مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-04-2024, 06:18 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبدالله عثمان(عبدالله عثمان)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-06-2008, 10:18 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه (Re: عبدالله عثمان)


    من الأرشيف: حفر في الذاكرة : محمد طه محمد أحمد ما بين الجبل والنهر
    نسخة للحفظ نسخة للطباعة أخبر صديق اضف تعليقك

    رحلة تفتيش في الدفاتر الخاصة لرئيس تحرير الوفاق
    نعم أنا غير قابل للتحضر وجسمي يرفض حتى مكيفات الهواء!!
    لقد سرقني العمر...ولم أعش حياتي الطبيعية..!!
    الإسلاميون عندهم الغَيْرة والحسد!!
    دخلت في قصة حب ولكنها فشلت..!
    تعرضت لثلاث محاولات زواج فاشلة!!
    لا أتعاطف مع علي عثمان لأنه شايقي!!
    تيار التشيع داخل الحركة الإسلامية أخاف الترابي
    الوثائق البريطانية قالت إن محجوب عثمان عميل مصري!!
    على هؤلاء ألّا يدّعوا البطولات!
    سيد أحمد خليفة قال لي: أنت تحسدني يا محمد!
    هل كان من السهولة محاصرة محمد طه محمد أحمد؟! لا أظن أن الإجابة بنعم...هي الإجابة الصحيحة.. محمد طه رقم جدلي في معادلات الصحافة والسياسة السودانية المعاصرة غير قابل للتجاوز أو المرور عليه أو القفز من فوقه..وهو دوماً قادر على الاحتفاظ بإثارته ومقدرته على الإدهاش والمفاجأة.. فلا تستطيع أن تقدر ردود أفعاله...فهو لا يعطي القارئ شيك ضمان، الحوار الثلاثي الذي أجراه الطاهر حسن وضياء الدين بلال وجمال علي حسن مع محمد طه اختار لنفسه أن يتحرك في جغرافيا الرجل النفسية والثقافية دون محاذير أو مراعاة للخطوط الحمراء.. فعاد الحوار من رحلته بحصاد من الإجابات المثيرة والصريحة والجديدة كذلك.. والتي ترسم صورة قلمية لمحمد طه في كل أحواله.. في هدوئه وفي ثورته.. ولا نفسد عليكم الطعم ولكن تفضلوا لتناول هذه الوجبة الصحافية الدسمة وتحملوا مذاق توابلها الحارقة إلى نهاية الصحن..!!.
    الطاهر: محمد طه بدايات التكوين والنشأة؟
    طه: نحن أسرة شايقية لكنها من أقاصي الشمال...من وادي حلفا، وحلفا مدينة لها نكهة خاصة لأنها تقع ما بين النهر والجبل، حلفا تركت تأثيراً كبيراً جداً على حياتي أكثر من مناطق الشايقية، قرب حلفا من مصر مصدر ومنهل الثقافة قربني من الاطلاع الثقافي والأدبي الذي كان يمكن ألّا يتوفر لي في القرير، والقرير بالنسبة لحلفا أقل تحضراً، في حلفا كانت هنالك مكتبة السلام، والدي كان يومياً يأتي وفي رفقته الأصدقاء الذين لا نمل لهم حديثاً..وهم الكتب مثل كتب دار الهلال، وقرأنا فيها معظم ثمار الفكر العربي والإسلامي؛ طه حسين، والعقاد والمنفلوطي، وسلسلة العبقريات، وكتباً عن الثورة المصرية، وقرأنا مجلة العربي، فمنذ وقت مبكر شدت انتباهي للثقافة، أما بقية الأسرة لا توجد لديهم هذه الاهتمامات لأنهم ولدوا في مناطق الشايقية بالقرير والقرير بها ثقافات عامة مثل شعر الشايقية.. حلفا خلقت لي صلة بالكتاب وهي تختلف عن المدن...لان فيها طبائع المدينة وفيها ميزات القرية.
    -اعتدل طه في جلسته-
    ثم واصل حديثه:
    الشايقية والحلفاويون تجمع بينهم أواصر الإخوة.. فالدلائل تشير إلى أن عاصمة النوبة كانت بأراضي الشايقية بالبركل.
    ضياء الدين: محمد طه ما بين الجبل والنهر النهر بعذوبته والجبل بشدته وقسوته، مناخات مختلفة تتقلب فيها شخصية محمد طه؟
    طه: أتذكر جيداً..كان بيتنا في طرف المدينة، كنا في مدينة اسمها دبروسة كان هنالك ميدان يفصل بيننا والجبال، حدثت لنا قصة مثيرة ونحن صغار..كنا وقتها ستة أطفال نلعب في الجبل دون سابق إنذار حاصرتنا مجموعة من الثعابين، أهلنا كانوا يقولون إذا قتلت ثعباناً صغيراً تكسب عداوة كل الثعابين أتذكر أننا قتلنا ثعباناً صغيراً في مرة من المرات..وهنالك روايات كثيرة مسرحها كان وادي حلفا والمنطقة أصلاً منطقة ثعابين، كان رد فعلنا أننا أصبحنا نتقافز من أعلى إلى أسفل رغم وعورة مسالك الجبل، عدت إلى البيت مثخناً بالجراح...هذا ما يخص صِلاتي بالجبل!!
    التفت إلى اتجاه معاكس ثم قال:
    أما عن عذوبة النهر يا الطاهر...أنا إلى الآن (بيني وبين النهر عشانك عشرة بتبدأ) مثل محجوب شريف..ولاأزال على صلة بالنهر منذ حلفا والقرير التي كان فيها النهر قريباً جداً من بيتنا، وأنا سباح ماهر ويمكن أن أسبح في الليل، النهر لم يكن كله عذوبة، فمثلما تعرضت للثعابين في الجبل تعرضت للتمساح في النهر..!
    ضياء الدين: منذ البدايات صراع مع الثعابين والتماسيح، هل هذا هو الذي وسم شخصية محمد طه بالمزاج الصراعي الحاد؟!
    طه: يمكن أن يكون ذلك صحيحاً، لكن أثر السياسة كان أكبر، لا أرى نفسي عنيفاً، لكنْ ظروف كثيرة تجعلني أبدو متوتراً.. إضافة للسياسة جاءت الصحافة بكل موتراتها بعد أن أصبحت تحدياً شخصياً بالنسبة لي رغم ذلك لم اشترك في يوم واحد في أحداث عنف ولم أحمل عكازاً.
    قد يكون عنفك لفظياً؟
    طه: أبداً أنا قد أكون كثير الميل للسخرية ومحاولة هزيمة الآخرين بالحجة.
    الطاهر: محمد طه ليس عنيفاً والحدة ليست عنفاً قد تكون طبعاً هل أنت حاد الطبع؟
    طه: شوف يا الطاهر، الحدة في أي إنسان.. الحياة ليست جلسة صفاء طويلة..أشعر الآن أن حياتي الطبيعية لم أعشها بعد، بلغت 45 عاماً أي أن العمر سرقني حتى أطفالي روعة ورماح، رماح سيمتحن الجامعة في هذا العام...كثيراً أسأل نفسي (ديل..أنا ولدتهم متين)..منذ أن تزوجت يمكن البيت تناولت فيه وجبة الفطور والغداء، 40 مرة فقط، التوتر والحدة من طبيعة الحياة التي أعيشها، لكن طبيعتي الشخصية ليس بها توتر لأنني أحب القصة والشعر والغناء (ودي ما طبائع ناس حادين). حتى ولو كانوا حادين تجعلهم أكثر رقة، وحتى المفكرون الذين يوصفون بالحدة مثل سيد قطب، أنا لم أبدأ من أفكارهم الحادة (معالم على الطريق) ولكن من قصصه (المدينة المسحورة وأشواك وطفل من القرية) لكن السياسة والظرف الصحفي خاصة في الفترة الأخيرة جعلت الكثيرين يصفونني بأنني (زول حاد).
    ضياء الدين: إذا لم يكن محمد طه بحلفا ولم تكن هنالك مكتبة السلام وكنت بالقرير، إلى أي مدى كان سيكون هنالك اختلاف بين الشخصيتين؛ الشخصية الاحتمالية والشخصية التي بيننا الآن؟
    طه: الاسرة بطبيعتها بها بذرة الاهتمام بالفصاحة، يروى أن واحداً من أجدادنا، جدنا الكبير مثل أمام القاضي الإنجليزي وكان هنالك من يترجم له كلامه، وعندما أفحم القاضي بالحجج، سأل القاضي جدي (أنت الكلام دا بتجيبو من وين؟) فرد عليه بالقول (الجن قال)...ومنذ ذلك أطلق عليه لقب (جنقال) فالمسألة موجودة في الأسرة، يمكن إذا استمررت في حلفا أن أصبح رطّانياً، فتغلب الرطانة على لغتي العربية وأصبح مثل محمد وردي في بداياته لكن الشايقية أثروا فيّ بشعر إسماعيل حسن.
    جمال: هنالك قول بأن محمد طه لا يزال في القرير وهو غير قابل للتحضر والتعامل مع المدنية، أو أنه يشعر أن الشكل الذي ظهر به منحه لونية خاصة تميزه عن الآخرين لذلك أراد الاحتفاظ بتلك الصورة لدعم نجوميته؟
    شوف الكلام دا صحيح، أنا مُش قابل للتحضر بس أنا جسمي ذاتو يرفض التحضر، دي حاجة غريبة جداً، يعني مثلاً مكيف الهواء في المكتب يورم لي جسدي.. معدتي لا تقبل أي طعام فأنا شاعر أن هذه المسألة أشبه بالمنهج المفروض عليّ، وأنا لا أدمن الزهد لكن هذا الأمر أصبح بالنسبة لي فلسفة حياة، سيدنا عمر يقول (اخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم) بمعنى مثلاً أنا حريص على أن أولادي يكونوا مثل باقي أبناء الناس ما ممكن أوديهم المدرسة بالعربية،، عاوزهم يتربوا مثلي.. أذكر أنني كنت أقطع مسافة طويلة جداً من الحي إلى القرير الوسطى، أنا أريدهم يعيشوا كده، طبعاً لن تكون نفس المعاناة هي أقل ولكن هذا الأمر سيفيدهم كثيراً.
    الطاهر: إذا كان محمد طه أهملته الحياة وفرضت عليه قسوة النشأة..لماذا يفرض تلك التجربة على أبنائه الذين أكرمتهم الحياة بمال وافر؟
    طه: أصلاً إذا أردت أن أشكلهم لا استطيع، يعني هم الآن ليس لهم أي اهتمامات سياسية يمكن روعة لها اهتمام ثقافي، رماح يمكن يكون طبيباً أو مهندساً وهم أصلاً محظوظون، أنا أبوي عندما ذهبنا للقرير لمصادر المعرفة انقطعت عنه.. أبوي يمكن يكون شكّل اهتماماتنا لكن أنا لا أقدر على تشكيلهم، فهم مسيرون بغير إرادتي أنا!.
    ضياء الدين: قد يكون ما قلته سابقاً هو فلسفة تبريرية للبخل؟
    طه: هذه فلسفة سيدنا عمر.. الحياة فيها الترف وفيها الزهد...من المفروض أن تختار لنفسك -ومن باب أولى لذريتك- تختار لهم طريقاً يؤمنهم من عثرات الدهر، النعم لا تدوم فمن الأفضل إذا جاء الثراء يكون إضافة إليه وإذا جاءه الفقر يكون هو أصلاً متحصناً بخشونة العيش..
    ضياء الدين: لماذا لا تعلمهم إدارة النعمة بدلاً من أن تؤقلمهم على العسر؟
    طه: أحاول أن أعلمهم أن يعيشوا حياة عادية، نحن نسكن في حي شعبي، أمهم ترغب لهم النعم... النساء يختلفن عن الرجال بمن فيهن بنت الإمام علي كانت تحب زينة الحياة الدنيا..والله خاطب زوجات النبي: (إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً) الراحة مطلوبة ولكن أنا لا أرى أن يقوموا على الترف.. السودانيون يصيبهم التطلع الزائد عن الحاجة.. كنا في البيوت الملاية يتم تغييرها كل عيد. وكنا في القرير الوسطى والجامعة نغسل ملابسنا بأنفسنا، ولكن الآن يكون الشخص محدود الدخل جداً ويأخذ ملابسه إلى الغسّال!.
    ضياء الدين: الخوف من المستقبل من القادم والاحتراز له لحد عدم الاستمتاع بالحاضر، صفة ميزت خطاب محمد طه السياسي وجعلته دائماً أقرب للتشاؤم؟
    طه: من الضروري أن يبني كل شخص أو دولة حسابهم على الحد الأدنى..صحيفتي الوفاق هي في الأساس قائمة على التدبير المنزلي، قرأت قصة لنجيب محفوظ يقول فيها البطل: أمي بين النساء كألمانيا بين الدول تستفيد من كل شئ، وكان يضرب مثلاً بأن الملاية في البيت إذا قدمت تحول إلى كيس مخدة، والكيس إذا قدم يحول لقطعة مسح، الوفاق قامت على هذا النهج لذلك هي أقل الصحف تعرضاً للأزمات المالية كما تعلم يا ضياء -ضحك-
    جمال: إذاً محمد طه شخص غير قابل للتمتع بنعم الثراء؟
    طه: كل ما لدي أوجهه للصحيفة حتى تكون هي الصحيفة الأولى التي لا تستعين بغير الله.
    -ضحك- ثم واصل:
    أنا ما عندي قروش لكن إمكن عندي ورق ومطبعة فضل فيها قسط وللا قسطين، وإمكن عندي عقار خاص بالمطبعة والصحيفة نعم هذا ثراء ولكنه ثراء للرسالة الصحفية والمجتمع..لا ثراء بوباري مثل أن أذهب إلى جنيف في الإجازة وتكون لزوجتي حلي ذهبية وأرصدة في البنوك!.
    ضياء الدين: ماذا إذا قلنا إن محمد طه يعيش في الخرطوم على معكوس مصطفى سعيد في ود حامد... مصطفى سعيد بعد عودته من بريطانيا وفي منزله بود حامد كانت له غرفة على النمط الإنجليزي يقضي فيها أغلب وقته، فالبطل هنا استدعى الحياة الأوروبية إلى قريته، أنت في الخرطوم تستدعي الحياة الريفية، أبراج الحمام وسعاية الأغنام لمجتمعك الحضري الجديد؟!
    طه: أريد أن أوضح بأنني لم أشعر أصلاً أنني انتقلت لمجتمع حضري بقدومي للخرطوم بل العكس أنا أتيت من مجتمع حضري لمجتمع ريفي، أنا ابن أعرق مدينة في السودان؛ حلفا، يمكن تقول حدثت لي ردة مجتمعية (الخرطوم دي ما مدينة، دي شئ مجهول) وعندما جئت للخرطوم لم افتكر لها هل هي مدينة أم قرية فقد دخلنا في المعمعة السياسية، مصطفى سعيد لم يربط نفسه بقضية فكرية أو سياسية، ولكن كان يربط حياته بالمتعة واللذة، الرسالة ربطتنا باللذة السياسية، وأنا علاقاتي بالإسلاميين في مروي الثانوية وجامعة الخرطوم أكبر من علاقتي بأشقائي، لذلك أقول لك إن الالتزام السياسي عادة ما يقودك إلى مجتمع مختلف.
    ضياء الدين: ما هو الباب الذي دخل به محمد طه للحركة الإسلامية، إذا لم تكن كتب سيد قطب أو حسن البنا، خاصة وأن هنالك حديثاً شعبياً مثاراً عن تدين الحلفاويين، وأنت قضيت فترتك الأولى بحلفا؟
    طه: دخلت عبر التأثر الثقافي، كل المنطقة النوبية من حلفا إلى ديار الشايقية لم يدخلها الدين فاتحاً لذلك يشاع بأن هذه المنطقة ضعيفة في التدين، هذه المنطقة قبلت بالتدين الصوفي، البرهانية بدأت بحلفا وشيخهم حلفاوي محمد عثمان عبده البرهاني، ونسيت أن أقول لك بأن والدي كان برهانياً وكانت الحضرات تقام ببيتنا.. أنا طبعاً كنت معجباً بالاشتراكية ولكن أبعدني منها موقفها من الدين ولكن جذبتني أطروحات حسن البنا وسيد قطب.
    السؤال بصورة مباشرة من الذي استقطبك للحركة الإسلامية؟
    طه: ليس هنالك شخص محدد، كانت مناقشات عامة بمروي الثانوية، وكان هنالك تنظيم قوي جداً للجبهة الديمقراطية، وتنظيم قوي لحزب البعث أقوى فروع الجبهة الديمقراطية والبعث كانا بمروي الثانوية ونوري... عدد كبير من أطباء المنطقة درسوا بالعراق، ومعظم ضباط حركة 28 رمضان من تنقاسي، مدرسة مروي كان بها جو صراع سياسي وفكري حاد، في هذا المناخ وبحكم ثقافتي وقراءاتي وجدت نفسي أقرب للإسلاميين فقد كانوا الأكثر إقناعاً.
    ضياء الدين: فردانية محمد طه، البعض أطلق عليك صفة أبي ذر الغفاري، طوال سردك لم يتضح أثر الأصدقاء والأقران عليك، كنت عضواً بالاتجاه الإسلامي في الثانويات والجامعة بصلاحيات وسلطات مستقلة تماماً...صحيفتك في الجامعة التي تنطق باسمك فقط...وكذلك الوفاق الآن؟
    -أصبحت ملامح وجهه أكثر جدية-
    طه: قد يكون مرد ذلك لاختلاف الاهتمامات.. الإسلاميون لم يكن لهم اهتمام بالأدب إلا القليل منهم، لكن، لقد كنت بمروي الثانوية المسؤول السياسي في الاتجاه الإسلامي، ولقد انتخبت في أول مكتب سياسي للجبهة الإسلامية بعد تكوينها في 85، مع ذلك نعم هنالك فردانية، لم أكن أحب الدخول في العمل النقابي، تجربتي في العمل مع الجماعة لم تكن ناجحة، وكثيراً ما يحدث تصادم في القناعات.. تجربتي في الراية لم أكن سعيداً بها، وإذا لم أكن أملك الوفاق ليس هنالك صحيفة يمكن أن تستوعبني (وخليها مستورة)، في كل عمل سياسي هنالك المنافسة، الإسلاميون مثل كل البشر عندهم المنافسة والغَيْرة والحسد (هسع الصحيفة دي لو عندهم فيها يد لما قدموني لرئاسة التحرير.. لي معهم تجارب كثيرة) عملت في الملتقى فوجدت معاكسة كبيرة جداً، ولقد منعت أن أكون رئيس تحرير، في ألوان مورست ضغوط كثيرة حتى لا يظهر اسمي، وظللت اكتب باسم المحرر السياسي، كل هذا جعل من الفردية جنة بالنسبة لي..
    جمال: تتحدث عن أنك عملت الملتقى ولا تذكر الآخرين الذين كانوا معك؟
    طه: أنا أريد أن أميزها عن الإسلاميين الجماعة، لم تكن لها علاقة بالمتلقي وهي ليست إبداعاً خاصاً بي وحدي كذلك.
    ضياء الدين: لماذا يتملكك شعور باستعداء الآخرين لك؟
    طه: الآخر أنا تعاملت معه، لكن تجربتي معه لم تكن مفيدة ولا سعيدة، بسبب المشاكل التي حدثت في الحركة الإسلامية التي يشتعل فيها التنافس، فأنت كلما بعدت عن مجال التنافس فذلك أفضل، تجربة العمل الجماعي فيها مطبات كثيرة جداً.
    الطاهر: ومحمد طه من ينافس؟
    طه: إذا لدي كسب أفضل أن يذهب إلى المجتمع، وهم كانوا يستفيدون من كسبي استفادة كبيرة جداً، دون أن أنافسهم في اتحاد أو جمعية مثل أن أصبح نائباً في الجمعية التأسيسية (أنا كنت زول معروف جداً لأكثر من ناس كثيرين من الذين فازوا في دوائر الخريجين. كثيرون منهم كانوا نكرات لم يكونوا نجوماً ولم يكن يعرفهم أحد، وأنا كنت معروفاً جداً فأنا منذ 75 - 85 كنت أتحدث في الجامعة رغم ذلك لم أنزل في الانتخابات وكان هذا أفضل طبعاً إذا أصبحت نائباً في البرلمان لم يكن من الممكن أن أصبح صحفياً.. نعم إن عطائي من خلال الراية أفضل للمجتمع والحركة الإسلامية من أن أصبح نائباً في البرلمان.
    الطاهر: بعد كل هذه المجاهدات الطويلة هل شعرت بأنك مستغل من قبل الحركة الإسلامية وأنها تسخرك دون أن تدري؟
    طه: سؤالك دا مهم، هذا كان من أسرار نجاح الحركة الإسلامية في مرحلة الدعوة، والحركة كانت تتقبل أي فرد مهما كانت طبيعته؛ كادر عنف أو كادر نقاش.. لكن الدولة فيها المكاسب والمغانم والكراسي... ففي الجامعة يمكن أن تتعطل أو تسجن..أنا مثلاً سجنت ثلاث سنوات، الحركة تفرض عليك دفع الثمن لكن السلطة فيها المغانم.
    لماذا اخترت مهنة القانون؟
    طه: لم اختر القانون وليس لي علاقة بهذا الاختيار، كنت أرغب في دراسة الآداب.. والدي هو الذي ملأ الأورنيك واختار القانون وقالت وقتها أمي إن والدي يريدني أن أصبح قاضياً مثل قاضي مروي الذي يملك أكبر بيت هناك وعلى البحر.
    الطاهر: محمد طه كان معلماً ومحامياً والآن صحفي ما هو الخيط الذي يربط بين هذه المهن؟
    طه: كنت معلماً لفترة محدودة جداً بمدارس دار النعيم، واغتربت بعد ذلك إلى قطر هذه هي الفترة التي قابلت فيها الطيب صالح، وفي فترة التدريس تعرضت لثلاث محاولات فاشلة للزواج.
    -ضحك-
    ضياء الدين: محمد طه له تأثير على الحركة في مرحلة الجماعة والسلطة عبر قلمه الصحفي ما تأثير الحركة عليك في جانب اختياراتك الشخصية مثل الزواج مثلاً والعمل؟
    طه: الحركات كانت تلعب دوراً في الاختيارات الشخصية خاصة خيار الزواج، كثير من الأخوان المسلمين تزوجوا أخوات مسلمات، كانت لي تجربة في ذلك حيث كنت لا أفضل الزواج والارتباط بأخت مسلمة لأن وجود الأخوات المسلمات خارج البيت أكثر من وجودهنّ في البيت، لذلك كنت أفضل الزواج من فتاة عادية، ورغم ذلك كان من الممكن أن أتزوج من إحدى الأخوات المسلمات لكن هذا الزواج تعطل لأسباب عادية، وفي النهاية تزوجت زواجاً عادياً والأخوان المسلمين لا يجبروك على الزواج ولكن طبيعة المناخ تفرض عليك الزواج من داخل التنظيم.
    هل استقطبت زوجتك للحركة الإسلامية؟
    طه: أبداً أنا ما فضيت ليها أصلاً وهي امرأة عادية تلبس الحجاب ذي أي امرأة وتدرس الأطفال.
    ضياء الدين: طبيعة علاقتك بالمرأة هنالك حساسيات كثيرة فيما يتعلق بالعلاقة بين الجنسين داخل التنظيمات الإسلامية السلفية والمعاصرة، كيف كانت علاقتك بالمرأة داخل إطار التنظيم وخارجه؟
    طه: لا يمكن أن تشبه العلاقة بين الجنسين داخل جماعة الأخوان المسلمين بالعلاقة المقابلة في أنصار السنة، فالأخوان المسلمين حركتهم حركة حجاب وليست حركة نقاب، فالعلاقات كانت عادية فالمرأة في الكلية والنشاط والاتحاد المشكلة الحقيقية في ممارسة الرياضة و...
    -مقاطعة-
    ضياء الدين: السؤال متعلق بمحمد طه وتجربته الشخصية في التجاذب بين الأطروحات الإسلامية المحافظة والتي تضبط العلاقة بين الجنسين بضوابط كثيرة، وروح الشباب ومتطلباته، في محيط مختلط وغير منضبط بالتصورات المحافظة، التجارب هذه إلى أي مدى كانت مصدر توتر وقلق بالنسبة لك؟
    طه: الفترة التي قضيناها في الجامعة كانت فترة التوترات السياسية والصراع السياسي وهما يطغيان على ما سواهما من توترات أُخر كانت.. (شوف مثلاً نحن سجلنا للجامعة يوم الخميس وانقلاب المقدم حسن حسين كان يوم الجمعة 5 سبتمبر 1975م ثم بعد ذلك جاءت حركة 2 يوليو 76 وجاءت المشاكل الكثيرة، الجامعات كانت تشهد مشاكل كثيرة من السياسيين وأمن نميري، وكانت هنالك في كل يوم (الكشة) الأمنية التي تنظف الجامعة من كل الصحف الحائطية والشعارات...لاحظ هذا التوتر في كل يوم كيف انظر للمرأة وللداخليات، وهذا حال كل السياسيين، والاهتمام بالمرأة في الجامعات (جا هسع لما الجامعات خلت من الصراع السياسي والندوات وأركان النقاش والمشاكل.. فالفراغ هو الذي جعل البعض يلتفت للنساء!.
    ضياء الدين: هل دخلت في قصة حب؟!
    ابتسم باقتضاب ثم قال: طبعاً لكن لم تنجح!!
    الطاهر: هنالك جانب مهم وهو علاقتك بالتشيّع وسط حركة الاتجاه الإسلامي، الذي بدأ يتميز فيها تيار ذو ميول شيعية، محمد طه اكتمل تيار تشيعه داخل الجامعة أم بعد التخرج فيها؟
    طه: تيار التشيع كاد يكتسح الحركة الإسلامية وحتى الجمعيات التي أنشأتها الحركة الإسلامية كانت صدى لجمعيات إيرانية مثل رائدات النهضة وجهاد البناء وزواج الزهراء، كل هذا العمل كان تأثراً بالحركة الإيرانية سلوكاً وفكراً وانتشرت كتب الثورة الإيرانية في أوساط الإسلاميين، وهذا التيار أخاف الكثيرين أولهم الترابي، أذكر في ذلك الوقت نشبت معركة كلامية بين الترابي وأمين بناني في مكتب الأول بالخرطوم (2)، الترابي قال لأمين (أنا عارفك داير تكوّن حزب الله في السودان) ورد عليه أمين (أنا لو عاوز أعمل حزب الله ما بتقدر تمنعني)..والتيار الشيعي كانت له مجلة كان يرأسها عبد الرحيم عمر محيي الدين، عمل ملحقاً إعلامياً بالسفارة السودانية ببيروت.
    ضياء الدين: هل هذا يعني أن محمد طه يعترف بأنه شيعي؟
    طه: لا أبداً، أنا عندي تعاطف مع آل البيت، والإمام علي، ولي قراءات مبكرة في الفكر والأدب المرتبط بآل البيت، حتى الروايات التي كتبها المسيحيون مثل جورج زيدان أنا من مدرسة ترى ضرورة التوحيد بين مدارس الفقه، التي هي في الأصل تقسيمات تاريخية، فالإمام علي لم يقل إنه شيعي ولا الإمام الحسن و...
    الطاهر: محمد طه عودنا أن يكون قاطعاً في اختياراته ولكنه في موضوع السنة والشيعة اختار مدرسة توفيقية، إذا وُضعت لأن تختار هل أنت شيعي أم سني؟
    طه: الإسلام سابق للتصنيف، أنا لست شيعياً وكذلك لست سنياً بالتصنيف الضيق الجاري الآن.
    الطاهر: مدرستك التوفيقية بين السنة والشيعة أين موضع سيدنا معاوية بن أبي سفيان فيها؟
    بدت ملامحه أكثر جدية مع انفعال طفيف..
    طه: طالما أن الإمام علي قاتله، فهو أول من سن للقيصرية والكسروية والملكية والوراثة في الحكم، وهذه أخطاء فادحة في التاريخ الإسلامي، فهو نازع الخليفة المنتخب الإمام علي والإمام علي دائماً على حق (ودي ما فيها كلام) لابد أن يكون هنالك من هو على حق والآخر على باطل.
    الطاهر: حاولت أن تقلل من أهمية التصنيف (شيعي وسني)، رغم أن المذهب الشيعي الذي يظهر اقترابك منه وتدعي حبه وأسميت ابنك الخميني يعطي هذه الخلافات في منشئها التاريخي بعداً عقدياً وارتبط بفكرة ولاية الفقيه؟
    طه: نشأة الخميني تختلف عن نشأتي، كذلك نحن من منابع ثقافية مختلفة، وأنا مطلع على المنهجين السني والشيعي، وأنا دارس للقرآن وللفقه وأنا..
    -مقاطعة-
    ضياء الدين: أراك تدخل نفسك في مقارنات مع زعماء تاريخيين ومعاصرين وتكثر من كلمة (أنا)..إلى أي مدى يمكن استنتاج أن محمد طه رجل نرجسي؟
    -ضحك-
    طه: لسبب بسيط أقول (أنا) لأن الحوار الذي تجرونه معي (أنا) وتسألونني عن أشياء متعلقة بي، فلا يمكن أن استخدم (نحن) فأنا أمثل نفسي في هذا الحوار.
    ضياء الدين: محمد طه، يحب الشعر لكن هل يكتبه؟
    طه: لا أبداً.. أنا أحب الشعر لكنني أحب القصة والرواية أكثر، كتبت القصة وكانت لي محاولات في كتابة الرواية.
    ماذا أخذت من الاشتراكية؟
    طه: العدل الاجتماعي، الاسلام اشتراكي لكن الشيوعيين ربطوا الاشتراكية بالعلمانية والإلحاد لذا نفرت منها الحركات الإسلامية.
    ضياء الدين: أبو ذر الغفاري هل يمثل قدوة بالنسبة لك في منهجه الفرداني؟
    طه: أبو ذر مهم جداً للمسلمين كنموذج صحابي..وهذا ما تشهد به الأحاديث النبوية.
    ضياء الدين: إلى أي مدى شخصية أبي ذر مؤثرة على نظرتك لذاتك ودورك؟
    طه: المسلمون الأوائل لو استمعوا لصيحات أبي ذر لتجنبوا الفتنة!
    ضياء الدين: أسميت صحيفتك في الجامعة (أشواك) والأشواك عادة ما تحمل مدلولاً سلبياً، وهي مما يصعب الاستفادة منه؟
    طه: أشواك أخذتها من رواية لسيد قطب قبل أن يلتزم في جماعة الإخوان المسلمين وهي قصة عاطفية (والأشواك) اسم أدبي لا يشبه الإيحاء الذي يأتيك منه عندما تسمع الاسم.
    ضياء الدين: هنالك مفارقة بين (أشواك) الجامعية التي لا يخفى بعدها الصراعى، والوفاق الحالية التي تبدو مهادنة في اسمها ..رحلة محمد طه من الأشواك إلى الوفاق، كيف كانت؟
    طه: أشواك لم تكن تعبر عن الصراع.. فهي كان بها اهتمام كبير بالأدب وكانت السياسة فيها تتحرك في فضاء الأدب، أما الوفاق فقد فرضتها المرحلة، فقد وصلت لقناعة بأن الصراع السياسي في السودان إذا وصل إلى نهاياته سوف يدمر السودان، لأن القوى السياسية تتملكها روح الانتقام فإذاً لابد من الوفاق.
    الطاهر: ماذا تعلمت من الفكر الجمهوري غير الاحتجاج؟
    طه: الفكر الجمهوري به إضافة مهمة جداً ألا وهي تأكيده فكرة العدالة الاجتماعية وحياة الجمهوريين وحياة المهندس محمود محمد طه فيها الكثير من الزهد، محمود كان بيته من الجالوص، وفيهم كثير من حياة الأشعريين ولولا بعض شطحات محمود محمد طه لاتبعه كل السودانيين، فهو قدوة في السلوك الاجتماعي.
    هل أنت حزين لإعدامه؟
    طه: (شوف دا سؤال خطير، لكن أنا ذي ما بتمنى لنفسي الهداية وأنا مازلت بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبهما كيف يشاء، كذلك كنت أتمنى لمحمود الهداية، وهذا ما قاله شيخ أبو زيد كذلك).
    الإجابة غامضة...هل تعتقد أن إعدامه كان خطأ؟
    طه: (والله دا قرار محكمة وليس بوسعي التعليق)
    بناء على الحيثيات التي أعدم على إثرها، وأنت قانوني ماذا تقول؟
    طه: لعادل إبراهيم حمد مقولة ذكية وهي أن محمود لم يكن طارحاً نفسه كبطل ولكن كصاحب دعوة لا ينال.. قبل إعدام محمود بيوم كان هنالك حشد كبير للجمهوريين والمهتمين في الميدان الغربي لجامعة الخرطوم، وظل الجمهوريون يرددون (أن قوى الظلام في كل الأرض سوف تعجز عن نيل شعرة واحدة من رأس الأستاذ محمود محمد طه) فقد كانوا يعتقدون أن محمود فوق طاقة وإرادة البشر وله رسالة لن يموت إلا بعد إكمالها!.
    الطاهر: هل تفاجأت ببيان 30 يونيو؟
    طه: لم اتفاجأ، فقد فهمت من الإشارات، ولقد كنت عضواً في مجلس الشورى، أن هنالك تغييراً عسكرياً قادماً، والترابي لم يكن يخفي ذلك، لا أدري هل كان غير حذر أم يدعي ذلك للتمويه، وفي الميدان الشرقي بجامعة الخرطوم قال (أنعي إليكم الديمقراطية)!.
    الطاهر: متى طرق لك الباب وأخبرت أن الانقلاب إسلامي ووجهت لك الدعوة لتأخذ موقعك من الصحيفة «الكذا»؟
    طه: دخلت في صباح الجمعة كعادتي باكراً إلى الخرطوم، وقابلني أحد كوادر الإخوان المسلمين وقال لي (البلد مشكلتها حلاها الجهاد) وعندها عرفت.
    -مقاطعة-
    من هذا الكادر؟
    طه: على كل حال هو مدني في القوات الخاصة أو السرية.
    ضياء الدين: كنت من الذين تعرضوا لبطش الإنقاذ في فترتها الأولى، الآن تبدو على علاقة حميمة بها، هل رضيت عنك أم رضيت عنها؟
    طه: كان ذلك في فترة التوترات، ومايزال النظام متوتراً فالتحديات الداخلية والخارجية ماتزال تحاصره، نحن من قبل لم نقدر تلك التحديات لأننا كنا كوادر جماهيرية صحفية نفكر في أن الأشياء يجب أن تمضي وفق تصورات مثالية محددة.
    ضياء الدين: السؤال ما يزال قائماً هل تفهّم محمد طه الطبيعة التوترية للإنقاذ، أم تفهمت هي الطبيعة الجماهيرية لمحمد طه ومتى تم هذا التفاهم؟
    طه: يمكن نكون الاثنان قد وصلنا إلى نقطة تفاهم في وسط الطريق، فالنظام نفسه اختلف عن بداياته وتبين له أن كثيراً من أطروحاتنا كانت صحيحة مثل دعوتنا للانفراج والوفاق، ونحن في المقابل تفهّمنا بعض المخاطر التي تجعله متوتراً،
    من المحطات المهة في مسيرة محمد طه كتاب محاولة اغتيال حسن الترابي كيف تقرؤه الآن؟
    طه: هو كتاب موضوعي أُورد فيه كثير من الجدل حول شخصية الترابي وهذا الكتاب يحوي نصائح وتحذيرات قدمتها للترابي.
    هل أنت نادم عليه؟
    طه: لا أندم على ما كتبته، هو يمكن أن يقرأ قراءة جديدة، أورد في الكتاب أن علي عبد الله يعقوب حذر الترابي من هذه الرحلة، لكن الترابي دائماً يحب المغامرات ويسخر من التحذيرات وهذه هي طريقته في الحياة بصفة عامة!.
    وماذا عن رصاصات عصام الترابي التي أطلقها نحوك؟
    طه: (الموضوع ده خلّوه هسع.. ما في داعي ليهو!)
    نريد تسجيلها للتاريخ؟
    طه: ما أحب أن أوكده أن عصام الترابي ليس سياسياً، وهو قال لي ذلك: (يا محمد إنت عارف أنا ما سياسي.. من حقك تهاجم أبوي، لكن ليس من حقك أن تهاجمني أنا).. هذا هو منطقه، لذا يجب ألا نخوض في هذه الواقعة!
    ضياء الدين: كتبت في 98 مقالة تحت عنوان: ما بين الأطلال واذكريني وقصيدة الإمام الصرصري فهمت على حد كبير أنها تعريض بالأستاذ علي عثمان محمد طه؟
    طه: مكتب السيد علي عثمان طلب المقالات وأخذها من إرشيف الجريدة وهي 13 مقالاً وهي بسيطة جداً من عنوانها... وكانت تريد أن توصل فكرة أن الحكم مسؤوليتنا جميعاً عبر المناصحة.. فيجب أن يكون لنا حق نصيحة الرجل العام في أي وقت.. كان هذا تقليد الحركة الإسلامية.. كنا نجلس كل أربعاء في منزل يس عمر الإمام ويوم الخميس مع الترابي.. نتحدث في الشأن العام.. وعلي عثمان كان الأجدر أن يحافظ على هذا التقليد.. ما معنى أن نذهب إلى منزله ونجد مديح عبد السلام في الإمام الصرصري؟! قد يكون علي عثمان كرجل دولة طاقته ووقته لا يستوعب هذه المسأله لكنه يمكن أن يستفيد هو نفسه من هذه اللقاءات.. لأنها تعكس له آراء ومعلومات لا يمكن أن تصله عن طريق التقارير.. فإذا كنا نذهب لعلي عثمان في منزله لنستمع لمديح البرعي أو فرقة الصحوة لا معنى لهذا لأن المديح موجود في أي مكان..
    ضياء الدين: روماريو يعود إلى الملعب.. سلسلة مقالات في وقت كان محمد طه في مساندة الترابي ضد مجموعة العشرة.. وكان يُشبه الترابي بروماريو اللاعب البرازيلي الخطير؟
    طه: لم أساند الترابي وقتها فقد كنت في مرحلة المراقب.. كنت أراقب اجتماع شورى المؤتمر الوطني من خارج القاعة وكان معي حسن مكي.. وكنت أقول إنها مباراة رياضية بها نجوم من طراز روماريو وبيبتو..
    -مقاطعة-
    ضياء الدين: لم تكتب تلك المقالات في ذلك الوقت ولكن كتبتها بعد الهجمة التي قادها الترابي ضد العشرة في المؤتمر العام للحزب. وعصف بالكثيرين منهم خارج هيئة قيادة المؤتمر؟
    طه: قلت «هجمة» لذلك أسميته روماريو.. فالترابي ما زال وحتى الآن يمثل دور «روماريو» في ساحة السياسة السودانية لأن لديه مقدرة الخلط بين الكثير من الأوراق.. فعندما كان قيد الإقامة الجبرية بكافوري كان الوضع مختلفاً عن الآن.. فما يحدث في كافوري والمُتغيِّرات التي طرأت على المفاوضات مع المتمردين جاءت بعد خروجه.. فهو له دوره وله قدراته التي يمتلك فيها خبرة كبيرة جداً على تلاميذه..
    -مقاطعة-
    ضياء الدين: هل تخشى على الحكومة من الترابي؟
    طه: الترابي له تأثير كبير وأن القوى السياسية الأخرى مثل حبات المسبحة غير المنظمة، فالترابي يمكن أن يكون الخيط الذي يجمع هذه الحبات وتلك المتناقضات ويمكن أن يسبب مشاكل لا حصر لها، ويمكن أن ينشط عبر أية جهة.
    ضياء الدين: يعتقد على نطاق واسع أن تحول محمد طه من التعريض بعلي عثمان في مقالات الصرصري ومدح الترابي في روماريو، إلي مدح علي عثمان وإساءة الترابي أخيراً أن محمد طه انحاز لعلي عثمان بمفهوم قبلي فقط؟
    طه: أنا لا أهتم بالقبلية، فقد عشت خارجها.. فقد تربيت في حلفا وهي مدينة نوبية، وعلي عثمان لا يهتم بالقبلية لأنه ولد في الخرطوم، ولا أقول سراً إذا قلت إن المرات التي التقيت فيها علي عثمان تكاد تكون قليلة جداً..
    الطاهر: صمت في الدفاع عن إيقاف صحف الأيام وألوان والوطن وفي مجالس تتبع لجهات مسؤولة عن الأمن في البلد، هاجمت بعض رؤساء الصحف؟
    صمت..بشئ من الغضب قال:
    طه: هنالك حقيقة لابد أن يعرفها الناس عشان يفرقوا بين البطل وبين ادعاء البطولة، فمحجوب محمد صالح، هو رئيس لجنة تأميم الصحافة السودانية في عهد مايو، وهذه حقيقة مثبتة فهو مسؤول عن تأميم ومصادرة الصحف مع التجربة اليسارية القاسية، وكان رئيس تحرير الصحيفة، ومايو كانت بتضرب في الناس بالقنابل في الجزيرة أبا وفي ود نوباوي، وكذلك محجوب عثمان هو وزير الإرشاد، في عهد مايو، التي كانت تجمع الثقافة والإعلام...(فما يدعوا البطولات) الحكومة تعرف ذلك جيداً، وحتى كان فيها وزير وهو مهدي إبراهيم كان مطارداً في عهد محجوب عثمان وأكثر من ذلك اللجنة الرباعية التي كانت تنسق بين المخابرات والأمن والصحافة في ذلك الوقت مسؤولها الأول كان محجوب محمد صالح...ولجنة العشرة نفسها..الرئيس كلفهم بالحوار، العضو فيها هو محجوب محمد صالح، أما محجوب عثمان فقد أشارت الوثائق البريطانية إلى أنه بالإضافة لشيوعيته مخترق من قبل المخابرات المصرية، ونشر ذلك نقلاً عن الوثائق البريطانية في مجلة المجلة والشرق الأوسط.
    بالإضافة إلى أنه كان لوقت قريب جداً مع التجمع الذي يحرق في كسلا ويضرب خطوط الأنابيب، رغم ذلك تم قبوله في الوطن، فلا يمكن أن ينقل حرب الشرق للداخل وينشر في جريدته بيان مؤتمر (البجا).
    الذي يتحدث عن تطهير عرقي مزعوم لشعب «البجا».. والشكوى هي أصلاً جاءت من قاضي محكمة عليا وهو مسجل التنظيمات السياسية ويمكن الرجوع إليه.. فلا يمكن أن يتعدوا كل الخطوط الحمراء للبلد.. و«الأيام» كسبت ملايين الجنيهات كملفات وملاحق من المؤسسات الحكومية.. وحرمت أنا من الإعلان لأكثر من عام.. بقرار من الطيب مصطفى وعبيد أحمد مروح.. ويشهد بذلك علي شمو.. قدمت النصائح لمحجوب محمد صالح وسيد أحمد خليفة وابنه عادل في اجتماعات كثيرة جداً في المجالس العدلية وقلت لهم إني أعرف النظام أكثر منكم.. فلا بد أن نعمل معادلة.. مثل شعرة معاوية إذا شد نحن نرخي.. وإذا رخى نحن نشد.. وفي اجتماع احتددنا مع سيد أحمد خليفة وابنه عادل.. وتجمعني بهم علاقة شخصية.. ولم يقبلوا نصائحي، بل إن الشرطة اشتكت للرئيس في ما كتبته الوطن بأن الشرطة تعتدي وتقتحم بيوت الله في إحدى المظاهرات.. بدعوى أن هذا يؤلب المواطن على الشرطة.. ولا أومن بالمنافسة الصحفية.. وسيد أحمد خليفة قال لي في أحد الاجتماعات: بلغني أنك حسدتني! فقلت له: أحسدك على ماذا؟.. إذا كان ذلك كذلك فلماذا أنا عملت ليك إعلانات بخمسة وعشرين مليون جنيه في الصفحة الأولى من «الوفاق» لصحيفة «الوطن» مجاناً فهل هنالك شخص يعمل إعلانات لآخر منافسه؟ صحيفة «الوفاق» غير قابلة للمنافسة.. لأن طريقتها مختلفة.. لكنهم لم يقبلوا النصيحة.. فـ«الأيام» كانت تعتقد أن القوى الأجنبية يمكن أن تحميها.. ويخرج السفير البريطاني أو القائم بالأعمال الأمريكي ويضغطا على الحكومة.. وقلنا لهم إن الأمريكان أنفسهم قتلوا طارق أيوب.. يمكن النظام دا يقول بنفس المنطق الذي عزلتم به مهدي إبراهيم.. يمكن أن نطبقه.. فنحن غير مكلفين بالدفاع عن أناس أصلاً باحثين عن المشاكل.. وندافع عنهم بالباطل والآن قضاياهم معروضة أمام القضاء والنيابة..
    ماذا عن الوطن؟
    أسباب إيقافها هي أسباب غير سياسية.. وسيد أحمد خليفة يعرف ذلك جيداً.. بدليل أن مدير جهاز الأمن الداخلي تناول معهم وجبة الإفطار الرمضاني في منزلهم قبل إغلاقها بـ«48» ساعة!.. وقلت لعادل سيد أحمد خليفة: أنتم تناولتم بالخط العريض 7 مرات في الجريدة «محامي يعمل في السوق وعايزين تدمروا سمعته» وهو عبد الرحمن محمد علي.. وعايزين تقطعوا عيشته.. وأنتم بنفس الطريقة سوف ينالكم مصيره.. سوف يقفلون جريدتكم ويقطعون رزقكم.. وهذا ما حدث فعلاً.. ودعوتهم لمعالجة ذلك.. والكف عن ترديد «محامي الرشوة.. محامي الرشوة».. إذاً مشكلتهم غير سياسية.. وكل المشكلة أن الصحيفة تجاوزت حدوداً كبيرة جداً.. لا علاقة لها بالصراع السياسي..
    أما «ألوان» فليس لديها مشكلة.. الترابي قال فيها: «ألوان تتلون...» ولا أقدر أن استعدي عليها الناس ولا أحببهم فيها.. لأن حسين خوجلي.. النائب الأول يعلمه خبر إطلاق الترابي قبل أي شخص وهذا سبق صحفي..
    - مقاطعة -
    يقال إنك صمت فترة توقيفها؟
    توقيفها تم عبر الأجهزة.. ونحن في «الوفاق» أيضاً طالنا الإيقاف بل توقفنا أطول فترة 15 يوماً.. ولم يوقفنا القضاء، ونحن الصحيفة الوحيدة التي قال القضاء إنّ إيقافها غير صحيح..!
    - أخيراً محمد طه بعد رحلته من «أشواك» الحائطية إلى «الوفاق» اليومية.. ماذا بقى من المشوار؟
    صمت!!
    قال: لم يبق سوى القبر!


    http://newkhartoum.khartoummag.com/view.asp?release=38&...ction=article&id=951
                  

العنوان الكاتب Date
مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 08:35 PM
  Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 08:39 PM
    Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 08:40 PM
      Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 08:42 PM
        Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 08:43 PM
          Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 08:45 PM
            Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه حيدر حسن ميرغني10-06-08, 08:57 PM
              Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 09:23 PM
                Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 09:28 PM
                  Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 09:30 PM
                    Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 09:42 PM
                      Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 09:46 PM
                        Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 09:52 PM
                          Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 09:56 PM
                            Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 10:08 PM
                              Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 10:13 PM
                                Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 10:18 PM
                                  Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 10:21 PM
                                    Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 10:23 PM
                                      Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 10:29 PM
                                        Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 10:32 PM
                                          Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 10:36 PM
                                            Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 10:39 PM
                                              Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 10:44 PM
                                                Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 10:46 PM
                                                  Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 10:52 PM
                                                    Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه مامون أحمد إبراهيم10-06-08, 11:17 PM
                                                      Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-07-08, 04:29 PM
                                                        Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-07-08, 04:31 PM
                                                          Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-07-08, 04:32 PM
                                                            Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-07-08, 04:34 PM
                                                              Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-07-08, 04:36 PM
                                                                Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-07-08, 04:50 PM
                                                                  Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-07-08, 09:03 PM
                                                                    Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-07-08, 09:04 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de