طفل يسأل ما هي الحكمة من ملابس الاحرام للرجل من غير ملابس تحتية ؟؟

Quote: فالمشهد أشبه ما يكون بيوم الحساب : فعلى امتدام الأفق يتدفق طوفان من اللون الأبيض .. كل الناس يرتدون الكفن ، و لا أحد يمكن التعرّف عليه .. تركت الأجساد في أرض الميقات ، و الروح وحدها هي التي تندفع هنا .. الأسماء و الأعراف و المراتب الإجتماعية لا تستطيع أن تخرق هذا التضامن العظيم ، حيث ينبعث مناخ الوحدة عبر الزمان و المكان .. إنه استعراض بشري خاضع لله الواحد القهار .. الخوف و الرجاء .. الرغبة و الرهبة .. الدهشة و الإقبال .. كلها تنصهر داخل جسيمات دقيقة مجذوبة داخل حقل ممغنط .. تقشعرّ الجلود و تلين لذكر الله .. و توجل القلوب و تنشي الأفئدة .. ... الآن و بعد أن نزعت عنك ملابسك و كل شارة تميزك ، و عليك أن تدخل إلى قلب الزحام و أنت محرم ، و عليك أن تنسى كل شيء يذكرك بحياتك .. كل واحد يفني ذاته ، ويأخذ شكلاً جديداً هو شكل الإنسان كما خلقه الله .. كل الأنانية و الخصاصة تدفن ، وتصبح المجموعات هي الأمة .. كل " أنا " تموت في أرض الميعاد لتنشأ " نحن" .. قبل أن يحين موعد مغادرتك إلى " منى " يجب أن تكتمل في أمة كما فعل إيراهيم : ( إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يكُ من المشركين ) - سورة النحل ، الآية : 120 . و النهاية سيصبح الواحد هو الأمة ، و الأمة هي الواحد ، و الجميع سواسية .. .... كل من يؤدي الحج فإنه يبتعد عن نفسه و هواه ، و يتوجه للقاء الله تعالي .. لقد نفخت فيك روح الله ، و غاردت دار الغربة إلى دار السلام ، وكشفت لك حجب الحقائق ، وانتصرت على الجهل و القهر ، و أشرقت روحك بمعاني الوعي و العدل ،و نبذت الشرك و اعتنقت التوحي . و قبل ذلك فإنّ أداء الحج لأولئك الذين أهملوا طبيعتهم الإنسانية و الذين اغتربوا عن ذواتهم بالسلطان أو بالمال أو بالجاه أو بالأرض أو بالعصبية ، والذين كانت حياتهم لا تعنى سوى الحياة الدنيا .. كل هؤلاء قد أتاح لهم الحج أن يكتشفوا ذواتهم ، فهم الآن يرون بعضهم " مجتمعين " كأنهم "واحد" أو يرى كل واحد منهم الآخر " منفرداً " كل واحد " إنسان " و لا شيء غير ذلك ..