الثنائي/ د.( محمد جعفر +الصادق حسن).. بجمهورية مصر في الثمانينيات...تجربة ثرة يجب أن لا ننساها

Quote: بينما لم تتجاوز غنائم المسلمين فى معركة بدر الكبرى غير أسلحة القتلى من جنود الكفرة و بعض الفارين منهم،، طبول و ِحلى هنا و هناك ، و القليل من زاد مكة و خمر أبا سفيان المعتق ،،، فقد كانت سفارتنا و بلا منازع أمٌُ للغنائم ،،، كراسى ، طرابيز ، مكاتب فارهة (على أفا من يشيل) ، دواليب خشبية ، خزائن حديدية ، مكانس و مسّاحات ، أوراق ، مستندات ، كتب و مجلات فارغة و صحف مبتذلة ، أقلام للسدنة و المأجورين ، أدوات مكتبية مختلفٌ ألوانها ، السكر ، الشاى ، البن العجمى ، النسكافيه و متطلباته من حليب النيدو والبهارات من أجود ما أنتجته بلاد السند ، الكبابى بمختلف أنواعها و من بينها كباية إزودورو عيسى التى أثارت حفيظة و فنتازيا المبدع طراوة "كباية الشب مقاس كب يا أبو على" ، السمن البلدى و زبدة لورباك الدنماركية ماركة "فداك يا محمد" ، الفول و التسالى ، تمر القنديلة و الرطب ، حمامات ، مواسير ، مياه معدنية ، كولا و بيبسى كولا ، ميرندا ، سفن أب ماركة "سبعة فوق" ، الشويبس ماركة "بحبك ياسف أفندى يا إبن عم البرتآن" ، و غيرها من المشروبات الغازية و غير الغازية ، حبال طويلة و قصيرة ، خراطيش تبغ الروسمان و المارلبورو الأحمر ، و لاعات و كباريت ، و غيرها العديد من الأشياء التى لا تدوم ،،، وهم لا يعرفون أن القصة تاريخ يعيد نفسه ، و ديالكتيك ، و أن الدواء أصلا يكمن فى الداء ، و أن الحكاية زى "حجوة أم ضبيبينة" بلا نهاية ،،، ففى أحد أجنحتها داء و فى الآخر دواء ،،، و قد صدق أبا نواس و هو يغازل الخمر حين قال "لا تلمنى فإن اللوم إغراء و داونى بالتى كانت هى الداء" ،،، و سفارتنا كانت داءا مستشريا حمل فى طياته دواءه و بذور فنائه بكل جدارة ،،، و من كان حلمه ديالكتيكاً طبيعيًا على أرض الواقع و كان راغباً فى التمتع بمشاهد حية له ،،، كان حرىٌ به حضور تلك الملحمة الخالدة،، فقد تحولت كل الغنائم إلى سلاح و أداة للنصر · تم تشكيل قيادة للإعتصام من الطلاب داخل السفارة ،، · الدواليب الحديدية و الخشبية و الأثاثات و المفروشات المتاحة تحولت إلى متاريس أمام المدخل الرئيسى للطابق الأول ، و كذلك أمام الصالة المؤدية للقنصلية من جهة شرفة المصعد بالطابق (الثالث أو/الرابع)، كما تم إستخدامها فى إغلاق جميع الشبابيك فيما عدا شباك الغرفة المطلة على جموع الطلاب المعتصمة خارج السفارة ، و التى كانت تمثل جسرا للتواصل معهم ، و شبابيك غرفة العمليات فلم تكن هنالك حاجة لعمل متاريس بها لأنها ببساطة كانت مخزنا لأسلحة الدمار الشامل ،، · المأكولات و المشروبات و المكيفات تم استباحتها من قبل الطلاب المعتصمون داخل السفارة بنوع من الفوضى الإيجابية المثيرة للدهشة و الإعجاب و الممزوجة بالإقدام و الوعى الثورى العفوى البسيط و الإستعداد غير المبالى للتضحية ،، فقد كان المشهد برمته شبيها بتلك الفوضى التى كان يخلفها الثوار إبان إندلاع ثورة كوبا ،،، و هى حبلى ،،، فى القرى و البوادى التى كانت تستقبلهم بالطبول و الذبائح و الخمور البلدية و تدفع بخيرة فتيانها و صبيانها إلى صفوف الثوار و المناضلين ،،، "فاليوم خمر و غدا أمر" ،،، · و من الحبال الموجودة ضمن الغنائم و أحد الجرادل البلاستيكية حمراء اللون تم صنع ذلك الدلو التاريخى الذى سطّر له التاريخ دورا خطيرا و أصيلا (لا يختلف فى جوهره عن الدور التاريخى لحصان طروادة الخشبى الذى قام بصنعه آخييل ورفاقه الأثينيين و تمكنوا من خلاله اقتحام قلعة طروادة الأسطورة العصية عن الإختراق ودك عرشها إلى الأبد) فى خلق حلقة التواصل الإيجابي و الفعال بين جموع الطلاب خارج السفارة و داخلها ،،، و بين قياداتها السياسية على اختلاف تنظيماتها و انتماءاتها السياسية و كان له الفضل فى نقل سندوتشات الفول والفلافل وأهم المواد الخطيرة اللازمة لصناعة و تركيب سلاح الاعتصام الاستراتيجى. · أما محمد طه و ود الجعلى فقد كانوا فرسانا حقيقيون فى تلك الملحمة و فى تلك اللحظات بالتحديد و قد تمكنت عبقرييتهم من التمكن بنجاح و كفاءة عالية و انضباط من صناعة المولوتوف المدمر و الذى تم تخصيص غرفة عمليات خاصة لتخزينه و حرصنا أن تكون هذه الغرفة مجاورة للمدخل الرئيسى للطابق الأول ،، و قد تم تكليف محمد طه و ود الجعلى من قيادة الاعتصام بحراسة هذه الغرفة و المولوتوف و تنظيم عملية توزيعه و إستخدامه فى حال الهجوم المضاد المتوقع من قبل قوات الإحتياطى المركزى،،، وألا يبارحوا أماكنهم و يتيحوا ثغرة لخالد بن الوليد كما فعل النبالون فى معركة أحد ،،، · تجلت عبقرية هذين الرفيقين فى أن زجاجات المشروبات الغازية التى تم إغتنامها هى التى تم إستخدامها فى صناعة المولوتوف ،، و أن دبابيس الضغط ، و دبابيس الإبرة ، و الكلبسات الصغيرة هى التى أستخدمت كبديل للحصحاص ،، أما البنزين فقد تم إحضاره باستخدام الجردل الأسطورة فى أحد ترامس الشاى التى كانت موجودة ضمن الغنائم ،، و لم يكن الأمر صعبا بالنسبة لقيادة الطلاب فى الخارج من شراء البنزين من محطة البترول المجاورة للسفارة بشكل لم يثير إنتباه قوات الإحتياطى المركزى ،،، أما القطن و الكبريت فقد كان من السهولة الحصول عليها من بين الأشياء الكثيرة التى تم إغتنامها داخل السفارة ،،، · و من على سطح بوابة السفارة الرئيسية بالطابق الأرضى (و التى أصبحت هى المسرح و المنبر الرئيسى الذى يتم من خلاله مخاطبة الإعتصام والتى كانت صالحة تماما لتلعب هذا الدور و كأنما أعدت أصلا بهذا الشكل لمثل ذلك اليوم) ،،، تم مخاطبة الطلاب بمنطق "إياك أعنى يا جارة" فقد كانت الرسالة موجهة لقيادات الإحتياطى المركزى و أمن السفارة بأنا قد جئنا و على هذاالعرش تربعنا ،،، لنا مطلب واحد لن نعود بدونه،،، وأي محاولات لإستخدام العنف ضد الطلاب داخل السفارة و خارجها ستفجر السفارة و تحال إلى جحيم لا تحمد عقباه و سيتحدث التاريخ من جديد عن حريق المك فى قلب الدخيل ،،، و عن حريق آخر لقاهرة المعز بدين الله الفاطمى ،،، و نواصل