|
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان (Re: osman righeem)
|
كتب صديق البادي في الصحافة
Quote: رحل من الحياة الدنيا الفانية إلى الحياة السرمدية الباقية، السيد أحمد علي الميرغني، رئيس مجلس رأس الدولة السابق. وكان الراحل ولمدة ثلاثة أعوام وشهرين هو المسؤول الدستوري الاول في البلاد ورمز سيادة الوطن. وتسنم هذا الموقع الرفيع وهو في نحو الرابعة والأربعين من عمره. وقد أكمل الفقيد مراحل التعليم العام بمدرسة الأشراف، ودرس الاقتصاد بجامعة أكسفورد ببريطانيا، وتفرغ بعد تخرجه للعمل الاقتصادي والتجاري والمصرفي في القطاع الخاص بدائرة الميرغني، أي أنه كان إنساناً جاداً منتجاً، ولم يكن سياسياً ديماجوجياً متفرغاً. وبالطبع فإن أي تنظيم أو حزب يحتاج لقلة من الكوادر يفرغها لمهام محددة، ولأمد معلوم يمكن أن يتم تجديده وفق الضرورة. ولكن آفة السياسة السودانية في بعض العاطلين عن العمل والانتاج المتفرغين للسياسة التي اتخذوها وسيلة لكسب العيش والثراء العريض اذا استطاعوا لذلك سبيلاً، رغم انهم ليسوا من الوارثين. ولعل السيد أحمد كان يعمل بمقولة الإمام الرازي (لا يكون الرجل فاضلاً إلا بالعمل). وكان المغفور له السيد علي الميرغني مرشد الختمية وراعي الحركة الاتحادية يلقبه منذ صغره بأحمد الملك، وكان يكلفه ببعض المهام وقد بعثه برسائل لعدد من الملوك والرؤساء العرب في المرحلة التمهيدية قبيل انعقاد مؤتمر القمة العربية الشهير عام 1967م الذي عقد بالخرطوم التي أطلق عليها يومئذٍ عاصمة الصمود التي انطلقت منها واعلنت فيها اللاءات الثلاث. وكان السيد أحمد وثيق الصلة بالزعيم اسماعيل الأزهري وبينمها ود موصول واحترام متبادل، رغم ان الفارق العمري بينهما كان أكثر من أربعين عاماً، وكان عضواً بالمكتب السياسي عند اندماج الحزبين في الحزب الموحد الاتحادي الديمقراطي، ولضرورة أملتها التوازنات كان عضواً بالمكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي إبَّان عهد مايو. وإذا عدنا للوراء قليلاً فإن فترة الديمقراطية الثانية شهدت وجود قيادات سياسية ذات ثقل ووزن، وكان لها دورها في مرحلة التحرير، وكانت الساحة تعج بالنجوم اللوامع من كافة ألوان الطيف. وفي تلك المرحلة وفي ظل الائتلاف بين الحزبين الكبيرين تسنم الزعيم اسماعيل الأزهري بكل ثقله التاريخي والجماهيري رئاسة مجلس السيادة، وبجانب ذلك كان رئيساً للحزب، وقد وصفه المحجوب في كتابه «الديمقراطية في الميزان» بأنه كان سياسياً حاذقاً يستطيع ان يلوي ذراع أي سياسي، ولكن في التعددية الحزبية الثالثة آثر مولانا السيد محمد عثمان الميرغني مرشد الختمية، أن يتفرغ لزعامة الحزب الاتحادي الديمقراطي دون أن يتولى رئاسة مجلس رأس الدولة. وقد انتخب السيد أحمد الميرغني وبالاغلبية داخل الجمعية التأسيسية لهذا الموقع الدستوري الرفيع، وقد حفظ هذا الانتخاب والاختيار الموفق التوازن بين رئاسة الدولة وزعامة الحزب، ولو اُختير غيره لهذا الموقع لربما تحدث ازدواجية وثنائية وخلل بروتكولي، إذ أن رأس الدولة في هذه الحالة سيكون خاضعاً تنظيمياً لزعيم حزبه، وبذات القدر فقد حفظ السيد أحمد الميرغني التوازن بين القصر الرئاسي ومجلس الوزراء، ولم يحدث بينهما أي احتكاك، إذ أن سيادته كان يقف عند حدود اختصاصاته، وخلع الرداء الحزبي عند ممارسته لعمله الرسمي، وكان رمزاً قومياً اتفق عليه الجميع. والدليل على ذلك أن شيخ حسن زعيم الاسلاميين وعراب الانقاذ السابق، وقف في الليلة الختامية لثورة المصاحف في شهر رمضان المعظم، وكان ثائراً غاضباً، وانطلقت الكلمات اللاذعة الساخرة من فمه كزخات الرصاص، وتحدث بسخرية عما وصفه بديمقراطية السادة والعبيد. واعلن انهم سيرجعون للحكم وسيستبدلونها بديمقراطية أخرى، على حد تعبيره. وذكر انهم خرجوا أو أُخرجوا من السلطة التي اشتركوا فيها، وكانوا كمن أجبر على أكل لحم الخنزير، كما اعلن، وفي غمرة ثورته ذكر أنهم قابلوا السيد احمد الميرغني رئيس مجلس رأس الدولة في ظهر ذات اليوم الذي عقدت فيه تلك الندوة، وأثنى عليه ثناءً عاطراً، ووصفه بأنه انساني معتدل قومي التوجه.. وطيلة سنوات الانقاذ ظل السيد أحمد ينحو ذات المنحى، وكان رجل السلم والسلام الذي ظل يرفع أغصان الزيتون ويطلق حمامات السلام في الأجواء، وعاش مطمئناً ومتصالحاً مع نفسه، وأصبحت كلماته الشهيرة مثلاً شروداً (لا لإراقة نقطة دم سودانية واحدة). وفي أثناء المراشقات القلمية والكاريكاتورية الحادة والملاسنات الشرسة التي شهدها عهد التعددية الحزبية الثالثة، وفي اطار محاولة النيل من النظام الذي كان قائماً وقتئذٍ، نالت السيد أحمد بعض السهام دون ذنب جناه، وكان القراء يطالعون كاريكاتيرات ساخرة دون مراعاة لرمزيته السيادية، ووصفه البرتكولي.. ولكن الرجل الكبير ابن الأكرمين صفح وسامح، وكان مثل إياس في حكمه ومثل الاحنف بن قيس في سعة صدره. وفي إطار التوثيق لكل المرحلة، التقيت بعدد من الذين كانوا يعملون معه بالقصر الرئاسي، وأكدوا جميعاً أنه كان إنساناً متواضعاً لطيف المعشر، واكد بعضهم أنه كان يوزع كل مخصصاته في سرية تامة للفقراء والمساكين دون أن تعرف يساره ما قدمت يمناه، وكان يشدد عليهم ألا يبوحوا بهذا السر. وكان زاهداً في الأضواء وفي الاعلام. وعندما يتحدث يزن كلماته جيداً ويدلي بالمختصر المفيد (ما قلَّ ودلَّ)، ولم يخدش إنساناً بكلمة واحدة جارحة، وتشهد على ذلك أجهزة الإعلام وكافة المضابط الموثقة. وباختصار لقد كان إنساناً معتدلاً مهذباً رحمه الله رحمة واسعة، وجعل قبره روضةً من رياض الجنة.
|
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-04-08, 07:29 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-04-08, 07:31 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-04-08, 07:53 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-05-08, 05:39 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | khaleel | 11-04-08, 07:33 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-04-08, 09:59 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-09-08, 06:28 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | ismeil abbas | 11-04-08, 07:42 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-05-08, 04:02 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-04-08, 08:44 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | عماد محمود علي | 11-05-08, 06:41 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-05-08, 03:51 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-09-08, 04:09 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | انعام حيمورة | 11-04-08, 10:12 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | Muna Khugali | 11-04-08, 10:57 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-05-08, 04:33 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-05-08, 10:27 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-05-08, 06:16 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | طارق جبريل | 11-04-08, 11:11 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-06-08, 03:36 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-08-08, 06:02 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-05-08, 04:25 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | محمد عبد الماجد الصايم | 11-05-08, 04:42 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | MOHAMMED ELSHEIKH | 11-05-08, 06:35 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-06-08, 10:36 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-06-08, 08:37 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | ابراهيم عدلان | 11-05-08, 06:29 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-06-08, 12:32 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | عبدالعظيم عثمان | 11-05-08, 06:49 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | فرح | 11-05-08, 07:45 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-06-08, 03:21 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-06-08, 01:50 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-05-08, 08:57 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | ABU QUSAI | 11-05-08, 10:47 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-06-08, 04:16 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | أبو الحسين | 11-06-08, 06:24 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-06-08, 05:09 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | naeem ali | 11-06-08, 09:04 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osama idris | 11-06-08, 09:33 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-06-08, 08:18 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-06-08, 06:36 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-06-08, 11:05 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | الزنجي | 11-06-08, 12:40 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | rosemen osman | 11-06-08, 12:44 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | Yassir Tayfour | 11-06-08, 03:27 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | على محمد على بشير | 11-06-08, 03:31 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-07-08, 03:50 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-06-08, 09:24 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-06-08, 11:34 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-06-08, 08:48 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-06-08, 04:31 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | ismeil abbas | 11-06-08, 04:46 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-07-08, 12:53 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | ابراهيم عدلان | 11-06-08, 05:55 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-07-08, 03:47 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | محمد عثمان | 11-06-08, 07:01 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-07-08, 08:11 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | سارة علي | 11-07-08, 04:14 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-07-08, 09:28 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | Rihab Khalifa | 11-07-08, 07:56 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-08-08, 00:01 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-07-08, 05:32 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | هاشم أحمد خلف الله | 11-07-08, 06:11 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-08-08, 09:55 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-12-08, 05:48 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-07-08, 06:47 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | gamal elsadig | 11-08-08, 06:43 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | أحمد الشايقي | 11-08-08, 10:40 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-10-08, 11:56 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-09-08, 04:50 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | وائل فحل | 11-09-08, 05:09 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-09-08, 12:07 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | انعام عبد الحفيظ | 11-09-08, 09:37 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | مازن عادل عبدالغني | 11-09-08, 09:02 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-10-08, 06:22 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-10-08, 00:03 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-11-08, 03:09 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | Nasr | 11-10-08, 00:29 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-10-08, 03:04 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | ناهد بشير الطيب | 11-10-08, 03:08 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-10-08, 09:40 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-12-08, 03:37 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | mekki | 11-10-08, 03:27 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | نعمات حمود | 11-11-08, 04:56 PM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-12-08, 03:35 AM |
Re: ودعتني الخرطوم بسطوة الاحزان | osman righeem | 11-11-08, 07:45 PM |
|
|
|