|
Re: تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد (Re: وليد زمبركس)
|
تابع للمقال
تاريخ ما أهمله التاريخ كأحد مصادر عوامل تفكيك السودان : انّ الصراع السياسى والإجتماعى فى السودان مابين "أولاد البحر" وأبناء "الغرب" كما درسناه فى مادة تاريخ السودان للجلوس لأمتحان الشهادة السودانية فى ذاك الوقت هو في الواقع صراع تاريخى وَصَل حَدّه الأقصي بعد تولّى الخليفة عبدالله التعايشى مقاليد الحكم بعد رحيل الأمام محمد أحمد المهدى. هذا الوضع، اي تولى أحد أبناء الغرب رئاسة السودان فى ذلك الوقت كان مفاجئا ولم يرضى العديد من قيادات المهدى المنحدرة من الأقليم الشمالى في ذاك الوقت، خاصة الخليفة شريف والذى لم يتعاون مع الخليفة عبد الله التعايشي فى ادارة دفة البلاد وإبعاد شبه الإستعمار. بل اكثر من ذلك تعاون بشكل كامل مع المستعمر الخارجى (الفتح الانجيليزي المصرى) والذى يٌعتبر بمعايير هذا الزمن بمثابة "الخيانة العظمى". وبتعبير ساخر وقاسي لايخلو من "الغرض أشار بروفيسر عبدالله عوض حمور في وصف ابطال معركة كررى فى دحر الإستعمار، بأنها كانت إنتحاراً جماعياً بشجاعة (أنظر الصحافة العدد 0203/1/16-6989 . نحن هنا لسنا بصدد أعادة كتابة التاريخ اومحاكمته، ولكن للأسف المؤرخين - سواء كان ذلك بقصد أو دونه لم يقوموا بتحليل هذا المنعطف التاريخى بشيئ من الموضوعية.
الأحداث التى تَلَت تعيين الامام المهدى خليفة له من أبناء الغرب في ذلك الوقت كانت ذات دلالة بالغة على طبيعة الصراع وهى نقطة فى غاية الأهمية تعكس ملامح الأزمة فى المجتمع ، فبالرغم من إنحدار الخليفة عبد الله التعايشي من قبيلة ذات أصول عربية، غير أن ذلك لم يكن كافيا بالنسبة لقبائل شمال السودان التى ناصبته العداء لأسباب عديدة كان أهمّها أنّ الخليفة ليس من أبناء البحر . وإذا نظرنا للإمام المهدى من منظور السياسة المعاصرة، نجد أنّه كان متقدما جدا فى الوعى السياسى، حيث أنّ عالم السياسة يملِى ضرورة أن يتقدم "الآخر". كل الكتابات أشارت إلى "دكتاتورية" الخليفة عبدالله التعايشى وسوء معاملته للخصوم ، ولكن لم تشر إلى السبب الذى دفع الخليفة عبد الله إلى هذا النوع من الحماقات. هل واجه الخليفة نوع من التمرد والعصيان المدنى؟ وعلى هذا الأساس صار من صدف التاريخ Accident of the history أن تتم قراءة تمرد أطراف السودان - خاصة غرب السودان فى مقابل هيمنة الشمال على الدولة على أساس هذا الصراع التاريخى بين أبناء الغرب والبحر. ولذلك فإن الجفوة الوجدانية بين أبناء النيل والغرب هى جفوة ذات جذور عميقة مرتبطة بتكون الدولة السودانية. هذه الهيمنة اليوم معبّراً عنها بالعديد من الإسقاطات النفسية التاريخية. وعلى هذا الأساس وخلال فترات الحكم السابقة في السودان كان هنالك نوع من السيطرة الضمنية الغير معلنة ولكنها واضحة المعالم - خاصة على مؤسسات الخدمة المدنية والمؤسسات العامة، فالخدمة المدنية يجب أن تكون المرآة التى تعكس تعدد الجماعات والهويّات. وهنا يجب أن نشير إلى أنه وبالرغم من تعقيدات النظام اللبنانى المبنى على أسس طائفية، إلا أنه يضمن نوع من التوزيع العادل Equitable لمراكز القوة بين الطوائف من خلال تمثيل جميع الطوائف فى المواقع المهمة. هذا الاعتراف الصريح بالمكونات الاثتية للمجتمع ساعد الصومال الاّن أن يخطو خطوه كبيرة نحو الإستقرار السياسي بتضمين المحاصصة القبلية في الدستور بشكل يضمن مشاركة الجميع. ذهاب جنوب السودان أوضح بصورة غير قابلة للشك أن الدين والأيدلوجيا لم يكونا وحدهما أسباب الإختلاف والفرقة – بل إنّ العِرق هو الذى فرق بين السودانيين و انعكس ذلك بصورة واضحة فى ممارسات النظام السياسى القائم الذى يدّعِى المرافعة عن الأسلام – دين مكارم الأخلاق – فى سقوط أخلاقى لم يسبقه مثيل بشهادة قادته.!! فإذا لم نستطع إدارة الإختلاف على أساس العرق فى بنية مؤسسات الدولة كما هو الوضع الآن، فإنّ التشظّى قائماً لا محالة، و مهما إجتهدنا فى كبح جماح العوامل المؤدية إلى ذلك، فإنها فقط مسكنات مؤقتة. هذا الإختلاف قد حرّض "التيمور " ضد القومية الأندوسية، وكذلك الرقص على الموت بين "الهوتو والتوتسي" فى رواندا، والتقسيم على أساس العرق فى يوغوسلافيا السابقة.
بحكم معرفتى بالشأن الصومالى من خلال العمل، أتضح لى بما لا يدع مجالاً للشك أن الدين واللغة غير كافيين لتشكيل (هوية) أو (قومية) لأى دولة. حتى فى ظل الجماعات المنحدرة من نفس العرق. ولذلك نخشى ما أشار إليه فهمى هويدى وهو كاتب اسلامي بارز تخوّف من أن يصبح شعار الأسلام هو "الحل" فى (دول الربيع العربى) في نهاية المطاف الي "مشكلة" و ذلك من خلال إستخدامه للإبتزاز وتمرير الأجندة السياسية وإستبعاد الآخرين.
إذن التحدى القائم الآن هو كيفية إدارة البنية الإجتماعية وعلاقتنا المثلى بالآخر داخل السودان وفى نفس الوقت بناء دولة المواطنة الشاملة، والأهم من ذلك توافق السياسيين من خلال الإعتراف بأن الأزمة أزمة شاملة. ولا بد من مخاطبة قضايا الإندماج الإجتماعى وحل الصراعات عن طريق التفاوض والتوافق الوطنى ولكن دون حلول جزئية، لأنها ستساهم فى تعميق الأزمة والتى لاحقاً ستصل إلى التجزئة لأنها الحل الذى سيكون أكثر جاذبية للمهمّشين “Partition is a Solution” و ذلك حتمًا سيؤدّى إلى تفكيك للسودان.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد | وليد زمبركس | 11-09-13, 06:10 AM |
Re: تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد | وليد زمبركس | 11-09-13, 06:16 AM |
Re: تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد | وليد زمبركس | 11-09-13, 06:31 AM |
Re: تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد | وليد زمبركس | 11-09-13, 07:28 AM |
Re: تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد | مجاهد علي الحسن | 11-09-13, 09:15 AM |
Re: تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد | باسط المكي | 11-09-13, 11:50 AM |
Re: تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد | وليد زمبركس | 11-09-13, 12:44 PM |
Re: تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد | hafiz Issue | 11-09-13, 12:45 PM |
Re: تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد | وليد زمبركس | 11-09-13, 02:24 PM |
Re: تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد | وليد زمبركس | 11-09-13, 01:53 PM |
Re: تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد | وليد زمبركس | 11-09-13, 01:30 PM |
Re: تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد | وليد زمبركس | 11-09-13, 02:58 PM |
Re: تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد | وليد زمبركس | 11-09-13, 03:07 PM |
Re: تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد | صلاح عباس فقير | 11-09-13, 06:42 PM |
Re: تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد | وليد زمبركس | 11-10-13, 01:58 AM |
Re: تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد | وليد زمبركس | 11-10-13, 02:02 AM |
Re: تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد | Moutassim Elharith | 11-10-13, 03:28 AM |
Re: تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد | وليد زمبركس | 11-12-13, 07:58 AM |
Re: تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد | وليد زمبركس | 11-12-13, 08:01 AM |
Re: تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد | وليد زمبركس | 11-12-13, 08:04 AM |
Re: تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد | وليد زمبركس | 11-12-13, 08:12 AM |
Re: تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد | علي دفع الله | 11-12-13, 11:50 AM |
Re: تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد | وليد زمبركس | 11-12-13, 04:15 PM |
Re: تصدّع البنية الإجتماعية فى السودان _ مقال للنقاش . د سيف الدين داؤد | وليد زمبركس | 11-12-13, 04:29 PM |
|
|
|