|
Re: د. محمد محمود: الحزب الشيوعي ومرحلة ما بعد نقد (Re: Amin Elsayed)
|
(3) إلا أن واقع صراع سودان ما بعد ثورة أكتوبر كان أيضا واقع صراع القوى الحديثة المدينية والقوى التقليدية ذات الوزن الريفي بالدرجة الأولى (التي مثلتها معاقل الختمية والأنصار). ورغم أن حركة الإخوان المسلمين كانت حركة مدينية وتحمل بعض سمات الحداثة إلا أن الحزب الشيوعي وقوى اليسار كانت (ولا تزال) هي الممثلة لتيار الحداثة والقوى الحديثة بامتياز. ورغم صدمة حلّ الحزب الشيوعي فإن هذه القوى لم تكن قد فقدت زخمها الثوري وثقتها بنفسها، وهكذا ما لبثت أن انقلبت على تحالف الأحزاب التقليدية ونفّذت انقلاب حركة مايو 1969، والذي شرع في بداياته في تنفيذ أكثر برنامج جذري ويساري في التاريخ المعاصر للسودان. وما لبثت تطورات الأحداث أن حوّلت سلطة مايو لأكبر كارثة على الحزب الشيوعي عندما حاول حسم خلافاته معها بإزاحتها من السلطة، فقام هاشم العطا بانقلابه في يوليو 1971، لتؤدي تلك المغامرة لمجزرة راح ضحيتها رؤوس الانقلاب من العسكريين وعبد الخالق محجوب والشفيع أحمد الشيخ وجوزيف قرنق. وكانت دماء الشيوعيين هي ما عمّد به نظام سلطة مايو نفسه ليلقي بنفسه في أحضان اليمين ويتحالف مع الحزبين التقليديين (الأمة والاتحادي) والإسلاميين وينتهى به المطاف لتعميد آخر بالدم عندما شرع في بتر أطراف المواطنين وأعلن انحيازه للشريعة وبعثه لنظام الإسلام.
.
|
|
|
|
|
|