|
تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائرها
|
وثيقة: "الفجر الجديد".. النبيذ القديم والقنان الجديدة! "تذكر سيدي الجنرال.. تذكر سيدي الإمام, أن الشعوب سيدة مصائرها". أحمد ضحية (1-8): وقعت الأسبوع الماضي بكمبالا قوى الجبهة الثورية, وقوى الإجماع الوطني, على وثيقة جديدة وسمها الطرفان ب "الفجر الجديد". وما يجدر ذكره هنا أنهما –الطرفان- لم يقدما الدعوة, لكثير من أطراف المعارضة الأخرى, التي تعتبر أهمها القوى الموقعة على وثيقة: "جبهة الحراك المدني والشبابي للتغيير- ميثاق إعادة تأسيس الدولة السودانية". ما يكشف عن رغبة عميقة في إقصاء الآخرين وتهميشهم. وهذه الرغبة/ السلوك ظلت متأصلة في أعماق هذه القوى عبر تاريخها السياسي. المفارقة هنا أن التوجهات الفكرية والسياسية والثقافية والإجتماعية, التي حملتها وثيقة "الفجر الجديد" في جوهرها, لا تتنافى مع التوجهات نفسها, التي حملتها وثيقة جبهة الحراك, بإستثناء تبني قوى الإجماع آخيرا للخيار المسلح, إلى جانب الخيار السلمي, بعد أن قالت ما قالت في العمل المسلح! وتغنت بالنضال السلمي الذي"دفقت" في سبيله الكثير من الأحبار ولعاب الحناجر في التصريحات والبيانات واللقاءات؟!؟! ما يعد تطورا جديدا في "تاكتيكات" قوى الإجماع! في الواقع لم تكن لدي رغبة في التعليق على هذه الوثيقة "الفجر الجديد", لولا ما ذهب إليه أحد "الموالي" على صفحات سودانايل, حال أن تم الإعلان عنها, إلى إتهام كل من سوّلت له نفسه ب"نقدها" أو دعمها بأنه (خائن للدين والوطن)؟ وبطبيعة الحال أصبح شعار "الوطن والوطنية" المغلوبان على أمرهما, أشبه بفزاعة الطيورلدى كتاب وأبواق بعض القوى السياسية, والحركات. فهذا أمر مفهوم.. لكن ما هو غير مفهوم هو قصة "الخيانة للدين", التي يشرعونها كقميص عثمان؟! رغم أن الدين خيار يخص الفرد, وخصوصا أن الوثيقة موضوع التمجيد, قد حددت موقفها من علاقة الدين بالدولة في أكثر من موضع. ما جعلها إلى جانب كثير من النقاط الأخرى, تقترب في جوهرها من العلمانية, التي لا محل لمثل هذا النوع من الإتهامات من إعراباتها؟! وإن تم لي عنق اللغة العربية بتسمية الأشياء بغير أسمائها الحقيقية! السؤال الجوهري هنا أن قوى إستهلت مشروعها السياسي, لحل أزمة السودان, بالإقصاء المتعمد لقوى أخرى, كقوى جبهة الحراك المدني والشبابي, التي تشاركها إلى حد كبير في التوجهات, التي عبرت عنها وثيقة الفجر الجديد, لا يمكن وهذا ما أبتدرت به مشروعها لحل أزمة السودان, أن تكون جادة بقدر ما هي تسعى ل"تسويق النبيذ القديم في قنان جديدة".. فالإقصاء والتهميش كممارسة تاريخية متأصلة في الوجدان السياسي لهذه القوى, ظل "طوب الأرض" نفسه يجأر بالشكوى من توظيفه لهذا الحد, الذي وسم التحالفات والعمل الجبهوي في السودان, عبر تاريخه السياسي منذ الإستقلال حتى الآن؟! فالإقصاء يندرج تحت باب سوء النية والقصد, خصوصا عندما تستهدف به قوى لها زنها, الذي لا يمكن تجاوزه بحال من الأحوال, كالقوى المكونة لجبهة الحراك المدني والشبابي, والتي هي شريك أصيل في أي تغيير حقيقي في السودان, وبالتالي هي شريك في أي مشروع مبدئي وجاد يعمل على إعادة بناء وتأسيس الدولة السودانية, على أساس فصل الدين عن الدولة, وعلى أساس أن الشعب هو مصدر السلطات. إذن الإقصاء الذي سبق وصاحب التوقيع والإعلان, عن وثيقة الفجر الجديد يضعها في مسار "البرق الخُلّب" كسراب الصحراء يحسبه الظمآن ماء!. فمثلما الحقوق لا تتجزأ, فإن الأساليب والممارسات لا تنفصل عن المفاهيم والتصورات ما ظهر منها وما بطن!وهو القانون نفسه القائل بتطابق الشكل والمضمون وعدم إنفصال النتائج عن المقدمات, فأي خلل في هذه العلاقة, يودي بموضوع العلاقة برمته.
|
|
|
|
|
|