|
اين توارى هذا الصوت الملائكى..؟؟؟
|
عافية حسن صوت نسائى جاء الى الساحة الفنية السودانية متميزا و متفرداً بعبقه الممزوج باصالة النغم السودانى الجميل , يتسلل هذا الصوت الملائكى برفق الى مسامع المتلقى دونما تكلف , أمسكت كاريزماها الانثوية ذات الطغيان المريح بتلابيب الانسان السودانى المرهف الحس و المدوزن الدواخل و المموسقة اوتاره الوجدانية ذات الروعة و الجمال , (يا حنين زى عش العصفور) يا له من حس ينبع من بين ثنايا قلب غنى بالرومانسية الوافرة والغير خاضعة لعمليات التجميل أو المسوحات المزيّفة , اختفت هذه المطربة الموهوبة فجأة عن المسرح الغنائى دونما سابق انذار , و من غير تبيان للسبب الذى أدى الى أختفائها و تواريها من خلف قضبان المجهول , كثير من عباقرة الاغنية السودانية الناشئين قد انزووا و تركوا المجال للهناقين و الصاخبين للعربدة و التصايح باصوات لا تمت الى الجمال بصلة , هل لنا بغربلة لهذه الاصوات لاستبعاد النشاز منها الذى تسبب فى ابعاد الموهوبين عن سوح الغناء؟؟؟؟ صوت عافية حسن من الاصوات التى قلّما يجود به الزمان , يندفق اليك منساباً كانسياب السلسبيل العزب من بين الجروف و الجداول , لها صوت هامس يتغلغل الى الدواخل دونما تأشيرة دخول , أين هذه الانثى التى غطت مساحات الفضاء السودانى باغنيات رددتها بطريقتها البارزة و الواضحة ذات البصمة المختلفة , كعادتنا نحن السودانيون نميل الى سماع التأويلات الوهمية عندما يختفى مبدع و يتوارى عن الانظار فتجدنا ننسج الحكاوى و نؤلف الروايات فى سبب اختفاء هذا المبدع او تلك القامة الفنية الشهيرة , لقد سألنا عن هذه البُلبُلة الغِريدة و اكثرنا من أسئلتنا ولكن لا رجع لصدى استفهاماتنا المستمرة كمعجبين بهذه المطربة الشابة , هنالك من قال انها اعتزلت الغناء و منهم من قال و قال .. وحتى الان نحن فى انتظار الخبر الحقيقة . أين توارى هذا الصوت الملائكى الغارق فى بحور الرقة و الحنين و الاندياحات المفرحة , هذا الابداع يجب ان يستمر خاصة وان المنتوج الفنى الغنائى فى وطننا الحبيب بدأ فى الاضمحلال و الذبول خاصة بعد الرحيل المفجع للشابين الرائعين محمود و نادر , الجودة فى الاداء و اصالة الموهبة هما امران ضروريان يجب توافرهما فى أى مبدع كان , العافية تجذرت فيها هذه المتطلبات فعندما تقوم بتأدية الغناء يفوح منها عبق الابداع المجوّد و الأصيل فى كل الارجاء و يكون تأثيره مثل قوة تأثير عطر شانيل عندما يغزو بهو صالة مغلقة فتتناثر نفحاته عبر اثير تلك الصالة , لقد آن اوان ظهور وحضور هذه الفارسة لتدوزن اوتار المساءات الهنيئة بلحنها الغامر و الكاسح للروح المشبعة بالصفاء و النقاء و الحسن , كفى غياباً يا ايتها الحمامة الساجعة فهديلك افتقدته الافئدة الممحونة . فى بلادى المبدع لا يجد السند و الرعاية الكاملة ليستمر فى اتحافه للناس باعماله الفنية المرغوبة من قبل جمهوره , هنالك ظروف و اسباب و مسببات تعمل على جعل هذا المبدع يعيش حالة ابتعاد عما يجب ان يقوم به من تواصل مع معجبيه و المهتمين لامره , فدائماً ما تتدخل الظروف الاسرية و الشللية و الاقتصادية و الاجتماعية بالتسبب فى انزوائه بعيداً عن دائرة الضوء ’ يحدث هذا بالرغم من الدور الكبير الذى يلعبه فى اتخام كثير من البطون بالمال الناتج عن مبيعات اعماله الفنية , لقد تجسدت هذه الحالة على مطرب الشباب الذى رحل عن الدنيا فى 17 يناير الماضى , فمحمود رحمة الله عليه كان سبباً مباشراً فى غنى مالكى شركات الانتاج الفنى و تحويشهم للثروات الطائلة التى لم يجد منها مثقال ذرة من موقف فى محنته الاخيرة التى كانت سبباً فى مفارقته لدنيا اللئام , الشعوب لا تنهض الا باحترامها و دعمها لفنونها وتراثها , ومهما بحثنا عن الحل لمشكلاتنا فى دهاليز السياسة أو الرياضة ألا اننا جميعنا تجدنا متفقين على ان الفن هو القاسم المشترك الاكبر بين جميع مكوناتنا. متى يرقى اهتمامنا بالموهوبين و المبدعين الى مستوى تهيئة البيئة المادية و النفسية الصالحة حتى يقومون بدورهم الرائد فى بناء المجتمع و تهذيبه و الخروج به من حالة اللاتوازن التى يعيشها منذ زمان ليس بالقصير , أنها آمال و خواطر تغشانا من حين ألى آخر فنطرحها على الطاولة علها تشفى صدور قوم مبدعين ..
|
|
|
|
|
|