نرجو عدم التعليق

Quote: كان معلوما لدى حزب الله كما كثير من المحللين، حسب بيانات وتصريحات قادة فصائل المقاومة الفلسطينية، أن هذه الأخيرة لن تجدد الهدنة (هنا كان الإمداد اللوجستي قائما)، ما لم يرفع الحصار، وكان معلوما كذلك بأن العدو لن يلتزم بتعهداته، ومن الخبرات المتراكمة لحزب الله وما يملك من معلومات، كان على شبه اليقين بأن العدو سيشن حربا طاحنة على شعب غزة ، كما كان يعلم بأن النظام الرسمي المصري سيكون إلى صف العدو، وسيواصل إطباق الحصار على أهل غزة بحجة معاهدة السلام، والالتزامات الدولية، وهذه التوقعات آنذاك لم تكن رجما بالغيب من قبل مخططي حزب الله، بل كانت مؤسسة على معلومات دقيقة وموثقة، ترتكز على دراسات العدو وتصريحات ممثليه ومفكريه، وكذلك العمل الميداني للنظام الرسمي المصري وتصريحاته. وهذا ما ذهب إليه واتفق حوله، أثناء العدوان على غزة كبار المفكرين العرب من أمثال د. عزمي بشارة والأستاذ محمد حسنين هيكل وأنيس النقاش وغيرهم في كتاباتهم ومداخلاتهم عبر الفضائيات، كلهم أجمعوا على أن سياسة النظام المصري تصب بمجملها في مصلحة العدو، ولا تخدم إلا النظام جزئيا وظرفيا، وأن نهايتها قد تؤدي الى كارثة لا تحمد عواقبها على المنطقة . وتقتضي الموضوعية هنا، الإشارة إلى محاضرة أفي ديختر وزير الأمن الداخلي السابق للعدو التي ألقاها في ايلول /سبتمبر 2008 بمعهد الأمن القومي للعدو، وحدد فيها التعاون بين ما يسمى دولة إسرائيل والنظام في مصر، ومن أهم عناوينها :1) توطيد العلاقة مع حسني مبارك ونجله ورئيس المخابرات عمر سليمان وأهم كوادر الحزب الحاكم.2) استقطاب رؤساء التحرير لأهم وسائل الإعلام وكذلك الصحافيين .3) استقطاب رجال المال والأعمال والسياسة.4) الاستعداد المدروس لأي احتمالات تغيير دراماتيكي في مصر. 5) تقوم الهيئات الرسمية من سفارات إسرائيل الولايات المتحدة والقنصليات وكذلك هيئات أخرى كالجامعة الأمريكية برصد كل التحركات والمتغيرات والإرهاصات .( إستراتيجية استباقية للمواجهة). وهو ينهي حديثه في الشأن المصري، قال آفى ديختر إن القاعدة الحاكمة لموقفنا هي أن مصر خرجت (من الصف العربي) ولن تعود إلى المواجهة مع إسرائيل. وذلك موقف يحظى بالدعم القوي والعملي من جانب الولايات المتحدة. (الملاحظ أن هذا الكلام جاء قبل العدوان). لهذه الأسباب أعتقد أن مخططي حزب الله رأوا أنه بات من الضروري دفع النظام الرسمي المصري للخروج من موقفه الهلامي، وتعريته من الضبابية التي تدثر بها حتى لا يتمكن الرأي المحلي والعربي والإسلامي من الحكم عليه، إلى الإعلان الصريح عمليا عن موقفه من المقاومة وطبيعة علاقته بالعدو، واستدراجه بذكاء فائق للتموقع جهارا في زاوية واحدة مع العدو الصهيوني . والنتيجة أن حزب الله جعل من النظام المصري يترجم عمليا وتحت بصر العالم الإسلامي، ما أشار إليه أفي ديختر، وأصبحنا لا نكاد نميز بين عمل العدو من عمل النظام المصري، ولا بين تصريحات الطرفين . فحجز المواد الغذائية ولباس الأطفال والخرفان لا يمكن أن يتم إلا بيد العدو، والتصريح بتكسير عظام الفلسطينيين والمقاومة إرهاب لا يصدر إلا على لسان عدو. إن كان هذا الوجه الآخر لقضية خلية حزب الله من تخطيط رجال الحزب، فأعترف بأن ذكاءهم قد تجاوز العدو بامتياز، وبرهنوا مرة أخرى أنهم يتمتعون بكفاءة عالية، لا تقل عن كفاءة مجاهدي الحزب لتزداد صورتهم إشراقا، وإن لم يكن مخططا لها فما أصدق القول : رب ضارة نافعة . فالنتائج كلها صبت في صالح حزب الله . اسماعيل القاسمي الحسني الجزائر من القدس العربي