تاج السر الملك .. أعبث العابثين بالعبارة - عبد الله علي إبراهيم

Quote: لعلّ التّقدمة الأدبيّة لكتابٍ جديد من جهةِ كاتبٍ معروف ظاهرة تُعُورفَ عليها من قبيلِ بعضِ الأُدباء من أجلِ احتفاءِ بعضِهم ببعض ، وغالبًا ما تكون من ندٍّ إلى ندٍ أو من كاتبٍ كبير إلى ناشيء يُريدُ أن يجدَ طريقًا سالكة مختصرًا كثيرًا من الوقت في إيجاد منفذٍ لرؤية حرفه ، ربّما يرى أنّها داعمةٌ ومُحفّزةٌ له وقد تجذبُ إليْه كثيرًا من الْقُرّاء ، كما لا يكادُ يُخفى أيضًا أنّها أحيانًا قد لا تُضيفُ للكاتبِ شيئًا هذا في حالِ لم تخصم من رصيده الْكثيرَ ، وربّما ظنّها الْكثيرون مَنقصةً في ثقة الكاتب بنفسه وبحرفِـه ، وفي اعتقادي أنّ الحرفَ الجيّد هو الّذي سيتقدّم وسيُشيرُ إلى نفسِـه يومًا ما حتّى وإن أحاطتْ به الأغبرةُ وطولُ الْعُهُود ؛ والكاتبُ الْموهوبُ في تقديري لا يحتاجُ مقدّمةً وحشدًا من التّقريظ ، بل كما أشرتُ فإنّ الحرفَ الْبديع يسلُك طريقه لأفئدةِ القرّاء دون تقديم ، وفي أحايين كثيرة نلحظُ أنّ الْمقدّمات * غير المناسبة لا تخدمُ متحـقّــق النّصّ الأدبيّ ، وبعضُها يَذيعُ صيتُه أكثر ممّا يحتويه الكتاب ، أي ؛ قد تتفوّقُ على الْمَتْنِ فتصيرُ أعْلَقَ وأدْوَرَ بالألْسُـن والأحْـنــــاك، أو لَرُبّما تُصبِح المقدّمة خصمًا على الكتاب وذلك بأن تكون دون المحتوى رُتبةً ، فتصرِفَ أنظارَ القاريءِ المتعجّل عنِ الْمُحتَوَى من دونِ قَصْدِ أو عَـمْد . وفي ظنّي وتقديري أنّ تاج السّرّ الملك – رُغم أنّ شهادتي فيه قد لا تُجدي نفعًا ، كونه صديقًا مُعتّقًا - رجلٌ ذو حرفٍ واضحِ الْجِلْدَة باديها ؛ يُمسكُ بتلابيب قارئـه إمساكًا مُحكمًا وإذ لا فِكاك ،أقَـرُبَ الْقاريءُ أو شَطَن ؛ ولم يكن بأيّةِ حال مُزنةَ صيفٍ مُنقشعـة ، والْمُقدّمة الّتي رامَها ابتداءً – وعلى طولِهـا - إن لم تُقدّمِ الْعملَ قطعًا لم ولن تُؤخّره ، فالتّحيّة له وللدّكتور الّذي كتبَ فـأجادَ وأبَـان ؛ أو هكذا شُــبِّـــــهَ لي ..