|
Re: السليك: أن تكون لصاً أفضل لك من أن تكون صحافياً في السودان!!! (Re: Abdlaziz Eisa)
|
Quote: ولذلك كان لا بد من ” الكتابة”، والكتابةُ عندي هي أوكسجين الكائنات الحية، و متنفسي، وهي سلاحي الذي أحارب الظلم به، وقنديلي الذي يقاوم الظلمة، والكلمةُ رصاصتي التي أقاتل بها “أعداء الجمال”، وفرشاتي التي أرسم بها خرائط كوني، وألواني التي بها ألوِّن لوحات حياتي، وبوصلتي التي أحدد بها كينونتي، وموقفي، و وجودي.. ولا أملك غير الكلمات شيئاً، وأجدني أستعير كلمات شاعرنا الكبير، متعه الله بالصحة والعافية محمد مفتاح الفيتوري، “ آه لو أعرف من أي الأفاق تهب الريح لكنت سبقت الريح و كنت نشرت على جنبات الأفق ردائي من أقصاه إلى أقصاه لأحجب ريح الحزن القادم عن عينيك و أنصب عرشك فوق الشمس و أعزف موسيقاي محباً في ملكوت الله آه لو أقدر كنت ملأت حديقتنا الجرداء بالزنبق و الدفلي و كنت غسلت كآبات الفقراء من أجلك يا عيني لكني لا أملك إلا الكلمة في شفتي أسطرها حينا في الصخر و حينا أنقشها مثل المجنون على صفحات الماء وقد مارستُ الكتابة ؛ صحافياً، وكتبتُ في صحف عربية مثل ” الحياة ” و”الشرق الأوسط” اللندنتين، وأسستُ مع رفاق كلمة، صحيفة “أجراس الحرية” التي وُئدت، وهي ليست في حاجة لكي نقول ” ولو الموؤدة سُئلت”؟ لأننا ندري بأي ذنبٍ قُتلت، وذنبها هو محاربتها الاستبداد، ودعوتها للحرية، وموقفها الراسخ من الديمقراطية, والكتابة الصحفية في السودان هي ” مثل السير وسط حقول ألغام، وكثيراً ما أقول “إن تكون لصاً فهو أفضل لك أحياناً من أن تكون صحافياً في دولة المؤتمر الوطني، اذا ما ذهبت إلى محكمة، أو فُتح بلاغ في مواجهتك في قضية نشر، فاللِّص يُحاكم بقانونٍ واحد، وهو القانون الجنائي، وغالباً ما تكون التُّهم موجهة ضدك تستند على مادة واحدة من مواد القانون، أو ربما مادتين، أو حتى ثلاث، إلا أنَ الصحافي يُحاكم ببضع قوانين، ابتداءً من قانون الصحافة والمطبوعات، واستدعاءات المجلس المهتم “بتسوير ” المهنة، أكثر من ” تطويرها”، مروراً بالقانون الجنائي لسنة 1991، وحتى محاولات اتحاد الصحافيين “لضبط سلوك الصحافيين”، وهناك مجموعة من المواد الجاهزة، والتي نحمد للمحاكم أن حولتنا إلى قانونيين، نحفظ المواد، ونعرف أي المواد ستفتح امامك في حالة هذا الخبر، أو ذاك المقال، ومنها ” تقويض النظام الدستوري” و” اثارة الفتنة والكراهية”، وانتقاص هيبة الدولة، و”وربما “التجسس” !، وعقوبة الاتهام بهذه المواد – وهي تدخل في تعريف ” الجرائم الموجهة ضد الدولة”- تصل حكم الاعدام، أو السجن لسنوات ومصادرة “الممتلكات” ، لو كان للصحافي مثلنا ممتلكات، غير سيارات ” مرهونة للبنوك” برغم طول مدة عملنا في مهنة المتاعب، وهنا ” المادة 66″ والمتعلقة بانتقاص هيبة الدولة” وعقوبتها السجن لمدة ستة أشهر أو الغرامة، أو العقوبتين معاً، وهناك مادة نشر أخبار كاذبة، أو “الكذب الضار واشانة السمعة” وهي المادة 159″ وعقوبتها السجن لمدة شهر، أو الغرامة، أو العقوبتين معاً. وحالنا ” حال من يمشي في طريق ” مزروع بالالغام”، و” ندرك تماماً “أن جوبلز” يمشي بيننا، وأن المشروع الحضاري لا يعدو سوى أُكذوبة كبرى، وأنّ الكتابة في مثل هذه الظروف ، وفوق صفحات الصحف ” هي ” مغامرة”، أو “رقص على السلالم”، أو مشي ” فوق الحبال”، هذا أن أردنا كتابة من أجل الوطن، ومن أجل الناس العاديين، ومن أجل الحفاظ على ما تبقى من تراب البلد، إلا أن عزاءنا أن ” الفضاء أوسع من أن يتحكم أحد فيه، وأن العالم كل صار قرية كونية صغيرة، ما يحصل هنا، سيعرفه الجميع، وأن القيود لن تجدي. وبهذه المناسبة، وأمام جمعكم الكريم هذا، وأنا أدشن روايتي الأولى، ومن داخل نقابة اتحاد الصحفيين المصريين، أدعو الجميع للتضامن مع زميلنا الصحافي الكبير الأستاذ فيصل محمد صالح، رهين سجن النظام الاستبدادي في الخرطوم، وأناشد زملاء الكلمة في نقابة الصحفيين المصريين، في مصر الثورة، أن يلتفوا ، ولو قليلاً نحو الجنوب، للوقوف على حال الكتابة والصحافيين في السودان، حيث أغلقت السلطات خلال ثمانية أشهر حوالى عشر صحف، وعرضت العاملين بها للتشريد، وضمتهم إلى جيوش العطالة، كما تتعرض الصحف يومياً إلى المصادرة من المطبعة، ولا بد من تحية خاصة للزملاء في جريدة “الميدان” والتي تتعرض للعقاب اليومي، مثلما يعاقب الصحافيون بقوانين الأمن الوطني، والقانون الجنائي “الشريعة الاسلامية” إلى الحبس، والغرامات المالية، وقد تعرض أكثر من خمسة صحافيين إلى السجن، مثلما عوقب أكثر منهم خلال عام واحد بالغرامة المالية.
هذا هو واقع الصحافة، وهذه هي صورة الكتابة الصحفية في السودان.!.
وتحية خاصة للمبادرين في الصحافة الالكترونية، وعلى رأسهم
أستاذنا الحاج وراق في صحيفة “حريات” وطارق الجزولي في صحيفة سودانايل، أول صحيفة الكترونية،
وبكري أبو بكر ” سودانيز أونلاين”
والأساتذة في صحيفة ” الراكوبة”. فهي منابر فسيحة، وعصافير تحلق بعيداً عن أسوار سجون الرقابة والسلطة. حيث الخرطوم، وعلى لسان بطل روايتنا “مراكب الخوف” الصحافي مجدي الذي يقول ساعة قهر” كان السجن أسوداً، لكنه كان أفضل من شحوب المدينة.
|
|
|
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/icon_edit.gif)
|
|
|
|
|
|
|