|
احمد عبد المكرم أو الاجماع الأنسانى
|
أحمد عبد المكرم والذى رحل عنا هذه الايام يمثل نوعا فريدا ومتفردا من الناس. انه يمثّل كافة الأبعاد التى تتجسد فى شخص المثقف الحقيقى والمنتمى للآخرين انسانيا. لقد عرفت أحمد عبد المكرم عبر التسيعينيات وكان مسئولا عن الصفحة الثقافية فى جريدة الخرطوم وعبر تلك المرحلة تشكلت علاقة صداقة بينى وبينه. كنت اذهب لأحمد عبد المكرم لنتحدث حول هموم الثقافة والأدب وكان مستمعا جيدا ولا يعرف المغالطات. ان كلمة مثقف لتنطبق على احمد عبد المكرم فى السلوك قبل الفكرة اذ الثقافة فى بعدها الأساسى هى السلوك المثقّف تجاه الآخرين ويكتمل ذلك من خلال الأفكار البناءة التى كان يتميز بها الناقد أحمد عبد الكرم. كان أحمد مهموما بقضايا الوطن ومنتميا أصيلا الى المشروع الحداثى الذى افتقده السودان نتيجة لحالة التخلف الكامنة فى قواه السياسية والتى يمثلها النظام الحالى كتتويج سلبى لحالة التراكم التخلفى تلك. لقد رحل أحمد عبد المكرم عنا مبكرا قبل ان يرى السودان وقد ارتبط بمشروع التطور وكذلك رحل عنا وهو قى قمة عطاءه الثقافى والذى كان يعمل دوما على تطويره عبر قراءات نقدية متمايزة سواء لنقد الواقع أو نقد الفكرة. هذا الرحيل المبكّر لأحمد الكرم يحزننى كثيرا اذ أفتقد فيه البعد الأنسانى الذى لا يتماثل علاوة على أبعاد المثقف الحقيقى أو لنقل المثقف العضوى المنتمى للناس وبشكل حقيقى. أحمد المكرم لم يكن بعرف الخصومة مطلقا ولا يعرف أن بتقاطع مع الآخرين سلبا. انه حالة خاصة لأنسان فريد ومختلف لم أقابل مثله الى هذه اللحظة ولهذا دوما كنت أطلق عليه متصوف الثقافة أوالمثقف المتصوف كتعبير عن حالة نكران الذات والتجرّد من الأنا الحاكمة لبعض المثقفين. وفى تقديرى فان المثقفين لا يلتقون فى شىء مثلما يلتقون فى كون أحمد عبالمكرم كان مثقفا وناقدا حقيقيا والأهم من كل ذلك يلتقون حوله كأنسان وهذا ما أردت قوله فى كون أحمد عبد المكرم يصل بالآخرين الى نقطة الاجماع حوله بكونه أنسانا متفردا ويقف على هرم البعد الأنسانى وهذه صفة لا تعطى جزافا. الا رحم الله الصديق أحمد عبد المكرم بقدر ما قدم للناس وللوطن ولأهله وأصدقاءه عميق التعازى.
أحمد محمود
|
|
|
|
|
|
|
|
|