|
Re: وُلِدَ الْحَبِيبُ وَلاحَتِ الأنْوَارُ (Re: منتصر عبد الباسط)
|
اللوح التاسع
وَلَمَّا رَجَعَ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِن الشَّامِ سَأَلَتْهُ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلَدٍ *1 الْقُرَشِيَّةُ الأَسَدِيَّةُ، أن يُسَافَرَ لَهَا فِي تِجَارَةٍ وَمَعَهُ غُلاَمُهَا مَيْسَرَةُ *2 فَأَجَابَهَا نَبِيُّ التَّشْرِيعَاتِ. فَلَمَّا عَادَ مَيْسَرَةُ حَدَّثَهَا بِمَا رَأَى لَهُ مِن الآيَاتِ وَمَا حَكَاهُ فِيهِ نُسْطُورُ رَاهِبُ النَّصْرَانِيَّةِ، حَيْثٌ جَلَسَ تَحْتَ شَجَرَةٍ لَدَى صَوْمَعَتِهِ مِنْ وَاضِحِ الْعَلامَاتِ . وَأَنَّ مَلَكَيْنِ يُظِلاَنِهِ فِي الآنَاءِ الْحَرِّيَّةِ، فَعَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ لِتَرْقَى بِهِ عَلَى مَنَابِرِ الشَّرَفِ فِي حُضَيْرَةِ السَّعَادَاتِ . فَتَزَوَّجَهَا صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْدَقَهَا عِشْرِينَ بَكْرَةً عُرَابِيَّةً، وَكَانَ لَهُ إذْ ذَاكَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً وَلَهَا هِيَ أَرْبَعُونَ مِنَ السِّنِينَ الْقَمَرِيَّاتِ . وَلَمْ يَتَزَوَّجْ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَهَا وَلا عَلَيْهَا وَأَوْلَدَهَا جَمِيعَ الْبَنِينَ وَالذُّرِّيَّةَ، إلاَّ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَإنَّهُ مِنْ مَارِيَةَ *3 الْقِبْطِيَّةِ الْمُهْدَاةِ .
( يا رب صلَّ على الذات المحمدية ورقِّنا ببركتها الى كامل الدرجات )
اللوح العاشر
وَلَمَّا بَلَغَ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرْبِعِينَ سَنَةً مِنَ السِّنِينَ الْقَمَرِيِّةِ، بَعَثَهُ اللهُ بِشِيرًا وَنَذِيرًا إلَى كَافَّةِ الْمَخْلُوقَاتِ . وَقَرَنَ اسْمَهُ بِاسْمِهِ فِي الشَّهَادَةِ التَّوْحِيدِيَّةِ، وَأَيَّدَهُ بِالْحُجَّةِ الْقَاطِعَةِ وَالْقُوَّةِ الدَّامِغَةِ وَالأَلْفَاظِ النَّاصِعَةِ عَنْ شَوَائِبِ الرَّكَاكَاتِ . وَحُبِّبَ إلَيْهِ الْخَلاءُ فَكَانَ يَتَحَنَّثُ بِغَارِ حِرَاءٍ اللَّيَالِي الْعَدَدِيَّةِ، إلَى أنْ جَــاءَهُ الْمَلَكُ بِصَرِيحِ الآيَاتِ. فَقَالَ لَهُ اقْرَأْ فَقَالَ مَا أنَا بِقَارِئٍ فَغَطَّهُ غَطَّةً قَوِيَّةٍ، ثُمَّ قَــالَ لَهُ اقْرَأْ فَقَاَل مَا أنَا بِقَارِئٍ فَغَطَّهُ غَطَّةً ثَانِيَةً حَتَى بَلَغَ مِنْ ذَلِكَ النِّهَايَاتِ . ثُمَّ أَرْسَلَهُ وَقَـالَ لَهُ اقْــرَأْ فَقَالَ مَا أنَا بِقَــارِئٍ فَغَطَّهُ ثَالِثَةً ثُمَّ أَرْسَلَهُ وَقَـالَ لَهُ: ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) وَكَانَ بَدْءُ الْوَحْيِ إلَى الْحَضْرَةِ الْمُصْطَفَوِيَّةِ، ثُمَّ فَتَرَ الْوَحْيُ ثَلاثِينَ شَهْرًا لِيَشْتَاقَ إلَى انْتِشَاقِ هَاتِيكَ النَّفَحَاتِ . ثُمَّ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) عَلَى أَحَدِ الأَقْوَالِ التَّرْتِيبِيَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ تَوَاتَرَ الأَمْرُ إلَى أنْ تَمَّ نُزُولُ الآيَاتِ الْقُرْآنِيَّاتِ . وَقَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الأقْوَالِ الْمَرْوِيَّةِ، لِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبَ أَحَدِ الشُّهُورِ الْعَرَبِيَاتِ . جَاءَهُ جِبْرِيلُ بِالْبُرَاقِ مُسْرَجًا مُلْجَمًا وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مَلَكِيَّةٍ، فَلَمَا دَنَا مِنْهُ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنَعَ ظَهْرَهُ مُسْتَصْعِبًا بِنَفَرَاتٍ . فَقَرَعَهُ جِبْرِيلُ بِأصْوَاتٍ مِنَ الْكَلِمَاتِ التَّأْدِيبِيَّةِ، قَائِلاً لَهُ: مَا رَكِبَكَ أَكْرَمُ عَلَى اللهِ مِنْ مُحَمَّدٍ وَاسِطَةِ عِقْدِ النُّبُوَّاتِ وَعُمُومِ الدِّيَانَاتِ . فَأسْرِيَ بِرُوحِهِ وَجَسَدِهِ مِن الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ذِي الرِّحَابِ الْقُدُسِيَّةِ، فَرَبَطَهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي كَانَ يَرْبُطُ بِهَا النَّبِيُّونَ الْقَادَاتُ . ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ بِالأنْبِيَاءِ أوْلِي السَّبْقِيَّةِ، وَذَلِكَ لِرِفْعَةِ مَكَانَتِهِ وَتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِمْ فِي الْمَجَالِي الشَّرَفِيَّاتِ . ثُمَّ خَرَجَ فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ بِإنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإنَاءٍ مِن لَبَنٍ فَاخْتَارَ اللَّبَنَ لاشْتِمَالِهِ عَلَى الْمَعَانِي الْخَيْرِيَّةِ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ اخْتَرْتَ الْفِطْرَةَ أَيْ الاسْتِقَامَةَ عَلَى الْهِدَايَاتِ . ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إلَى السَّمَاءِ فَلَقِىَ فِي الأُولَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ عُنْصَرَ الْعَوَالِمِ الْبَشَرِيَّةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ ابْنَيْ الْخَالَةِ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَاءَ وَعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ مُحْيِي الأمْوَاتِ . وَفِي الثَّالِثَةِ يُوسَفَ بِصُورَتِهِ الْجَمَالِيَّةِ، وَفِي الرَّابِعَةِ إدْرِيسَ الَّذِي رَفَعَهُ اللهُ مَكَانًا عَلِيًّا كَمَا فِي مُحْكَمِ الآيَاتِ . وَفِي الْخَامِسَةِ هَارُونَ وَفِي السَّادِسَةِ مُوسَى وَهْوَ الَّذِي رَدَّهُ إلَى تَخْفِيضِ الصَّلَوَاتِ الْفَرْضِيَّةِ، فَرَجَعَتْ الْخَمْسُونَ إلَى خَمْسٍ وَلَهَا ثَوَابُ الْخَمْسِينَ مِنَ الصَّلَوَاتِ. وَفِي السَّابِعَةِ إبْرَاهِيمَ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ بِالتَّجَلِّيَاتِ الكُنْهِيَّةِ الذَّاتِيَّةِ، الَّذِي يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ ولا يَعُودُونَ إلَيْهِ إلَى يَوْمِ الْمِيقَاتِ . ثُمَّ ذُهِبَ بِهِ إلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى الَّتِي يَنْتَهِي إلَيْهَا عِلْمُ الْخَلائِقِ بِالْكُلِّيَّةِ، فَإذَا بَأرْبَعَةِ أنْهَارٍ يَنْبُعُ مِنْ أصْلِهَا نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنْهَرَانِ ظَاهِرَانِ وَهُمَا النِّيلُ وَالْفُرَاتُ . ثُمَّ رَقَى صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمُسْـتَوَى ثُمَّ إلَى الْعَرْشِ ثُمَّ إلَى الْمَرْتِبَةِ الرَّفْرَفَيَّةِ، ثُمَّ إلَى مَحَلٍّ تَعْجَزُ عَنْهُ الأفْهَامُ وَتَهَابُهُ النُّفُوسُ والْخَطَرَاتُ . فِإذَا النِّدَاءُ مِنَ الْعَلَيِّ الأَعْلَى: ادْنُ يَا مُحَمَّدُ ادْنُ يَا أَحْمَدُ، ادْنُ يَا لِسَانَ الْعِزَّةِ الأَقْدَسِيَّةِ، فَدَنَا مِن رَبِّهِ كَقَابِ قَوْسَيْنِ أَوْ أدْنَى أيْ كَقُرْبِ مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ وَفِيهَا غَيْرُ هَذَا مِنَ التَّأْوِيلاَتِ. وَرَأى صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ بِعَيْنَيْهِ الرَّأْسِيَّةِ، بَعَدَ أنْ بُسِطَتْ لَهُ بُسُطُ الإدْلالِ فِي حُضَيْرَةِ الْحَضَرَاتِ . وَهُنَاكَ قَدْ أَوْحَى إِلَيْهِ مَا أَوْحَى مِنَ الأَسْرَارِ الظَّاهِرِيَّةِ والْبَاطِنِيَّةِ، الَّتِي مِنْهَا مَا وَسِعَ الْمُلْكِيَّاتِ وَالْمَلَكُوتِيَّاتِ . وَمِمَّنْ قَالَ بِرُؤْيَتِهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ عَبَّاسٍ *1 وَغَيْرُهُ مِنَ الأئِمَّةِ السُّنِّيَّةِ، وَبِذَلِكَ اقْتَدَى ابْنُ حَنْبَلٍ *2 وَغَيْرُهُ مِنَ الأكَابِرِ السَّادَاتِ . فَعَادَ فِي لَيْلَتِهِ إلَى مَكَّةَ وَأَخْبَرَ قُرَيْشًا بِمَا رَأى مِنَ الآيَاتِ الشَّاهِدِيَّةِ وَالْغَيْبِيَّةِ، فَكَبُرَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَكَذَّبُوهُ وَصَدَّقَهُ الصِّدِّيقُ *3 فَِللَّهِ دَرُّهُ مِنْ صِدِّيقٍ حَسُنَتْ مِنْهُ الْبِدَايَاتُ وَالنِّهَايَاتُ .
( يا رب صلَّ على الذات المحمدية ورقِّنا ببركتها الى كامل الدرجات
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
وُلِدَ الْحَبِيبُ وَلاحَتِ الأنْوَارُ | منتصر عبد الباسط | 01-24-13, 01:15 PM |
Re: وُلِدَ الْحَبِيبُ وَلاحَتِ الأنْوَارُ | منتصر عبد الباسط | 01-24-13, 01:33 PM |
Re: وُلِدَ الْحَبِيبُ وَلاحَتِ الأنْوَارُ | منتصر عبد الباسط | 01-24-13, 01:42 PM |
Re: وُلِدَ الْحَبِيبُ وَلاحَتِ الأنْوَارُ | منتصر عبد الباسط | 01-24-13, 01:47 PM |
Re: وُلِدَ الْحَبِيبُ وَلاحَتِ الأنْوَارُ | منتصر عبد الباسط | 01-24-13, 01:55 PM |
Re: وُلِدَ الْحَبِيبُ وَلاحَتِ الأنْوَارُ | منتصر عبد الباسط | 01-24-13, 01:59 PM |
Re: وُلِدَ الْحَبِيبُ وَلاحَتِ الأنْوَارُ | منتصر عبد الباسط | 01-24-13, 02:04 PM |
Re: وُلِدَ الْحَبِيبُ وَلاحَتِ الأنْوَارُ | منتصر عبد الباسط | 01-24-13, 02:12 PM |
Re: وُلِدَ الْحَبِيبُ وَلاحَتِ الأنْوَارُ | منتصر عبد الباسط | 01-24-13, 02:42 PM |
Re: وُلِدَ الْحَبِيبُ وَلاحَتِ الأنْوَارُ | منتصر عبد الباسط | 01-24-13, 02:51 PM |
Re: وُلِدَ الْحَبِيبُ وَلاحَتِ الأنْوَارُ | منتصر عبد الباسط | 01-24-13, 06:27 PM |
Re: وُلِدَ الْحَبِيبُ وَلاحَتِ الأنْوَارُ | منتصر عبد الباسط | 01-24-13, 11:44 PM |
Re: وُلِدَ الْحَبِيبُ وَلاحَتِ الأنْوَارُ | منتصر عبد الباسط | 01-25-13, 00:00 AM |
Re: وُلِدَ الْحَبِيبُ وَلاحَتِ الأنْوَارُ | منتصر عبد الباسط | 01-25-13, 00:11 AM |
Re: وُلِدَ الْحَبِيبُ وَلاحَتِ الأنْوَارُ | منتصر عبد الباسط | 01-25-13, 00:23 AM |
Re: وُلِدَ الْحَبِيبُ وَلاحَتِ الأنْوَارُ | إسماعيل حسن | 01-25-13, 08:20 AM |
Re: وُلِدَ الْحَبِيبُ وَلاحَتِ الأنْوَارُ | منتصر عبد الباسط | 01-25-13, 12:29 PM |
Re: وُلِدَ الْحَبِيبُ وَلاحَتِ الأنْوَارُ | Sabri Elshareef | 01-25-13, 12:44 PM |
Re: وُلِدَ الْحَبِيبُ وَلاحَتِ الأنْوَارُ | منتصر عبد الباسط | 01-25-13, 02:02 PM |
Re: وُلِدَ الْحَبِيبُ وَلاحَتِ الأنْوَارُ | منتصر عبد الباسط | 01-25-13, 07:12 PM |
|
|
|