحركة الشعبية قطاع الشمال تأثير كثير على احزاب اليسار في المعارضة وبينهما علاقات و مصالح و اتفاق في الفكر و التوجهات بينما تلتقي الاحزاب الإسلامية مع المؤتمر الوطني في توجهاته الفكرية . فقط اريد ان اسأل هل يمكن التعويل على احزاب المعارضة في تغليب المصالح القومية على المصالح الحزبية؟! . حزب المؤتمر الشعبي بقيادة دكتور الترابي اصبح قريبا جداً من الاتفاق مع المؤتمر الوطني ولا احسب ان دكتور الترابي كان ليقدم على الخطوات الاخيرة لولا انه وصل لتفاهمات وربما اتفاقات مع الحزب الحاكم وبالتالي يمكن القول ان احزاب المؤتمر الوطني و الشعبي و الاتحادي و الامة اصبحت في جهة واحدة وقريبا منهم حزب الاصلاح الان بقيادة دكتور غازي لكن هل ضمن دكتور الترابي القضايا القومية في حواره مع المؤتمر الوطني ام كانت اشواق الإسلاميين هي الغالبة؟! واذا رفضت احزاب اليسار الانضمام لهذه الدعوة للحوار هل بإمكانها ان تكون فاعلة في الساحة السياسية بدون الإسلاميين خصوصا ان التعويل على على المعارضة المسلحة سيصبح غير ذي جدوى اذا استطاع الدكتور الترابي جذب المعارضة المسلحة في دارفور او بعضها؟ و بأي لسان سوف تخاطب احزاب اليسار المواطن السوداني اذا تمايزت الصفوف بينها و بين الإسلاميين؟ و إذا قبلت هذه الاحزاب الإنضمام للحوار هل ستقبل بأجندة الاحزاب الإسلامية؟ حقيقة ارى انفصالاً و شيكاً جداً وسوف تكون احزاب اليسار هي الخاسرة فيه اذا تعاملت مع الموقف بنفس طريقتها الحالية ولكن هل ستقبل القوى الخارجية والتي تشكل ضغطا كبيرا على الحكومة الان بإتفاق اسلامي خالص يتخطى قوى اليسار و الحركات المسلحة؟ لا اعتقد ذلك فهذا اخر ما تتمناه هذه القوى وبالتالي فإن اتفاق كهذا لن يحل المشكلة الخارجية وان كان قد يخفف من الضغط على الحكومة من الداخل لذا ومن كل ما سبق فإن نجاح الحوار يتطلب مرونة كبيرة و تنازلات من كافة القوى للوصول لنقطة التقاء وحل وسط يحتوى الخلاف الفكري و لا يستبعده كما ان على احزاب المعارضة و الحركات المسلحة التنازل عن فكرة اقصاء حزب المؤتمر الوطني و الحكومة الحالية لانه طالما ظل حزب المؤتمر الوطني هو الممسك بزمام الإمور تظل فكرة اقصائه فكرة غير ممكنة والتمسك بهذا الامر سيطيل امد الازمة ولن يساهم في حلها . اخيرا لا اعتقد ان الازمة في السودان في سبيلها للإنفراج اذا استمرت المعطيات الحالية وما لم نشهد تنازلات من الجميع فإن المشكلة لن تحل بل قد نشهد المزيد من الانقسام لكن هذه المرة على اساس فكري .
|
|
|
|
|
|
|
|
|