|
|
 حميد و عناصر الثقافة فى عم عبد الرحيم
|
تحياتي لكم جميعًا . هذا البوست قد كتبته من قبل فى منبر الحوار بالراكوبة تحت عنوان التصوير و التواصل و مكونات الثقافة فى قصيدة عم عبد الرحيم و قد رأيت أن أبدأ به كتاباتى فى هذا المنبر و معه بوست آخر بعنوان رأسمالية ما بعد الحرب الباردة سأقوم بنقله لاحقًا و بعدها سأبدأ كتابة بوستات جديدة تخص موقع سودانيز أون لاين .
الآن إلى موضوع البوست
يمكننا تناول قصيدة عم عبد الرحيم من زاوية النظر إلى محور التواصل ومحور جمالية التصوير ومحور مكونات الثقافة السودانية فى النص .
بما أن القصائد نصوص شعرية تعبّر عن الإحساس والإنفعال فيجب أن تتمتع بقدرة عالية على توصيل إحساس الشاعر وانفعاله وتحديد درجة ذلك الإنفعال حتى يتم نقل إحساس الشاعر إلى الشخص المتلقّى للرسالة وهو المستمع للنص أو القارئ له ، وللوصول إلى هذه الدرجة من التواصل بين الشاعر والشخص المتلقّى للنص ، لابد من إستخدام أدوات شرح مبسطة ودقيقة فى نفس الوقت .
اللغة والتصوير هما الشكلان الأفضل للتواصل ، والتصوير هو الأقرب لشرح الأفكار لأن الصور أكثر تأثيرًا من الكلمات والتى قد تلتبس معانيها على الشخص المتلقى لأن الشاعر قد يستخدم لغة رفيعة لا يستطيع الشخص المتلقّى فهمها وبالتالى تختل عملية التواصل حتى ولو كان النص به الكثير من الإبداع ، أما عملية التصوير نفسها فهى ترتبط إرتباط وثيق بالثقافة لأن كل الافراد بالمجتمع يختزنون فى أذهانهم صور ونماذج محددة للأحداث التى تمر بهم خلال فترة حياتهم وقد تكون تلك الصور صور مادية مثل صورة المنازل أو صورة التجمعات فى الأسواق و قد تكون صور معنوية أو ذهنية كصفات الشخص الشجاع أو مقوّمات الجمال عند المرأة . ليتواصل الشاعر مع الشخص المتلقّى بشكل ممتاز لابد أن يستخدم فى قصيدته لغة مفهومة أو صور مادية و ذهنية تخص المجتمع الذى يخاطبه وتنتمى إلى نفس الثقافة حتى لا تختل المعانى فيفقد النص دوره فى التواصل.
محور التواصل:-
إذا تناولنا اللغة كمحور أساسي للتواصل بين الأفراد فيمكننا تقسيم اللغة إلى مجموعة مفردات كل مجموعة تعبّر عن حالة محددة من الوصف أو الإحساس فهناك كلمات تصف المرض وكلمات تصف الحزن وأخرى تصف الحب ، كما أنّه فى كل مجموعة مفردات متشابهة يكون هناك إختلاف فى درجة الوصف بينها ، فمثلًا كلمة مُحِب و مولع وعاشق تنتمى لمجموعة واحدة يمكن تسميتها مجموعة الحب ولكنها تختلف فيما بينها فى تحديد درجة الوصف لأن محب تختلف فى درجتها عن مولع وكلاهما تختلفان عن عاشق . ليتم التواصل بين الشاعر والمتلقّى بصورة جيدة لابد من إختيار الشاعر لمجموعة الكلمات المناسبة و التى تعبّر عن الحالة التى يريد وصفها و التعبير عنها ويختار من تلك المجموعة الكلمة الأفضل والتى تتضمّن الإحساس المطلوب الذى يود الشاعر نقله إلى الشخص المتلقِّى ، إذا انطبقت هذه الشروط يكون من السهل نقل إحساس الشاعر وانفعاله إلى الشخص المتلقّى ولكن هذه الحالة ليست مطلقة وإنّما تحكمها استثناءات فمثلًا لو كان الشخص المتلقّى لا يحب الموضوع الذى تناوله الشاعر فمن البداية لا يكون مهيأ للتواصل ، كما أن الحالة المزاجية للشخص المتلقّى تؤثّر بصورة مباشرة على التواصل فمن كان فى حالة حزن لوفاة شخص عزيز عليه لا يمكن أن يضحك حينما يستمع إلى نكتة ، ليس لأن النكتة سيئة ولكن لأنه سمعها فى زمن غير مناسب فهو مهيأ للحزن فقط فلذا لا يتفاعل مع الفرح و لا يضحك. هناك جانب آخر أيضًا مربوط بالتواصل وهو الكلمات المستخدمة إذ يجب أن لا تنتمى إلى مجموعة يرفضها الشخص المتلقّى كالكلمات البذيئة مثلًا أو الكلمات التى تعبّر عن شريحة لا ينتمى إليها الشخص المتلقّى ، فالكلمات التى يقبلها المراهقون قد لا يقبلها الرّاشدون أو طبيب القرية ، كما أن الكلمات تختلف فى موسيقاها فهناك كلمات تنتمى لمجموعة مقبولة للشخص المتلقّى وتعبّر عن الإحساس الذى يطلبه ولكن الأذن لا تقبلها ويمكننى هنا أن أستعير مثال كتاب البلاغة فى كلمتى البعاق والمزنة واللتان تحملان نفس المعنى ولكن النفس تميل إلى إستحباب كلمة المزنة نسبة لخفّتها وموسيقاها . خلاصة القول أنّ الشاعر يمكنه نقل إحساسه و انفعاله إلى الشخص المتلقّى إذا اختار الكلمات التى تصف الحالة بصورة دقيقة واختار منها كلمات مقبولة للمتلقّى وذات وقع حسن على الأذن وكان المتلقّى فى حالة مزاجية تسمح له بقبول الرسالة الملقاة إليه من الشاعر .
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حميد و عناصر الثقافة فى عم عبد الرحيم (Re: وليد زمبركس)
|
محور التصوير :-
التصوير أعنى به استخدام الشاعر لصور مألوفة للشخص المتلقّى تساعده على فهم الرسالة الملقاة إليه من الشاعر ، وهو أسهل انواع التواصل لأن مقارنة الصورة المختزنة فى ذهن الشخص المتلقّى بالصورة الوافدة إليه من الشاعر تتم بسرعة دون الحاجة إلى الدخول فى تعقيدات لغويّة أو صعوبة فى فهم المعانى وهذا يساعد المتلقّى على فهم الرسالة بشكل أوضح كما أنّ الأفراد فى العادة يختزنون الصور فى أذهانهم لفترات أطول من إختزانهم للمعانى والأوصاف ، لذلك نجد أن الشاعر الذى يحرص على صياغة أفكاره فى قوالب صوَرِيّة مألوفة للأفراد يكون بإمكانه التواصل معهم بسهولة كما يمكنه أن ينقل لهم إحساسه من خلال هذا التواصل إذا اختار الصور التى تعبّر عنهم فالشخص المسالم مثلًا لا يحب رؤية صور العنف كما أنّ الشخص البدَوِي يميل إلى الصور التى تعكس بيئته فهى الأقرب إلى مزاجه و بالتالى يجد نفسه يفَضِّلها عن الصور التى تصِف المدينة والزِّحام . إذن فعلى الشاعر أن يختار صوره من مجموعة الصور التى تنتمى إلى ثقافة الشخص المتلقى ويختار من تلك المجموعات المجموعة التى يقبلها المتلقى والتى تعبّر عنه حتى يستطيع الشاعر التواصل مع المتلقّى وينقل إليه إحساسه بصورة واضِحَة و دقيقة .
محور مكونات الثقافة :-
أقصد بالثقافة هنا ثقافة المجتمع والتى هى الكل المركّب من الأفكار و العادات والتقاليد والقانون والأعراف والفنون وغيرها مما يهم الأفراد داخل المجتمع ، وبما أن الأفراد يكتسبون ثقافتهم من المجتمعات التى يعيشون بها فمن الضرورى أن يكون هذا الإكتساب يختلف من شخص إلى آخر وبالتالى فعلى الشاعر أن يختار مجموعات ألفاظه وصوره من المجتمع الذى يود مخاطبته كما أنه يجب عليه تحديد الصور واللغة التى تتناسب مع الأفراد الذين يخاطبهم داخل ذلك المجتمع ، فاللغة التى تصلُح لخطاب المعلّمين قد لا تصلح لخطاب الطلّاب كما أن الفئات العمرية لها دور واضح فى عملية التواصل وكذلك الجنس و المِهَن والوظائف لأنّه داخل المجتمع الواحد هناك مجموعات صغيرة تتماثل فى سلوكها وبالتالى يتشابه أفرادها فيما بينهم ويختلفون قليلًا عن المجموعات الأخرى داخل نفس المجتمع ، مثل الطرق الصوفية أو الطّوائف الدينيّة و القبائل . الشاعر الذى يختار مفرداته وصوره البيانيّة بدقّة تتماشي مع ثقافة المجتمع يكون قد أعطى نفسه فرصة كبيرة لضمان التواصل لأنّ عامِل الإبداع وحده ليس كافيًا للحصول على هذا التواصل وإنما القبول للأفكار المطروحة هو حجر الزاوية فى عملية التواصل كما أن سلوك الشخص صاحب الرسالة قد يكون موضع إهتمام من أفراد المجتمع خاصّة فى المجتمعات الرّيفيّة الصغيرة ، فالشاعر الذى يؤمن بما يطرحه ويطبّق آراءه فى حياته اليومية يكون موضع احترام من الجميع وبالتالى يكون غدوة وهذا الوضع يسهّل عليه التواصل مع أفراد المجتمع . لكل مجتمع قِيَم يُعلِى من شأنها فهناك مجتمع يعلى من قيمة الأغانى الحماسية ومجتمع يعلى من قيمة التفانى فى العمل وآخر يعلى من قيمة الإبتسام فى وجوه الضيوف و العابِرين ، فالشاعر الذى يتناول فى شعره مواضيع عالية القيمة عند المجتمع الذى يخاطبه يجد سهولة فى التواصل مع أفراد ذلك المجتمع .
خلاصة القول أنّ الثقافة هى المحرّك الأساسي لقبول أو رفض الأفكار والفنون وغيرها ، فعلى الشاعر أن يتعرّف على ثقافة المجتمع الذى يخاطبه ويحدّد أىّ عناصر الثقافة عند ذلك المجتمع تمثّل مجال إهتمام عال عند الأفراد وبالتالى يركّز الشاعر على إختيار مفرداته و صوَرِه البيانيّة من تلك الجزئية التى يهتم بها المجتمع ليجد سهولة فى التواصل مع الأفراد وبالتّالى يستطيع أن ينقل لهم إحساسه ودرجة انفعاله بأفكاره التى يريد توصيلها إلى ذلك المجتمع لكسب تعاطفه وبالتالى قبول الأفكار والآراء الموجّهَة إليه من ذلك المُرسِل
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حميد و عناصر الثقافة فى عم عبد الرحيم (Re: وليد زمبركس)
|
فتاح يا عليم رزاق يا كريم صلى على عجل
همهم همهمة
حصن للعباد وهوزز سبحتو ودنقر للتراب
هم فوق هم هما
لقد اقترب الأستاذ الشاعر حميد من جمهوره منذ الوهلة الأولى وتودد إليه باختيار لغة خطاب عامية سلسة ينتمى إليها كل فرد فى ذلك المجتمع بعمق ، فهى تمثل التراث والتاريخ والحضارة بل والهوية ، لأن المجتمعات الصغيرة يتعرّف أفرادها على الآخرين من خلال اللهجة واللغة و التى هى بمثابة جواز سفر يتنقل به الفرد بين الآخرين بحرية وفخر واعتزاز بذلك الإنتماء العميق وكأنما أراد حميد أن يذكرهم بأنه واحد منهم ويفتخر ويعتز بهذا الإنتماء ، هذه الروح الطيبة التى بادر بها حميد تجعل كل أفراد المجتمع يحسّون بهذه الخصوصية التى ادّخرها لهم حميد وبالتالى يكونوا مهيئين لقطف المزيد من هذا التواصل الجميل ، كما أن الأستاذ حميد إستخدم معرفته العميقة بثقافة مجتمعه وعرِف أن الدّين مكوّن أساسي لتلك الثقافة فابتدر قصيدته باختيارمجموعة ألفاظ تدل على التوكّل رغم الإحساس بالهموم والتى من كثرتها بدا عم عبد الرحيم مشغولًا فصلّى على عجلة من أمره ، مشهد صلاة عم عبد الرحيم على عجل وهمهمته بكلمات التوكّل إنما هو صورة مختزنة فى ذاكرة أى فرد من أفراد ذلك المجتمع وقد إستدعى حميد تلك الصورة لتنشيط ذاكرة الأفراد وشد انتباههم والتأكيد لهم بأنه واحد منهم يحس بهمومهم فهل هم على استعداد لسماعه. كما ان حميد لم يقتصر على توجيه الخطاب لأفراد مجتمعه فقط فهو بسعيه وراء تجسيد صور تمثل الهموم إنّما عمِل على التمدد بغرض التواصل مع مجتمعات أخرى تشاركهم نفس الأشواق و الهموم.
صنقع للسما وكان في الجو في غيم
وكم نجمات بعاد .. وكان الدنيا صيف
لا قالتو كيف اصبحت كيف ..
لا لمسة حنان ..
لا لمسة وداد .. لا رمشة طريف
من قلبًا وفي زي ايام زمان ايام الدفي
كانت ماها في
كانت في المراح ..
شدتلو الحمار تحلب في الغنم ..
لــي شاي الصباح والطير ما نضم ..
ما رسل نغم .
عمّق حميد جذور التواصل بينه وبين جمهوره والذى بدأه باختيار اللغة المناسبة وزاده قوّة باستدعاء الدّين من ذاكرة الأفراد حتى يطمئنوا على حسن نتيّة وختم لهم هذا التواصل بمنحهم صورة ومشهد يومى للصلاة يراه الجميع حتى يرسّخ لهم المعانى التى يرمى إليها ويجعلهم مهيّئين لتلقى المزيد من أفكاره التى تتضمنها القصيدة. إكتمالًا للمشهد الذى رسّخه حميد فى ذاكرة أفراد مجتمعه فهو يذكرهم بأن تلك الهموم لم يعتادوا عليها من قبل وذلك من خلال تصويره لعم عبد الرحيم وهو ينظر للأرض مرّة وللسماء مرّة أخرى وكأنه يتفحّص العالم من حوله ليتأكد أنه فى يقظة وليس فى حلم خاصة عندما لم يجد الملاطفة التى إعتاد عليها من زوجته والتى كانت مشغولة أيضًا وبعيدة عن أنظاره وذلك مشهد لم يعتاد عليه ، عم عبد الرحيم يعرف ملامح الطبيعة المحيطة به معرفة القروى الذى إرتبط بمجتمعه فهو يعرف كل تفاصيل ذلك المجتمع لأنه يوافق عليها جميعًا ويشاهدها باستمرار لأن الأحداث فى حياته مألوفة وتكاد تكون مكررة ، فهو يعرف الأرض كما أنه يعرف ملامح السماء لذلك فهو لا يحتاج لأكثر من نظرة لمقارنة المشاهد التى يراها أمامه بالتى يختزنها فى ذاكرته ليعرف أنه فى واقع وليس حلم.
زوجته أمونة ( أم الحسن ) صوّرها حميد تصوير دقيق وكأنه إنتقل بنا من وصفية الشعر إلى حركية المسرح أو سردية الرواية فهو يصف الزمان والمكان ويعطى أهمية كبيرة للأحداث اليومية المألوفة ويعرضها وكأنها شئ نادر يستدعى الإنتباه ، فأم الحسن تؤدى دور أساسي فى المجتمع وليس هامشي كما قد يتبادر للذهن لاعتياده على تكرار ذلك المشهد وهو مساندتها لزوجها والإهتمام بشئون الأسرة ككل القرويات وهى ملتزمة بهذا الدور لذلك تستيقظ له منذ الصباح وهو أمر لا يقبل المناقشة وإنما هو جزء من أنماط الحياة بالمجتمع وتقسيم الأدوار بين الرجل والمرأة والتى تتكامل وتصب فى مصلحة الأسرة والمجتمع ، تركيز الشاعر على تصوير وعرض هذه الأحداث اليومية إنما هو نوع من التواصل بينه وبين أفراد مجتمعه والذين يختزنون فى ذاكرتهم كل تلك المشاهد ولا يحتاج حميد لأكثر من الإشارة إليها ليدفعهم لفهم ما يرمى إليه دون الدّخول فى متاهات الوصف والتفصيل ، كما أنه باستخدامه لغة الخطاب اليومى لمجتمعه أعطى لنفسه فرصة أكبر فى التعبير عن أفكاره وأتاح لها فرصة نادرة للتواصل بينه وبين جمهوره لا تتوافر فى أى لغة أخرى وبالتالى بإمكانه طرح أفكاره التى يريد توصيلها للمجتمع دون تردد فهو موضع ثقة من حيث نواياه لأن الجميع يعرف إنتماءه لهم وجدانيًا وثقافيًا وهو يعبّر عنهم بلغة يفهمونها ونماذجه مأخوذة من حياتهم اليومية فهى تعبّر عنهم وعن أشواقهم ولذلك فهو يمثلهم.
يتواصل
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حميد و عناصر الثقافة فى عم عبد الرحيم (Re: وليد زمبركس)
|
عم عبد الرحيم اتوكل نزل
في المشرع لقى زملان الشقا
الجا من الجريف ..
الجا من الجبل ..
عل الناس بخير ..
صبح هاظرهم نقنق ناقرهم وغاظوه ونعل
وعم عبد الرحيم ما بخبر زعل
كل الناس هنا ما بتخبر زعل
تزعل من منو وتزعل في شنو
كل الناس هنا.. كل الناس صحاب .. كل الناس اهل ..
والماهم قراب قربهم العمل
الطاق اليطق
عشت ابو الزمل بالحال العليك بالفال بالامل
الأستاذ حميد يحمل إنفعال عالى بقضايا مجتمعه وهو يسعى دائمًا لتصدير ذلك الإنفعال إلى جمهوره وأفراد مجتمعه وهو يعرف مواطن القوة فى ثقافة ذلك المجتمع ويعلم أى عناصر تلك الثقافة هى التى تحوز على درجة عالية من إهتمام الأفراد ، لذلك لجأ حميد إلى إنتقاء نماذج لأبطال إفتراضيين يمثلون ثقافة ذلك المجتمع وعمد إلى تحريك الأحداث بشكل رائع نتجت عنه مسرحة لأفكار القصيدة وتحويل أبطالها من العالم الوصفى والإفتراضى إلى عالم المشاهدة المحسوسة باستدعاء تلك الصور المختزنة فى ذاكرة الأفراد والتى يقوم حميد فقط بتنشيطها خلال ذلك الإستدعاء ، وهذا الأمر شائع فى شعر حميد فهو يتحدث مرة عن ست الدار بت احمد ومرة عن السرة بت عوض الكريم ومرة عن الضو ومرة عن عيّوشة وعم عبد الرحيم والزين ود حامد ، فهذه النماذج التى يختارها حميد إنما هى تمثل قيادات إفتراضية لتوجيه الجماهير إلى العمل من أجل حسم مواقفهم تجاه الصراع الدائر فى المجتمع من حولهم واتخاذ رأى موحّد للوصول إلى ذلك الموقف وبالتالى القدرة على تغيير الواقع . الأستاذ حميد لم يقف عند حدود التجارب المعروفة فى توجيه عمل الجماهير بالخطاب المباشر وإنما سعي إلى الشعر ، واختيار حميد لآلية الشعر إنما هو اختيار نابع من معرفة عميقة بثقافة مجتمعه والتى يمثل الشعر أحد أركانها الأساسية ، إختار حميد قياداته الإفتراضية بدقّة متناهية واهتم بأن تناقش تلك القيادات الإفتراضية قضايا ومشاكل المجتمع.
مشهد خروج عم عبد الرحيم من المنزل بعد أن جهّزت له زوجته الحمار وإطلاق لفظة التوكّل لوصف ذلك الخروج إنما هو مشهد معتاد للجميع من أفراد المجتمع فالكل يركبون الحمير والكل يتوكلون على الله ، إذن فذلك عنصر من عناصر الثقافة السائدة فى المجتمع والذى لا يتوقف عنده شخص بالسؤال ماذا يقصد حمّيد بهذا المعنى لأن المعنى مشتق من الحياة اليومية للأفراد ويتضمّن اختيار حمّيد لهذا الوصف درجة عالية من استخدامه لعناصر الثقافة فى قصائده لحسم أمر التواصل بينه وبين أفراد المجتمع وبالتالى ضمان وصول المعانى المقصودة إليهم دون عناء . حال زملاء عم عبد الرحيم عندما قابلهم كانت تحكى عن واقع المجتمع فمنهم من جاء من الجروف ومنهم من جاء من الجبل وهنا إشارة لمكوّن آخر من مكونات الثقافة وهو الإهتمام بأمر العمل وهناك مكوّن آخر من مكونات الثقافة أيضًا وهو إهتمام أفراد المجتمع بالسؤال عن أحوال بعضهم البعض ، كما أن حالة الوصف للمزاح الذى دار بين عم عبد الرحيم وزملائه إنما هو عنصر آخر من عناصر الثقافة وهو عمق العلاقات الإجتماعية بين الأفراد حيث لا يوجد زعل بينهم وحتى الأغراب عن المجتمع مجرد قبولهم العمل فى ذلك المجتمع يكفى لأن لا يعاملوا كأغراب ، إيراد حميد لجملة الطاق اليطق ( بمعنى العايز يطق إن شا الله يطق أو بمعنى محل رقيقة تتقدّ) ، هذا المعنى العميق يدل على إهتمام الجميع بتوثيق علاقاتهم مع بعض وما عدا ذلك فلا يهمهم كثيرًا ، إختيار حميد لهذا المشهد يدل على معرفته بتفاصيل ثقافة مجتمعه فهو يختار لهم من تلك الثقافة أفضل العناصر والتى تنال درجة عالية من إهتمام أفراد المجتمع و إعجابهم مثل قيمة العمل وقيمة الإهتمام بالآخرين وقيمة توثيق العلاقات الإجتماعية بين الأفراد وهذا الإختيار من حمّيد إنما هو مقصود لغرض إشراع أبواب التواصل بينه وبين مجتمعه لأن الأفراد يضعون إعتبار خاص لمن يهتم بقضاياهم ويحترم ثقافتهم وبالتالى من خلال هذا التواصل يمكنه نقل إنفعاله لأفراد المجتمع من خلال قصائده التى يسهل فهمها للجميع لانطلاقها من ثقافتهم ومناقشتها قضاياهم اليومية مما يجعل قصائده ناطقة باسمهم ومعبّرة عن همومهم ولذلك يقبلونها ويتبنون أفكارها ويعتبرونها تمثلهم، واختيار حميد الإهتمام بالتركيز على قضايا المجتمع ليس ناتجًا فقط من أنه عضو بذلك المجتمع ولكن ناتج أيضًا من قناعته بأن أفراد مجتمعه يمتلكون مواطن قوة كبيرة يستقونها من ثقافة التآخى والتضامن والإهتمام بالآخر والتفانى فى العمل ، وهذه نقاط قوّة يمكن ان تساعد أفراد المجتمع فى تغيير الواقع إلى واقع أفضل ويرى حميد أن دوره يجب أن يكون توجيه أفراد المجتمع ليبلغوا تلك المرحلة من الوعى بقضاياهم والتى تحدد لهم مشاكلهم الحقيقية وما هى الجهات المسئولة عن تلك المشاكل حتى يتمكنوا من مواجهتها بقوتهم التى يعرفها ويثق بها ، لقد نجح حميد بدرجة عالية فى جعل شعره شعرًا شعبيًا يمثل الجميع لأن القضايا التى تناولها تكاد تكون مشتركة بين جميع مناطق السودان وأولها الفقر والتسلّط والتهميش و لهذا فإن شعره يجد القبول فى كل أنحاء السودان وحتى المناطق التى تختلف لهجاتها عن لغة الخطاب التى إستخدمها حميد تجد القبول للصور والنماذج والأبطال الإفتراضيين الذين إختارهم حميد فى قصائده بهدف زيادة وعى الجماهير
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حميد و عناصر الثقافة فى عم عبد الرحيم (Re: وليد زمبركس)
|
عم عبد الرحيم .. كت فلّاح في يوم فى ايدك تنوم على كيفك تقوم
لا دفتر حضور لا حصة فطور تقرع بالقمر تزرع بالنجوم
لكن الزمن دوار آ بدوم
عم عبد الرحيم ماشي على الشغل
في البال القديم انعارض تكل
إنشايح جراح ياما كيف الغسل
الدنيا ام صلاح تبدأ من التكل
من حجة صباح في حق الملاح
في اللبس الجديد ..
في القسط القديم .. وبيناتن عشم
في الفرج البعيد ..
امونة الصباح .. قالتو النعال والطرقى إنهرن ..
ما قالتو جيب ..
شيلن يالحبيب غشهن النقلتي والترزي القريب
بس يا ام الحسن طقهن آ بفيد طقهن آ بزيد
إنطقن زمن وان طق الزمن لازمك توب جديد
بي أي تمن ...
غصبًا للظروف والحال الحرن
عشان يوم الرحوم ما تنكسفي يوم...
لو جاراتنا جن مارقات لي صفاح ..
او بيريك نجاح ..
دا الواجب اذن ..
وايه الدنيا غير .. لمة ناس في خير او ساعة حزن
القصيدة مليئة بالعناصر الثقافية التى تشرح أنساق الحياة فى مجتمع الشاعر والمجتمعات التى تشاركه نفس أنماط الحياة والمعاناة والتهميش وتنتمى إلى نفس الثقافة وتنحاز إلى نفس القيم والعادات والتقاليد والمعتقدات والتى جميعها تمثل المحرّك الأساسي لبناء العلاقات الإجتماعية داخل ذلك المجتمع والمجتمعات المشابهة ، إصرار الأستاذ حميد على التركيز المستمر بأخذ نماذج أبطاله من الواقع المعاش داخل مجتمعه والمجتمعات المشابهة بني له قدر كبير من الثقة بينه وبين أفراد تلك المجتمعات وعندما ننظر إلى سيرة الشاعر نجد أن قناعاته تتسق إتساق كامل مع سلوكه ومواقفه فى الحياة اليومية ونجد أن ذلك يزيد من قوة التواصل بينه وبين أفراد المجتمع ويضاعف من الثقة التى مُنى بها حميد فى تلك الأوساط مما يعطى شعره القدرة على تشكيل الوعى فى تلك المجتمعات وذلك لتمتعه بالقبول الكامل نسبة لأنه يمثل نفس ثقافة وقناعة الأفراد وأنه يعبّر عنهم ويمثلهم وبالتالى يؤدى شعر الأستاذ حميد دور برنامج العمل الذى يثق به أولئك الأفراد ويتمنون أن يأتى من يطبقه للخروج بهم وبمجتمعاتهم من الأزمات المتلاحقة التى أبتليت بها مناطقهم جراء التهميش الذى تواجهه من كل الحكومات.
الأستاذ حميد يعرف القدر العالى لقيمة الحرية فى ثقافة تلك المجتمعات ولذلك نراه يركز اهتمامه على توجيه الأحداث فى المشاهد التى يعرضها بحيث أن تتناول موضوع الحرية كموضوع أساسي يحتاجه الفرد حتى فى اختياره لنوع عمله ، فها هو يقول على لسان عم عبد الرحيم: كت فلاح فى يوم فى إيدك تنوم على كيفك تقوم ، لا دفتر حضور لا حصة فطور ، تقرع بالقمر تزرع بالنجوم ، هذا التصوير يعكس فيه حميد مساهمة فاعلة فى توجيه الأفراد لمواطن الخلل والذى يبدأ بمحاولتهم ربط أنفسهم بالوظائف والتى تقيّد حرياتهم فالأفضل لهم أن يربطوا مصيرهم بالأرض والزراعة ويضمنوا حرية أكبر إذ بإمكانهم الزراعة تحت ضوء النجوم ويمكنهم سقى زراعتهم تحت ضوء القمر ، إذن فليس هناك زمن محدد للعمل كما أنّهم سوف لن يحتاجون لأحد إن اختاروا الزراعة وهى ستوفّر لهم راحة البال والحرية ، أما الوظائف فهى أساس تقييد الحريات و ضنك العيش ، يعود حميد لتذكير أفراد مجتمعه بمعاناتهم اليومية ويعرض لهم مشهد يذكرهم بأن إحتياجات الأسر لا تنتهى وهى تبدأ من المطبخ فى إشارة إلى معاناتهم من أجل كسب لقمة العيش ، وبما أن الجميع يعانون من نفس الواقع ونفس الظروف ويحملون نفس الثقافة فتكون هذه المشاهد مقبولة بالنسبة لهم خاصة وأنها مأخوذة من بيئتهم ولا يقلل من شأنها كون أن حميد صاغها لهم من خلال نماذجه والأبطال الإفتراضيين الذين اختارهم لتوجيه الأفراد إلى فهم مشاكل مجتمعهم فطالما أنهم يثقون به فما يقوله مقبول لديهم ويعتبرونه يمثل طموحهم.
يواصل الأستاذ حميد تناول مكونات ثقافة مجتمعه من خلال أبطاله الإفتراضيين بغرض توجيه الأفراد إلى معرفة مواطن القوة فى ثقافتهم وعظمة القيم التى يمتلكونها فى الترابط الأسري والإحساس بالآخر والأنفة ورفض الإحساس بالدونية والعمل على تحدى الظروف ، فها هو عم عبد الرحيم تطلب منه زوجته أن يصلح لها حذاءها ويرسل ثوبها إلى الترزى لإصلاحه وهى تحس بظروفه فلا تطلب ثوب جديدًا وبنفس المستوى هو يحس بها ويصر على أن يشترى لها ثوبًا جديدًا رغم ظروفه الصعبة حتى لا تجد نفسها فى موضع دونية إذا ذهبت للقيام بواجبها الإجتماعى فى المجتمع لقناعته أن العلاقات الإجتماعية هى الأساس فى ثقافة مجتمعه ولا خير فى الدنيا إذا انعدمت تلك العلاقات ، وقد صاغ الأستاذ حميد ذلك المشهد بإبداع متفرّد فهو يقول على لسان عم عبد الرحيم: إنطقّن زمن و إن طقّ الزمن لازمك توب جديدغصبًا للظروف والحال الحرن ، أى أن الملابس تم طقّها وخياطتها بما يكفى (إنطقّن زمن ) فلا تحتمل زيادة طق وفى هذه المرّة لو طقّ الزمن ( أى طرشَق ) لازمك توب جديد ، فى إشارة واضحة لتحدى الزمن رغم الظروف الصعبة التى يمر بها وذلك لأجل أن لا تحس زوجته بالدونية تجاه الآخرين ، هذه العناصر من عناصر الثقافة التى تناولها حميد فى هذا المشهد تمثل أعلى القيم فى المجتمع وهى موضع إحترام الجميع وهذا التصوير الذى عرضه الأستاذ حميد يكاد يكون مشهد يومى يمر به الجميع لأنهم يشتركون فى نفس الظروف الحياتية وينطلقون من نفس الثقافة وصياغة حميد لهذه العناصر من الثقافة عالية القيمة فى المجتمع يدفع الجميع لاحترامه وبالتالى قبول آرائه بل والعمل على تحقيقها لإنقاذ مجتمعهم من المشاكل المتأصلة والتى تواجه الجميع .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حميد و عناصر الثقافة فى عم عبد الرحيم (Re: وليد زمبركس)
|
وصف الأستاذ حمّيد مطبخ أسرة عم عبد الرحيم على لسانه وصف دقيق يوحى بالحال التى صار إليها عم عبد الرحيم وذلك حين قال فى البال القديم إنعارض تُكُل (هذا حسب نطق مصطفى فى الأغنية) ، والبال جمع بالة وهى قطعة الصفيح بمعنى أنّ مطبخه مبني من الصفيح وانعارض أى وضع على طريق عم عبد الرّحيم وكأنّه عارض يقابله فى كلّ لحظة يذكّره بمأساته ومن شدّة كثرة الهموم على عم عبد الرّحيم والتى وصفها بأنّها جراح نجده يتذمّر من الدّنيا ويستخف منها بوصفه لها بالدّنيا أم صلاح وكأنّه يقول أنظروا ! هذه هى الدّنيا التى نتوسّم فيها الخير والصلاح تبدأ يومها معنا من المطبخ والجميع يعرفون أنّ المطبخ هو أساس هموم عم عبد الرحيم لأنّه يعانى فى توفير لقمة العيش لأسرته كما أنّ الأسر عادةً تتقابل فى الصباح بالمطبخ وذلك عند شرابهم شاى الصباح وتلك هى لحظة إستلام عم عبد الرّحيم لطلبات الأسرة والتى إعتاد أن يلبّيها وهو يحس بأنّه يؤدّى دوره كعائل أسرة ولكن الآن صار وكأنّه ملاحق فى كل مكان وحتّى المطبخ الذى كان يسعد فيه للقاء جميع أفراد أسرته صارت تلاحقه فيه الدّنيا لتفسد عليه يومه منذ الصباح وكأنّها تمسكه من يده التى توجعه فلا تدع له مكانًا يسعد فيه وحتى لحظات جلوسه مع أسرته بالمطبخ جعلتها له الدنيا لحظات غير سعيدة يستمع فيها لطلبات الأسرة والتى لا يستطيع تلبيتها.
الدنيا ام صلاح تبدأ من التكل
من حجة صباح في حق الملاح
في اللبس الجديد ..
في القسط القديم .. وبيناتن عشم
في الفرج البعيد
الدنيا ام صلاح تبدأ من التكل
قد يقصد الشاعر أنّ الدنيا الصالحة فى الدّنيات تبدا من التُكُل وهو المطبخ وهو أصعب ما يواجهه عم عبد الرحيم فى إشارة إلى الصّرف على المعيشة الذى عجز عنه ، وقد وصف الشاعر الطلبات التى يتعرّض لها عم عبد الرّحيم عند جلوسه لشرب الشاى مع أسرته فى التُكُل عند الصباح تلك الطلبات التى صار عم عبد الرحيم لا يستطيع تلبيتها نسبة لارتفاع الأسعار وتدهور دخله بعد تركه للزراعة مجبر بسبب صعوبة الإستمرار فيها والنّاتجة عن تهميش الحكومة لهم كمنتجين وعدم إهتمامها بتوفير إحتياجاتهم الأساسية من الجاز المدعوم والبذور المحسّنة وغيرها من إحتياجات المزارعين التى يجب أن توفّرها الدّولة ونسبة لعمله بالوظيفة التى إضطرّ إليها إضطرارًا والتى دخلها لا يفى بأساسيات الحياة ، إلّا أنّ الشاعر عاد وذكر أنّ عم عبد الرّحيم قادر على مواجهة هذه الحياة الصعبة من خلال وقوف زوجته أمّونة معه ودعمها له بتسهيل الضغوط عليه ، وقد وصف الشاعر ذلك فى الأبيات
امونة الصباح .. قالتو النعال والطرقى إنهرن ..
ما قالتو جيب ..
شيلن يالحبيب غشهن النقلتي والترزي القريب
بس يا ام الحسن طقهن آ بفيد طقهن آ بزيد
إنطقن زمن وان طق الزمن لازمك توب جديد
بي أي تمن ...
غصبًا للظروف والحال الحرن
عشان يوم الرحوم ما تنكسفي يوم...
لو جاراتنا جن مارقات لي صفاح ..
او بيريك نجاح ..
دا الواجب اذن ..
وايه الدنيا غير .. لمة ناس في خير او ساعة حزن
فأمّونة زوجته رغم أنّها تحتاج إلى ملابس وأحذية ككل البشر وكل النساء إلّا أنّها تحس بظروف زوجها وتخفّف عليه الضغوط بتخفيف طلباتها وحصرها فى الضروريات إذ تطلب منه أن يأخذ ثوبها إلى الترزى ويأخذ حذاءها إلى الإسكافى وتتجاوز حاجتها لملابس وأحذية جديدة مراعاةً لظروف زوجها وتخفيفًا عليه حتى لا تضغط عليه أكثر من الضغوط التى يجدها فى توفير لقمة العيش للأسرة ، وهذا المشهد يعكس قوّة العلاقة بين الرجل وزوجته فى مجتمع عم عبد الرحيم متمثّلًا فى عم عبد الرّحيم كبطل إفتراضى لتوضيح قضايا الصراع فى المجتمع. عم عبد الرّحيم أيضًا قابل هذه الرّوح الطيّبة من زوجته والتى دعمته وأحست بآلامه قابلها بروح أطيب منها حينما أصرّ على أن يشترى لها ثوبًا جديدًا مهما كلّفه ذلك رغم ظروفه (وإن طقّ الزمن لازمك توب جديد) وحاله الذى صار لا يطاوعه وذلك حتى لا تحس زوجته بالدّونية عند خروجها لمقابلة النّاس خلال أداء واجبها فى مجاملات الأهل والجيران فى الأفراح والأتراح والتى يرى عم عبد الرّحيم أنّ الدنيا دون هذه المجاملات لا تعنى شيئًا ، هذا المشهد يعكس مدى تماسك المجتمع وإحساس الأفراد ببعضهم البعض رغم أنّهم يعيشون ظروف صعبة وهذا يعكس مدى اصالتهم وإخلاصهم لبعض وكما يقول المثل الصديق وقت الضيق ، فمن تمسّك بدعم الآخرين والوقوف معهم فى ساعات الضيق والأزمات فهو سيقف معهم فى كلّ الظروق لأنّه من المتعارف عليه أنّ الناس يهربون من بعض ساعة الضيق والأزمات ولكن عم عبد الرّحيم وأسرته يؤمنون بأنّ العلاقات الإجتماعية يجب أن تستمر حتى فى أسوأ الظروف مما يعكس ثقافة التكافل الإجتماعى والتى يراهن عليها الأستاذ حميد فى معرفته بمجتمعه مما يدفعه على الإصرار لتزويد ذلك المجتمع بمعرفة تساعده على إكتشلف أعدائه الحقيقيين مما يتيح للأفراد معرفة أسباب مشاكلهم وأزماتهم وبالتالى مواجهة اولئك الأعداء والإنتصار عليهم وتحقيق أوضاع أفضل من الاوضاع السيئة التى يعيشونها رغم أنّ بلادهم بها خير وفير وهم يعملون بهمّة ومجتمعهم متماسك ومتكافل.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حميد و عناصر الثقافة فى عم عبد الرحيم (Re: omer osman)
|
Quote:
بوست جميل ياوليد .... واصل مع الشكر الجزيل ..
لماذا لم يفكر احد في تحويل هذا العمل الى مسرحية أو فيلم ... |
شكرًا عزيزى عمر عثمان . الأستاذ حميد فى قصيدة عم عبد الرحيم قد قام بنقل الأحداث من وصفية الشعر إلى حركيّة المسرح بشكل رائع يحوى مسرحة للقصيدة تكون معها قابلة لمغادرة أرض الشعر للنزول بساحة المسرح و هى فقط بانتظار من يتّخذ القرار بإعطائها جواز المرور إلى تلك العوالم التى بلا شك ستتألّق فيها قصيدة عم عبد الرحيم كما تألّقت بين صنواتها فى عالم الغناء .
شكرًا لك على هذه المداخلة اللطيفة و سأقوم بمواصلة البوست .
كن بخير .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حميد و عناصر الثقافة فى عم عبد الرحيم (Re: وليد زمبركس)
|
عم عبد الرحيم ياحر ماك حر
ياريت التمر ياريت لو يشيل كل تلات أشهر
ولا ايام زمان كانت ما تمر
كان ما جاك هوان ما لاقاكى ضر
كان لا ضقتى ضيق .. لا انغرغر صبر لا شابيت غريق
لا طلوح فقر ..
وكان ما كان وكان كان اكسيكى در ..
حيكومات تجي وحيكومات تغور
تحكم بالحجي بالدجل الكجور
و مرة العسكري كسار الجبور
يوم باسم النبي تحكمك القبور
تعرف ياصبي مرة تلف تدور
ولا تقول بري او تحرق بخور
هم يا الفنجري يا الجرف الصبور
كل السقتو ما باقي على التمور
وارضك راقدى بور..
لا تيراب وصل ..
لا بابور يدور ..
والماهية اف عيشة هاك وكف
في هذا الزمن تف يا دنيا تف
يا العبد الشقي ما اتعودت شكي
لكن الكفاف فوقك منتكي
والسوق فيك يسوق حالاً ما بتسر
ما زال الأستاذ حميد يركز إهتمامه العالى على الإنطلاق من عناصر الثقافة الأرفع فى المجتمع والتى تحوز على درجة عالية من إهتمام الأفراد مثل الحرية والعمل والإحساس بالآخر ، تركيز الأستاذ حميد على هذه العناصر عالية الإعتبار فى المجتمع يود به جنى ثمار المزيد من التواصل بينه وبين الأفراد لضمان قبول رسالته المتمثلة فى الشعر والذى من خلاله يطرح أفكاره التى يؤمن بها للمساهمة فى تغيير أوضاع المجتمع متخذًا من صور وأنماط العيش فى المجتمع أداة لصياغة أشعاره سعيًا لملامسة أشواق الأفراد و لفت أنظارهم إلى قبول ما ينادى به ، وقد واصل الأستاذ حميد تكرار هذه التجربة بقدر كافى حتى صار شعره يجد القبول من أفراد المجتمع وبعدها إنطلق لمرحلة بث أفكاره خلال الأشعار التى يقدّمها لمجتمعه والمجتمعات المشابهة منطلقًا من أبطاله الإفتراضيين الذين من خلالهم إستطاع الشاعر ربط الأفراد بأشعاره ومن ثم ربطهم بأفكاره ، لذلك نجد أن الأستاذ حميد فى قصيدة عم عبد الرحيم ناقش قضايا المجتمع من وجهات نظر مختلفة فها هو يذكّر عم عبد الرحيم بأنه حر وليس حر ، فهو حر من حيث عزة نفسه وشموخها ولكنه ليس حرًا فى توجيه مسار حياته ، تأتى هذه المحاولة من الأستاذ حميد لنقل الحوار إلى درجة أعلى لتوضيح معالم الصراع فى المجتمع والحديث عن الحرية أتى به الأستاذ حميد لوضع عم عبد الرحيم فى الإتجاه الصحيح ولأن الحرية هى إحدى القيم العالية فى ثقافة المجتمع بدأ بها الشاعر توضيح أفكاره لأن عم عبد الرحيم بطل إفتراضى وبتوجيه الخطاب له يقصد الشاعر توجيه الخطاب للجميع والذين تمثل لهم الحرية محور إهتمام أساسي فى حياتهم لإنتمائهم إلى نفس الثقافة ، يعود الشاعر لعرض موقف عم عبد الرحيم من خلال عكس الثقافة السائدة عند الأفراد فى ذلك المجتمع وطريقة تفكيرهم البسيط والذى لا يميّز بين الأمانى والحقوق ، فها هو عم عبد الرحيم يخاطب زوجته وهو يتمنّى أن يثمر النخيل كل ثلاثة شهور حتى يستطيع زيادة دخله وبالتالى توفير المال لحل مشاكله وترفيه زوجته وكأن حل مشاكلهم ليس حق وإنما هو أمنية ، أو أنّ الحل لمشاكلهم يتمثل فى عودة الأيام الماضية لأنها كانت أيام خير ورفاهية وبعودتها يستطيع عم عبد الرحيم تحقيق أمنيته فى ترفيه زوجته وإسعادها ، هذا المشهد يعكس أن الشاعر ملم إلمام كامل بثقافة الأفراد فى المجتمع وطريقة تفكيرهم البسيط والذى يحصر المشاكل فى أنها قضايا قدريّة لذلك فهم يواجهونها بالدعاء لتغييرها أو البحث عن حل المشاكل بالهروب إلى الماضي الذى يمثل الأصالة ، أما التخطيط لحل المشاكل فتلك ثقافة لا يعرفونها. ينقل الشاعر تصوير المشهد لمرحلة أكثر تقدّم فى مناقشة أفكاره وطرحها لحل قضايا المجتمع وهو يحاول توجيه الجميع لنقاط الخلل فى تفكيرهم ليضعهم على الطريق الصحيح وهو يستخدم نفس الثقافة التى ينتمون إليها للوصول إلى ذلك ولذا فهو يعرض لهم صورة من الواقع يعرفها الجميع وهى صورة الحكومات التى تتكرر ولا تقدّم لهم أى خدمات وإستخدام الشاعر لكلمة تغور لتوصيف ذهاب الحكومات هو إختيار دقيق وضرورى لنقل التصوير من مرحلة الحديث الوصفى إلى الحديث العدوانى لأنه كان بالإمكان أن يقول حكومات تجى وحكومات تطير ولكن الطيران يعنى الإرتفاع والعلو وهو وصف غير دقيق لتصوير حنق الشاعر من الحكومات لذلك إختار كلمة تغور وهى كلمة تنقل إحساسه للمتلقى وتعطى نفس المعنى فتغور معناها تغطس فى باطن الأرض أو تغرب عن الوجوه إلى الأبد غير مأسوف عليها ، وهذا الوصف الدقيق مأخوذ من نفس الثقافة ويفهمه الجميع وبذلك يكون الشاعر قد نقل الحوار من حالة الوصف إلى حالة العداء للحكومات وبعدها واصل الشاعر وصفه وقام بتحديد أى نوع من الحكومات يقصد حتى لا يحدث لبس لدى أفراد مجتمعه البسطاء فقام وبنفس أسلوبهم فى الدعاء على الظالمين قام بالدعاء على العساكر وهذا عنصر من عناصر ثقافة المجتمع إذ أن الأفراد يتقوون على الظالم بالدعاء وبهذا المشهد والتصوير البسيط للحدث قام الشاعر بنقل الحوار مرحلة أخرى بأن حدد لهم أن العساكر ظالمين وعلينا أن ندعو عليهم كما ندعو على كل الظالمين وبالتالى يكون الشاعر قد قام بنقل الحوار من حالة وصف الحكومات إلى حالة وصمها بالعداء ومن ثم الدعاء عليها ليفهم الجميع أنها ظالمة وباعتماده على عناصر الثقافة التى عرضها فى تصوير هذه النقلات الثلاث يكون الشاعر قد أوصل أفكاره للجميع دون عناء مستغلًا عناصر الثقافة المشتركة بين كل الأفراد ومستغلًا معرفته بتلك العناصر ومعرفته بالظروف المشتركة بين جميع الأفراد والتى توحد مواقفهم وتدفعهم للتضامن مع بعضهم البعض مما يعطيهم مصدر قوة ومقدرة لمواجهة كل المشاكل وبالتالى إمكانية حلها . يعود الشاعر مرة أخرى لمواصلة إستدعاء الأنماط الثقافية لتوجيه الأفراد لفهم أفكاره ، فها هو يعرض لهم بعض الصفات السيئة والمذمومة فى تلك الثقافة وكأنه يوجههم بأنهم إذا لم يعملوا بأفكاره فسيجدون تلك الصفات السيئة ملتصقة بهم فى المستقبل ، وبهذا نقل الشاعر الحوار لنقطة أكثر تقدم ففى الحالة الأولى قام بوصف الحكومات ثم قام بوصمها بالعداء وبعدها وصفها بالظلم ثم قام الآن بوصفها بأنها جالبة للذل باتباعها وفى المرحلة الأخيرة دعا للعمل بالزراعة وذم الوظيفة فى محاولة لإبعاد الأفراد عن ربط مصيرهم بالعمل فى الحكومة حتى يكونوا مستقلين عنها فى تمهيد لمرحلة جديدة من الصراع يخطط لها الشاعر وينطلق فيها من نفس ثقافة الأفراد والتى ينتمى إليها ويعرف نقاط القوة فيها ويحاول إستخدام تلك القوة باستدعائها من خلال عرض نماذج وأنماط ثقافية إعتاد عليها الجميع وإعطائها سمة الصراع ليستطيع شرح أفكاره ويستخدم آليات التواصل المنبثقة من اللغة والثقافة لضمان نقل إحساسه وانفعاله لكل الأفراد وبالتالى الوصول إلى توحيد مواقفهم للمساهمة فى حل قضايا المجتمع.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حميد و عناصر الثقافة فى عم عبد الرحيم (Re: سلمى الشيخ سلامة)
|
شكرًا أستاذة سلمى ، كلّما قرأت لك تذكّرت الأستاذ الرّاحل صديقك عبد العزيز العميرى الذى فجّر فينا رحيله حزنًا لا ينتهى .
أتمنّى أن تكونى قد نقلتى بوستك عن العميري لهذا الرّبع فقد بحثت عنه كثيرًا و لم أجده و أكون ممنون لك إن رفعتيه حتى يكون فى متناول يدى و يد أحباب راحلنا الرّائع فهم كثر . شكرًا لك على ذلك الألق فقد كان ذلك البوست متّكأ لى ألجأ إليه كلّما باغتتنى الحياة بلؤمها و وعورة دروبها . هناك أيضًا بوستك الجرئ الذى كثيرًا ما كنت أقرأه و أضحك لأناقة حروفك الرّائعة التى تسبر أغوار القضايا دون تردّد أو تراجع عن مناقشتها تحت ضوء الشمس و إن غامت الشمس تجلبين فانوسًا و رتينة ليري الجميع من هى سلمى الشيخ سلامة و كيف تفكّر حين يتعلّق الأمر بمناقشة ما فوق المسموح . عرفت منك و لأوّل مرّة أن مجتمع أيوا مجتمع محافظ و للحقيقة ما كنت أعتقد أنّ بأيوا أمريكان فكل من أعرفهم أو أسمع عنهم فهم مهاجرون.
كونى بخير عزيزتى و أتمنّى أن ألتقيك فى وطن أنت صوت مذياعه الصّادِح بالأمانى العَطِرة و الزمن الجميل .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حميد و عناصر الثقافة فى عم عبد الرحيم (Re: صباح حسين طه)
|
Quote: الأخ وليد
مرحبابك في البورد وكتابتك جميلة ومفيدة انت إضافة حقيقية للمنبر |
تحياتي أستاذة صباح . الإضافة الحقيقية هى أن يهتم السودانيون بالمنابر الثقافية لهذا القدر إذ لا يكاد يوجد شخص سودانى يملك إنترنت إلّا و نجده يجلس لساعات طوال يتنقّل بين صفحات المنتديات و حتى الفيس بوك و المواقع الإجتماعية بها الكثير من المعرفة التى يجنى ثمارها الشخص دون أن يشعر بذلك .
لقد إلتقيتك من قبل فى العام 2008 فى حفل الكابلى بفرجينيا أو حفل لفنان آخر لا أذكر و قد كنت بصحبة الأخ فارس موسي و جلسنا معًا و تحدّثنا لبرهة من الزمن .
شكرًا لأنّك هنا و قد سعدت كثيرًا بوجودك .
أمنياتي لك بأمسية سعيدة تحت ظل هذه السماء المثقلة بالغيوم .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حميد و عناصر الثقافة فى عم عبد الرحيم (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
الى صديق الروح حميد
يا تربال الروح
زرعك ممسوك
نخلك حزنان
سعفاته ابن مشوار السوق
سا قيتنا تئن
"نامت لى فوق "
ابت الأنة
ابت التحنان يا ود مشتول فى قلب الجوف
الحال الكان مايل
مال
حافاه رمال تحرق الجوف
والمطر الحزن ، تانى اتعّمر
بحزن الناس الراجنك
اطلع يا زول من نبض الناس
انزل يا زول فى قلب الناس
مطر الحزن عاد يا ولد
يامفرتق ضفاير النيل
رشرش برزازك جدولنا
رزاز الحزن غيم وشال مطرا حزين
مطر الحزن
مطر الحزن
طرز عيون امات البلد "من جم "
حزن المطر بكى القلوب غطاها دم
دخل الشقوق وردم ردم
يا وجعة القلب الصبح اسود مدمدم
رابط فى جواهو توب زراق اسود
ودموعه دم
وكيف ابكيك يا عشم باكر ؟
يا نخل الفزع الشايل
سبيط الرجعة للغافل
وبلح الجاى يا باكرنا كيف نبدا ؟
وسيد باكرنا فى ريح الاسى معطون
يشيل الريح محل ماخت لقدم السعد تربال محنة الباكر
فقدناك يوم مطرنا همى
وجيناك يوم فزعنا حمى
فاقدنك يا عشم باكر
ريح الحزن قام هب
نصاصى الليل تنتح بالوجع يا ود عشم باكر
رياح الليل تنتح متل جرحا ابى يبرا
وغنيتلو
"غور يا جرح انشا الله مابريتا "
"5"
جروحنا اتعدت الازمان
كل يوم سكاكين الحزن
تنحر حشاى
تمخر عباب الروح
وتنكت فى القديم فى الروح
وما وقفت
ويا صحبى كيف ابكيك؟
ودمعى جفل
متل صيد الغناالكان يفج الروح ويتحكر
يا نخلات الغنا نوحن
ويا جرح الغنا "نوسر"
وكم نوسر جرحنا وغار
ويا دمع الحياة انداح
ما فضل غير دمع الغنا ينسال
كمادمع الصمغ يوم طقو
لا سايل ولا نازل
ولا شايف
الروح مكركرة
زى رعد الصعيد
ويا رعد الصعيد كلم
صحاب الروح يلمو يجونى فى النفرة
شان جرح الوجع ازداد
وحلف بالله ما يبرى
وياجرح السجم لمتين ؟
ويا سيدى كيف ابكيك؟
ودمعى ابى ؟
وياحميد
طبقت الكى
ووب واحى
من الذى قتلك يا حميد ؟من الذى اختار أن يطأ الوردة ؟يا زمان الاهة حدك ...يانورا آه ، يانخلات الغنا لن تجودى بعصير من بلح الحب قط ،
فلقد مضى من احب النخلات وصاغها شعرا ،فشربناعصيرالشعروسكبنا مداد الحزن نيلا،وانهارا تعدى "مداهاحد الشوف"وانتحر "النهار هسة "تغنيك القرى الكانت توصيك"معاك احلامنا ما تنسى "
ويا طلعة نهاراتنا اتغطى ونومى فى الاحزان
وياقمرة عشانا الضاويةاتخبى فقدفات سيد الشعر ...
مارس 21_2012
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حميد و عناصر الثقافة فى عم عبد الرحيم (Re: سلمى الشيخ سلامة)
|
Quote: يا تربال الروح
زرعك ممسوك
نخلك حزنان
سعفاته ابن مشوار السوق
الروح مكركرة
زى رعد الصعيد
ويا رعد الصعيد كلم
صحاب الروح يلمو يجونى فى النفرة
شان جرح الوجع ازداد
وحلف بالله ما يبرى
وياجرح السجم لمتين ؟
ويا سيدى كيف ابكيك؟
ودمعى ابى ؟
|
أستاذة سلمى تحياتي و شكرًا على هذا المرور المموّج بحزن دافئ يبعثر ذاكرة الأقلام و يكسر كبرياء الصّمت فتمتزج الأشياء ببعضها دموعًا تغسل الأشواق قبل مجيئها لساحة الحزن الثّخين ، و تتبارى القوافى أيّها يصرعها النّحيب ، فما كان بينها و بين الرّاحل حمّيد ود و تواصل و أريحيّة لا تفصح عنها أفواه تلك القصائد و إنّما ادّخرتها لتعزّى بها ذاكرتها فى ذلك الحزن الكبير . لقد فقدنا وطنًا مالَت أركانه أسَفًا على ماضٍ لن يعود و سيبقى حمّيد وطننا الذى نلتقى على أوراقِه قصائدًا تقرؤنا الأيّام لتعزّى بنا نفسها حين يجول بخاطِرِها يومًا أنّ حمّيد كان يسير على هذه البلاد و أنّ هؤلاء السّمر الذين تضيق بشهامتهم حرارة الشمس هم أهله الذين استقوا من قصائده كبرياء الكلمة و شرف الصمود و الثبات . كلّنا حمّيد فحين يرحل حمّيد فنحن غياب عن ذواتنا نسأل المّارّين عن مواعيد عودتنابعد طول غياب .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حميد و عناصر الثقافة فى عم عبد الرحيم (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
Quote: وليد تحياتي لك عم عبدالرحيم والمصابيح (يوسف سامعني ومابي يرد)
ونوره والرجعة للبيت القديم .. حميد عالم شعري مدهش و
عمرك كلو تنادي عليها تعالي تعالي
أو ماهي بدت عينيها نهمة غيمة مشيت طوالي!!
ساقرأ وأعود كان الله هون |
تحياتي أستاذ محمد عبد الجليل . الأستاذ حميد أسّس مدرسة شعريّة مميّزة جمعت بين الشعر و المعرفة العميقة بالعادات و التقاليد و ثقافة المجتمع و بالتالى توظيف أنساق هذه الثقافة لمخاطبة الجماهير و الوصول إلى قلبها و بالتالى توجيهها من خلال أبطاله الإفتراضيين الذين ينادون بأعلى قِيَم المجتمع المتمثّلة فى العدالة و الحريّة و التّفانى فى العمل و نصرة المظلومين و المناداة بالتنمية الإقتصادية و تحسين أوضاع الجميع و نبذ العنصرية و التّفرِقة بين أبناء المجتمع الواحد و التعامل مع الجميع كوحدة واحِدة ( الماهم قُرَاب قرّبهم العمل ) .
شكرًا لك و أتمنّى لك نهار سعيد .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حميد و عناصر الثقافة فى عم عبد الرحيم (Re: omer osman)
|
عمل الرائع الراحل المقيم الأستاذ محمد حسن سالم حمّيد بكل همّة لرسم ملامح وطن جميل وقد استخدم الكلمة بدلًا عن الريشة واستخدم موسيقى الحروف بدلًا عن الألوان وعمد إلى توليد أنماط فريدة من الأدب الشعبي بمزج حروفه الدّافئة بثقافة ريفيّة بسيطة تعبّر بعمق عن أنماط الحياة التى تتشابه فى كل أرياف السودان ولأنّ الأستاذ حمّيد سعى إلى صب صوره الشعريّة فى قوالب الثّقافة بعاداتها وتقاليدها فهو بذلك فتح الباب لذاته ولشعره ليدخلا قلوب الجماهير التى أحبّته وأحبّت شعره رغم أنّ الكثير من مفرداته موغلة فى العاميّة الخاصّة بمجتمعه فى شمال السودان إلّا أنّ جانب اللغة لم يكن حاجزًا طالما أنّ الاستاذ حمّيد قفز فوقه بتركيزه على أنماط الثّقافة لعكس الصور الشعريّة بل وقد اختار الاستاذ حمّيد من تلك الأنماط الثقافيّة أفضلها ولذلك ارتفع مقام شعره فى وجدان مستمعيه فهو يتحدّث عن الكرم وعن النّخوة وعن المساواة وعن المرأة الصّامدة تعمل بالحقل والمنزل من أجل الأسرة وعن الرجل الذى يكد ويجتهد فى طلب الرّزق بل ويسعى جاهدًا لتحسين ظروف العيش لأسرته ولكل أفراد مجتمعه فتجده ينازل السّلطة ويرفض محاولاتها إستغلال البسطاء أو يسعى لبث بذور الوعى فى مجتمعه منطلقًا من فكر وطنى يناضل من أجله بقوّة لا تقبل التّراخى أوالتّراجع ، وقد اختار الأستاذ حمّيد لأداء هذه المهام أبطال إفتراضيّون أوكل لهم أدوار مرسومة بدقّة تعكس معالجات صادقة لتلك القضايا الوطنية بعد وضعها فى قالب شعرى بسيط وعميق وبما أنّ الشعر نفسه هو أحد مكوّنات الثقافة السودانية والتى تعلى من شأنها جميع المجتمعات والقبائل ومهما اختلفت أنواع الشعر فهى فى النهاية تصب فى نهر نفس الجنس الإبداعى ، فالدّوبيت والجرّارى والمديح والغناء والمناحة والموّال فجميعها تعبّر عن إهتمام كل المجتمعات السودانية بالشعر بل وتعكس تقييم عالى لهذا الضّرب من الأدب الذى ارتبط تاريخيًا بالغزل وبالدّعوة للحروب وبرفع شأن الصفات الكريمة وغيرها من مجالات الأعمال الادبيّة ، الأستاذ حمّيد باختياره لهذا الضّرب من الفنون وإرجاعه له إلى أصله المتجسّد فى اللغة العاميّة قد أعطى لشعره خصوصيّة تميّزه عن غيره وقد جعل له قبول فى قلب كل سودانى فمن لم يفهم اللغة التى كُتِب بها الشعر فهو يفهم الأنماط الثقافية التى تتجسّد فى كل بيت من أبيات شعر حمّيد ومن لم تجذبه الأنماط الثقافيّة وجد ضالّته فى تلك الموسيقى العميقة التى تتفرّد بها أبيات شعر الاستاذ حمّيد ومن لم يجد نفسه فى هذا ولا ذاك شدّت إنتباهه تلك الأدوار العميقة التى تلعبها شخصيات حمّيد الإفتراضيّة فى كل بيت من أبيات شعره حتى أنّ الشخص المستمع او القارئ لشعر حمّيد يحس بإلفة عميقة بينه وبين أبطال حمّيد الإفتراضيين هذا إن لم يرى نفسه فيهم أو اتّخذهم مثلًا أعلى يغتدى بسلوكهم ومواقفهم ، فالشخص القارئ أو المستمع على أقلّ تقدير يجد نفسه أمام مسرحة للقصائد تنقله من مكانه إلى المسرح القومى او أىّ مسرح آخر ليجد نفسه وكأنّه يشاهد مسرحيّة شعريّة كتبت حروفها بإتقان كامل وذوق سليم.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حميد و عناصر الثقافة فى عم عبد الرحيم (Re: omer osman)
|
أستاذ عمر عثمان تحياتي و شكرًا على إنزال أغنية عم عبد الرحيم فتلك هديّة رائعة أقدّرها كثيرًا و أكون ممنون لك لو علّمتنى كيف أن أنزل الفيديو بهذه الطريقة فما أستطيعه هو فقط وضع رابط لموقع يو تيوب به الفيديو الذى أريد إنزاله و قد سألت بعض القدامى بالمنبر و لم أجد إجابة على ذلك السؤال و بما أنّى ( قبضتك بالثابتة و أنت تنزل فيديو بالطريقة التى أود تعلّمها ) فلا مجال لك للهرب .
شكرًا لك و لكل من شارك أو قرأ البوست و أتمنّى لكم نهار سعيد .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حميد و عناصر الثقافة فى عم عبد الرحيم (Re: محمد يوسف طه)
|
| Quote: رش السناير يا وليد. |
عزيزي محمد يوسف طه تحياتي ، أعتذر لك بشدّة لأنّى الآن فقط قرأت هذه المداخلة و أرجو ان لا يتبادر إلى ذهنك انّى تركتها و رددت على ما بعدها فذلك لم و لن يحدث و لك العتبي حتى ترضى و يبدو أنّى كنت أحرّك الماوس بسرعة فقفزت عليها دون قصد .
يا اخوى السناير ديل ناس ليهم خبرة كلنا نحتاجها و أحسن لينا كبرالمة نقعد فى الكَنَبَة الأولى و نَرَبّع إيدينا عشان نفهم الدّرِس لأجل مستقبل مَعرِفِي أفضل عشان الفرصة دى ما بتتكرر تانى و الدروس دى مجّانيّة كمان ، فوجود الشخص فى وسط هذه الكوكبة من الكتّاب و القرّاء المميّزين سيفتح له الباب أمام تحدّيات أكبر تصلح لدفع عجلة الوعى و زيادة سرعتها فدعنا نغتَنِم هذه الفرصة الذهبيّة و سوف لن نندم . عن نفسي سأحاول إغتنام هذه الفرصة و لا يهمّنى من أين تأتى المعرفة فالحكمة ضالّة المؤمن و المعرفة ضالّتنا جميعًا فلنأخذها أينما وجدناها دون تصوّر مسبق لحقائق الأشياء خاصّة عندما يرتبط هذا التصوّر بتصنيف الأفراد ، فما يهم هنا هو المعرِفَة و ليس من يأتى بها أو من أيّ باب جاءت .
كن بخير و أكرّر إعتذارى .
| |
|
|
|
|
|
|
| |
الامين موسى البشاري
omer osman
محمد يوسف طه
سلمى الشيخ سلامة
Mohamed Abdelgaleel
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست