|
|
 Re: دولار .. ريــال .. حــج سـيـاحــــي!! (Re: فيصل محمد خليل)
|
[glow]قراءة في المشهد السياسي: شكة الدبوس
حكومة المؤتمر الوطني تطالب الشعب السوداني بأكل الخبز الحاف
على رائحة الشواء القادم من موائدهم، وهذا هو المستحيل بعينه.
د. الشفيع خضر سعيد
الوطن يترنح وهو في قبضة نظام تقول ممارساته إنه لا يربط بينه وبين الشعب أي ود أو محبة أو كلمة شرف أو كلمة حق. رد الفعل الحكومي تجاه السخط والاحتجاجات الشعبية ضد الغلاء والتدهور الإقتصادي المريع، يؤكد إن النظام يحتفي فقط بالشرعية القائمة على العنف والبندقية. كما وبإحتكاره للأجهزة القومية الحساسة، والتي يفترض أن تحقق العدالة والحماية للمواطن، يضع نظام الإنقاذ السودان في مهب الريح..، خاصة والبلد محددة بأسقف زمنية قادرة على وضعه تحت رحمة القوى الدولية. وحالة الفصام السياسي متمكنة تماما من النظام، وهي في أوضح حالاتها عندما ننظر إلى سياسات النظام التي تفصل بين الخارجي والداخلي، وإن كانت المحصلة النهائية هي الفشل في الجهتين. ففي الداخل، النظام هو صاحب القول الفصل في الأحداث، في حين هو في الخارج ينصاع بكل سلاسة وتأدب للقرارات الدولية. وفي الداخل أحداث الحرب في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان هي مؤامرة من دولة الجنوب وعملائها، لكن في الخارج يمكن الجلوس، في أي وقت، لمائدة التفاوض. وفي الداخل سياسة إقتصادية تقوم على تجويع الشعب، وفي الخارج نخب النظام تتمطى على كل شير من موارد البلاد فتعرضها للبيع في مزاد علني.
نظام الإنقاذ إستنزف جميع فرصة، ويقف الآن مكشوفا أمام جميع أفراد الشعب السوداني، آيلا للسقوط. فهو رغم إدعائه الشرعية القائمة على الإنتخابات في 2010، يعتبر الآن منقلبا عليها. ولا غرابة في ذلك، فهو أصلا جاء للحكم بإنقلاب، كما عودنا في كل منعطف تاريخي، أن ينقلب على ما أضاع فيه وقتا ومالا، بما في ذلك الإتفاقات حول مصير البلاد والموقعة مع القوى الأخرى. والآن، تلك الشرعية القائمة على تزييف إرادة الجماهير بالتزوير إنقطع نفسها، ويبدو النظام مهتاجا حاقدا على أي معارضة، ولو ضد الجوع، ووصل به الأمر حد إستخدام الرصاص الحي في مواجهة طلاب الجامعة، والهجوم على دار حزب علني معترف به ومسجل، في استهتار واضح بالدستور وبقانون الأحزاب وبشرف الممارسة السياسية، ليؤكد أن القانون في عرف الإنقاذ فعلا لا يساوي الحبر الذي كتب به. قوات الأمن إقتحمت دار حزب “حق” لتداهم إجتماعا بين مجموعات شبابية وقيادة تحالف المعارضة، تعتقل الحاضرين وتصادر كل الموجودات وتحطم أثاثات مقر الحزب وتمزق الصور المعلقة في جدران الدار…لا تفسير لهذا التصرف سوى أنه ينبع من حقد واضح على أي فكر وطني ورأي مخالف. كما أن هذا السلوك يعكس الرعب من الشباب الذي تخافه الإنقاذ أكثر من أي فئة أخرى، كأنه لم يكفها سد منافذ العمل في وجه هذه الفئة، ولا تشجيعها لنزيف عقول وسواعد الدماء الحارة خارج الوطن، ولا تعاميها عن مشاكل المخدرات وغيرها من أمراض هدر النفس والوقت. وأيضا، وصل الأمر بالانقاذ حد فرض الإنتشار الأمني المدجج بالسلاح وشراسة العنف في الأحياء ضد أي فعل جماهيري تلقائي ضد الغلاء وضنك العيش. أعتقد أن تفاصيل الحالة السياسية الراهنة في البلاد، والتي وصلت إلى قمة التشبع بالتوتر وتوقع الإنفجارات، تدفعنا إلى الأخذ بعدد من الإستنتاجات الهامة، والتي من بينها:
أولا: نظام الإنقاذ يرفض فكرة المعارضة في حد ذاتها. وبالنسبة له تقسيمه المعارضة إلى سلمية ومسلحة لا يحدث فرقا كبيرا عنده. فإسلوب التصدي يكاد يكون واحدا. ومن ناحية أخرى، فإنه في ذات الوقت الذي يتصدى فيه للمعارضة المسلحة من خلال الحرب، يعتقل من يطالب بوقف الحرب من الشباب السوداني الحادب على مصلحة الوطن. والنظام يبني خطابه السياسي على الهجوم على المعارضة وتخوينها وإتهامها بالعمالة والأجندة الخفية ومعاداة الوطن، حتى يظهر وكأنه، أي النظام، هو وحده حامي حمى البلاد، رغم أن الوقائع عادة ما تكشف غير ذلك. فبعد التوقيع على إتفاق السلام الشامل، وطيلة الفترة الانتقالية وشراكته مع الحركة الشعبية، كانت كل تصرفات النظام تؤكد على عدم إكتراثه إن ذهب الجنوب أو بقى في السودان الموحد، ما دام هو سيستمر في السلطة ويتمتع بما سيتبقى من البلاد. وأعتقد جميعنا يتذكر أن قضية الحدود بين الشمال والجنوب ظلت مطروحة، وبشدة، منذ أيام محادثات نيفاشا. وهي قضية سياسية في المقام الأول ولا يمكن عزلها عن جملة ما كان يدور في القضايا السياسية الأخرى. لذلك، إصرار الإنقاذ على خلق وإستمرار المناخ العدائي طوال الفترة الإنتقالية، لعب دورا رئيسيا في جعل العداءات والنزاعات على الشريط الحدودي تصل هذا الحد الكارثي. والآن، يصر نظام الأنقاذ على أولوية مناقشة الملف الحدودي في محادثاته مع دولة الجنوب في أديس أبابا، في حين أنه قبل أيام كان يتمسك بضرورة البدء بالملف الأمني! وإذا فكرنا قليلا في الأمر، فسنجد أن النظام الذي “قسم البلد قسمين”، والذي لا ترمش له عين وهو يبيع موارد البلاد من خلال صفقات مريبة، غير مؤهل للتفاوض على نزاعات الشريط الحدودي. كما أن طريقة التفكير التجزيئي للقضايا التي طرحها قرار مجلس الأمن 2046، لن تفضي إلى حلول جذرية وشاملة، لكنها بالتأكيد ستفضح القادة الذين يفكرون في المصالح الذاتية والحزبية الضيقة، ويتركون المصلحة الوطنية، وينظرون إلى الموت والضياع والدمار والخراب الأسري، وكل أهوال الحرب، ببرود غير إنساني.
ثانيا: رد الفعل الجماهيري ضد الغلاء وزيادات الأسعار، هو رد فعل تلقائي، ومتروك له أن يصل إلى نهاياته. ولكن هجوم الحكومة الضاري عليه، يضع كل أبناء الوطن، في الداخل والخارج: قيادات الأحزاب، أفراد الشعب، المهنيين، النقابيين، وكل عقلاء وحكماء الشعب، ولكن بالأخص أولئك الذين يجلسون في مراكز إتخاذ القرار في الدولة، يضعهم أمام مسؤولية أخلاقية كبيرة وفي محك تاريخي.
ثالثا: الأجهزة الأمنية تقف على المحك. فإما أن تستعيد قوميتها وجدارتها بالمسؤولية الأخلاقية الكبيرة الملقاة على عاتقها، ووقوفها على مسافات متساوية من كل القوى السياسية، أو تخون الشعب وتواصل ممارسة إنحيازها الدائم لصالح حزب المؤتمر الوطني. وبذلك تقودنا إلى سيناريوهات مشابهة لما جرى في ليبيا ويجري اليوم في سوريا.
رابعا: الوضع الإقتصادي المتدهور سببه السياسات الحكومية الخاطئة. والمحاولات الإصلاحية المعلنة لن تحسن من الوضع كثيرا. فسياسات حكومة الإنقاذ أحدثت خللا في إدارة الدولة بحيث أصبح للفساد مؤسسات تحرسه وتحميه وتدافع عنه، وتمنع عنه “عين الحسود”. والصراع الذي يدور داخل أروقة المؤتمر الوطني يعكس أن الجناح المسيطر داخل الحزب يرقض الوقوف مع الشعب ولا يكترث لآلامه.
حكومة المؤتمر الوطني تطالب الشعب السوداني بأكل الخبز الحاف على رائحة الشواء القادم من موائدهم، وهذا هو المستحيل يعينه. فمعروف الآن لكل سوداني إن القلة المعفية من آلام الجوع والفقر والمعاناة، هم القائمون على الحكم، والشاغلون للمناصب والوظائف الدستورية وما بينهم من وسطاء.
ويمر بخاطري الآن نموذج الشقيقة دولة إرتريا، التي شهدنا في التسعينات كل طاقمها الحاكم، من رئيس الدولة وحتى أصغر منصب دستوري وتنفيذي وحزبي، وهم يقطنون غرفا صغيرة في المعسكرات (campus)، ويقتاتون فتات الميز المشترك من المطبخ المشترك، لا يتقاضون راتبا، ويعيشون في مستوى معيشي أقل بكثير من العديد من أفراد الشعب!…كل همهم كان توفير كل الموارد من أجل بناء دولة إرتريا المستقلة حديثا.
|
|
  
|
|
|
|
|
| العنوان |
الكاتب |
Date |
| دولار .. ريــال .. حــج سـيـاحــــي!! | فيصل محمد خليل | 06-21-12, 09:04 AM |
| Re: دولار .. ريــال .. حــج سـيـاحــــي!! | فيصل محمد خليل | 06-21-12, 09:09 AM |
| Re: دولار .. ريــال .. حــج سـيـاحــــي!! | فيصل محمد خليل | 06-21-12, 09:18 AM |
| Re: دولار .. ريــال .. حــج سـيـاحــــي!! | فيصل محمد خليل | 06-21-12, 09:21 AM |
| Re: دولار .. ريــال .. حــج سـيـاحــــي!! | فيصل محمد خليل | 06-21-12, 03:40 PM |
| Re: دولار .. ريــال .. حــج سـيـاحــــي!! | فيصل محمد خليل | 06-21-12, 08:09 PM |
| Re: دولار .. ريــال .. حــج سـيـاحــــي!! | فيصل محمد خليل | 06-21-12, 08:50 PM |
| Re: دولار .. ريــال .. حــج سـيـاحــــي!! | فيصل محمد خليل | 06-21-12, 10:33 PM |
| Re: دولار .. ريــال .. حــج سـيـاحــــي!! | فيصل محمد خليل | 06-22-12, 05:19 AM |
| Re: دولار .. ريــال .. حــج سـيـاحــــي!! | فيصل محمد خليل | 06-22-12, 02:31 PM |
| Re: دولار .. ريــال .. حــج سـيـاحــــي!! | فيصل محمد خليل | 06-22-12, 08:27 PM |
| Re: دولار .. ريــال .. حــج سـيـاحــــي!! | فيصل محمد خليل | 06-22-12, 09:08 PM |
| Re: دولار .. ريــال .. حــج سـيـاحــــي!! | فيصل محمد خليل | 06-23-12, 04:15 AM |
| Re: دولار .. ريــال .. حــج سـيـاحــــي!! | فيصل محمد خليل | 06-23-12, 07:00 PM |
| Re: دولار .. ريــال .. حــج سـيـاحــــي!! | فيصل محمد خليل | 06-24-12, 04:24 AM |
| Re: دولار .. ريــال .. حــج سـيـاحــــي!! | فيصل محمد خليل | 06-24-12, 04:31 AM |
| Re: دولار .. ريــال .. حــج سـيـاحــــي!! | فيصل محمد خليل | 06-24-12, 09:16 AM |
|
| |
فيصل محمد خليل
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست