|
Re: تعالوا نقرأ للكتاب النوبي ادريس علي ( اللعب فوق جبال النوبة ) (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
لنرجع لرحلة غادة التي بدأت من المحطة الى القرية على ظهر الحمار وهي رحلة وصولها من القاهرة الى المنافي .. ولكي يكون وصف الرحلة وبطلتها غادة صريحاً ومجرداً من غير ترميز فقد تعمد الكاتب بتقمص شخصية صبي في تاسعة ولم يبلغ الحلم ليطلق العنان لقلمه ويغوص في الوصف الحسي بدون اي رمزية مدعياً براءة الاطفال .. ولأن اللحظة لا تفسح المجال لأي رمزية وهو برفقة فتاة في غاية الجمال مقارنة بفتيات القرية بل وتشاركه بمرادفته على ظهر الحمار وتحضنه من الخلف وتضغط على ظهره بصدرها المكتنز وهو يرفع من وتيرة سرعة الحمار متعمداً لكي تشعر غادة بالخوف وتمعن في احتضانه من الخلف .. وقد ذهب الكاتب إلى ان ركوب الحمير كانت من المحرمات في القرية بالنسبة للشابات إلا ان عدم استطاعة غادة مجاراة جدتها شاية بالمشى لكونها قادمة من مجتمع القاهرة ولم تكن لديها القدرة والمعرفة في مجاراة ذلك المجتمع القاسي .. فكان السماح لها بهذه الممارسة وهي اشارة رمزية من الكاتب الى بدايات خروج الانثى من دائرة المحرمات والخطوط الحمراء المتعددة في ذلك المجتمع وحتماً فإن تأثيرات غادة قد بدأت تظهر قبل وصولها القرية . وفي هذا الجزء من الرواية وهي الرحلة من محطة الوصول الى القرية حيث يتجلى تأثير الكاتب بروايات ( الطيب صالح ) لأن مسرح الرواية لديهما متشابه تماماً فهو لدى الطيب صالح في شمال السودان او تخوم منطقة الدناقلة المستعربين ولدى ادريس علي في منطقة النوبة ( فاديجا ) في مصر .. ولأن الانثى في هذه المناطق تمتعت بكامل حقوقها عبر التاريخ فبالتالي فإن اخطاءها لا تغتفر لأن المجتمع يضعها في مكانة خاصة وهي تمثل المقياس الاخلاقي لسلوك اي اسرة وسمعتها .. واذا تطرقنا الى لغة الرواية فإن اللغة السائدة في مسرح الرواية هي الكنزية ( الدنقلاوية) واللغة الدنقلاوية ( الاندادي ) وبها مفردات يمكن ان تستخدم للتعبير في السياق العادي ولكن نفس التعبير في مواضع اخرى تكون من ( التابوهات ) .. واحسب ان الكاتب كان يفكر بالنوبية او ويترجمها الى العربية لأن في سياق القصة يمكن ان نرى بعض الشطط في الالفاظ والتي تكون عادية ولها سياقها في النوبية ولكن بمجرد انتقالها الى العربية بنفس التركيبة تكون من المحظورات ومثال ذلك : عندما تشكو غادة من آلام في مؤخرتها من جراء ركوبها على ظهر الحمار .. هنا لا يعبر الكاتب عن ذلك بأي تورية او كلمة مترادفه بل مباشرة بكلمة (.........) و يظهر تأثير اللغة النوبية في هذه الحالة لأن كلمة مؤخرة في النوبية هي كلمة واحدة ففي المحسية مثلاً ( دوكي نوسور .. نهاية القوز ) وفي الدنقلاوية مثلاً ( كان وسود .. اخر نقطة في المنزل ) ولكن غلظتها تأتي حسب موضع استخدامها .. واذا كانت القصة مكتوبة بالدنقلاوية لاختلفت التعابير تماماً ولم تكن من التابوهات ..
|
|
|
|
|
|