"إسماعيل عبد الحافظ".. رحل الشهد وبقيت الدموع.. وانطوت موسوعة وصف مصر وحاراتها الشعبيةسارة نعمة الله برحيل الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، انطفأت أنوار الدراما المصرية، التى تلألأت طوال السنوات الماضية وبقي الأمل الوحيد متمثلا في وجود شييء من رحيقه هو رفيق كفاحه وصديقه، المخرج إسماعيل عبد الحافظ، فلا يوجد عمل إلا وتجد الأثنين على قلب رجل واحد، وهو ما كان يعنى استكمال مسيرة الملاحم الدرامية المميزة التى تؤرخ لتاريخ وعبق مصر.
وبعد أن غيب الموت المخرج إسماعيل عبد الحافظ، تلك الأسطورة التى أمتعت العالم العربي بباقة من الأعمال المميزة طوال مشواره الفنى، حيث لا يوجد مخرج تلفزيونى مثله حاول الاقتراب ووصف حارات مصر الشعبية برجالها الجدعان، ولا يوجد مخرج مثله حاول أن يقدم صورة الأسرة المصرية وعلاقاتها ببعضها ببعض.
إسماعيل عبد الحافظ، المخرج الوحيد الذى يمكن أن تستنشق وتعرف عمله من مجرد سماعك لتتر المسلسل، فقد كان يهتم بكل صغيرة وكبيرة في عمله بداية من كلمات التتر المبدعة ومروراً باللحن والأغانى، واختيار مطربين مميزين مثل على الحجار ومحمد الحلو اللذين يمثلان صوت مصر الدافىء، كل ذلك مروراً بتجوله في حارات مصر الشعبية وقراها النائية، ومحاولة تقريبها ووصفها إلى الجمهور مترجمة في مشاهد على الشاشة.
ناهيك عن تميزه في اختيار تركيبات مختلفة من النجوم التى تشاركه في العمل، بل أنه كان يتعمد الإبقاء على التواصل بين الجيلين، وليكن مسلسل "ليالي الحلمية" خير دليل على ذلك، والذى جمع وعرف نجوم مصر ببعضهم البعض، حيث شارك به النجمان الكبيران يحيي الفخرانى، وصلاح السعدنى، وأخرج جيلاً أصبح نجوماً فيما بعد مثل ممدوح عبد العيلم، هشام سليم، سمية الألفي، آثار الحكيم وغيرهم، مروراً بمسلسلات الشهد والدموع، والوسية، امرأة من زمن الحب، أهاليناوغيرها.
أكثر ما كان يجذب الانتباه إلى أعمال إسماعيل عبد الحافظ، صورة العائلة المصرية التى كان يحرص على اظهارها في جميع أعماله تحديداً داخل المنزل، ليس فقط في البيوت الشعبية ولكن في الآرستقراطية أيضاً مثل مسلسل "أهالينا" الذى لعبت بطولته الفنانة صابرين.
ورغم تمسك عبد الحافظ بصورته الإخراجية التقليدية في الدراما في السنوات الأخيرة، في الوقت الذى حرص فيه كثير من المخرجين على اتباع الأسلوب السينمائي، إلا أن أعماله كانت الأكثر مشاهدة دائماً لوجود الروح المصرية بها سواء في أسلوب الحديث أو شكل الديكور والموسيقي المستخدمة.
برحيل اسماعيل عبد الحافظ، ذهبت الدراما التلفزيونية الراقية فقد كان آخر من يتمسكون بالحفاظ على التقاليد المصرية من حيث عدم وجود ألفاظ خادشة للحياء في أعماله أو مشاهد خارجة غير مألوفة على الشاشة مثل باقي الأعمال التى أصبحت تملأ الشاشة حالياً.
مسلسل "ابن ليل" وهو آخر أعمال الراحل التى قدمها هذا العام، قد تعرض لظلم كبير فلم تسعى شركة صوت القاهرة المنتجة له إلى تسويقه بالفضائيات، وحتى التلفزيون المصري لم يهتم بعرضه في قوائم الأعمال الهامة مثل التى أهتم بها للنجوم السوبر ستارز مثل عادل امام، كريم عبد العزيز، محمد سعد، أحمد السقا وغادة عادل.
رحل عبد الحافظ..وتبقي ملاحمه الدرامية التى تلالأت بها الشاشات العربية، والتى جسدت تراث مصر الأصيل، والتى بنت كثير من قنوات الدراما خطتها عليها، فلا يمكن أن ينسي أحد رائعة ليالي الحلمية، والشهد والدموع، الوسية، وشارع المواردى، المصراوية، حدائق الشيطان، خالتى صفية والدير، سامحونى مكنش قصدى، وكناريا وشركاه، وأكتوبر الآخر، وامرأة من زمن الحب، وغيرها.
فإذا أردت أن تتعرف على موسوعة وصف مصر من الخمسينات وحتى الألفية الجديدة..لا تذهب لشراء الكتب بل شاهد فقط أعمال اسماعيل عبد الحافظ التى كانت شاهداً على تاريخ مصر الاقتصادى والسياسي والاجتماعى.
العنوان
الكاتب
Date
الموت يغيب المخرج "إسماعيل عبد الحافظ".. رحل الشهد وبقيت الدموع..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة