دحض الشبهات التي تثار حول العقوبات الشرعية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-28-2024, 04:02 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-25-2013, 07:18 PM

احمد سيد احمد
<aاحمد سيد احمد
تاريخ التسجيل: 01-23-2013
مجموع المشاركات: 1257

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دحض الشبهات التي تثار حول العقوبات الشرعية (Re: احمد سيد احمد)

    ثانياً : لقد أعلنت الشريعة الإسلامية أن الحدود تُدرأ بالشبهات ، وهي قاعدة
    فقهية كبرى ، أجمع على الأخذ بها جماهير الأئمة والفقهاء .
    ومعنى القاعدة : أن أي احتمال لعدم تكامل شروط إقامة الحد يطوف بالمتهم ،
    أو بالظرف الذي تمت فيه الجريمة ، يُسقط الحد ويلغي ثبوته . وعلى الحاكم أن
    يستعيض عنه بما يراه من أنواع العقوبات التعزيرية الأخرى .
    وإننا لنتأمل فنجد أن هذه الاحتمالات كثيرة متنوعة لا تكاد تتناهى ؛ وننظر ؛
    فنجد لها التطبيقات الكثيرة والمختلفة في عهد الصحابة والتابعين ، كما نجد لها
    التطبيقات المتنوعة في تخريجات الفقهاء وفتاواهم .
    فإذا ما ألغي الحد لشبهة ؛ فإن الجاني لا يؤخذ عندئذٍ إلا بمسؤوليتين اثنتين :
    أولاهما : التسوية الحقوقية ؛ إذا كانت الجناية مما يستلزم ذلك ، كالسرقة
    وقطع الطريق ، حيث يجب أن يغرم السارق ما قد سرقه .. وهو خطاب وضعي
    يُواجه به حتى مَنْ لم يكن أهلاً للتكليف .
    الثانية : عقوبة التعزير ، ويتخير الحاكم نوعها وكيفيتها وكميتها حسب ما
    تقضي به المصلحة ، ويحقق الغاية من شرع العقوبات ..
    فتلك هي قصة القسوة التي ينعت بها بعض الناس حدود الشريعة الإسلامية .
    وإنه لنعتٌ ظالم باطل ، يندفع إليه من لا يريد لهذه الأمة أن ترقى إلى شيء من
    الالتزام بمنهج الفضيلة والخلق الإنساني القويم . ويشفق على وباء الإباحية الذي
    تسفيه علينا رياح الغرب والشرق ؛ أن ينقطع سيله ، أو تسكن ريحه .
    وإنه لشيء مثير للعجب حقاً ؛ أن يُضخم أناس من مظهر هذه القسوة الخيالية
    التي عرفنا حقيقتها ، في غيبوبة من التأمل العقلي ، ثم لا يلتفتوا بأي نظرة إلى
    النتائج الإنسانية الحميدة التي تنبسط في ساحة المجتمع كله لدى اتخاذ قرار جاد
    بتطبيق هذه الحدود .
    وأعجب من هذا أن يعبِّروا عن مشاعر الرحمة في نفوسهم ، بصدد ما
    يتخيلونه من قسوة الحدود ، ثم لا يستشعروا أي رحمة بالمجتمعات التي تشيع فيها
    القرصنة وينتشر الإجرام ، وتزهق فيها الأرواح رخيصة طمعاً في تمزيق عِرْض
    أو الوصول إلى مال !
    ولَكَمْ سمعنا وقرأنا قصص أُسَرٍ طاف بها الموت في جوف الليالي خنقاً أو
    تذبيحاً ؛ ابتغاء اقتناص ثروة من المال !!
    كل هذه الشراسة المتوحشة لا تحرك قلوب أولئك الذين يمثّلون الرحمة
    والرحماء ، حتى إذا ما أقبلت الشريعة الإسلامية تلوّح بعصا التأديب التي لا بديل
    عنها لتقي المجتمع من هذه الفوضى والوحشية المرعبة ، وتغرس في مكانهما
    الأمن والنظام والرحمة ؛ استشعَروا القسوة فجأة ، وتذكروا الرحمة على حين
    غرة !! » [18] .
    * الشبهة الثالثة : أن العقوبات الشرعية تهمل شخصية المجرم وتأثير البيئة فيه :
    فهي لا تتفق مع النظرية الحديثة في تحليل نفسية المجرم ، وأنه مريض
    النفس ، منحرف المزاج ، متأثر بما حوله ، بل هو ضحية من ضحايا المجتمع ،
    والذي يعدّ مشتركاً معه لسبب أو لآخر فيما أقدم عليه ، فكان من العدالة أن يتقاسم
    معه المسؤولية ، وأن يعمل على علاجه لا عقابه [19] .
    - دحض هذه الشبهة :
    وهذه أيضاً شبهة داحضة من ثلاثة وجوه :
    الوجه الأول : أن الظروف المحيطة بالفرد ذات أثر بعيد في تكوينه ، والعقد
    النفسية والأمراض العصبية تدفع أحياناً إلى الجريمة . ولكن الإنسان مع ذلك ليس
    كائناً سلبياً بحتاً بإزاء هذه الظروف .
    إن عيب المحللين النفسيين ؛ أنهم - بطبيعة علمهم - ينظرون إلى الطاقة
    المحركة في الإنسان ، وإلى الغرائز الكامنة في ذاته ، والتي تدفعه إلى إشباعها
    والاستجابة لها ، ولكنهم لا ينظرون إلى الطاقة الضابطة له ، وإلى قدراته العقلية
    التي كان من المفترض أن تعقله عن الإقدام على ارتكاب الجريمة ، والاستجابة
    المطلقة لهذه الغرائز الدافعة .
    إنهم كما قال محمد قطب ينظرون إلى الطاقة المحركة ، إلى ( الدينامو ) ، ولا
    ينظرون إلى الطاقة الضابطة ، إلى ( الفرامل ) ، مع أنها جزء أصيل من كيان
    النفس البشرية غير مفروض عليها من الخارج .
    إن الطاقة التي تجعل الطفل يضبط إفرازاته فلا يتبول في فراشه بعد سنٍّ
    معينة حتى لو لم يدر به أحد ؛ لهي ذاتها ، أو شبيهة بها ، الطاقة التي تضبط
    انفعالاته وتصرفاته ، فلا ينساق دائماً وراء الشهوة الجامحة ، أو وراء النزوة
    الطارئة [20] .
    ولأجل هذا أسقط الإسلام الحدود والقصاص عن الصبيان والمجانين ، فلا تقام
    إلا على من كان بالغاً عاقلاً [21] .
    فما دام المجرم بالغاً عاقلاً مختاراً ؛ فإن أحواله النفسية وبيئته وثقافته لا تصلح
    مسوِّغاً لارتكاب الجرائم ، والاعتداء على الآخرين .
    كما أن هذه الأمور عائمة لا تقوم على أساس متين ولا يضبطها ضابط معين ،
    ولا حدود تنتهي إليها ؛ مما يؤدي إلى إفلات المجرمين من العقاب الرادع ، ومن ثم
    كثرة الجرائم ، وانتشار الفوضى ، وزعزعة الأمن والاستقرار [22] .
    قال الشيخ أحمد محمد شاكر : « إن بعض النظريات الحديثة ترفّه عن المجرم
    حتى يظن أنه موضع إكرام بما جَنَى ، وتدّعي أن القصد من العقاب التربية
    والتأديب فقط ، وأنه لا يجوز أن يُقصد به إلى الانتقام ، وتزعم أن الواجب درسُ
    نفسية ( الجاني ) ، فتُلتمس له المعاذير من ظروفه الخاصة ، وظروف الجريمة ،
    ومن نشأته وتربيته ، ومن صحته ومرضه ، وما يعتمل في جوانحه من عواطف
    وشهوات ، وما يحيط به من مغريات أو موبقات ، إلى آخر ما هنالك .. ونسي
    قائلوها أن يَدْرسُوا ( المجني عليه ) هذا الدرس الطريف ، ليَروا أيّ ذنب اجترح
    حتى يكون مهدداً في سرْبه ، معتدىً عليه في مأمنه من حيث لا يشعر !!
    ولم يفكروا أي الفريقين أحق بالرعاية : أمَن جعلته ظروفه ونشأته ونفسيّته
    وما إلى ذلك هادئاً مطمئناً ، لا ينزع إلى الشر ، فكان مجنياً عليه ، أمّن كان على
    الضد من ذلك ، فكان جانياً ؟!
    إن الله خلق الخلق وهو أعلم بهم ، وهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ،
    ويعلم ما يصلح الفرد ، وما يصلح الأمة ، وقد شرع الحدود في القرآن زجراً
    ونكالاً ، بكلام عربي واضح لا يحتمل التأويل » [23] .
    الوجه الثاني : أن الشريعة الإسلامية إذْ ترسم أحكامها لمعاقبة الجانحين
    والمجرمين ؛ لا تنطلق في ذلك من حصر المسؤولية فيهم ، وتحميلهم وحدهم عاقبة
    ما أقدموا عليه ، بل هي تجعل المجتمع مسؤولاً في بعض الحالات عن هذه الجرائم
    التي ارتكبوها ، وقاعدة درء الحدود بالشبهات أبلغ تجسيد لهذه الحقيقة ، وأوضح
    برهان عليها [24] .
    الوجه الثالث : أن رغبة المعترضين في جعل العقاب كالعلاج للمريض ؛
    متحققة في العقوبات الشرعية التي هي مبنية على أساس الرحمة بالمجرم والمجتمع .
    ولكن هؤلاء فاتهم أن العلاج لا يُشترط فيه أن يكون لذيذاً تشتهيه النفس ، فقد
    يكون كريهاً مرّاً ، وقد يتضمن إسالة الدماء وقطع الأعضاء ، وهو في جميع هذه
    الصور يبقى علاجاً موصوفاً بالرحمة في حق المريض ، خالياً من الانتقام منه .
    كما فات هؤلاء أن العقوبات شُرعت لوقاية المجتمع وتطهيره من جراثيم
    الأمراض ، والأعضاء الفاسدة التي سرت فيها الأمراض المزمنة والمعدية ، وغفلوا
    أو نسوا أن التغاضي عن هذه الأعضاء الفاسدة ، والتسامح معها ، رغبة في
    صلاحها وصحتها ، سينتج عنه تفاقم المرض واستفحاله ، وانتشاره في سائر الجسم ،
    فلم يستصح العضو ولم يسلم الجسم .
    وهذا هو الشأن في العقوبات ، فقد شُرعت لتكون علاجاً لمن لا يجدي معهم
    علاج الوعظ والتذكير والإنذار [25] .
    ثانياً : الشبهات الخاصة :
    * الشبهة الأولى : حول حد الزنا :
    يقولون : إن الزنا برضا الطرفين حرية شخصية ، وإقامة الحد في هذه الحال
    مصادرة لهذ الحرية التي يجب أن تصان ، كما أن حد الزنا فيه إهدار لآدمية المجرم ،
    وإيذاء له لم يعد مقبولاً في العصر الحديث [26] .
    - دحض هذه الشبهة :
    أما الاحتجاج بالحرية الشخصية إذا وقع الزنا برضا الطرفين ، فإنه قول
    متهافت مردود ؛ لأن الإنسان ليس حراً في فعل ما يضره ، أو يضر غيره . فله
    مطلق الحرية ، إلا فيما يعود عليه أو على غيره بالضرر .
    وقد ثبت بالشرع والعقل والحس أن الزنا شر سبيل ، وأن له أضراراً كثيرة
    على الزانيَيْن ، وعلى أسرتَيْهما ، وعلى مجتمعهما .
    وعليه ؛ فإن وقوع الزنا بالتراضي لا يبيح الزنا ، ولا يزيل أضراره وآثاره
    السيئة . فوجب معاقبة فاعله والأخذ على يده [27] .
    وأما القول بقسوة هذه العقوبة ، وإهدارها لآدمية الزاني بجلده أو رجمه ؛
    فالجواب عنه : أن الزاني هو الذي أهان نفسه وعرضها للإذلال والإهدار ، فإنه لو
    لم يفعل هذه الفاحشة المنكرة لبقي محترماً موفور الكرامة ، حرمته مصونة ، ونفسه
    معصومة [28] .
    وأما اتهام هذه العقوبة بالقسوة والشدة ، فقد تقدم الجواب عنه قريباً .
    * الشبهة الثانية : حول حد الردة :
    قالوا : إن هذه العقوبة القاسية مصادمة لمبدأ عدم الإكراه في الدين ، والذي
    قرره الله في أكثر من آية في كتابه ، كقوله تعالى : ] لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ
    الرُّشْدُ مِنَ الغَي [ ( البقرة : 256 ) ، وقوله : ] وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي
    الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [ ( يونس : 99 ) .
    وهي كذلك مصادمة للحرية الشخصية في اختيار الدين الذي يراه الإنسان [29] ، كما
    أنها سبب لانتشار النفاق في صفوف المسلمين [30] .
    - دحض هذه الشبهة :
    أما قولهم : إن حد الردة مصادم لما قرره القرآن من مبدأ عدم الإكراه في الدين .
    فإنه غير صحيح ؛ لأن الإكراه المنفي في الآيتين إنما هو الإكراه على الدخول
    في الإسلام ابتداءً ، فالإسلام يريد ممن يدخل فيه أن يدخله عن قناعة ورغبة
    واختيار ، وإدراك لحقائقه وميزاته ، وأنه الدين الذي ارتضاه الله لعباده ، وجعله
    مهيمناً على الأديان كلها ، ولن يقبل من أحد ديناً سواه . فإذا دخل فيه كذلك ، فليس
    له من بعد أن ينكص عنه ، ويشتري الضلالة بالهدى ، ويستبدل الذي هو أدنى
    بالذي هو خير ؛ إذْ ماذا بعد الحق إلا الضلال ؟ [31]
    وإن القلب الذي تذوَّق حلاوة الإيمان ، وعاش في ظلاله الوارفة ؛ لا يمكن أن
    يرتد عنه ، وينكص على عقبيه ، إلا إذا غلب عليه هواه ، وفسد فساداً لا يرجى له
    بعده صلاحٌ أبداً .
    ومن كان هذا حاله ، فجدير به أن يُقتل ويُستأصل .
    وأما قولهم : إنها مصادمة للحرية الشخصية في التدين بما يراه الإنسان .
    فالجواب عنه من وجهين :
    الوجه الأول : أن الحرية الشخصية مقيدة كما سبق بعدم الإضرار بالنفس أو
    بالغير ، والردة تلحق بصاحبها وبالمجتمع المسلم أشد الضرر وأبلغه .
    فبالردة يحبط عمل المرتد ، ويخسر الدنيا والآخرة . وبها يحصل العدوان على
    الدين ، والطعن في عقيدة الأمة ونظامها الذي تقوم عليه جميع شؤونها .
    الوجه الثاني : أن عقوبة الردة لا تتنافى مع الحرية الشخصية في اختيار
    العقيدة التي يرتضيها الإنسان ؛ لأن حرية العقيدة توجب أن يكون الإنسان مؤمناً بما
    يقول ويفعل . وبأن يكون له منطق سليم في انتقاله من عقيدة إلى أخرى ، وإعلانه
    ذلك أمام الناس .
    ومن أين يكون المنطق والعقل السليم ، لمن يخرج من ديانة التوحيد إلى
    الوثنية ؟ ومَنْ ذا الذي يخرج من دينٍ كلّ ما فيه موافق للفطرة والعقل المستقيم ،
    إلى دين مناقض للعدل والمصلحة ، ولا يستطيع العقل تسويغ ما فيه ؟
    لا يفعل ذلك أحد ، وهو ذو حرية فكرية حقيقية ، إنما يخرج من هذا الدين
    القويم اتباعاً للهوى ، أو جنوحاً إلى المادة يطلبها ، أو كيداً للإسلام وطعناً فيه . فإذا
    حارب الإسلام اتخاذ الأديان هزواً ولعباً وتضليلاً وعبثاً ؛ فإنما يفعل ذلك لحماية
    الفكر والرأي من هؤلاء العابثين والمخربين . وليست الحرية في أي باب من
    أبوابها انطلاقاً عابثاً لا يعرف حدوداً أو حقوقاً ؛ إنما هي اختيار مبني على حسن
    الإدراك وتبين الحقائق [32] .
    وأما قولهم : إن عقوبة الردة تؤدي إلى انتشار النفاق في صفوف المسلمين ؛
    لأن المرتد إذا علم أنه سيقتل أخفى على الناس كفره ، وأظهر ما ليس في قلبه .
    والحقيقة غير هذا ، فإن عقوبة المرتد من أكبر العوامل المانعة من النفاق ؛
    ذلك أن مَنْ يكثر منهم الارتداد هم الدخلاء على الإسلام لهوى أو طمع دنيوي ، أو
    رغبة في التجسس على المسلمين وكشف عوراتهم من الداخل ، فهم لم يدخلوه عن
    رغبة واقتناع ، وإنما دخلوه لتحقيق حاجة في نفوسهم ، فهم منافقون منذ دخولهم فيه ،
    عازمون على الارتداد عنه عند قضاء حاجتهم .
    فإذا علموا أن الموت ينتظرهم إذا ارتدوا ؛ امتنعوا من الدخول في الإسلام
    ابتداء ، وبهذا ندرك أن في عقوبة الردة قطعاً لرقاب المنافقين ، وليس فيها زيادة
    لعددهم [33]

    * الشبهة الثالثة : حول حد السرقة والحرابة :
    قالوا : إن العقوبة بتقطيع الأطراف فيها إضرار بالمجتمع ، وذلك بإشاعة
    البطالة فيه ، وتعطيل بعض الطاقات البشرية التي كانت تسهم في العمل والإنتاج ،
    وتكثير المشوهين والمقطعين الذين أصبحوا عالة على المجتمع بسبب عجزهم عن
    الكسب والإنفاق ، فيجب أن يستعاض عن هذه العقوبة بالحبس مع التربية والتوجيه
    [34] .
    - دحض هذه الشبهة :
    هكذا يزعمون !! وهو زعم ينقصه الإنصاف والنظر الصحيح ، بل هو
    مغالطة صريحة وقلب للحقائق .
    ذلك أن ترك السرّاق والمحاربين دون عقوبة رادعة ؛ يجعلهم يعيثون في
    الأرض فساداً ، ويهددون أمن المجتمع ، ويهتكون الحرمات ، ويقطعون على الناس
    سبل العيش والكسب ، ويعطلون مصالحهم ، ويخيفونهم في مأمنهم ، ويفجعون
    النساء والأطفال في مساكنهم ، ويسرقون جهود الآخرين ، ويستبيحون أموالهم بغير
    حق .
    كما أن ذلك يدعوهم إلى البطالة والقعود عن العمل والكسب المشروع ؛ لأنهم
    يستطيعون تحصيل ما يريدون عن طريق السرقة وقطع الطريق .
    كما أن العاملين المجتهدين في تحصيل الأموال بالسبل المشروعة سينقبضون
    عن العمل ، وينتظمون في سلك الكسالى العاطلين ؛ ما دامت أموالهم مهددة
    بالاستلاب والضياع ، فتتعطل الأعمال ، وتفسد الأحوال ، ويقعد الناس عن التكسب
    وجمع المال .
    ومعنى ذلك أن السارق لا يسرق المال فقط ، وإنما يسرق معه أمن المجتمع
    واستقراره وطمأنينته ، فكان في التساهل مع هؤلاء السراق خراب العمران ، وشل
    قدرات الإنسان ، واستنفاد طاقته ووقته وجهده في حفظ ماله وحمايته .
    كما أن السرقة تتبعها - في الغالب - أقسى الجرائم المباشرة من القتل
    والجرح ، وانتهاك الأعراض ، وهتك حرمات البيوت ، وغيرها . وإن السراق
    يتسلحون دائماً خشية الظفر بهم فيدافعون عن أنفسهم ، أو لقتل وجرح من يقف في
    طريقهم ، ويحول بينهم وبين تحقيق مرادهم ، أو يخشون منه أن يكشفهم ويعلن
    عنهم . ولا يكاد يمر يوم في المدن الكبرى من غير ارتكاب جريمة قتل لأجل
    السرقة .
    وقد سبق الكلام مفصلاً عن هذه الأضرار وغيرها حين الكلام عن الحكمة من
    مشروعية حد السرقة وحد الحرابة [35] .
    فقطع طرف واحد ، كما أنه تنكيل بالمجرم وزجر له ، فإنه يؤدي إلى زجر
    الجناة من أمثاله ، وحفظ مئات الأرواح ، وآلاف الأطراف سليمة طاهرة ، عاملة
    منتجة [36] .
    وأما دعوتهم إلى الاستعاضة عن القطع بالحبس - كما هو الحال في القوانين
    الوضعية - فقد شهد واقع الدول التي تطبق عقوبة الحبس على إخفاق هذه العقوبة
    في ردع المجرمين واستصلاحهم .
    وإن الطواف على السجون وعدّ نزلائها يرينا أنهم في ازدياد دائم وتفاقم
    مستمر ، فما ردعت السجون عن الجريمة إلا قليلاً [37] ، بل أصبح السجن مدرسة
    يتعلم فيها المجرمون كثيراً من فنون السرقة وأساليبها الخفية ، ثم يخرجون بعد ذلك
    أكثر خطورة وخبرة وإقداماً ، فصار السجن محضناً للإفساد وتلقين أساليب الإجرام ،
    وكسب متعاونين جدد من حدثاء العهد بالجريمة ، بل لقد جعلوا من السجن ساحة
    ممهدة لرسم الخطط ، وتقاسم المهمات ، يشاركهم إخوان لهم في الإجرام خارج
    القضبان .
    أضف إلى ذلك ما يخلق لديهم السجن من شعور بالعداء ورغبة في الانتقام
    للنفس ، وإثبات الذات [38] .
    كما أن السجن يؤدي إلى تحطيم الطاقات القادرة على العمل ، وقتل الشعور
    بالمسؤولية في نفس المجرم تجاه ذاته وأسرته ، ويحبب إليه القعود والكسل . حيث
    ينعم بتوفير وسائل الراحة والترفيه له ، وتقديم الغذاء والكساء والدواء له مجاناً طيلة
    بقائه في السجن .
    ولربما رغب في البقاء بالسجن طلباً لذلك الذي قد لا يحصله خارج السجن ،
    وقد يعاود الجريمة بعد خروجه منه من أجل العودة إليه ، والتنعم بما فيه ، وضمان
    لقمة العيش بين جدرانه .
    هذا فضلاً عما تخسره الدولة في الإنفاق على هؤلاء المساجين ، وحراستهم
    والقيام عليهم ، وما تخسره من تضييع جهودهم ، وهدر طاقاتهم ، وحبسهم عن
    العمل والكسب .
    وفضلاً عما ينتج من سجنهم من عزلهم عن بيوتهم وزوجاتهم وأولادهم ،
    وتعريضهم للحاجة والضياع .
    أضف إلى ذلك كله أن حبس المساجين عن مزاولة نشاطهم ، وحرمانهم من
    الاتصال بزوجاتهم ، وجمعهم في مكان واحد قد لا تتوفر فيه المواصفات الصحية
    الكاملة في أغلب الأحيان سبب مباشر لانخفاض المستوى الصحي والأخلاقي بينهم ،
    وانتشار كثير من الأمراض فيهم ، وانتقال العدوى من بعضهم لبعض .
    هذه بعض عيوب العقوبة بالحبس ، والتي ينادون بتطبيقها بدلاً عن العقوبة
    الشرعية [39] .
    والفرق الأساسي بين هذه العقوبة الوضعية وبين العقوبة الشرعية ، وسبب
    نجاح هذه دون تلك : هو أن العقوبة الشرعية قد وُضعت على أساس من طبيعة
    الإنسان ، وعِلْمٍ بما يزجره ويردعه .
    فإن السارق حينما يفكر في السرقة إنما يريد منها تكثير ماله ، وزيادة كسبه
    بكسب غيره ، فهو يستصغر ما يكسبه عن طريق الحلال ، ويريد أن ينميه من
    طريق الحرام وسرقة جهود الآخرين وثمرة أتعابهم .
    وهو يفعل ذلك ليزيد من قدرته على الإنفاق أو الظهور ، أو ليرتاح من عناء
    الكد والعمل . فهذا هو الدافع الذي يدفعه إلى السرقة .
    وقد حاربت الشريعة هذا الدافع في نفس الإنسان بتقرير عقوبة القطع ؛ لأن
    قطع اليد أو الرجل يؤدي إلى نقص الكسب ؛ إذْ اليد والرجل كلاهما أداة العمل أياً
    كان . ونقص الكسب يؤدي إلى نقص الثراء ، وهذا يؤدي إلى نقص القدرة على
    الإنفاق وعلى الظهور ، ويدعو إلى شدة الكدح وكثرة العمل ، والتخوف الشديد على
    المستقبل .
    كما أن قطع يده أو رجله فيه فضحٌ له وتشهير به ، وقطع للثقة فيه ، بخلاف
    ما كان يقصده بسرقته من الظهور والتباهي .
    فالشريعة الإسلامية بتقريرها عقوبة القطع ؛ دفعت العوامل النفسية التي تدعو
    لارتكاب الجريمة بعوامل نفسية مضادة ، تصرف عن ارتكابها .
    فإذا تغلبت العوامل النفسية الداعية ، وارتكب الإنسان الجريمة مرة ، كان في
    العقوبة والمرارة التي تصيبه منها ما يغلّب العوامل النفسية الصارفة ، فلا يعود إلى
    الجريمة مرة ثانية [40] .
    وأما عقوبة الحبس ؛ فإنها لا تخلق في نفس السارق العوامل النفسية التي
    تصرفه عن جريمة السرقة ؛ لأن عقوبة الحبس لا تحول بين السارق وبين العمل
    والكسب إلا مدة الحبس . وما حاجته إلى الكسب في المحبس وهو ملبى الطلبات
    مكفيّ الحاجات ؟ فإذا خرج من محبسه استطاع أن يعمل وأن يكسب ، وكان لديه
    أوسع الفرص لأن يزيد من كسبه وينمي ثروته من طريق الحلال والحرام على
    السواء ؛ لأنه لم يخسر شيئاً يحد من كسبه ، ويفقده ثقة الناس به .
    ولكنه إذا قطعت يده نقصت قدرته على الكسب نقصاً كبيراً ، ولن يستطيع أن
    يخدع الناس ويحملهم على الثقة به والتعاون معه وهو يحمل أثر الجريمة في جسمه ،
    وتعلن يده المقطوعة عن سوابقه .
    فالخاتمة التي لا يخطئها الحساب أن جانب الخسارة مقطوع به إذا كانت
    العقوبة القطع ، وجانب الربح مرجح إذا كانت العقوبة الحبس .
    وفي طبيعة الناس كلهم ، لا السارق وحده ، أن لا يتأخروا عن عمل يرجح
    فيه جانب المنفعة ، وأن لا يقدموا على عمل تتحقق فيه الخسارة [41] .
    كما أن عقوبة السجن فيها إخفاء للجريمة ، وستر على المجرم ، فتُنسى
    جريمته ، ويخرج من السجن وكأنه لم يقترف ذنباً ، ولم يرتكب جرماً . أما تطبيق
    الحد الشرعي فإنه بمثابة إعلان بالخط العريض ، يحمله المجرم حيثما كان ، معلناً
    دناءته وخسته ، وقبح فعله ، وسوء عاقبته ، فيرتدع بذلك كل من رآه أو سمع به ،
    فتنقطع جذور البلاء ، وينقمع المجرمون وأهل المطامع والأهواء . ذلك هو الأساس
    الذي قامت عليه عقوبة السرقة في الشريعة الإسلامية ، وهو السر في نجاح هذه
    العقوبة في الحد من السرقة أو القضاء عليها في البلاد التي طُبّقت فيها قديماً وحديثاً .
    لقد كانت الجزيرة العربية قبل تحكيم الشريعة فيها من أسوأ بلاد العالم أمناً ،
    فكان المسافر إليها وكذلك المقيم فيها لا يأمن على نفسه وماله وعياله ساعة من ليل
    أو نهار ، بالرغم مما له من قوة وما معه من عدة ، وكان كثير من السكان لصوصاً
    وقطاع طرق ، ديدنهم السلب والنهب ، والغارات والثارات .
    فلما طُبّقت الحدود أصبحت الجزيرة خير بلاد العالم كله أمناً واستقراراً ، يأمن
    فيها المسافر والمقيم ، حتى إنه لتترك الأموال على الطرقات دون حراسة ، فلا تجد
    من يسرقها أو يزيلها من مكانها على الطريق ، وتترك المتاجر مفتوحة أوقات
    الصلوات مدة غير قليلة ، والمعروضات في متناول اليد ، فلا يمسها أحد ، ويأخذ
    أصحاب الأموال ودائعهم من البنوك مهما كثرت غير متحرجين أو خائفين ،
    فيذهبون بها إلى حيث أرادوا وهم آمنون مطمئنون [42] .
    فقد أقامت هذه العقوبة الشرعية أعراب البادية الذين هم أجرأ من العقبان ،
    أقامتهم على سواء السبيل ، فلا تمتد يد أحد منهم إلى ما ليس له ، ولو كان في
    معرض ناظرَيْه ومتناول يدَيْه .
    وننظر في المجتمعات الغربية وغيرها من الدول التي تطبق القوانين الجاهلية ،
    ممن يرمون حد السرقة بهذه التهمة ، وكيف يعيش الناس هناك في فزع دائم ،
    وخوف مستمر من سطو اللصوص عليهم ، واعتدائهم على أموالهم وأنفسهم ، في
    الطرقات والمنازل والمصارف والمتاجر وغيرها ، جهاراً نهاراً ، يأخذون ما تصل
    إليه أيديهم ، دون خوف من رادع يردعهم ، أو عقوبة تنزل بهم ، اللهم إلا عقوبة
    السجن التي يجدون فيها كل ما يشتهون .
    ولو أنه أقيم عليهم الحد الشرعي للسرقة ؛ لتفيأ الناس ظلال الأمن والسكينة ،
    واطمأنوا على أموالهم ومصالحهم ، ولما رأوا أكثر من يد أو بضعة أيد تقطع خلال
    عام أو أكثر [43] .
    وكونها تشوه أو تعطل هذه القلة القليلة من المجرمين ؛ فإن هذا هو فعلهم
    بأنفسهم ، وهو جزاء ما اقترفته أيديهم من ظلم وإجرام . وهو أمر لا بد منه لحماية
    أمن الجماعة ، وتحقيق الطمأنينة للكافة .
    فهم حينما يقطعون يداً واحدة خائنة ؛ يحفظون نفوساً كثيرة ، ويصونون أيدياً
    أمينة عاملة لا تُعد ولا تُحصى .
    ويا ليت الناس يوازنون بين عدد المشوهين والمجروحين والمقتولين الذين
    جنت عليهم جرأة اللصوص والمجرمين ، وبين من يُقطعون لكف عدوانهم ، وقطع
    شرهم عن أنفسهم ومجتمعاتهم ، حتى يدركوا أن إقامة الحد الشرعي تأمين للمجتمع ،
    وتحصين لمصالح الناس ، وتوفير للطاقات العاملة ، والقوى البشرية المنتجة [44] .
    وصدق الله عز وجل حيث يقول : ] أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ
    اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ [ ( المائدة : 50 ) .
    قال الشيخ أحمد محمد شاكر مخاطباً رجال القانون في مصر ، وهو يقارن بين
    أثر العقوبة الوضعية والشرعية لجريمة السرقة : « وهذه جرائم السرقة ، ليست بي
    حاجة أن أفصّل لكم ما جنت كثرتُها على الأمة وعلى الأمن ، وها أنتم أولاء
    تسمعون حوادثها وفظائعها ، وتقرؤون من أخبارها في كل يوم ، وترون السجون قد
    ملئت بأكابر المجرمين العائدين ، وبتلاميذهم المبتدئين الناشئين ، ثم كلما زادوهم
    سجناً زادوا طغياناً . ولو أنهم أقاموا ما أنزل إليهم من ربهم ، وحدّوا السارق بما
    حكم الله به عليه ؛ لكنتم تتشوفون إلى أن تسمعوا خبراً واحداً عن سرقة . ثم لو وقع
    كان فاكهةً يتندّر الناس بها ؛ ذلك أن عقوبة الله حاسمة ، لا يحاول اللصّ معها أن
    يختبر ذكاءه وفنّه . نعم أنا أعرف أن كثيراً منا يرون أن قطع يد السارق لا يناسب
    مبادئ التشريع الحديث ! ولكن المسلم الصادق الإيمان لا يستطيع إلا أن يقول : ألا
    سحقاً لهذا التشريع الحديث ! أفَنَدَع الألوف من المجرمين يروّعون الآمنين ، لا
    يرهبون قوياً ، ولا يرحمون ضعيفاً ، في سبيل حماية يدٍ أو يدَيْن تقطعان في كل
    عام ، وقد يكون ذلك في كل بضعة أعوام ؟! [45] وأنتم ترون أنه قد تزهق عشراتٌ
    من النفوس لاختلاف على مبدأ سياسي ، أو لمظاهرة قد لا تضر ولا تنفع ؛ بحجة
    المحافظة على الأمن والنظام . لا تظنوا أنكم ستقطعون من السارقين بقدر ما
    تسجنون . فهاكم الأمن في الحجاز وبادية العرب ، وقد كان مجرموهم قُساةً لا
    يحصيهم العد ، وعجزت الحكومات السابقة عن تأديبهم بمثل قوانينكم ، فما هو إلا
    أن جاءت الدولة الحاضرة ، واتّبعت شرع الله وأقامت حدوده ، حتى استتب الأمن ،
    ثم لا تكاد تجد سارقاً هناك ، إلا أن يكون من الغرباء في موسم الحج » [46
                  

العنوان الكاتب Date
دحض الشبهات التي تثار حول العقوبات الشرعية احمد سيد احمد01-25-13, 07:13 PM
  Re: دحض الشبهات التي تثار حول العقوبات الشرعية احمد سيد احمد01-25-13, 07:18 PM
    Re: دحض الشبهات التي تثار حول العقوبات الشرعية احمد سيد احمد01-25-13, 07:19 PM
      Re: دحض الشبهات التي تثار حول العقوبات الشرعية احمد سيد احمد01-25-13, 07:40 PM
        Re: دحض الشبهات التي تثار حول العقوبات الشرعية الشفيع وراق عبد الرحمن01-25-13, 08:47 PM
          Re: دحض الشبهات التي تثار حول العقوبات الشرعية احمد سيد احمد01-25-13, 09:47 PM
            Re: دحض الشبهات التي تثار حول العقوبات الشرعية الشفيع وراق عبد الرحمن01-27-13, 11:11 AM
  Re: دحض الشبهات التي تثار حول العقوبات الشرعية احمد سيد احمد02-03-13, 01:22 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de