|
Re: الحجر الذي أباه البناؤون. (Re: مازن صلاح الأمير)
|
في شأن النضال المسلح :-
في حقيقة الأمر فإن القوى الشبابية ستواجه معوقات و مواقف صعبة كثيرة جداً قد تحد أو تحدد من أفق تحركها السياسي ، فمثلا الموقف من النضال المسلح بالنسبة للقوى السلمية لا أظن أنه موضع إتاحة كاملة و إلا لكانت إنخرطت فيه مباشرة ، ولكن لأن النقد أو التصفيق للنضال المسلح في السودان لن يعد أمراً مؤثرا فالحركات المسلحة ليست قيد التخلق لتأثر فيها بيانات شجب أو ترفعها هتافات دعم ، الحركة المسلحة أقدم و أعرق من كل الحركات الشبابية ولها تحركات ملموسة على أرض الواقع ، المعضلة تكمن لا في إفراط الحركات الشبابية في سلميتها بل في طبيعة تحليلها للصراع في السودان ، الحركات المسلحة ليست نبتاً شيطانيا بل هي نتاج لوقوع مناطق بأسرها تحت مدى مدفعية النظام و براميل طائراته و لديها كامل الحق في الدفاع عن نفسها و من يمثلونها دفاعا كاملا يقضي حتى بتوجيه بنادق مضادة لمن يقاتلونهم ، و هذه الحركات المسلحة يجمعها بالقوى الشبابية تحالفان تكتيكي و إستراتيجي ، التكتيكي هو تكامل العمليتين و أساليب النضال للعمل على إسقاط النظام و الإستراتيجي هو تصديهما معا لمهمة بناء دولة أنهكتها الحروب و مزقتها النزاعات ، فالحركات الشبابية عليها و للإيجابية أن تحفظ حق الحركات المسلحات في النضال المسلح ، هذا غير أن هذه الحركات المسلحة بما توفره من إجهاد و إنهاك لآلة النظام العسكرية يعتبر أمرا جيدا للجميع ، فحتى النضال السلمي و التظاهر لن يسلم من رصاص النظام وهذا أمر حدث فعليا في هبة سبتمبر المجيدة ، لكن حينما تشتعل الجبهتين العسكرية و الجماهيرية في وجه النظام سيكون النظام مشتتاً بين أن يقمع الداخل السلمي و يصد العسكري الزاحف و في كلتا الحالتين ستسهل تزامن و تنسيق الجهود لتقليل فترة مقاومة النظام للسقوط لأقل فترة ممكنة .
و الأمر الآخر الذي ينطلي فعليا على الشارع و من التجربة التي إستقيناها من يونيو/ يوليو 2012 و سبتمبر المنصرم ، إبان توقيت الهبة الشعبية ضد الغلاء و سياسات النظام ، إفتقد الشارع جديا للطليعة أو المنسق أو المنظم (سمها ما شئت) ، فقد كان الحراك عفويا و حتى عندما إتسعت رقعته لم يكن بمقدور أحد توجيهه للإستفادة الكاملة منه ، وحدة الحركات الشبابية و الطلابية يوفر بطبيعة الحال منظومة تمتلك الحد الأدنى من التنظيم الهيكلي بما يساعد قطعا في صناعة تكتيك يتم إنفاذه بسلاسة غير معهودة و هذا ككل يصب في مصلة إيجابية الحراك المستقبلي و يقلل من الهدر الزمني و المجهودي . و بالعود إلى الحركات المسلحة من الجيد أن نتحدث عن سبب وجودها و عن السبب الآخر الذي يدعو النظام للإستماتة في مجابهتها و الحد من طموحها الثوري ، النظام و مع الأخذ بأنه نظام محاصر إقليميا و مخنوق داخليا فمن الضروري بالنسبة له أن يستميت في الدفاع عن نفسه و يعزز كل الآليات التي تضمن بقاءه على مستوى قياداته كأفراد ، ببناء تحالفات كان سمة البعض منها إستراتيجي مع أنها تعوق تحركات النظام الأخرى ، فالتحالف الذي شيدته الجبهة الإسلامية منذ أزمنة ( إيران في كل مكان ) و محاولات تلقف شعارات تصدير الثورة الإسلامية للعالم ، أصبح يصب في مصلحة النظام الحالي من حيث أن الآلة العسكرية للنظام التي تتقوى بها داخليا فقط هي إحدى الأجهزة العتيدة للنظام ، الضامنة لمقاومته لبعض الوقت ، لكن النظام أغفل تماما في غمرة إشعاله للجبهات الداخلية بالحروبات و الإستناد العسكري على إيران الأهمية المحورية لدول الخليج التي هي رافض أساسي لكل التحركات الإيرانية في المنطقة ، أغفل أهميتها في الإقتصاد السوداني و الدفع بعجلته ، و بطبيعة الحال ليس موضع إستغراب هذا الأمر ، فالجبهة الإسلامية منذ صعودها على دبابة فجر الثلاثين من يونيو كانت و لا تزال حكومة لنهب مقدرات الشعب السوداني و الإستيلاء عليها ، و حتى مسألة الحروبات المستمرة و المكرورة هي إنعكاس طبيعي في صفحة ماء الشعب السوداني لنمط تفكير الجبهة الإسلامية الأحادي الديكتاتوري .
صيد الجثامين أم الصيد الثمين ؟:
ختما ً و بالتعريج على الحراك الذي حدث مؤخرا في السودان فقد كان من مظاهر التظاهر المعقب للهبة أن إستمرت بعض المناطق في التظاهر بعد موات معظم المدن و خمولها ، و كما هو معروف لديكم فإن ما حدى بهذه المناطق أن تلتهب في وجه النظام أنها فقدت شهداء من نفس المناطق ، في حقيقة الأمر ما أصابني بموجة عاتية من الإحباط هو أننا أصبحنا نتعامل مع مسألة شهدائنا بطريقة (عشائرية) ، فلماذا لم تتحرك المنطقة الفلانية و تعتصم لأجل من مات بعيدا عنها ، و لماذا صمتت الخرطوم و أزيز الأنتونوف يشق صمت الجبال القصية ، هل أصبحنا كقصة النار في عقر دارك يا جحا ؟!! ، و عموما فإن الدرس المستفاد أن دعاوي العنصريين قد تضعضت مع أول إختبار جدي للنظام الإسلاموي داخل الخرطوم ، فرصاصه لا يعرف من أين أتيت بل يعرف أن يفنيك فقط إن أنت صرحت بعداوة النظام و ناديت بسقوطه .. و سيسقط..
|
|
|
|
|
|
|
|
|