الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
المطالبون بحق الوحدة الطوعية ** الفدرالية هي الحل**
|
كثيرون في ظنهم أن تجربة الحكم الفدرالي في السودان تجربة حديثة على مكوناته السكانية ،غير أنها في الواقع ممارسة غائرة في تاريخ نظم الحكم في السودان ، ولعل الباحث في نظم الممالك والسلطنات القديمة ، يتلمّس بجلاء صيغ الفدرالية التي سادت ونظمت مرافق الدولة في أزمانهم ، فلو نظرنا لشكل ونظم الحكم التي سادت أوان العصر المروي ، نجد أن شكل الدولة مؤسس على الفدرالية علي أكمل وأقوم أشراطها ، وكذا الحال في المالك المسيحية التي سادت في القرون الوسطى ، وقد تأست السلطنة الزرقاء بسابقاتها وتبنت بدورها النظام الفدرالي (1). السودانيون بوجه عام لم يألفوا نظام الدولة المركزية إلا بعد غزو حاكم مصر محمد علي باشا للسودان عام 1821م وتأسيس حكمدارية تتبع الباب العالي حسبما تفيد المصادر، من بعدهم مضت الدولة مركزية في ظل كل العهود التالية استعمارية كانت أم وطنية ، وعلى الرغم من مركزية الحكم التي سادت ، لم تخلو فترات الحكم من إتباع أنماط من النظم الإدارية اللامركزية بغية تقصير الظل الإداري ( نظام المأموريات والمديريات الإدارية )(2)، اضطرتهم إليها اتساع الرقعة الجغرافية في البلاد فضلاً عن تكوينه الاجتماعي وتعدده البيئي وتنوعه الثقافي .
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: المطالبون بحق الوحدة الطوعية ** الفدرالية هي الحل** (Re: محمد على طه الملك)
|
مع بدايات العهد المايوي 1969م نحت الدولة نحو اللامركزية الإدارية ، وشرّعت قانون الحكم الشعبي المحلي 1971م ، كان من ابرز سماته جعل المديرية وحدة حكم بشخصية اعتبارية لها موازنة وهيئة حاكمة هي المجلس الشعبي التنفيذي ، هذا المجلس له سلطة إنشاء مجالس شعبية تحتية مثل مجالس المناطق ، المدن والأرياف ومجالس الأحياء ، القرى الفرقان والمناطق الصناعية لهدفين هما تحقيق قدر من اللامركزية ، وإعمال مبدأ المشاركة الشعبية في تقديم الخدمات العامة و في قمة المجلس الشعبي التنفيذي محافظ يعين بواسطة رئيس الجمهورية (3). بعد اتفاقية ادس اببا 1972م صدر قانون الحكم الذاتي للمديريات الجنوبية ، وحمل نصا في الفصل الثاني منه قضى بأن تصبح المديريات الجنوبية للسودان إقليماً يتمتع بالحكم الذاتي الإقليمي في نطاق جمهورية السودان الديمقراطية يعرف بإقليم جنوب السودان. كُوّنت له سلطة تنفيذية للحكم جلس على قمّته رئيس المجلس التنفيذي العالي الحاكم المسؤول عن حسن إدارة الإقليم ، وهيئة تشريعية عُرِفت بمجلس الشعب الإقليمي لجنوب السودان ، كان معنيا بصنع السياسات العامة في الإقليم. بهذه الصيغة أصبحت البلاد تدار بنمطين من الحكم ، حكم لامركزي في الشمال يدار تحت قبضة مركزية من العاصمة ، بجانب حكم إقليمي في الجنوب ، وبدا الأمر مربكا من حيث التكييف الإداري الدستوري لشكل الدولة ونظام الحكم ، فلا هو نمط فدرالي كامل الشروط ، ولا هو لامركزية إدارية بحتة ، الأمر الذي حدا بفقهاء الإدارة إلى القول أن مثل هذا الهيكل في دولة موحدة يعتبر أمراً لا نظير له في العالم(4).
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المطالبون بحق الوحدة الطوعية ** الفدرالية هي الحل** (Re: محمد على طه الملك)
|
لتجاوز هذه الازدواجية المربكة فضلاً عن أسباب سياسية أخرى ، أعاد النظام هيكلة إدارة الحكم في الشمال تحت قانون الحكم الإقليمي 1980 ، بموجبه أصبح للحكم ثلاث مستويات تمثلت في الحكومة المركزية ، حكومات الأقاليم ومجالس المناطق، و أعيد توزيع السلطات والموارد بين المركز والأقاليم وبين الإقليم والمجالس المناطقية التابعة له. كان هذا الانتقال لنمط الحكم الإقليمي مرانا تطبيقيا ساعد إلى حد كبير ومهد الطريق لتبني النمط الفدرالي بعد وصول الإنقاذ لسدة الحكم بانقلاب عسكري 1989م ، ففي العام 1991م صدر المرسوم الدستور الذي تأسس بموجبه أولى بوادر الحكم الفدرالي ، حيث أصبحت الدولة ذات شكل فدرالي ، وأستمر الحال حتى صدور الدستور الانتقالي عقب اتفاق السلام عام 2005م، الذي أضفى قدرا من الشرعية الدستورية للدولة ونظام الحكم .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المطالبون بحق الوحدة الطوعية ** الفدرالية هي الحل** (Re: محمد على طه الملك)
|
واهم من لازال يكبّل وعيه بمصطلحات وأيديولوجيات لا تؤمن بالتنوع ، فالإنسانية بمختلف درجات تحضرها باتت موقنة بضرورة أن يأتي سعيها متناسقا مع ناموس الكون ، فالدولة المركزية القُطرية وبوجه خاص في العالم الثالث - تشكّل هيكلها فوق رؤوس القاطنين جبرا بيد الغرباء ، ومن ثم لم تعد هي المجمرة المثلى للبناء القومي ، كيفما أحيطت بسياجات عقدية وإعلام موجه وثقافة تربوية مختارة ، ذلك لأن الخواص البيئة لبقعة ما وكيانها الاجتماعي بإرثه الثقافي يخسران بقدر واسع لدى إنسانها عاطفة الولاء الكلي المطلق للدولة التي ينتمي لها ، فالأولية في هذا المقام من نصيب البقعة الجغرافية والكيان الاجتماعي ( الإثني ) والثقافي الذي نشأ فيه ، ثم يتسع بدرجة أقل لمحيطه الإقليمي ، ليبلغ الدولة وقد تغلفت عاطفة الولاء بمظهر رسمي وعدد من الأوراق الثبوتية ، من هنا لم تعد فلسفة القرنين الماضيين عن الدولة القومية مجدية ، حال ارتهانها للنظام المركزي في الحكم أو الشمولية السياسية والثقافية ، وغدت النظم الفدرالية هي الوعاء الحافظ لكيان الدولة ، لاعترافها بانتماءات كيانات البؤر الجغرافية ومن ثم الإفساح لها لتدير شؤونها بذاتية تتمتع بقدر من الاستقلال السياسي داخل كيان سياسي اتحادي أشمل يعرف بالاتحاد الفدرالي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المطالبون بحق الوحدة الطوعية ** الفدرالية هي الحل** (Re: محمد على طه الملك)
|
إذاً على الذين باتوا يتشككون في قدرة النظام الفدرالي على الوفاء بأشواقهم في حكم أنفسهم بأنفسهم ، أن يعيدوا تقديراتهم ويستردوا ثقتهم استنادا على ما قلته بعالية . صحيح لقد أسهم ضآلة نصيب الولايات من الدخل القومي الإجمالي إلى ضآلة الموازنات الولائية ، ومن ثم غياب التنمية في ظل نظام فدرالي لم يكن المرئي منه سوى الشكل بمظاهر مترهلة وفاسدة ، ظلت آثارها بائنة في تخلف البنية التحتية والمساواة في تقديم الخدمات الأساسية ، فتفشت مظاهر التخلف التنموي السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وظهرت مصطلحات جديدة في قاموس العلوم السياسية مثل التهميش والجهوية والإقصاء السياسي (7)، حقنت النفوس وفجرت النزاعات المحلية التي قادت بدورها لظهور فصائل المقاومة المسلحة ردا على المركز وتجاوزاته واللامبالاة السياسية ، غير أن هذه المثالب تعود بكليتها لعيوب التطبيق وتشوهاته ولا تقدح في بنية الفدرالية كنظام مثالي يوافق تماما وضع بلادنا وبيئتها الاجتماعية / الثقافية . مراجع: (1) انظر معالم التطور الاجتماعي والسياسي في السودان القديم / أ . محمد علي طه الملك . (2) الحكم والإدارة في السودان – عبد الله علي حسن /دار المستقبل العربي شارع بيروت مصر الجديدة (القاهرة) الطبعة 1986م. (3) الأنماط الإدارية في السودان لمستويات الحكم دون المركز (الحكم اللامركزي) / د . أبكر عمر أبكر خليل ـ أكاديمية العلوم الإدارية / الخرطوم ( ورقة بحثية منشورة بمركز التنوير المعرفي). (4) الأنماط الإدارية في السودان لمستويات الحكم / المرجع أعلاه. See _ Federalism | LII / Legal Information Institute(5) (6) الحكم الاتحادي( الفدرالي) وإخماد الفتن الإثنية / د. الهادي عبد الصمد ـ أستاذ العلوم الإدارية ج/ امدرمان الإسلامية. (7) تقييم تجربة الحكم الاتحادي السوداني للفترة ما بعد 1994م د. محمد أحمد محمد راني أستاذ الإدارة العامة – قسم العلوم السياسية . جامعة النيلين
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المطالبون بحق الوحدة الطوعية ** الفدرالية هي الحل** (Re: الشامي الحبر عبدالوهاب)
|
تحياتي الصادقة أخي الشامي ..
Quote: لا زلت ارى في نموذج الدولة السنارية النموذج الامثل لحكم السودان |
نظام الحكم في سنار كان فدراليا على أكمل وجه .. وعلى الرغم من مضي قرن ونيف فاصلا بينها وبين مكوناتنا الاجتماعية الآن.. ظلت فينا مقيمة بإرثها الصوفي وتوزيعها الجغرافي/ الإثني .. بل و تساكن إنسانها ذي الوجهين الريفي والبدوي بذات سمات كسبه الزاعي والرعوي. . قرن ونيف لم ننجز خلالها سوى بؤر مدائنية تعد على أصابع اليد طبيعتها أقرب للريف منها للمدينة .. مبعثرة هنا وهناك على مساحة المليون ميل قبل أن نفقد ربعها.. هو كل حصادنا الذي استقبلنا به قرن السياحة الفضائية!!.. ترى هل كان شاعرنا الوطني سيد أحمد الحردلو ( رحمه الله ) .. متحمسا لخياله عندما رد على سائله – تقولي شنو ؤتقولي منو ؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المطالبون بحق الوحدة الطوعية ** الفدرالية هي الحل** (Re: كمال ادريس)
|
Quote: لا زلت ارى في نموذج الدولة السنارية النموذج الامثل لحكم السودان |
100% سنار كان فيها حكم فيدرالي "راقي" جدا رغم قدم التجربة وبساطتها ، والله كأنما تم اقتباس التجربة الامريكية من نظام الحكم في سنار .. كانت الضرائب والزكاة والجيش مؤسسات قومية ادارتها مركزية ، لكن كان المكوك والحكام المحليين هم من يقوم بجمع الضرائب وتسليمها لمندوب السطان ، كان لكن مشيخة ، امارة تابعة لسلطان سنار قانونها و ادارتها وحاكمها ولا يتدخل السطان في شئونها الدخلية ابدا ، كان جيش السلطان يتدخل فقط في حالات العصيان او حالات العدوان التي تتعرض لها اي منطقة تتبع له بوصفه الحامي الاول لهذه المنطقة ، رغم ان المنطقة المحددة يكون لها جيش صغير للدفاع عنها مكون من سكانها.. تحياتي الملك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المطالبون بحق الوحدة الطوعية ** الفدرالية هي الحل** (Re: Abdullah Idrees)
|
Quote: سنار كان فيها حكم فيدرالي "راقي" جدا رغم قدم التجربة وبساطتها ، والله كأنما تم اقتباس التجربة الامريكية من نظام الحكم في سنار .. كانت الضرائب والزكاة والجيش مؤسسات قومية ادارتها مركزية ، لكن كان المكوك والحكام المحليين هم من يقوم بجمع الضرائب وتسليمها لمندوب السطان ، كان لكن مشيخة ، امارة تابعة لسلطان سنار قانونها و ادارتها وحاكمها ولا يتدخل السطان في شئونها الدخلية ابدا ، كان جيش السلطان يتدخل فقط في حالات العصيان او حالات العدوان التي تتعرض لها اي منطقة تتبع له بوصفه الحامي الاول لهذه المنطقة ، رغم ان المنطقة المحددة يكون لها جيش صغير للدفاع عنها مكون من سكانها.. |
الأستاذ عبد الله إدريس .. تحياتي .. المتقصي لفكرة النظام الفدرالي وتطبيقاتها في العالم .. يكتشف أننا كنا الأسبق .. الأمريكان يدرسون الآن تقاليد وأساليب ( الجودية ) التي ظل كبارنا يفضون عن طريقها أعقد النزاعات .. شكرا على الإضافة القيمة .
| |
|
|
|
|
|
|
|