الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
النائب الأول ونكاح أم المؤتمر الوطني!
|
وأنا أقرأ كلمات الأستاذ الكاتب الصحفي مصطفى البطل التي عبر فيها عن حيرته إزاء عجزه عن فهم كلام النائب الأولى علي عثمان محمد طه عن الفساد تذكرت هذه الواقعة التي حدثت أيام دراستي الجامعية بهندسة الموصل أيام كان لحزب البعث بأس وسطوة ونشوة بغزو إيران في عقر دارها حتى قال قائلهم “عذرا سعد فإنه صدام” يعني سعدا بن أبي وقاص صاحب القادسية الأولى التي تضاءلت أمام قادسية صدام المزعومة!
كنا نستعد للإمتحانات النهائية، وكان مفروضا علينا أن ندرس ما يسمى بفكر حزب البعث العربي الإشتراكي ضمن مادة اسمها “ثقافة قومية واشتراكية”، وبينما أنا أذاكر الكتاب المقرر في المادة المذكورة فوجئت بكلام لم أفهمه. أعدت قراءة الكلام فلم أفهمه. كررت القراءة عددا لايحصى من المرات فلم يفتح علي بفهمه. ولما كنت قرأت الاثبات الرياضي لنظرية النسبية الخاصة فلم أجد صعوبة في فهمه، وقرأت مبادي فيزياء الكم ففهمتها بكل ارتياح، وقرأت ما لايحصى من الكتب لكبار الأدباء والمفكرين باللغتين العربية والإنجليزية في غمرة التعطش الشبابي للمعرفة فلم أجد ما يستحيل فهمه فيها، فقد صدمت صدمة شديدة وأنا أكتشف أنني أصبحت فجأة غبيا عاجزا عن فهم نص سياسي موجه لرجل الشارع! حملت كتابي وركضت لزميل آخر يدرس معي نفس المادة فوجدته متحيرا أمام نفس ذلك النص،فما كان منا إلا أن حملنا نسخة من الكتاب وركضنا لزميل في سنة دراسية متقدمة بقسم الهندسة الكهربائية سبق له دراسة نفس المادة قبلنا بسنوات ونجح فيها، طالبين نجدته وعونه وهو الذي اشتهر بالذكاء الخارق، لكي يشرح لنا معنى ذلك النص الغامض، ولدهشتنا الشديدة نصحنا أن نحفظ ذلك النص “صم” وإذا سألونا عنه في الامتحان أن نكتبه بحذافيره، وألا نتعب أنفسنا بمحاولة فهمه. وحين عبرت عن امتعاضي الشديد من لغة مفكري حزب البعث غير المفهومة فوجئت به يرد علي قائلا :” لو فهم عامة الشعب المقصود بهذا النص لنكحوا أم حزب البعث”! أو كما قال!
كانت حيلة مفكري حزب البعث المزعومون هي صياغة كلام يوهم قارئه أنه فكر عبقري شديد الصعوبة لا تفهمه إلا الصفوة، وانطلت الحيلة على الكثيرين فصدقوا أن هذا فكر أسمى من أن تفهمه أمخاخهم الصغيرة وبالتالي سلموا بصحته وبعبقرية القيادات التي تفهمه فانتهى بهم الأمر لما انتهوا إليه!
رحم الله زميلنا النابغة فقد توفي في حادث مؤسف يوم زواج شقيقته ولم يعش ليرى الجماهير وهي تنكح أم حزب البعث، فهل أحس النائب الأول بقرب نكاح أم المؤتمر الوطني من جانب الجماهير الجائعة الثائرة فأراد حمايتها باستعمال لغة الألغاز التي لا يفهمها إلا قائلها؟!
|
|
|
|
|
|
|
|
|