الكيزان الجنوبين يطالبون باعتماد العربية فى الدستور

Quote: دينقديت ايـوكــ كنتُ أستمع لنشرة الأخبار في إذاعة مرايا أف أم صبيحة الأمس، ولفت انتباهي في النشرة خبر يقول أن رجال الدين الإسلامي والمسيحي التقوا رئيس المفوضية القومية لمراجعة الدستور البروفيسور أكولدا مان تيار، وتقدم كل طرف بمطالب للمفوضية. بحسب الخبر، طالب الجانب الإسلامي المفوضية بإدخال اللغة العربية إلى الدستور لأنها لغة العبادة بالنسبة للمسلمين بالإضافة إلى تمثيل المسلمين في الحكومة، فيما طالب الجانب المسيحي بإدخال الديانة المسيحية إلى المنهج التعليمي.فكرتُ فيما دفع رجال الدين المسيحي والإسلامي حتى أقدموا على تلك الخطوة والإسراع إلى المفوضية وتقديم مطالب لتضمينها في الدستور، ولم أجد مبرراً معقولاً. هذا ليس استخفافا بعقول هؤلاء الرجال الأكارم، لكني أقول هذا الكلام بمنطلق ثوابت تعلمناها من الحزب الحاكم في عهده الزاهي الزاهر (الفترة ما قبل اتفاقية السلام). أتحدث من منطلق العلمانية التي طرحتها الحركة الشعبية. إن كان الدافع وراء خطوة رجال الدين تلك هو ما يقال هذه الأيام حول ضرورة تضمين آراء كل الفئات في الدستور، فهذا تضارب مع مبدأ فصل الدين عن السياسة الذي تمسكت به الحركة الشعبية لتحرير السودان. هناك من يقول أن العلمانية كان طرحا تكتيكياً مرحلياً من القائد التاريخي للحركة الشعبية الراحل جون قرنق للضغط على النظام في الخرطوم للتخلي عن التمسك بالدين في السياسة، وإذا رفضه سيكون حق تقرير المصير خياراً استراتيجياً لصالح شعب جنوب السودان، لكني أرى أن طرح قرنق للعلمانية كان طرحاً يأتي من المبدأ ومن الفلسفة التي بنيت عليها الحركة الشعبية فكرياً. الدستور الانتقالي يقول أن المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات، وهذا هو الأساس الذي بنيت عليه هذه الدولة، لأن المواطنة هي مقياس الحصول على الحقوق والواجبات، لكن ما يحدث في هذه الدولة منذ إعلان الاستقلال وخلال هذه الأيام مغاير لهذا النص الدستوري. كلنا مواطنون ولدينا أديان مختلفة: المسيحية الإسلام والديانات الإفريقية التقليدية، لكن هذه الأديان ليست أقسام مشتركة بيننا كمواطني جنوب السودان. القاسم المشترك الوحيد الذي لا يفرقنا هو المواطنة، لأننا جميعا مواطني هذه الدولة إن كنا مسيحيين أو مسلمين أو غير ذلك. المطالبة بالتمثيل في الحكومة أو السلطة على أساس ديني خطأ يجب أن نتجنبه، لأن هذا يجعلنا نكرر الخطأ القديم– تدين السياسة وتسييس الدين– وهذا هو الذي قسم السودان إلى دولتين اليوم. التمثيل السياسي في السلطة لا يتم من منطلق الأديان بل عبر الأحزاب السياسية. الإسلام والمسيحية ليسا حزبان سياسيان، وإنما أديان سماوية يجب ممارستها في الأماكن المخصصة للعبادة: الكنائس والمساجد. لا نريد نقل الدين من الكنائس والمساجد والمعابد إلى مؤسسات الدولة، لأن ذلك يخلق ما يمكن أن أسميه منافسة وتسارع بين أقطاب الدين المسيحي والإسلامي إلى مواقع السلطة والتأثير، وإذا وصل أحدهما إلى هناك؛ يحاول خلق دولة مسيحية أو دولة إسلامية، وفي هذا إعادة إنتاج الأزمة القديمة السودانية في الدولة الجديدة. لا تُبنى الدول على أسس ومباديء دينية، بل على أفكار حرة وعقائد فكرية اجتماعية مثل المساواة والعدالة والحرية والديموقراطية، ويتم ممارسة شعائر الدين في الأماكن المخصصة للعبادة لأن الدولة للجميع والدين لله. أنا لا أقبل بما يسمى تمثيل المسلمين والمسيحيين في الحكومة لأن المسلمين والمسيحيين مواطنين، وإن أرادوا الدخول إلى عالم السياسة أو الولوج إلى عالم السلطة فعليهم الالتحاق بالأحزاب السياسية ليتم تمثيلهم في السلطة عبر الأحزاب وليس عبر الأديان. على قيادة الدولة إغلاق الباب الذي فتحته مؤخراً بإقامة إفطارات رمضانية في القصر الرئاسي للمسلمين لأن ذلك يصور وضعية خاصة للمسلمين ويخرجهم من إطار المواطنية إلى تلك الوضعية الخاصة. على رئاسة الدولة التعامل مع المسلمين كمواطنين وليس كمسلمين. على قيادة الدولة تطبيق مباديء العلمانية وإبعاد وضع حدا لمطالبات سياسية في جوهرها باسم الدين. وفي الختام نقول: المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات وليست الديانة.

(عدل بواسطة Zakaria Joseph on 10-12-2013, 06:50 PM)