الثنائي/ د.( محمد جعفر +الصادق حسن).. بجمهورية مصر في الثمانينيات...تجربة ثرة يجب أن لا ننساها

Quote: و بعد فشل وسائل التهديد و الوعيد و التلويح باستخدام العنف مع المعتصمين التى كانت تطلقها السفارة بين الحين و الآخر ،،، و بعد أن تبين لهم بأنها لم تزد الطلاب إلا إصرارا و قوة ،،، و كمحاولة أخرى من المحاولات اليائسة للضغط على الطلاب و كسر عودهم من قبل السفير و طقمته من السدنة و الجلادين ،،، فقد أطلق السفير تصريحا للمفاوضين بأنه لا يستطيع حل المشكلة مع السلطات المصرية (حيث أن المسألة مرتبطة باتفاقات للتبادل الثقافى مبرمة بين مصر و السودان ، و أن السلطات المصرية ظلت تطالبهم منذ أكثر من ثلاثة سنوات سابقة من خلال كل المداولات التى كانت تتم بين الطرفين بأن الطالب الراسب يكلفها ما يعادل 400 جنيه إسترليني فى السنة الواحدة ،،،، فى حين أن تلك الاتفاقات فى الأصل لا تتضمن أى بند خاص بفرض رسوم أو غرامات مالية على الطالب المتخلف فى السنة الدراسية و أنها تقضى بأن يعامل الطالب السودانى أسوة بالطالب المصرى فى كل شئ بما فى ذلك إعفائه من الرسوم الدراسية ، و تحمله لنفس رسوم التسجيل التى يتحملها الطالب المصرى ، و تطبق عليه نفس اللوائح المطبقة على الطلاب المصريين بما فى ذلك الشروط الجزائية على الطالب المتخلف فى السنة الدراسية الواحدة أو أكثر و التى لا تتضمن فرض رسوم إضافية برغم اشتمالها على حق الجامعة فى فصل الطالب الراسب لأكثر من سنتين أو دورين باستثناء طلاب السنوات الأخيرة (الخريجين) فيعفيهم القانون من عقوبة الفصل عن الدراسة بشكل نهائى ،،، و بالتالى فإن حل القضية موجود فقط فى السودان) و ما يمكن أن يساعد به "السفير" هبة و تكرما منه هو التكفل بتسفير الطلاب الراسبين على نفقة السفارة عن طريق ميناء حلفا للسودان ليعرضوا قضيتهم بنفسهم أمام إدارة العلاقات الثقافية بالسودان؟؟؟ ،،، و مرة أخرى يخطئ سفير العسكر فى حساباته و فهمه و تقديره لموازين القوى مستهزيا بخبرة الطلاب و قدرتهم على رد الصاع صاعين و الكيل مكيالين و على تطويع سلاح الخصم و رده عليه فى لمح البصر قاسيا موجعا لا يحتمل ،،، و ما أن أعلن المفاوضين ذلك على الحشود المعتصمة حتى دوت هتافات الطلاب بأعلى من قبل و هى تجسد أروع مشاهد الوحدة و الإصرار ،،، التسفير يا سفير!!! ،،، التسفير يا سفير!!! ،،، و بنفس الوتيرة المتسارعة لتفاعل الطلاب بادرت بعض طلائعهم و بشكل عفوى دون سابق تخطيط أو اتفاق فى جمع جوازات الطلاب ،،، و يا للدهشة و العجب!!! فقد كانت الغالبية العظمى من الطلاب يحملون جوازاتهم معهم فى جيوبهم ،،، فهم إذن قد قدموا للمعركة منذ البداية واضعين على أنفسهم خيارين لا ثالث لهما النصر أو العودة للوطن ،،، جميعهم ،،، ناجحا كان أم راسبا ،،، فى أروع ملحمة من ملاحم التضامن و الوفاء و الإيمان الراسخ بحق الجميع فى التعليم المجانى دون قيد أو شرط ،،،،،،، و على نفس سياق المعانى و الكلمات التى تغنى بها مارسيل خليفة و لا يزال لشاعر المقاومة الفلسطينية محمود درويش و هو يصور للعالم أجمع لسان حال الفدائيين و المناضلين من أبناء شعبه "منتصب القامة أمشى ،،، مرفوع الهامة أمشى ،،، فى كفى قطفة زيتون ،،، و على كتفى نعشى" ،،،،،،، فقد جاء كل طالب لموقع المعركة كارب تِكته و حامل كفنه على رأسه حاله حال أهل العمة ،،، عمة أهلنا الغبش البتغتيهم من البرد و بتحميهم من حر الشمس و بختوها تحت راسهم و هم راقدين مليل قولة المهدى لى غوردون ،،، "زادنا بليل ، و رقادنا مليل ،، و نومنا قليل ،، بقدرة الجليل إلا نخلى ليلكم يليل" و برضو العمة ليها فوائد عدة فى السفر و الترحال ،، و هى أيضا مقاس السترة و الكفن ،، و فى الأفراح و الأتراح و طول عمر أهلنا كل واحد منهم شايل سترته و كفنه على راسه وين ما يكون ،، بعيش بيها مستور و بموت بيها مستور ،،، و فى ملحمة الاسترلينى البطولية التى سطرت أروع المشاهد كانت جوازات الطلاب عِمم و هاماتهم قِمم ،،،،،، و قد أيقنت كلاب الأمن مرة أخرى بالتمام و الكمال و بما لا يدع مجالا للشك بأنها كما فعلت "براقش" ،،، جنت على نفسها ،،، و أنها بأفقها الضيق و عقليتها التآمرية المترفعة و المتعالية على التاريخ قد حكمت على نفسها بالهزيمة المؤكدة ،،، فقد كانت الكراتين التى حملت جوازات الطلاب و وضعتها على ظهر طاولة السفير هى القشة التى قصمت ظهر البعير و طوت صفحة من التآمر و الخذى و التفريط فى حقوق الطلاب و مكتسباتهم ،،، و أضافت لتاريخ حركة الطلاب الناصع و انتصاراتها المتوالية نصرا و مجدا آخر سيظل محفورا فى ذاكرة التاريخ إلى أن يرث الله الأرض و ما عليها ،،، و ستظل الأجيال المتعاقبة تستقى منه الدروس و العبر و تتعلم منه أسباب النصر و معانى الصمود ،، الوحدة ،، التضامن ،، الشجاعة و الإقدام ،،،،، و نواصل