|
Re: استاذ:Adrob abubakr. ممكن دقيقة? (Re: smart_ana2001)
|
حياك الله عزيزتي إسمارت في الواقع فقه المعاملات في الإسلام يحتاج كثير منه إلي إعادة ترميم كاملة من ناحية المصطلحات والمفاهيم والأحكام, لأن أصل هذه الأحكام من بنات أفكار المذاهب الأربعة, وقد تكون موافقة لعصرهم, ولكن بالتأكيد يختلف الوضع عن عصرنا, وقد تطورت المعاملات, وظهرت مفاهيم إقتصادية جديدة, وحتي القديمة أصبحت لها مدلولات مختلفة, وللأسف الشديد قعد الفقهاء عن الإجتهاد لمواكبة هذا التطور الهائل في المعاملات المالية والتجارية, وما زالوا ينهلون من فتات الفقه القديم, بذات المصطحات المربكة, وبمفاهيمها "المعقدة", وتمسكون بها حتي ولو لم يعد يجري التعامل بها علي أرض الواقع!!!!
ولهذا للآن لم يتم وضع تعريف دقيق لمفهوم "الربا", رغم الأهمية القصوي, مفهوما يصلح للمعاملات التجارية المعقدة في وقتنا الحالي, سواء بين التجار فيما بينهم أو بين التاجر والمستهلك, فما زال الحديث عندهم عن مبادلة "الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة" أو مقايضة "القمح بالقمح" أو "الشعير بالشعير", وهي نفس الأمثلة القديمة التي تتكرر عندهم دائما, كأن عقولهم حبست حتي الإتيان بأمثلة جديدة تستعين علي الأقل بطريق القياس بنمازج عصرنا الحالي!!!! والأخطر من ذلك أن خلطوا بين التحريم والبطلان وجعلوا من باب المعاملات المدنية والتجارية الأصل فيه التحريم بدل الإباحة, وجعلوا من العقد "قانوناً آمراً" بدل أن يكون "شريعة المتعاقدين", فحرموا التعاقد مع الغائب عن مجلس العقد, والبيع غير المنجز, وبيع الغرر, وبيع الشيء قبل القبض, وبيع ما عَجَز عن تسليمه حالاً, وبيع الثمار أو الزروع, وبيع حَبَل الحَبَلة, وبيع المضامين والملاقيح, وبيع الملامسة والمحاقلة, وبيع العَرَبون, وبيع حاضر لباد, وتلقي الركبان, وبيع النجش, وبيع الثنيا, والسوم على السوم, وبيع ما لم يُمْلَك إلا في سَلَم إلخ, فماذا تبقي من معاملات مدنية وتجارية لكي يتعامل بها المسلمون!!!!
بالمناسبة هذه الأمور لم يرد أي نص من القرآن فيها, إنما إعتمادهم في مجملها علي إجتهادات أئمة المذاهب, ومرويات قليلة من الأحاديث غير الثابتة!
أما بالنسبة للوصية, فحدثي ولا حرج, فهي من أكثر المواضيع التي تبين كيف أن السياسة بعد الخلافة الراشدة, خطفت الدين وإستغلته لخدمة السلطان, وكما هو الشاهد الآن عند كيزانا في السودان, وهذا ما يدعونا لعدم التسليم لكل ما ورد عن آراء الإئمة دون الإستيثاق منه, لأن يد سياسة بني أمية وبني العباس قد طالتهم ولم تستثني إستثمار إجتهادات هؤلاء الأئمة, إن لم تكن برعاية منها, وكما قلت أن "الوصية" وهي حكم أصيل وثابت في القرآن, يعد فرضا من الفراض وحداً من حدود الله, يسبق حتي توزيع التركة (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ), فقد نسخوا آية من أحكام الوصية بجرة قلم, بحديث, والغرض السياسي كان ينضح بوضوح, بشأن المنافسة بين الحليفين الذين أسقطوا دولة بني أمية, وهما بني العباس وآل علي, فتم بمقتضي هذا الحديث إقصاء آل علي بن أبي طالب من تولي السلطان, بسبب إدعائهم الوصية علي الإمامة من رسول الله, ولم يكتفي الفقهاء بذلك, بل حتي الوصية المسموح لها عندهم "من غير الوارث", حصروها, طبعا بحديث أيضا, في حدود الثلث!!!
(يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا, وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُواْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ, تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
كثير من الناس لا يعلمون أن الأصل في التركة والتصرف لما بعد الموت يكون بالأساس بمقتضي "الوصية", حيث لها الأولوية علي موضوع الإرث, فالإرث شرعا أمر مكمل للوصية, فلا ينطبق إلا في حالة عدم وجود وصية, أنها مثل أحكام القانون المدني, في مجملها ليست آمرة, بل مكملة لإرادة المتعاقدين, ويجوز لهما الإتفاق علي خلافها, فهي إبتداء إختياراً, ولكنها ملزمة إنتهاءً, وهذا ما هو عليه العمل حاليا في قوانين الدول الأوربية أيضاً. ومقتضي هذا أن الوصية غير محددة, وبخلاف ما يقولون الأولوية فيها علي الورثة (آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللَّه)
أما موضوع التأمين علي الحياة, فهو أيضا ظل مدار خلاف بينهم في حكمه, وحجتهم في ذلك أنه من الغرر أو الربا, كما يقولون, والربا في الحقيقة هي الفائدة الثابتة والمضافة إبتداءً علي أصل قيمة المبلغ أو الثمن, وتحسب فائدة علي فائدة إذا تأخر دفع الفائدة وتضاف لأصل القيمة أو الثمن, وهكذا تتضاعف الفوائد ويزيد رأسمال التاجر علي حساب غرم المستهلك (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ), وعليه هنا أن تتأكدي من عدم تضمين العقد بند الربا, أو عدم الدخول في العقد, إذا كنت لست متأكدة من الإلتزام بدفع أقساط التأمين, تجنبا لفوائد التأخير عن الدفع, أما الغرر فهو جهل المتعاقد بمصير العقد, من حيث الغنم والغرم, فإذا ربح أحد المتعاقدين خسر الآخر, أو العكس, ولهذا التشابه في النتيجة يشبهونه بالميسر وهم يرون أن المستأمن أو المؤمن ليس بإمكانهما إبتداء تحديد مدة العقد, ولا مقدار قيمة الأقساط التي ينبغي دفعها, فمن الجائز إذن أن يدفع المستأمن مثلا قسطاً أو قسطين, ويقع حادث يؤدي لموته, فيستحق كل التأمين, أو لا يقع الحادث, ويدفع كل أقساط التأمين, ويغنم المؤمن, هذا هو مضمون فتوي مجمع الفقه الإسلامي, ولكنهم في نفس الوقت أجازوا التأمين الإسلامي أو التكافلي, كما يقولون, وهو إتفاقهم علي تلافي الأضرارو في حال وقوع الكارثة, مقابل دفع الإشتراكات لصندوق التامين!!!
في الحقيقة الغرر هو الغش أو التدليس أو السحت أوأكل المال بالباطل, يحتمل كل هذه المعاني, وهو بالطبع محرم, ولكن حكمه في العقد يختلف حسب نوعه ومقداره, وما إذا كان في محل العقد أو في سببه, أو قد شاب إرادة المتعاقدين, ويدور حكمه بين البطلان المطلق أو القابلية للإبطال في حق من تقرر في مصلحته, ولكن تظل دائما القاعدة العامة "العقد شريعة المتعاقدين" هي التي تحكم العقود, ما لم يكن هناك تعاقد علي محرم في جنسه أو حكمه, والشرع يستهدف من كل هذا أولاً إستقرار المعاملة وثانياً حماية الطرف الأضعف, إذا كان من المستهلكين, وعليه فإذا تعاقد شخص ذو أهليه كاملة بإرادته الحرة, وهو واعي بأحوال العقد وبنوده, سواء تعاقد بنفسه, أو بواسطة محاميه, فلا مجال من بعد للإحتجاج بالغرر أو بغير الغرر. وعقد التأمين علي الحياة أولا سببه مشروع, وهو كفالة عيش كريم للأطفال المستأمن, حتي لا يتركهم بؤساء عالة علي غيرهم, وثانياً نتيجة العقد, صحيح أنها في رحم الغيب, ولكن من المؤكد أن وقوع حادثة الموت, أمر محقق حتماً, وثالثأ أقساط التأمين التي يدفعها المستأمن, سواء إستمرت طويلا أو قصيرا, فهي تقابل بنفس قدر تعويض المؤمن, في حالة حدوث الوفاة, بالتالي الأمر أمر معاوضة, بقدر ما يربح المؤمن بطول مدة دفع الأقساط, يربح في الإحتمال المقابل المستأمن إذا قصرت مدة دفع الأقساط, وهذا هو الأمر الطبيعي في التجارة, وهو إمكانية الربح أو الخسارة, أما بالنسبة living trust في الحقيقة هذه مثل حكم "الوقف" في الإسلام, فهي بالطبع جائزة, ولكن لا أنصح بها إلا إذا لديك أموال معتبرة أو عقارات.
والله أعلم
(عدل بواسطة Adrob abubakr on 04-22-2013, 11:20 AM) (عدل بواسطة Adrob abubakr on 04-22-2013, 11:58 AM)
|
|
|
|
|
|