حول كتاب كريم مروة : (نحو نهضة جديدة لليسار في العالم العربي) .. فيصل دراج

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-30-2024, 11:49 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-05-2013, 01:08 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حول كتاب كريم مروة : (نحو نهضة جديدة لليسار في العالم العربي) .. فيصل دراج


    ما الذي أراد كريم مروّة قوله في كتابه الجديد: «نحو نهضة جديدة لليسار العربي»؟ قد يأتي الجواب من الكتاب لكنه يأتي، أولاً من وظيفة الكتابة عند قائد سياسي أراد أن يكون «مثقفاً فاعلاً»، مؤمناً بأن «الكتابة الملتزمة» تبني المجتمع من جديد، أو تصدّ عنه الهدم الذي يقع عليه. فمنذ منتصف سبعينات القرن الماضي، بدأ كريم الكتابة عن «أزمة حركة التحرر العربية» وحاول، بعد عقد من الزمن، أن يعقد حواراً بين «الدين والإيديولوجيات»، وأن يعطي قولاً في قضايا (المسألة الفلسطينية…) وسواء كتب أو لم يكتب، فقد ذهب التاريخ في الاتجاه الذي أراده: هزمت الأزمة المأزومين وحررتهم من التزامات لا يستطيعون القيام بها، واعتصم (الاتجاه الديني) بانتصاره، وذهبت المسألة الفلسطينية إلى حيث عليها أن تذهب، رغم بلاغة قديمة ومقاتلين جدد.
    ترجم الفرق بين غايات الكتابة المستمرة وحركة الواقع العنيد إيمانية، لها شكل العادة، أملت على «الكاتب الملتزم» أن يتمسك بحقيقته، وأن لا يقيم وزناً للهزيمة أو الانتصار. وعن هذه الإيمانية المتوارثة، التي تنسب إلى الكتابة واجباً لا يمكن التحرر منه، صدر كتاب كريم الجديد، الذي هو كتابة جديدة لأحلام قديمة. بيد أن ما يجعل الكتاب جديراً بالقراءة، لا يعود إلى إيمانيّته، فالإيمان الراضي عن أحواله منتشر في كل مكان، بل إلى ارتباك يثير الفضول: فالكاتب بلغ الثمانين، وكتب في موضوعه غير مرة، وينشر خطاباً تبشيرياً له بعد جماعي، ويلتزم بفكر كان يدعي احتكار الحقيقة، ذات يوم. يعبّر الارتباك عن فكر قلق وعن نظر يساري انتهى ولا يعرف كيف يبدأ، وعن يسار قديم وقع عليه التعب والاغتراب. لذا يشكّل كتاب كريم مروة الجديد وثيقة يسارية عن يسار مرهق مغترب، أضاع جوهره ويبحث عنه، أو أضاعه ولم ينتبه إلى ضياعه.
    كيف يتكشف الارتباك في كتاب مروّة؟ يتكشّف، أولاً، في محاولة كسر قاعدة قديمة، سارت بين الإنسان النموذجي وثبات العقيدة. قال جوزيف ستالين مرة: «لا يمكن تغيير إنسان جاوز الأربعين إلا إذا كسرته». يواجه القول كريم بصعوبتين: فقد بلغ الثمانين وعليه أن يُكسر مرتين، وأن يظل موحداً رغم الكسر المزدوج، فهو يذكر اسم ماركس أكثر من مرة، ويعود أكثر من مرة إلى ماضيه، ويريد في الحالين أن يبقى (يسارياً). يتجلّى درس كريم في المحاولة الصعبة التي تريد أن تحتفظ بالمكسور موحداً، وأن تجمع بين زمن سياسي قديم واضح الصفات رحل وزمن جدير سياسي لا تزال ملامحه غائبة. وعلى الرغم من الجهد المبذول، في مصالحة التناقضات، لا يصل كريم إلى ما يريد الوصول إليه، فلا هو بالستاليني القديم ولا بالماركسي الجديد، بل في موقع ثالث غائم الحدود يدعوه: اليسار. يعطي هذا الضياع، المختار حيناً والإلزامي حيناً، للكتاب أهميته، ويعيّنه وثيقة يسارية، بالمعنى الإيجابي للكلمة، لأن فيه ما يعترف بأولوية الحياة على النظرية، وما يرفض التصور الماركسي الديني، الذي يقول بصحة الأفكار وخطأ التطبيق، كما لو كان الماركسيون لا يعبّرون عن «الماركسية»، أو كما لو كانت هذه الأخيرة «روحاً نقية»، لا يحسن التعامل معها إلا الأنقياء. لم يشأ كريم مروة أن يكون نقياً يفصل بين النظرية والحياة، وبين الأفكار واختبار الأفكار، منتهياً إلى: فضيلة الارتباك، أي إلى فكر نقدي يدرك أن حل القضايا يأتي خلال البحث عن حلها ولا يوجد جاهزاً في كتاب، أو لدى (مرجع يساري “قادر على الفتوى”).
    الدعوة إلى اليسار في زمن منهار
    يرتبك الفكر النقدي وهو يسائل تاريخه ويرتبك أكثر وهو يقرأ المستجدات، التي لم يعرفها زمن اليقين: ما إمكانية العمل السياسي في مجتمع طبقي انطفأ فيه صراع الطبقات؟ وما شكل العمل الإيديولوجي في مجتمع عربي أصبحت «تليفزيوناته» مصدراً لخليط من الفتاوى الدينية؟ وما أشكال التعامل مع «طبقة كادحة» تطمئن إلى فكر إيماني يستعيض عن «الطبقة» بالجماعة؟ وما معنى عروبة فلسطين حين يصبح الشأن الفلسطيني فلسطينياً، مع استثناءات محدودة (الموقف السوري والمقاومة اللبنانية)؟ ليس الارتباك، الذي يخترق خطاب مروة إلا الفرق بين الاستعمال القديم للمفاهيم النظرية والمستجدات القائمة، التي تطالب بتصورات جديدة، أو باستعمال جديد لصيغ نظرية سابقة. لا يترجم الموقف استهانة بعادات نظرية متقادمة، بل الاعتراف بأولوية الواقع على الفكر، ذلك أن فضائل الإيديولوجيات من آثارها العملية، وأن الاعتراف بالأزمة، بصيغة الجمع، مدخل محتمل إلى تجاوزها.
    يرتبك كريم مروة وهو يعالج ذاتاً منكسرة، تريد أن تبقى موحدة، ذاهباً إلى ارتباك آخر عنوانه: اليسار. ولكن ما هو هذا اليسار المشتهى، إن كان موجوداً، وما تعريف اليسار المشتهى اليوم، إن كان محتملاً؟ يأتي الجواب من الماضي، ولا يأتي واضحاً، لأن جميع الأحزاب السياسية الأساسية، في زمن غير هذا، كانت يسارية: الشيوعيون وتحرير المجتمع، البعثيون والمناداة بالحرية والقوميون العرب وإعلاء القومية فوق الطوائف والمعتقدات الدينية، والقوميون السوريون والمناداة بتساوي المرأة والرجل والليبراليون المؤمنون بالبرلمان والانتخابات… ولهذا يبدو المجتمع العربي، منذ مطلع القرن العشرين إلى نهاية ستينياته، في أجزاء كثيرة منه، «مجتمعاً يسارياً». فما هو القاسم المشترك بين النزوعات الحزبية المشار إليها، وما هو اليساري منها، وغير اليساري، من وجهة نظر الحاضر القائم؟ وما تبقى منها، بالمعنى العملي، اليوم، تمتعت بيسارية كاملة أم مجزوءة؟ يطرح كريم مروة بديلاً يسارياً، دون أن يعرّف اليسار حالماً بشيء من الماضي وحالماً أكثر بحاضر يوحد ما كان منقسماً في الماضي.
    تحمل كلمة اليسار، في الخطاب المرتبك دلالات كثيرة: فهي مفهوم نظري لموضوع لا وجود له، «عليه أن يتكوّن»، وانتقال من قديم إلى جديد عن طريق السلب، يعرف ما تركه (مَن لم يسمع بالمركزية الديمقراطية وصراع الطبقات والنزعات التحريضية؟)، ولا يعرف ما يذهب إليه، وهي تمسك بهوية تدافع عنها أطراف محاصرة. ولعل هذا الحصار، الذي يتأمله كريم بصدق لا صراخ فيه، هو الذي جزأ اليسار المجزأ، وترك له اليوم هوية شكلانية: اليساري هو الذي يندّد ب»الأخطار الخارجية» ويحاذر الحديث عن «الأخطار الداخلية»، أو الذي يفاضل بين «تسامح السلطة» واستبداد «البدائل المطروحة»، أو ذاك الذي يذكر «أمراض المجتمع» ولا يحدّد أسبابها وصولاً إلى يساريين متسقين يستأنفون ما كانوا عليه. يكتفي كريم بطرح «فكرة تبحث عن اتجاه»، ويستنهض أنصار الاتجاه، كي يعطوا الفكرة ملامح تتجاوز الفكرة، وهو في الحالات جميعاً يعطي صياغة جديدة لأحلام قديمة، ولا يخشى الارتباك.
    يرتبك كريم في علاقته بذاته، وفي علاقته بموضوع شعاره، وفي الوسائل المقترحة، القريبة من ليبرالية يسارية، أو يسار ليبرالي، أو من شيء ثالث يحتاج إلى اسم جديد. فهو يطرح، في كتابه مقولات متتابعة، يكمل بعضها بعضاً تفضي في تكاملها، إذا تحققت، إلى نهضة اليسار. غير أن المقولات، في تعدادها وتصنيفها، تسمح، في حال تحققها، بنهضة الليبرالية لا بنهضة اليسار. ذلك أن الليبرالية تقول بحقوق المواطنة والمجتمع المدني ودولة القانون، وتقول، في اللحظة عينها، بالفردية والتنافس الفردي وبأولوية الفردي على الجماعي وبحرية السوق، ولا تكترث كثيراً بالعدالة الاجتماعية… هل المطلوب ليبرالية تأخذ صفة اليسار، أو يسار يستعير هوية ليبرالية؟
    يواجه كريم مروة الخلط بين تصورين مختلفين مستعيناً بشعار الاشتراكية. لكن الشعار يواجهه بإشكالين جديدين: نسيان معنى «التطبيق الاشتراكي: في الماضي القريب، والوقوع في العمومية السياسية التي تبسط معنى الاشتراكية وتجعل منها هدفاً مستقلاً مكتفياً بذاته. ليست الاشتراكية في تطبيقها العربي القريب، على الأقل، إلا شعاراً إيديولوجياً سلطوياً، يبرّر قمع المجتمع لحساب نخبة حاكمة، وممارسة بيروقراطية، لا إشراف عليها، أفضت إلى توليد «رأسمالية متوحشة» جديدة. وما قطاعها «العام»، الذي اختصرت فيه كلمة الاشتراكية، إلا قطاع سلطوي خاص، أمّن للنخبة الحاكمة الجمع بين القرارين الاقتصادي والسياسي معاً.
    إذا كانت السعادة هي تبصّر الحقيقة، كما يقال، فإن الاشتراكية، المشار إليها، تلغي السعادة وتنتهك الحقيقة. لا يعترف اليسار، بالمعنى الحقيقي، بالاشتراكية، بل بالممارسات السياسية، التي تحرّر الإنسان وهو ذاهب إلى تحرّره، وتقترح ما يحتاج الإنسان إليه، من حيث هو ذلك «اللامتوقع»، الذي يجعله الكفاح الإنساني ممكناً. وبسبب ذلك تبدو كلمة الاشتراكية غير ضرورية، وغير ضرورية على الإطلاق، لأن فيها ما يضع للفعل الإنساني سقفاً، وما يحاصر كفاح الإنسان الذي يريد أن يكسر الحصار. فالإنسان المتمرد يصنع ما أتاح له تمرده أن يصنعه، تاركاً التسميات الجاهزة جانباً، اشتراكية كانت أو غير ذلك.
    وقع كريم على فتنة التسمية، وهو ينطلق من عمومية سياسية ليبرالية، تقول بتحرر المجتمع، علماً أن المجتمع المتحرر لا وجود له، فهناك أفراد متحررون لا غير، وأن السياسة العامة لا وجود لها أيضاً، فهناك سياسة خاصة بكل موقع من المواقع الاجتماعية: سياسة خاصة بالطلبة «اليساريين»، وهم يقاتلون من أجل حقوق متساوية في تعليم وطني، وسياسة خاصة ب»العمّال»، وهم يطالبون برفع الأجور وتحسين شروط العمل، وسياسة خاصة بالشأن الديني، تميّز بين الفقر الحقيقي وحلوله الوهمية… لا وجود لسياسة عامة إلا في وعي براغماتي يعترف بالظواهر الاجتماعية ويمحوها، ويفصل بين البشر وقضاياهم، محيلاً القضايا جميعاً على «نخبة متعالية»، تقرر المقبول والمرفوض.
    إذا كان في الخطاب اليساري، لزوماً، مكان للمواطنة والديمقراطية والمجتمع المدني وما يشتق منه، فإن ما يميزه من الخطاب الليبرالي هو السياسات المشخصة المتميزة التي تجعل هذه المقولات ممكنة. فلا لغز في معنى المجتمع المدني، ولا جديد في تعداد حقوق المواطنة الاقتصادية والسياسية والثقافية، ولا شيء يرتجى من تصنيف الأسباب التي تضطهد الفلسطينيين وحقوقهم، لأن السؤال، كل السؤال، في أشكال الفعل السياسي الموائمة، التي تحقق ما هو ليبرالي وتنقده، وتنفتح على سياسية وآفاق يسارية، أو ما يشبهها.
    على الرغم من النقد الذي يمكن أن يوجّه إلى كتاب كريم مروة، فإن هذا النقد يصبح مصطنعاً، إن أخذ بمبدأ العلاقة بين النص والسياق، كما يقول العاملون في النظرية الأدبية. فكما أن قراءة «ماركسية» فرح أنطون على ضوء ماركسية مهدي عامل لا تفضي إلى شيء، فإن قراءة فكر كريم مروة على ضوء «الماركسية المدرسية» لا تؤدي إلى شيء كثير. فالمسألة ليست في قبول أفكار المجتمع الليبرالي أو رفضها، بل في المطالبة ب»حداثة سياسية» في مجتمع عربي معادٍ للحداثة. فالمجتمع الأول، القائل بالفردية والتنافس الفردي، مجتمع أنجزت حداثته، ولو بشكل منقوص، على خلاف مجتمع عربي تقليدي، ألغى السياسة، التي هي مقدمة ضرورية للحداثة الاجتماعية. ولهذا يبقى ما يطرحه كريم مروة مشروعاً وتحريضياً: مشروعاً وهو يدعو إلى حداثة اجتماعية، وتحريضياً، لأن مؤلف الكتاب يدعو إلى «اتجاه جماعي»، ويدعو أنصاره إلى تجسير المسافة المرغوبة.
    تأتي أهمية كتاب كريم عن «فوضى الأسئلة»، التي لا يسمح السياق اليساري الراهن بتنظيمها، بسبب تأخر تاريخي يوزع القضايا الراهنة والفكر اليساري الراهن على زمنين مختلفين: رحل أحدهما ولم يتبلّور ثانيهما. وما دعوة كريم، المربكة المرتبكة، إلا دعوة إلى إقامة علاقة نقدية بين الفكر والواقع، يصبح فيها الفكر غير ما كان، لأن القائم منقطع عما كان.
    دعوة غير شكلانية في منظور شكلاني
                  

العنوان الكاتب Date
حول كتاب كريم مروة : (نحو نهضة جديدة لليسار في العالم العربي) .. فيصل دراج Sabri Elshareef11-05-13, 01:08 AM
  Re: حول كتاب كريم مروة : (نحو نهضة جديدة لليسار في العالم العربي) .. فيصل دراج Sabri Elshareef11-05-13, 01:10 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de