لماذا نصور؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-08-2024, 07:58 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-26-2013, 04:42 PM

Tagelsir Elmelik
<aTagelsir Elmelik
تاريخ التسجيل: 11-25-2004
مجموع المشاركات: 4028

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لماذا نصور؟

    554046_4811785774054_1099381653_n.jpg Hosting at Sudaneseonline.com




    ذات نهارصيفي في واشنطن دي سي، كنا في مهمة عمل، شخصي وزميلتي الأفروميريكية السيدة (ساندرا)، ساندرا إمرأة ساخرة حد المرارة، لا يعجبها العجب، ولا الصيام من اصله، في رجب أو في غير رجب، الشمس مشرقة، والسماء زرقاء كما تبدو في بطاقات البريد تماماً، والسحب منتقاة من مسلسل (السمسوناب)، بيضاء تبدو كالعهن المنفوش، والسواح من كل حدب وصوب أتو، ومن كل بلاد الدنيا، وكل الولايات، يذرعون ساحات (المول) طولاً وعرضاً، يتفحصون أحجار الطريق فكأنما يبحثون عن خاتم سليمان، يتجولون بين المتاحف، راجلين ومن على سطوح البصات ذوات الطابقين ناظرين، وفي داخل المتروباص المعدل الذي يمشي على إطارات مطاطية، مستسلمين إلى دراية السائق والدليل السياحي، وبين كل ذلك، الباعة الصامتون الجالسين داخل مقطورات بيضاء، تتفتح منها ابواب في كل جوانبها ترتفع إلى السماء، والمتشردون يسألونك في أدب، عن (الفكة) التي تقعد في قعرجيبك، فكأنهم يعرفونها وتعرفهم، وكأنك لن تحتاجها، آلات التصوير معلقة على رقاب تسعين بالمائة من القوم، عدا التلفونات وادوات تصوير اخري مما (يقول الشعراء)، وبين القوم نسبة عالية من المتقاعدين، أو ممن يطلق عليهم تأدباً إسم المواطن الكبير (ترجمة قوقل: سينيور سيتيزين)، رتبة تلحق على من تجاوز الستين، وهي رتبة طيبة، تعينك على شراء كثير من الأشياء باسعار مخفضة، أو أن تكون عسكرياً، فتصيب الفائدة ذاتها، إضافة إلى الإلكترونيات.
    ظلت السيدة ساندراترقب في اهتمام شديد وعجيب في الوقت ذاته، الرجال والنساء المتقدمين في العمر، وهم منشغلون بتصوير النصب، والآثار الأرضية التاريخية، والرموز الوطنية، ارصفة الآجر، وكلما يقع تحت
    طائلة أنظارهم، وحينما تملكني الفضول واستبد وطغي وتمادى على قدرة الصبر عندي، كان طبيعياً أن أسألها، الحكاية شنو؟ لعل شيئاً في الأمريبدو ولا يكون، أجابتني وهي تجذب نفساً عميقاً، ينفث سخطاً وتبرماً، وتبدت نظرتها الساخر وهي تمط شفتيها وتدور فمها، وصحبت كل تلك المظاهر (غزة الكيعان)، رمقتني في تحد وأجابت
    (الناس ديل بصورو في شنو، كلها سنة ولا سنتين ويموتو)!
    فلم أحر إجابة، فانتصرت، وبدا ذلك جلياً في بريق عينيها وابتدارها للسير بساقين معتدلين، على طريقة (مارش).
    فجر سؤال السيدة ساندرا في نفسي، احاجِ وأسئلة، قد تراود أي برهمي عتيق، انصب جلها حول كنه الحياة، وتقلصت كل تلك التساؤلات في نهاية اليوم، فتلخصت في سؤال وحيد، لماذا نصور؟
    وازداد عبء ضغط السؤال، خاصة وأن رياضة التصوير في السودان، فاقت كل رياضة شعبية عرفها شعبنا منذ اكتشاف لعبة (سكج بكج)، مروراً بغنيمة كرة القدم الاوربية، يهتم بممارستها كل من يحمل موبايلاً، وكل إنسان وله (حديدة)، وأحتفل الناس بهذه النزعة التصويرية، بجملة من تراث الحكومات البالي يقول منطوقها (تعالو نوثق)، ومن أجمل ما رأيت في شأن التوثيق، رسماً كاريكاتورياً لرجل يغرق ويموت، والناس منشغلين بتصوير الحدث، دون أن تمتد يد أحد منهم لإنقاذه، وفيديو لإمرأة سودانية تم جلدها على مرأى من الطائفة، فلم تفت شعوب العالم فرصة التلذذ بصراخها الذي شق عنان السماء.
    وقبل أن نلج وغي الإجابة على سؤالنا الرئيسي، أو حتى محاولة التحايل على مدواورته، فقد وجدت نفسي معتقلاً سياسياُ في ساحة التوثيق، وعز على أن افارقها، دون أن أعرج على قصة صديقي المفلس، والذي كان كلما ضاق به الحال، حكى قصة جده، بعد أن يسب سنسفيله، وكيف أنه كان يمتلك كل قطع الأراضي السودانية النادرة ... يقول (ياخي من سجن كوبر ده لغاية الباقير، كان حق جدي)، ثم يضيف (لكن للاسف قضاها شراب مريسة، ما وثق ليها)، وجاءت الحكومات المتعاقبة، فقالت (ورق توثيق مافي، أراضي مافي)، ومؤخراً وبعد ان تضاعف عدد المفلسين في الجمهورية التي لاتغرب عنها الشمس، حتى ينضج الخلق، تم تداول (الوهمة) بين الوف من الناس، فحازوا من الاراضي ما بدا لهم، ونامو في غرف ضيقة، أو تحت رحمة البعوض، والسيول، وهم يسبون الجدود ووطن الجدود، دون ادنى شعور بالذنب. وقد تعجبت في السابق كثيرا من عدم إهتمام عرسان دول العالم المتحضر، بتوثيق مناسبات الزواج عن طريق الفيديو، والإكتفاء عوضاً عن ذلك، بالصور الثابتة، حتى تزوجت وانقضت من عمرزواجي خمس سنين، فكان آخر ما أوده، مشاهدة تلك الحادثة موثقة على الفلم.
    أما نوع التوثيق الذي ظل يدهشني و يمتعني على مدى السنين، وبما أنني أعني كثيراً بالفن والفنانين، فقد كان طبيعياً أن يكون التوثيق لبعض عظماء قبيلة الغناء والموسيقي من المفضلين لدي، ولأن مثل هذا التوثيق غير متعارف في تلفزيوناتنا بسبب من احتلال رؤساءنا لكل المساحات، ومن بينها محاولاتهم الجمع بين العرضة والجبجبة والمون ووك، فقد اكتفيت بالغناء الغربي، فوجدت ارتالا من الوثائقيات المنفذة بعناية واحترافية، تتمحور كلها في تتبع بدايات الفنان، ونشأته، والظروف التي شكلت وصقلت موهبته، وقد يشترك الكثيرون، وخاصة السود، في المعاناة العنصرية والفقر المدقع، وقد تختلف الطرق والوسائل التي اتخذها اي منهم لاكتساب الشهرة، ويتم التوثيق عادة، بالإستعانة بأصدقاء ومعاصري وأفراد اسرة الفنان، وقدامى عازفين ومديري أعمال ومتنفذين في شركات التسجيلات، يدلون بشهاداتهم وذكرياتهم مع الفنان، إلا أن كل حلقات التوثيق، لم تغفل أن تتناول شيئاً مشتركاً واحداً، يجمع كل هؤلاء الفنانين، وهو جاذبيتهم الجنسية، يدلي بالشهادة دائماً وفي منتصف الحلقة تماماً، رجل مهردم الأسنان، مغبر فكأنما بعث لتوه من مقبرة، ودائماً ما تكون شهادته على هذا النحو: والله المرحوم النسوان كانو بجدعو لباساتن في المسرح لمن يظهر!
    تصورت في خاطري لو أن شيئاً من هذا يحدث عند توثيق سير فنانينا، خلف الله حمد وبقية العظماء الراحلين، فهززت رأسي عجباً، فمحاسن الموتى تختلف من بلد لآخر.
    عقد من الزمان مضي قبل أن اقترب من الإجابة على سؤال السيدة ساندران والذي بدا في لحظته مجيباً على نفسه من داخله، فهو إفتراض بعدم جدوى ممارسة التصوير، لقوم يعيشون آخر لحظات حياتهم، فكأنما الإستمتاع بمرأى تحولات الضوء، قصر على الذين يعيشون طويلاً، ولكن ما يدريك أن صبيا قد يموت قبل معمر بلغ الثمانين وما ابالك يسأم، عقد من الزمن مثل أطول فترة قضيتها في البحث عن إجابة لسؤال،
    ليس لصعوبة في السؤال، او لكسل عقلي يعتورتفكيري، ولا لأي ذريعة من ذرائع الشعور بعد أهميته، ولكن بسبب من أن حلول بعض المعضلات والقضايا، تحتاج إلى زمن طويل من الإختبار الحياتي (ودوننا تاريخ التطور البشري شاهداً على ذلك)، حتى الوصول إلى نتائج مقنعة بشأنها، ولأن بعض الاسئلة تأتي مشفرة بإجابات لا تكون حاسمة إن لم نقل مضللة.
    في العشر سنين التي مرت منذ أن القت السيدة ساندرا بسؤالها، تبين لي، أن للفن قدر تأهيلية، تتوفر لممارسه أولمتلقيه، بمتلازمة الشغف و الحضور، سواءً كان ذلك الفن سمعياً أم بصرياً، وأن إرتباط الإنسان بالحياة عبر آليات الفن المتعددة، يضيف بعداً مهماً إلى علاقته بالكون والكائنات، وقد يفسر جزءاً من كنه الوجود لا يتأتي لمن لم يخبر التجربة، ولمن لم يتوقف خلال مسيره في دروب الحياة، متأملاً الحركة المتجددة للكون من حوله، الشروق، الغروب، حركة السحب و تعدد تشكيلاتها، السحنات وتعابير الوجوه، المباني والشجر، وقد يسال متسائل: ما الذي يعني الإنسان من كل ذلك؟ أقول يعنيه وجوده المباشر وإحساسه بالإستمرارية، وإلهامه الإندغام في هذا الهيولي الذي هو الأبد والسرمد، وهذه منطقة تنتفي فيها فكرة العمر تماما، وتصبح عملية ممارسة الفن، أقرب إلى العبادة منها إلى ممارسة العلوم التطبيقية، أو (الكرافت)، ويصبح جلياً أن علاقة الإنسان بالأشياء من حوله، والتي قد تتغطى طبيعياً بغبار الرتابة، لا يجد معها الإنسان مناصاً، غيرالإقلاع عن الرؤية التي يمارسها من موقعه القديم، ومشاهدتها والتدقيق في تفاصيلها، بروح وموقف معاصر، فالحياة تتغير و تجدد من حولنا بشكل يدعو إلى الإعجاب، وقد لايكون أي زمن مناسب، مثل الذي يتاح لمعظم هولاء المتقاعدين، الذين استهلكتهم وظائفهم في الماضي، فلم تتوفر لهم ثانية يتيمة، لرؤية وردة واحدة تتفتح.

    عن سودانفوراول
                  

العنوان الكاتب Date
لماذا نصور؟ Tagelsir Elmelik11-26-13, 04:42 PM
  Re: لماذا نصور؟ حمد عبد الغفار عمر11-26-13, 05:25 PM
    Re: لماذا نصور؟ أيمن محمود11-26-13, 07:05 PM
      Re: لماذا نصور؟ طلحة عبدالله11-26-13, 07:45 PM
        Re: لماذا نصور؟ سامى عبد المطلب11-26-13, 09:46 PM
          Re: لماذا نصور؟ د.محمد حسن11-26-13, 10:49 PM
        Re: لماذا نصور؟ Tagelsir Elmelik11-27-13, 06:38 AM
      Re: لماذا نصور؟ Tagelsir Elmelik11-27-13, 06:17 AM
    Re: لماذا نصور؟ Tagelsir Elmelik11-27-13, 03:39 AM
      Re: لماذا نصور؟ Hussein Mallasi11-27-13, 11:10 AM
        Re: لماذا نصور؟ Tagelsir Elmelik11-28-13, 12:01 PM
          Re: لماذا نصور؟ Tagelsir Elmelik11-28-13, 12:07 PM
        Re: لماذا نصور؟ Tagelsir Elmelik11-28-13, 12:12 PM
          Re: لماذا نصور؟ Tagelsir Elmelik11-29-13, 03:48 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de