ضريبةُ الكلمة !

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-30-2024, 10:52 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-10-2013, 01:04 PM

shazaly gafar
<ashazaly gafar
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 1604

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ضريبةُ الكلمة !

    ضريبةُ الكلمة !
    شاذلي جعفر شقَّاق
    [email protected]

    قيل إنَّ شاعراً دخل على ملكٍ وهو على مائدته فأدناه إليه وقال له : أيُّها الشاعر ..فقال الشاعرُ : نعم أيُّها الملك .. قال الملك : (و ا ) ..فقال الشاعر على الفور ( إنّ) .. فغضب الملك غضباً شديداً وأمر بطرده، فتعجّب الناس وسألوه : لم نفهم ما الذي دار بينكما أيُّها الملك ، أنتَ قلتَ : (وا) وهو قال : (إنَّ) ، فما (وا) و(إنَّ ) ؟
    قال : أنا قلتُ (وا) أعني قولَ اللهِ تعالى (( والشُّعَراءُ يتَّبعهم الغاوون * ألَمْ ترَ أنَّهم في كُلِّ وادٍ يهيمون ..)) ، فردَّ علىَّ بقوله (إنَّ) ويعني قولَه تعالى : ((إنَّ الملوكَ إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعِزَّةَ أهلِها أذِلَّة )) .
    لعلَّ هذا الإقصاء عن المائدة الملَكيَّة - بسبب حرْفٍ استحْضرتْه البديهةُ الشاعريَّة في محاولةٍ لمجاراةِ مُزاحٍ سُلْطويٍّ ثقيلٍ – أقلّ ما يوصَف به أنَّه جاء برْداً وسلاماً على الشاعر ، فانْعم بها من عقوبةٍ هازِلة ، إذْ لم تَجُدْ قريحةُ الملك الحُبلى بشتَّى صنوف الأذى وابتداع الآلام ، وارتجال الأساليب العذْبة لردِّ الاعتبار المَلَكيِّ ؛ من لدُنِّ إلهاب الظهر بالسياط والزجِّ في غيابتِ السجن مروراً ببَتْرِ اللسان إلى ضرْب العُنْقِ والسَّحْل !
    نعم .. لقد نفقتْ تلك المائدة وذلك الملك والبطانة ، واندثر الخِوان وآنية الفضَّة وملاعق الذهب ..وانفضَّ السامر ووقَّعتْ الريح عزيفها على الطلول ، كما انطوت أزمانٌ وتغيَّرتْ أحوال ، ولكن ..جدليَّة (الكَلِمة ) و (اللَّكْمة ) – مجازيَّةً كانت أم حقيقيَّة -لا زالت باقيَّة ً بقاءَ الإنسان على الأرض ما دام الحقُّ والباطلُ رديفان على صهوة الحياة إلى يوم يُبعثون !
    وفي ظلِّ هذه الفتوحات التقنيَّة الهائلة ما انفكَّ الملكُ يجلس بين قيان شهواته وقناني أهواءِه ونُدماء أُبَّهتِه المُنتخَبين تزكيَّةً على فُرُشِ مدائحه وأرائك أُغنياته ليتخيَّر الكلمة الخادمة بواسطة مخدِّمه (السيرفر) مستعيناً ببطانته من الأجهزة المُخْلصة التي تفعل أوامره بدقَّة مُتناهية وتجتنب نواهيه ، فلا تعصي أمراً بحجْبِ كلمةٍ لا تحمل دُفَّاً أو طبلاً، وإن جاءتْ مُبرَّأةً من كلِّ عيب ولا تمُتُّ بِصلِةٍ إلى أيِّ قولٍ أو فِعْلٍ يُمكن أنْ يدوِّنه عتيد الدين أو الوطن أو الأُمَّة ! كما لا تتلكَّأ هذه الحواسيب في أن تفسح الطريق أمام كلمةٍ أُخرى تحُفُّها التبريكات والتربيتات وتزفُّها خيوط الدُّخان العبقات ! هذا وإن وقفتْ تلك الكلمة كالغصَّة في الحلْق أو كوقفةِ ذلك الأعرابي المعوجّ الفم أمامَ أحدِ الولاة الغابرين ليُلقي قصيدةً في الثناء عليه التماساً للمكافأة ولكن الوالي لم يعْطِه شيئاً ، بل سأله بعد أن فرغ من تُرَّهاته تلك : ما بالُ فمكَ معْوجَّاً ؟ فردَّ الشاعر : لعلَّه عقوبة من الله لكثرةِ الثناء بالباطل على بعض الناس !!
    ربَّما ظنَّ الوالي أنَّه ليس من بعض الناس وإلاَّ ما جاءه هذا الأرعن طالباً القُربَ منه والزُّلفى ليُغريه بالامتعاض والإعراض والتأفُّفِ منه شكلاً ومضموناً !ولكن دون شكٍّ فإنَّ وكزةَالفم المعْوج النثريَّة هذه أوقع أثراً وأبلغ من قصيدته المُداهنة وإلاَّ ما بقيتْ وديعةً في ضمير التأريخ وأمانة على ذمَّة الأسفار إلى يومنا هذا ! أليس كذلك ؟ ولو أنَّ الشاعرَ قرأ شعراً صادقاَ لاستمع إليه الوالي وغير الوالي والمولى والموالي .. ولكن إذا غلب طبعُه على تطبُّعه وطفحتْ دخيلتُه مثل بشَّار بن بُرْد وهو ينفثُ هجاءَه المُرَّ للخليفة العبَّاسي المهدي ووزيره يعقوب بن داؤود :

    بني أميَّةَ هُبُّوا طالَ نومُكمُ
    إنَّ الخليفةَ يعقوبُ بنُ داؤودِ
    ضاعتْ خلافتُكم يا قومُ فالتمسوا
    خليفةَ اللهِ بين الزِقِّ والعودِ !
    لدفعَ مقابل ذلك حياته غير مأسوفٍ عليه ولأُغلقَ فمَه للأبد وإن ادَّعى الخليفةُ أنَّ سبب إعدام بشَّار بن بُرد هو الزندقة لا الهجاء للجناب المَلَكيِّ أو بدافع الانتصار للذات والانتقام لهيبة السُلطة ورمزها الألمعيِّ !
    فإذا كانت كلمة المُداهنة والتودُّد يأتي خراجُها لصاحبِها عاجلاً قبل أن تصبَّ في صحارى نفوس الملوك فيكتنز بدوره الذهب والفضَّة ؛ فإنَّ كلمة الحقِّ مُرَّةٌ كالعلقم لا يُداوى بها من اعتاد حبَّ الرضاع من ضروع الصمت العقيم و أثداء التدليس والموالسة ، أو غشَّاشة النفاق المطلَّية بشهْد المكابرة والخداع وفطريات النفع و الانتفاع !ولذلك كان لا بُدَّ لكلمة الحقِّ من ضريبة تزكِّيها وتخلِّصها من خشية التضحية الأكيدة ، ومن مخيط فزَّاعة الضرار البشري ، وتؤهِّلها لمجالدة سوء المآل الموقوت إذ لا بُدَّ من انبلاج الحقِّ وإن طال ادْلهمام الباطل ..و لا بُدَّ لها من المصابرة وإن تجنَّبتْها بعض الآذان الخائبة ..وإن قلَّ زادُها في رحلتها الطويلة من عالم القُبح إلى عالم الجمال أو منفاها القاحل وإن تمزَّع كساءُها .. وإنْ قصَّر كفَنُها عن رأسها إذا غطَّى رجليها وعن رجليها إذا غطَّى رأسها ، فما ضرَّها أبداً .. فإن مشتْ وحدها وماتتْ وحدها ؛ فإنها حتماً ستُبعث وحدها إنشاء الله !





    نُشر بالوفاق اليوم الخميس 10/1/2013م
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de