|
اسمحوا لي بقراءة نوبية لنهيدات البنت عند الحردلو ووردي
|
يا بنت يا نهيداتا يا دوب قايمين شايلين تخا ورخا .. شايلين بنين وبنات
واحسب ان وردي عندما غنى للحردلو ( بلدي يا حبوب ) كان يشعر انه يغني لقيم نوبية بكلمات عربية يعبر بها عن مكنونه ومكنون أهلنا في الشمال بالعامية المحببة الى النفس والحردلو من منطقة التلاقح الاثني واللغوي بين أجمل الجينات واذكاها وازكاها ( جزيرة ناوا ) ارض الفراعنة ومملكة السحرة ومدلولها بالنوبية هو ( نا الروح وا الجزيرة) وتكون بالعربية ( جزيرة الارواح ) .. وهي منطقة تلاقي النوبة والبديرية الدهامشة وغيرهم من القبائل المأصلة في تلك الدائرة وتعتبر واحدة من أجمل سحنات أهل الشمال فقد استعرب فيها النوبة واستنوب فيها العرب وأخرجوا منها الكثير من الروائع الجمالية شكلاً وفكراً ومضموناً وقيماً فيها من العمق الديني والعقدي اكثر من مما هو موجود في العمق النوبي البعيد .. يا بنت يا نهيداتا .. يادوب قايمين شايليين تخا ورخا شايلين بنين وبنات وهناك وصف شبيه لهذه الابيات عن الشاعر النوبي جلال مراوارتي ليلي نرتي ميناوين فتر بوسكا نها شوكي قاوين ( نهود ليلى وهي تحمل المياه على رأسها ومن خلال صدرها المتبل تعلو تنخفض مثل تلك القرعة القرعة التي تعوم بها شباك الصيد في النهر .) وقد وصف جلال تلك النوبية التي تحمل الماء من النيل الى حيث مشاتل النخيل وهي رمزية الحياة والاستقرار وجمال الانثى مجسدة في النخيل بكل معانيه تماماً كتجسيد العطاء الانثوي الذي لا يتوقف وقد وصف تلك الجميلة التي تجلب الخير الى الخير .. ورذاذ الماء يتدفق على صدرها الناهد كرمز للانثى التي لا تتوقف عطاءها وأنها مكتنزة الصدر تماماً مثل تلك النخلة الممتلئة الساق وهي تحمل على اعطافها سبائط الخير والنماء .. هنا جاء الحردلو ليعمق في تلك الفلسفة والنظرة الجمالية المختلفة تماماً عن كل ما يثير الشهوات والغرائز السطحية .. أم الحردلوا فهو أعمق في معناه : يا بنت يا نهيداتا يادوب قايميين شاليين تخا ورخا شاليين بنين وبنات .. ويقصد بالرخاء والتخاء .. أن هذه الانثى هي أم المستقبل والتي ستأتي بكل اسباب القوة والسواعد التي تخرج تضرب الارض وتفجرخيراتها .. هي الام هي الرضاعة هي الحليب هي الصحة هي العافية وهذا صدر الذي هام به بعض صعاليك الشعر من اصحاب الادب الحسي كان لدى حردلو هو رمز للعطاء .. فالقوة الجسدية للتربال هي الاهم في سبيل توفير الخير والنماء .. فالساقية كل اعمالها تحتاج الى قوة جسدية هائلة صيانتها وتحريك مكوناتها من الاخشاب الضخمة وفي معارك مقاومة الفيضان .. فكان الوزن الخفيف ( من امثالنا فكان فقط زول مرسال ليس له قيمة اقتصادية او نفع مباشر لأهله ) .. فالشاعر عندما يكون ابن بيئته يطلق الرمز والكلمة ويكون قد عايشها او سمعها او شعر بها من خلال تعامله مع المجتمع من حوله ( حبوبات وامهات وذات القربى ..) .. وكانت تلك الام حريصة على زواج ابنها من نوع البنات المتكنزات الصدر والحجم لأنها رمزية العطاء وابجديات بناء القوة في الصدر الناهد الممتليء بالحليب والصحة ايذاناً بإنتاج رجل قوي الشكيمة مفتول العضلات ليس لغرض منه حرب او قتال او غارة ولكن ليسخرها في مصلحة المجتمع وبناء السواقي وتركيبها والتي تعتبر اجزاءها من المكونات الثقيلة الحجم وكذلك النشاط الزراعي الذي كان يحتاج الى قوة جسدية هائلة وهنا رمزية القيمة والفضيلة الى تسخير القوة الاضافية لصالح المتجمع لانتاج الخير والوفير من الزرع والضرع ليقي المجتمع شر المسغبة والجوع .. وكان الآخرون من غير الحردلو قد اسهبوا في ادخال الصدر والنهد في نطاق الغزل الحسي والوصف الايحائي .. ( نهيداتا برتكان يافا .. ) بل وقد تطرف بعض من مبدعينا الى ادخال حركة وصوت الى النهود والصدر ( ونهود تهتز .. تك تك ) وكأنها ساعة حائط .. وحتى الشاعر العربي الجميل نذار كان الصدر عنده من غير حركة او تفاعل : نهداك كرتان من ثلج الشمال هذه قراءة خاصة ربما اختلف معي البعض
|
|
|
|
|
|
|
|
|