|
من عزمى بشارة...لصُناع العبث
|
دوامة التعامل مع التهريج في مجتمع الثقافة الجماهيرية يواجه الإنسان العاقل المعتد بحد أدنى من قيم يصعب عليه تجاوزها دوَّامة تتمثل بكيفية التعامل مع ظاهرة المهرّج الإعلامي والسياسي. وهو على أنواع (الشعاراتي، و############، والماهر في خفة اليد البهلوانية، والأرعن المتسلح وقاحته، والبذيء الذي ليس لديه ما يخسره). وتتفاقم المشكلة إذا كان المهرج السياسي أو الإعلامي يعمل لصالح أجندات أجهزة أمنية أو غيرها. فالمثقف المعتد بنفسه يحسب أنه إذا تطرق له بالنقد فإنه يعطيه أهمية لا يستحقها، وإذا هاجمه بقسوة فسوف ينتقد لأنه نزل الى مستواه، ولكن إذا لم يهاجمه فسوف يكسب أهمية على أي حال في أوساط ساذجة تنطلي عليها ألاعيبه... متلازمة المهرج في السياسة والإعلام من أمضى أسلحة الأجهزة الأمنية، لأن كرام القوم لا يرغبون ان يتعرضوا له، ولا أن يتعرض لهم... الأمر الذي يحرره من الروادع عند نشر الأكاذيب وتشويه ثقافة الناس. وأحيانا يجبر المرء نفسه على الاستماع للهراء، فيتحمل دقيقة أو اثنتين ليطمئن أن أحدا لن يصدق مثل هذا الكلام، وأن مستوى الكذب هابط إلى درجة تسيء لصاحبهه وحده. ولا يلبث أن يتفاجأ بأنه ثمة بسطاء معجبون. يفترض ان يكون حكم العقل رادعا، ولكن حين العقل يصمت الجهل يصغي. وفي حالة التشهير يفترض أن يكون القضاء رادعا ولكن الدولة متواطئة، والخصوم السياسيون قد يدافعون عن التهريج بما فيه نشر الأفكار العنصرية والتحريض على القتل بحجة حرية التعبير. مشكلة. صحيح، هذا هو ثمن الثقافة الجماهيرية، فالمثقف في القرن التاسع عشر وحتى ما بعد منتصف القرن العشرين لم يواجه مشكلة محظات تلفزيونية وصحف بدون صحافة تشكل منصات لمثل هؤلاء... ولكن مثقف القرن التاسع عشر لم يتمكن ايضا من نشر أفكاره كما هو الحال اليوم. وهذا هو الثمن. هذه الدوامة يجب أن لا تثني صاحب الموقف عن قول ما هو صحيح، وفعل ما يلزم. ويجب أن لا يفكر بماذا يقول الناس لو قال أو فعل. وعليه أن يذكر "الناس" بأن عليهم أن يلوموا نفسهم على صمتهم على التهريج.
|
|
|
|
|
|
|
|
|