عندما تقطعت بنا السُبل تُري ماذا حصل ؟!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-23-2024, 08:36 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-21-2013, 02:51 PM

فضل الصادق
<aفضل الصادق
تاريخ التسجيل: 09-26-2009
مجموع المشاركات: 883

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عندما تقطعت بنا السُبل تُري ماذا حصل ؟!

    البداية كانت من :

    القوز كوستى الثانوية اعرق المدراس الثانوية فى السودان مثلها مثل حنتوب وخور طقت وبورتسودان الثانوية والخرطوم القديمة والاهلية امدرمان ووادى سيدنا عندما كان الزمان باسم المحيا طلق الوجه .
    درجت المدرسة فى الذهاب كل سنة إلى جمهورية مصر العربية.

    كان لى شرف أن اكون من ضمن كوكبة ال33 طالب الذين ابتسم لهم الحظ للذهاب للرحلة.
    تشاركنا فى دفع المستحق مساهمة فى دعم الرحلة وقد ساعدتنا المدرسة وشركة سكر كنانة وبعض الخيرين من ابناء كوستى من التجار والرأسمالية الوطنية
    تم جمع مبلغ 20 الف ج بالقديم وكان هذا المبلغ محترما وقتها حيث لك ان ترى ان تذكرة الباخرة من وادى حلفا إلى إلى اسوان بمبلغ 3 جنيهات ونصف كان الجنيه فتياً وقتها.
    تم التحضير للرحلة فتم اجتماعنا فى حديقة البلدية حيث تم تكوين جسم تنفيذى من عدد 5 اشخاص ينسق العمل ويجهز للرحلة وتكون له المسئولية المطلقة فى أنجاح الرحلة
    تفتقت عبقرية اللجنة عن الاتفاق مع الفنان المرحوم سيد خليفة ليغنى دعما للرحلة وقد تم الاتفاق معه بمبلغ 20 الف جنيه تم منحه مبلغ 13 الف جنيه والباقى بعد انتهاء الحفلة
    تم إيجار عربة بوكس بها مايكرفون تدعو للحفل : الفنان ابو السيد اليوم بسينما كوستى الاهلية الحفل الساهر اليوم لا تفوتك هذه الفرصة عزيزى المواطن عزيزتى المواطنة ، كان المايكرفون يلعلع كل النهار تم تغطية احياء النصر والرابعة و31 وابو شريف والحلة الجديدة والليه .

    لما حانت لحظة الدخول للسينما تجمهر مجموعة من الناس لا يريدون الدخول إلا بعد ان يروا الفنان رأى العين كما يقولون وفشلت كل محاولاتنا فى اقناعهم بالدخول فقد تأخر الفنان عن موعده والجماهير بالخارج تهتف : هندى ولا نرجع ! هندى ولا نأكل باسطة !! كانت السينما تقدم كل يوم فيلما هندياً حيث يبدأ الفلم الهندى عادة بمشهد رومانسى اسرى وفجأة يدخل الخائن ويقوم بقتل الاب ومن ثم تقرب لك الكاميرا وجه الطفل الصغير وكل نظرات الخوف فى عينيه ثم ما يلبث ان يقوى عودته فينتقم البطل من الخائن ويستريح الجمهور
    كان لابد ان ينتصر البطل لكنه لا ينتصر إلا بعد لأى وجهد وضرب وركل وتعرض للموت فلو كنت حينها هناك لسمعت اقوال الجمهور اضرب يا بطل اعمل حسابك يا فردة الخائن وراك !! البطل ما بموت !! هناك تعاطف فطرى مع المظلوم ضد الظالم هكذا الانسان بفطرته السوية
    تأخر الفنان سيد خليفة ولم تكن هناك اجهزة اتصال خلوى وقتها فكان لابد من علك الصبر فالغايب عذره معاه لكن هدير الجمهور : هندى ولا نرجع هندى ولا نأكل باسطة كان يصم الاذان !! وتعنى الكلمة انهم عايزين فلم هندى وإلا سوف يأكلون بقروشهم باسطة او يرجعوا فى كل الاحوال وكل هذا لا يتسق مع اهدافنا ابدا .
    تأخر ابو السيد كثيرا وتململ الجمهور ورجع اخرون ودخل اخرون .
    جاء ابو السيد ومعه عذره فى أن الحافلة قد عطب اطارها فى الطريق وهو يعتذر بأدبه الجم
    بدأ الحفل سريعا فلو كنت هناك لسمعت ازيكم كيفنك انا لى زمان ما شفتكم لكن ما لم تكن تراه أننا كنا مشغولين بحساب دخل الحفل الف الفان ثلاثة عشر الف لا غير فشل الحفل الذى اعددنا له وطارت الاحلام السراب .
    تحدث بعضنا مع ابو السيد ان الحفل قد خسر لكن الرجل بلطفه قد وعدنا بإقامة حفل اخر تعويضى لكن لم تسمح لنا ولا له الظروف ويبدو أنه كان صادقا لكن الظروف لم تتهيأ لهكذا حفل .
    اصابنا احباط كبير وحزن دفين فهاهو ذا ما جمعناه قد نقص وتهدد القيام بالرحلة
    قام اعضاء اللجنة التنفيذية بدون مشورتنا بالذهاب للخرطوم والتعاقد مع الفنان ابو طاقية فنان الشباب وقتهابمبلغ 13 الف جنيه تم اعطاءه مبلغ 7 الف جنيه والباقى بعد نهاية الحفل
    لكن لما علمنا بالحاصل قرعنا اللجنة التنفيذية والزمناها بإلغاء هذا التعاقد لأننا ببساطة لم ندرس العرض ولم ندرس اسباب فشل الحفل الاول فكيف لللجنة ان تقوم بعمل تعاقد اخر يزيد الامر سوءً فكان التكليف للجنة بضرورة فسخ العقد مع الفنان ابو طاقية فنان الشباب وقتها ولما جلس معه مندوبنا فإذا بالفنان ينتفض ويسمع مندوبنا ما لا يحب لا بل يقول له مهددا أنه ملتزم بعقده معنا وانه سوف يأتى ويغنى حتى للكراسى وهى خالية ويستلم منا باقى المبلغ وبالقانون !!
    اسقط فى يد المندوب وهاله ما يسمع فجاءنا بالخبر الحزين والقول اللئيم والفعل الزنيم .
    فلم تكن لنا وقتها من حيلة
    فطارت ال20 الف وأُعلن عن فشل الرحلة ماذا حصل وكيف تم تدارك الامر وكيف سارت الرحلة الكارثة ؟؟؟

    لما أُعلن عن فشل الرحلة وأنه لا مناص من ذلك لعدم توفر اموال لازمة كنت انا ومعى بعض الطلاب مصرين على القيام بالرحلة مهما كلف الامر وقد كان مقترحنا ان يتم تسديد بعض المال مرة اخرى وان نشترى بالمال حب التسالى لنمول الرحلة
    تم الترتيب على عجل فسافرنا للخرطوم حيث اتصلنا بهيئة السكك الحديدية واستطعنا ان نستخرج عربة مجاناًُ وتم التأمين على الغذاء حيث ذهبنا إلى ادارة الوجبة المدرسية الكائنة بالقرب من نفق برى حيث تم التصديق لنا بعدد من جولات القرقوش!! وعدد من صفائح الطحنية .
    إكتمل الميس ! ولم يكن إلا تحديد يوم السفر
    تحرك بنا القطار من محطة الخرطوم الساعة ال9 صباحا وهو يسير الهوينى حتى وصل إلى محطة بحرى ومن ثم تحرك خارج العاصمة يتهادى فى مشيته كنت أول مرة اركب قطاراً كنت فى قمة السعادة والنشوة تطلب الامر أن يتم تغيير رأس القطار فى محطة عطبرة حيث أُدخل الرأس الورشة وتم تركيب رأس جديد بدأت الرحلة عادية حتى ابو حمد حيث تم تغيير رأس القطار بأخر يستطيع شق صحراء العتمور العصية لوادى حلفا .

    وصلنا البلدة العتيقة مبانيها بائسة مبنية بالخشب وتحيط بها الجبال من كل جانب وشمسها تسطع فوق الأناسى بحدة لم تكن شهرة المدنية تماثل مرآها لكننا علمنا ان المدينة كانت ملء السمع والبصر من قبل قيام خزان السد العالى الذى اغرق المدينة الجميلة وقتها حلفا القديمة بمسجدها وشائطها الجميل وملايين من أشجار النخيل ومئات من الكيلومترات من الاراضى الخصبة مع كثير من الاثار ، كانت وادى حلفا و لا زالت تندب حظها التعيس وظلم الإنسان وذوي القربى .

    وصلنا حلفا القديمة وكنا نمنى النفس بالمبيت فى احدي الاستراحات فقد قيل لنا اننا سوف نبيت فى استراحة الرمال ، ياله من إسم جميل استراحة الرمال؟ لكنها لم تكن هذه إلا كذبة بلقاء فلا إستراحة ولا يحزنون بل عليك ان تفترش الرمال وتتوسد الساعد وتنام غرير العين هانيها .
    لما أشرقت شمس الإصباح وهى تطلع من بين الجبال فى منظر يسر العين كما الحسناء فى خدرها ،لم يكن من بد أن ترى بالمقابل الوجوه المغبرة وقد رسم عليها الغبار خطوط كنتور معترجة فقد فعلت الرمال فعلها فى الوجوه فكان الحال لا يسر الناظر .
    يممنا شطر بحيرة النوبة وهى ليست بعيدة منا .
    مر هذا اليوم دون منقصات لكننا كان لابد لنا من تدبير امر سكننا لذا فقد إتصلنا بمدير احدى المدارس الابتدائية فتم التصديق لنا بفصل واحد وبرندة فكنا اسعد ما نكون بذلك.
    لم يكن السفر لاسوان سهلاً فقد كان الحجز غير مؤكد والزاد بدأ ينفد ولما إنتهى الزاد ذهبنا لمجلس المدينة وقابلنا المدير الننفيذى وأننا ليس معنا مالا ولابد من دعمنالأننا عابرى سبيل ، اعتذر المدير التنفيذى بأنه ليس لديه ميزانية لإعاشتنا لكنه إقترح علينا ان يوفر لنا حجزا لنعبر لمصر فوافقنا بالمفترح .

    وصلنا إلى مرسى البواخر وهما فى الحقيقة باخرتان الاولى تسمى ساق النعام والثانية تسمى سيناء وهما لابد أن يتبادلان المرسى ذهبا وإياباً وكان هناك سوقاً عامرا من حب التسالى وهو معبأ فى أكياس فتم شراء زاد للرحلة كل واحد عدد كيسين كبيرين وكان التوجيه ان يتم المحافظة عليهما وبعد بيعهما تكون هذه هى ميزانية الرحلة .
    كان كل مسافر يحمل معه هذا التسالى القيم فالمصريون مغرمون به حد الوله وهو سلعة مقيمة ويسمونه اللب فيقال فلان قزقز اللب وهم قد برعوا فى عرضه ولا يتعاطاه إلا الموسرون منهم .
    دلفنا إلى داخل الباخرة سيناء وكل الطاقم من قبليهم وبحريهم صارت الباخرة تتهادى بنا وهى تمخر عباب البحيرة العظيمة النوبة تسمى بالسودان النوبة ولكنهم بمصر يسمونها بحيرة ناصر ، كانت الباخرة تسير بحمولتها دون أن يعكر الصفو معكر حتى رست عند اول قرية مصرية تسمى ابو سمبل حيث تنتظر حتى طلوع الفجر لتتحرك صوب ميناء السد العالى .

    كانت الصخور الناتئة تبرز كمارؤوس الثعابين وكانت الباخرة تراوغ بينهما لئلا تصطدم بها ، وصلنا إلى ميناء السد العالى بسلام ، لكن فجأة سمعنا صوت مكبر الصوت وهو ينادى على إسم زميلى محمد عبدالله ابراهيم سعيد مطلوب حضورك لمكتب القوازات ( ا لجوازات ) اين هذا المكتب ولماذا ينادى على زميلى محمد وما الحاصل كانت لحظات من الترقب والحذر والخوف على صغر السن والخوف من المجهول بدأنا نسأل اين مكتب الجوازات حتى إهتدينا إليه فى قاع الباخرة انا وزميلى محمد
    كان هناك مجموعة من شرطة الجوازات المصرية برتبهم المختلفة ما بين جلوس ووقوف وكان أحدهم يتطاير الشرر من عينيه ويبدو أنه المسؤول
    مين فيكم محمد عبدالله ؟؟
    محمد عبدالله أنا !!
    لما نطق زميلى محمد بهذا الجملة لم أره إلا وقد طار فى الهواء عالياً والضابط المسؤول يضربه بعنف ويركله بقدمه ويقول انا بنده عليك من الصبح إنت نايم على أدانك !!
    كان الخوف يشع من عينى زميلى محمد فقد تم ضربه بعنف غريب فأدمي منه الوجه .

    كان وقع المفاجاة على عظيما ً فقد ذهبت شاكياً لمشرف الرحلة وهو أستاذ مرافق من المدرسة فسألنى هل تم ضربه بشدة وكيف كان الضرب فلما قصصت عليه الامر قال لى شاب يتحمل اصلو السفر فيهو مصاعب !!
    قلت له يا استاذ ارجو ان تذهب إليهم وتقل لهم ان محمد برئ فلماذا يضربونه فلم يحرك الاستاذ ساكناً خاصة بعد أن اسهبت له فى شكل الضرب
    كانت هناك الباخرة ساق النعام ويبدو انها معطلة فى المرسى لذا تطلب منا الامر الانتظار حتى تخرج من المرسى لتدخل باخرتنا لكن هذا لم يمنع السلطات ان تمد خشبة بين الباخرتين لإنزال الضحية زميلى محمد وهو يسير فى الوسط وهو محروس بالعسعس والشرط إلى حيث التحقيق والسبب غير معلوم .

    كان هذا المنظر مدعاة للتساؤل ماذا دهى هؤلاء القوم فأسماء السودانيون جلها متشابه وإسم محمد ابراهيم اسم شائع فلماذا لم يفطن المسئولين لخطل رأيهم يبدو أن هناك خطأ ماولماذا يضربونه ؟؟

    خرجت الباخرة ساق النعام من مرساها فكان هذا إيذاناً لبخارتنا بالدخول .
    لم سكنت محركات بخارتنا زادت الجلبة وتتدافع الناس للخروج كل يحمل كيس تسالى بكلتا يديه الاكياس متشابهة الاشكال والمقادير والباخرة تعج بالخارجين وزميلى محمد قد ترك لى زاده كنت احاول ان اخرج بالبضاعة إلى خارج الباخرة لكن لم استطع وكنت اجر احد الاكياس واذهب للاخر واجره والناس يتزاحمون فلم انتبه لأحدهم وهو قد اخذ احد الاكياس وتكفل الاخر بالاخر
    لما وصلنا لمبنى الجمارك تم مصادرة كل اكياسنا من البضاعة فخرجنا بخفى حنين على طول الرحلة ومسغبة الجوع .

    صار كل نهارنا محاولة ناس الجمارك فى السماح لنا بالبضاعة لأننا لا نملك غيرها وليس لدينا مصاريف لكنهم كانوا كل مرة يتعنتون مكثنا على هذه الحالة منذ الساعة ال10 ص حتى الساعة الرابعة فتم الافراج على البضاعة وتم بيعها فصار لدينا مالا وذهبنا صوب القاهرة .
    جاءنا محمد زميلى فقد تم التحرى معه وإتضح انه بريء فتم اطلاق سراحه فإكتمل جمعنا حتى وصلنا القاهرة
    فماذا كان هناك ...

    مكثنا بقاهرة المعز ما طاب لنا
    ولما تناقصت منا المصاريف كان القرار بالأوبة للبلاد امر لابد منه
    فحزمنا امرنا وذهبنا لمحطة القطار ،
    كانت محطة القطار فى ميدان رمسيس وكان هذا القطار اخر قطار يتجه للصعيد لأن العيد قد اذف كانت هناك 3 عربات كبيرة وهى محجوزة للطلاب السودانيون العائدين من إجازاتهم إلى السودان فقد كان كثير من الطلاب يدرسون بمصر حيث يعامل الطالب السودانى معاملة المصرى فترى جموع من الطلاب من جامعات المنصورة وعين شمس والقاهرة وغيرها ،
    كانت الرحلة عادية لكن كان ما ينقص الراحة الباعة الجائلين بصيحاتهم وهم يبيعون ويلحون فى البيع وكان احدهم ظريفا فقد كان يبيع الماء والعصائر فكان يصيح : يا جماعة بالصلاة ع النبى فى حد عطشان وناسى نفسو ؟!!
    أنهم المصريون بظرفهم المعروف وخفة دمهم ، لما وصلنا إلى اسوان نزل الطلاب السودانيون هناك إذ يبدو أن لديهم سكنا حتى صبيحة اليوم التالى بينما نحن ( ناس قريعتى راحت ) ذهبنا مع القطار حتى المحطة الاخيرة وهى ميناء السد فوجدنا جموع من التجار السودانيون وهم يحملون بالات من البضائع يفترشون الرصيف إنتظارا لباخرة الغد فإفترشنا مع المفترشين .
    كان استاذنا قد خلق له شكل من اشكال العلاقة مع الطلاب فقد نزل معهم فى اسوان .
    لما نعس منا الجفن وصرنا للنوم على امل الرجوع غدا خاصة اننا نحمل تذكرة الاياب ،
    لكن بينما نحن كذلك إذا بالاستاذ يأتى إلينا عند غسق الفجر الاول ويقول لنا اننا لابد من أن ندفع فرق سعر للتذكرة 20 جنيها مصريا وإلا فلن نستطيع السفر وكانت هذه اخر رحلة قبل العيد ،
    لم نكن نملك اى مال كنا فقط نحمل بعض الهدايا البسيطة وكان الموسرون منا يحملون كاميرات كوداك.

    قلنا له لا نملك فقال لنا لا يمكننا الذهاب غدا ولما علمنا ان الامر جدياً ولابد من ذلك حاولنا انا نبيع بعض أشياءنا لكن من يشترى فى ظلمة الليل البهيم ، لما سمع التجار الذين بقربنا قالوا انهم مستعدون لدفع 50 جنيه لكى يذهبوا قبل العيد فلما اصبح الامر عصيبا عرضنا بضاعتنا لهم
    السلام عليكم يا ابن العم عليك الله اشترى منى الكاميرا دى
    التاجر : يا زول ها انت مجنون كاميرا اعمل بيها شنو ؟
    طيب اشترى مننا الساعة السيكو دى ؟؟
    ما داير ساعة
    اشترى ما بشترى
    لكنه فى النهاية على إلحاحنا يشتريها بحفنة جنيهات
    كان زميلنا ودابو الزبائن اكثرنا حرصا فقد ابى وتمنع ان يبيع حاجياته وقال لنا بالحرف الواحد أنه ليس لديه استعداد لبيع شئ ابدا حتى لو نبت شجرة هنا !!!
    الصبح اوشك ان يسفر الموقف صعب والباخرة امامنا تربض بكل شموخ ونحن يتهددنا عدم السفر
    لم نستطع جمع كل المبلغ لكنهم فى النهاية قد سمحوا لنا بالدخول إلى الباخرة
    يا للحظ الجميل تخال نفسك وانت داخل الباخرة كأنك وصلت السودان لا بل كأنك فى دفء بيتك بعد معاناة لا مثيل لها .
    وصلنا وادى حلفا فماذا كان هناك .

    لما وصلت الباخرة إلى وادى حلفا كانت هناك عربات رابضة فى المرسى تقل المسافرين حيث كانت المسافة بين المرسى ومحطة القطار تجاوز ال4 كليو مترات إذن لا مندوحة أن نسير راجلين لعدم توفر المال اللازم وقد كان
    وصلنا إلى حيث محطة السكة حديد حيث كان القطار منتظراً لم تكن لدينا تذاكر فكان القرار ان نسطح فى القطار .

    كنا نقف على مقربة من القطار ونحن نرمقه بنظرات مستجدية وحنين طاغٍ ورهبة كاملة إنه من يوصلنا إلى الاهل والديار ، لكننا كنا نتوجس خيفة من ألا نجد طريقا للسطوح ،
    صفر القطار وبدأ يتحرك ببطء فيخفق القلب مع كل حركة وتهفو النفس إلى مرابع الصبا والديار ، لما تيقنا من أن القطار ذاهب فى رحلته لا محالة لم يكن لنا من خيار إلا أن نركب على ظهره كانت اقرب العربات لنا وايسرها هى فناطيس المياه التى يجرها القطار حيث كان شكلها مربعا مستوياً عكس عربات الركاب المحدبة ، كانت الساعة ال5 عصرا الجو جميل والقطار يتلوى على القضيب متجها جنوبا كنا نجلس على سطح العربات نحكي ذكرياتنا الجميلة والمعاناة التى تجاوزناها وكان القطار فى كل مرة يزيد من سرعته حتى بدأ يسير بأقصى سرعته حيث دخل ما يسمى بالنمر وهى صحراء العتمور الرهيبة
    لما زادت سرعة القطار زاد الهواء فضرب عربات المياه فصارت كالثلاجة وبدأنا نحن نتململ فقد اصبحت مثل ثلاجة الموز لا تطاق ، ماالعمل كان رأس القطار لا يبعد عنا كثيرا فذهبنا نتحسس للخطو ارجلنا حتى وصلنا قمة القطار ، كان العادم العملاق ينفث بدخان وشرر عظيم وكان هناك بعضهم وهو قد نام بعرض العربة نوما عميقا كيف لهذا النوم وفى هذه العربة المحدبة وأى شخص هو ؟ كنت انا اجلس كما اننى اركب اتاناً وكانت شنطتى مربوطة على رقبتى كما الكرفتة فلما جن الليل وإنقطع صوت السامر وبردت الجواء أصبحت ارتجف من البرد وصار حالى عصيباً ، ولكن كان بجانبى احدهم نائم بعمق ولما وجدنى بقربه قال لى نوم يا زول ماك فتران فقلت له انوم كيف انا اول مرة اسطح فى قطر ،
    كان الرجل كريما إذا سرعان ما علم بأننى بردان فمنحنى شالا كان يتلفح به ونام لا يلوى على شئ .
    صار القطار ينهب الارض كل الليل حتى صباح اليوم التالى حيث وصل مدينة ابو حمد
    نزلنا وتمددنا على الارض ، ما اجمل الارض وما اجمل الرمال تمددنا حتى اذن القطار بالرحيل فصممت أن ألج لداخل العربات مهما كلف الامر وقد كان ،
    لما وصلنا مدينة عطبرة كان هذا اول يوم لعيد الاضحى المبارك
    لم نذق طعاما منذ يومين قلة الحيلة واليد والكرامة الزائفة تمنعنا من السؤال
    لكن زميلى محمد ابراهيم اقترح على :
    يا اخى مش ناس عطبرة ديل مسملين ؟
    انا : ايوة مسلمين
    هو : ومش نحن مسلمين ؟؟
    انا : ايوة مؤمنين ؟!
    طيب لازم ندق باب زول ونقول ليهو نحن جعانين !!
    كنت متعبا وجائعا لكن عزة زائفة تمنعنى من السؤال
    قلت لزميلى انا ما بدق باب زول لكين انت دق الباب وانا معاك لو قالوا اتفضل انا معاك !!
    انظر لهذا الشرط التعبان إنه الجوع بئس القرين
    صرنا نمسح بيوت عطبرة التى بالقرب السكة حديد بيتا بيتا فكلما وجدنا بيتاً تبدو من سيماءه مظاهر الغنى نتفق انا وزميلى برفض ان نكون ضيوفه
    حتى وجدنا بيتاً من خارجه متداعياً جدرانه خربة وبابه مشرعاً وحاله بائسا فقلنا هؤلاء ناسنا
    كو كو كو كو !!
    اصوات اقدام بالداخل تسعى
    مرحبا
    كانت امرأة فى العقد الخامس من عمرها مشلخة شلوخ عراض وكانت نظراتها واثقة وجهها باسماً .
    محمد زميلى : فى الحقيقة يا حاجة نحن جابنا القط....ر
    الحاجة : ما تتم الكلام ما تتم الكلام اتفضل يا ولدى
    فظهرت لها انا كذلك وكنت منزويا بالقرب من الحائط
    اتفضلوا يا اولادى
    يا الله على الكرم الجميل والنبل الذى هو سمة اصيلة فى اهل بلادى
    لم تدعنا الحاجة انا نكمل موال الحزن والشكوى بأن القطر قد جابنا ونحن جعانين وهلم جرا
    ارادت ان تحفظ كرامتنا
    ادخلتنا المرأة الكريمة إلى داخل المنزل وإلى الديوان
    حيث جلبت لنا سفرة كاملة فيها ما لذ وطاب
    أكلنا أكلا ما أظن اننى اكلته بعد ذلك البتة
    جيئ لنا ببراد شاى وقبله ماء وكله قد استقر فى مكانه الاثير
    تورد منا الوجه وجرت فينا الدماء وصح منا البدن وعادت لنا الحياة
    لما هممنا ان نشكر هذه المرأة الكريمة ونودعها إذا بصوت قوة يأتى من تلقاء المطبخ
    وكان صوتاً عظيماً:
    على الطلاق رجال
    كما رجال ما تعملوا العملتو دا !!
    حرم رجال العمل دا ما بعملوا إلا راجل
    إنه صاحب البيت قد جاء
    كان الصوت غير مطمئن ابداً
    ما هذا العملة التى عملناها هل لأننا دخلنا بيته بدون ان يكون حاضرا
    هل سوف يضربنا
    هل هذه النهاية
    وما هذه العملة التى عملناها
    كان صوت الرجل وهو يرفع عقيرته مدعاة لنا للهروب لكننا صبرنا
    الكاتل الله والبحى الله
    لما وصل الرجل إلينا مد إلينا اليد مصافحا بحرارة وكانت عيونه تشع بالإمتنان فحسينا بالأمان
    إذن الرجل يثمن وجودنا عنده
    قال لنا الرجل القطر دا فيهو كم زول ؟؟
    كتتتتير قلنا
    لى ما جو دقوا البيوت ؟؟
    لأنكم انتم كريمين ومن اسر كريمة عشان كدا جيتو دقيتو البيوت !!
    لم تستوعب عقولنا وقتها كلام الرجل إذا كيف تكون كريما وانت تدق بيوت الاخرين لكننا بعد ذلك علمنا ان الكريم بالضرورة لا يضام
    التحية لهذا الاسرة الكريمة المضيافة
    من أسر عطبرة الفتية
    التحية لربة المنزل الكريمة
    التحية لأهلنا فى السودان كله فى شماله وجنوبه وشرقه وغربه ووسطه
    التحية لهم والتقدير ومزيد الافتخار .

    (عدل بواسطة فضل الصادق on 07-21-2013, 02:56 PM)
    (عدل بواسطة فضل الصادق on 07-21-2013, 03:02 PM)

                  

07-23-2013, 11:57 AM

الأمين عبد الرحمن عيسى
<aالأمين عبد الرحمن عيسى
تاريخ التسجيل: 10-25-2011
مجموع المشاركات: 1680

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عندما تقطعت بنا السُبل تُري ماذا حصل ؟! (Re: فضل الصادق)

    Quote: على الطلاق رجال
    كما رجال ما تعملوا العملتو دا !!

    الأخ فضل الصادق
    تحياتي وزي ما قال الراجل .. علي الطلاق رجال..
    رجولتكم تتبدى في مواقف كثيرة خلال هذه الرحلة.. وليست فقط طرق الباب وأنتم جياع..
    . ...
    إستمتعت كثيرا بسردكم ورحلتكم .. لك الشكر
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de