|
الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي
|
لا ازعم الإحاطة بالامر بكافة جوانبه و لا أدعي أن ما سيقرأ في هذه المساهمة هو الحقيقة الأخيرة في الأمر لكنها كتابة تستهدف سبر اغوار الحقائق و تحاول ايجاد اجابات قاسية لأسئلة تنطرح في أذهان البعض في جو من الهلوسة و الإيهام. الدعارة واحدة من اقدم المهن الانسانية و لقد اسهمت الدعارة رغم قبحها كممارسة في فضح زيف الايديولوجيات و الافكار و المعتقدات التطهرية التي تحرم الزني لا بل تعاقب مرتكبيه بحكم القانون الإلهي . للدعارة جوهر طبقي ظاهر حتي لو تعامينا عنه، بمعني أن النساء و الفتيات المشتغلات بهذه المهنة هن في الحقيقة من اسفل السلم الطبقي، هن من ضمن مجموعات يقع عليها الغبن الاقتصادي و الثقافي و العرقي و يتجلي في ممارسة الدعارة استغلال الطبقات المتسيدة لمنابر السلطة نتيجة لتميزها الاقتصادي باحتكار وسائل الانتاج في القطاعين الخدمي و الانتاجي يتجلي استغلال تلك الطبقات لمن هم في اسفل السلم الطبقي و في قاع لجة المجتمع المبني علي الإستغلال عبر الدعارة او فكرة الاتجار بالجسد. يقع علي النساء قهر مركب بمعني ان المرأة بالإضافة لتهميشها الاقتصادي يقع عليها استبداد الرجل بحياتها و الرجل هنا هو الأب، الأخ و الزوج حتي. فاذا كانت المرأة علي سبيل المثال من ضحايا الاستعلاء العرقي للعرب المسلمين في السودان فهي بداخل مجموعتها الاجتماعية ضحية لتمييز سلبي نتيجة لأنها إمرأة. و لقد عبّر الوجدانُ الجمعي السوداني عن ذلك بعبارات مثل " العب ..عب! و المرا ..مرا" و هذا يعني أنه لا توجد ميّزة للمرأة في الطبقات السائدة و في الطبقات المستغلة علي حد السواء فهي في النهاية إمرأة " لو بقت فاس ما بتقطع الراس". مثلا لممارسة الدعارة، يجب ان يكون هنالك مكان بيت ، شقة أو فندق مثلاً هذا غير ما تستلزمه المهنة في هذه الايام من تلفونات او ربما كمبيوترات لاغراض الصيد من داخل مواقع التواصل الاجتماعي .و هذه المرافق مملوكة بشكل رئيسي لرجال بذلك يكون الرجال هم المستفيدون الأوائل من مهنة الدعارة. الرجال يدفعون من اجل الجنس و ربح هذه التجارة الاكبر يمضي لرجل آخر و المرأة في وسط هذين الطرفين منتهكة الجسد و مستغلة اقتصادياً. باستمرار هنالك "(.........)" او بلغة متحزلقة قوّاد. عندما كانت الدعارة مهنة معتبرة و معترف بوجودها في السودان و كانت الداعرات يعملن في تلك المهنة بموجب ترخيص صادر من السلطات البلدية او المحلية و تلتزم السلطات الصحية بمراجعة احوالهن الصحية و ضبطها لمنع انتشار الامراض المنتقلة جنسياً. الموظف البلدي رجل، مالك العقار رجل و الزبون الرئيسي رجل و حتي في شيل وجه القباحة تتم التضحية بكرامة المرأة فست البيت إمرأة " قديمة" من تجربتي في الجامعة كنت كغيري اعرف عن طالبات يمتهن الدعارة و كانت لنا بهن علاقات يحترم خلالها بعضنا بعضا و اذكر مرة ان قالت واحدة منهن لصديقي انها لن تضيع و قتها مع طالب! فهي لا تعاشر إلا السفراء و الوزراء و رجال الاعمال الأجانب و السودانيين.و لقد كانتتلك المجموعة من الداعرات من فتيات وسط السودان منهن من هي شايقية و منهن من هي جعلية و منهن النوبية الشمالية و كما يقال حينها كلهن كن من بنات الأصول!!!! تمشيا مع عقلية الاستعلاء العرقي السائدة ايام دراستنا في الجامعة و إلي اليوم و ربنا يرفع البلاء. و بالعودة لهذه المجموعة فلقد كن علي علاقات حميدة بزملائهن الطلاب و كن يَجُدَن في احيان كثيرة بكريم الشراب الاجنبي و السجائر الفاخر علي اصدقائهن من الطلاب. و لقد كن علي علاقات احترام باساتذتهن ! و احيانا علاقات حيب و الله المستعان.و بالمناسبة لمن يهمه الأمر فلقد تزوجن و انجبن و عمّرن بيوتهن بالصالحين و الصالحات من الفتيات و الاولاد و يا دار ما دخلك شر فكما هو معروف فالعز أهل من تلك الحكاية المختصرة نتعلم الآتي: اولا الدعارة خشم بيوت و من بين الداعرات عوام و خاصة. ثانيا :المجتمع لا يرذل الداعرات جميعا بنفس القسوة لأن بنت الأصول هي بنت اصول و لا تمارس الدعارة إلا مع عِلْيَة القوم و الصفوة الاقتصادية و السياسية من الرجال. اما داعرات قريعتي راحت فليس لهن غير مشاعر الحط و الارذال و امتهان الكرامة من الجميع حتي زبائنهن. جميعنا يعرف من أين تجيء الداعرات و من أي بيئة اجتماعية يصدرن و بنظرة فاحصة سنجد انهن من فئات اجتماعية وقع عليها ظلم و تمييز علي اساس اقتصادي و عرقي و ثقافي و ديني حتي. و ما يصح في الدعارة يصح أيضا في مهنة الخدمة المنزلية. و كانسان من القضارف فانا اعرف نتيجة للشبه الشديد بين قبائل حدودنا الشرقية مع قبائل غرب اثيوبيا او ارتيريا كان عدد من الداعرات من تلك القبائل يدعين انهن اثيوبيات او ارتيريات لتتنجين من نصال سيوف الأهل و العشيرة. فعندما يقال داعرة اثوبية فلا غرابة اما داعرة من تلك الفبائل المحددة فامر مختلف. يتعالي صياح و زعيق في المنبر احيانا حول هذا الأمر و يتم تبادل الأقوال غير المسئولة من اطراف المجادلات جميعاً و لم نقرأ تحليلا مهما للظاهرة انما هو تراشق بحجارة ثقافية مدجنة ليظل الجميع داخل بيت الثقافة السائدة مستمتعين بتميزهم الطبقي و العرقي. لأن الداعرات في حياتهن الطبيعية مازال يستحكم عليهن الخناق يوما بعد يوم و لا أحد يهتم بمخاطبة جذور المشكلة بالروح المطلوبة من الجدية و الحدب.
طه جعفر تورنتو اونتاريو كندا 13 ديسمبر 2013
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي | طه جعفر | 12-13-13, 03:23 PM |
Re: الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي | الامين موسى البشاري | 12-14-13, 02:17 AM |
Re: الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي | Tragie Mustafa | 12-14-13, 02:53 AM |
Re: الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي | Tragie Mustafa | 12-14-13, 03:02 AM |
Re: الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي | طه جعفر | 12-14-13, 03:00 AM |
Re: الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي | طه جعفر | 12-14-13, 05:32 AM |
Re: الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي | طه جعفر | 12-14-13, 05:46 AM |
Re: الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي | Tragie Mustafa | 12-14-13, 05:51 AM |
Re: الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي | عبدالحفيظ ابوسن | 12-14-13, 06:23 AM |
Re: الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي | طه جعفر | 12-16-13, 04:29 AM |
Re: الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي | طه جعفر | 12-16-13, 04:27 AM |
Re: الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي | الامين موسى البشاري | 12-14-13, 09:59 PM |
Re: الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي | طه جعفر | 12-15-13, 00:15 AM |
Re: الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي | طه جعفر | 12-16-13, 04:37 AM |
Re: الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي | HAIDER ALZAIN | 12-14-13, 08:46 AM |
Re: الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي | اسماعيل عبد الله محمد | 12-16-13, 08:46 AM |
Re: الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي | طه جعفر | 12-16-13, 11:42 PM |
Re: الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي | طه جعفر | 12-18-13, 03:51 AM |
Re: الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي | MAHJOOP ALI | 12-19-13, 06:33 AM |
Re: الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي | Adam Mousa | 12-19-13, 03:01 PM |
Re: الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي | طه جعفر | 12-22-13, 03:29 AM |
Re: الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي | طه جعفر | 12-22-13, 03:27 AM |
Re: الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي | HAIDER ALZAIN | 12-22-13, 09:45 AM |
Re: الدعارةُ في مخيلتنا! بين التحليلِ الطبقي و الإيهام القِيَمي | الصادق الخالدى | 12-22-13, 11:07 AM |
|
|
|