|
Re: صحيفة الجريدة الكويتية حوار مع الاديب خــالــد عويـــس عن كتابه ال (Re: عمر عبد الله فضل المولى)
|
تقول إن «المصادر العلمية والتاريخية لدينا متعددة، وكلها تؤكد على عظمة الإنجازات الحضارية التي حققها السوداني الأسود. لكن مثل هذا الأمر لا يجد سبيله إلى مناهجنا التعليمية ولا إلى معارفنا ووعينا»… لماذا هذا الرأي؟
أنطلق من هذه المسألة الجوهرية إلى مناقشة خلل عميق في «الوجدان الجمعي» السوداني، من وجهة نظري، لكون الوجدان، بل والعقل أيضاً، وقف لقرون، مفارقاً للمصادر الأولى، ومعتبراً، إلى حد ما، أن السودان إنما هو «وطن طارئ». لذلك فالأشعار والمقولات تفيض بنوستالجيا للوطن الأصلي، «شبه الجزيرة العربية»! هذه كارثة. هذه كارثة المسؤول عنها هو هذا التراكم التاريخي لوعيٍّ خلط بين المقدس والعرق، بل وتبّنى إلى درجة كبيرة السمت الصارم للنسق الثقافي العربي في التبرؤ من السواد وتشنيعه. أعرض في هذا الكتاب لمقولات ابن خلدون والكندي وأشعار المتنبي التي ستجد لها صدى واضحاً ورجعاً في أشعار سودانية و{مراجع» و{مرجعيات» ثقافية مؤثرة في السودان، تحطُ من شأن الآخر، الذي هو في الحقيقة «نحن»، إنما «نحن» في سياقٍ غريب، هو آخر، لا نريده ونعزف عنه، وتحط كذلك من شأن الأصالة، أصالة الحضارة السودانية (أستاذ جامعي مرموق يقول إن تاريخ السودان قبل العرب والمسلمين محض تيه وضلالة). للغرابة فإن هذا التاريخ الذي نداريه بعيداً عن أعين أطفالنا وأجيالنا، ونتبرأ منه، هو تاريخٌ عظيم فعلاً. أخصص فصلاً كاملاً في الكتاب لهذا التاريخ. ليس لأجل التعالي الزائف والسعي إلى التوازن النفسي، وإنما لأن من حق السودانيين أن يعرفوا أكثر فأكثر عن حضارة عريقة علّمت أمماً أخرى الكثير من الأمور، وكانت على درجة من القوة و{الأخلاق» والازدهار، يذكرها «الكتاب المقدس» ويشير إليها المؤرخون الهيلينيون على شاكلة «هيرودوت»، ويتعمق عدد متزايد من علماء اللغويات والآثار والأنثروبولوجية في دراستها، اليوم، بل والتأكيد، أحياناً، على أن ثمة مزيداً من الإشارات والملاحظات التي ترجح أنها ربما كانت النواة الأولى للحضارة في العالم.هم يقولون إن الأديان والعلوم ربما انطلقت من هنا، ونحن نردد في ببغاوية غريبة مزاعم ابن خلدون التي نسفها العلم الحديث بأن «ثمة علةً في دماغ الإنسان الأسود ربما مردها إلى انتشار (الروح الحيواني) وتفشيه». وهو، أي ابن خلدون، على أي حال أفضل حالاً من الكندي الذي يقرر دون أن يطرف له جفن أن العلة إنما هي علة أصيلة في الدماغ. المشكلة بالنسبة إلي ليست هذه، وإنما تصديقنا حتى الآن لمثل هذه الأمور مع أن الآثار والشواهد تقف على عظمة الحضارة التي بناها السودانيون الأوائل وانطوت على قدرٍ هائل من القيم الأخلاقية الرفيعة ندرك رفعتها، الآن، من خلال «الشواهد»، وهي هكذا، اسمها «الشواهد» التي خلّفها ملوك عظام مثل بيعانخي وتهارقا. المرأة أيضاً كان لها وضعٌ مقدس في هذه الحضارة، فهي حكمت حكماً مطلقاً، وأعتقد أن قيمةً مثل «الكرم» الفائق تعود في جذورها الأولى إلى «مائدة الشمس» في مدينة «كرمة» القديمة، التي يرى بعض الباحثين أنها قد تكون المدينة الأولى في أفريقيا. هذا كله، مع غيره، ويحفل به الكتاب، غائب عن مناهجنا التعليمية التي توجه عنايتها الفائقة إلى تاريخ الأمويين والعباسيين وبغداد ودمشق والأندلس وأوروبا وأفريقيا وتغفل عن «كرمة» و{مروي» و{الكرو». حتى إنك لتسأل كثيرين عن موقع «مروي» القديمة وقد تكون الإجابات بأن الموقع هو «مدينة مروي الحالية»! لا أريد أن أفصل السودان عن محيطه الأفريقي العربي ولا عن العالم، لكني أرغب في أن يعرف «السوداني» الذي أسميه بـ»التائه»… (عن تاريخه) في الكتاب، أريده أن يعرف تاريخه وعظمة إنجازاته الحضارية، فهو أول من انتقل من «الصيد» إلى «الرعي»، وثمة شواهد تؤكد أنه أيضاً من انتقل من «الرعي» إلى «الزراعة». وهو من توجه «الرب» بأوامره إلى العبرانيين للاستعانة به لمقاومة الآشوريين، ففعل ذلك وحكم السودان ومصر وفلسطين الحالية والساحل السوري. كتابات الآشوريين ذاتها تؤكد ذلك، فـ»تهارقا» ليس مذكوراً في «العهد القديم» وحسب، بل في كتابات الآشوريين أيضاً والكتابات الهيلينية. السودانيون في حاجة إلى أن يعرفوا أن وطنهم هذا ليس مجرد جغرافيا «طارئة» وإنما هو امتداد لحضارات عريقة ونتيجة لتلاقحات ثقافية عميقة بين مكوناته الحالية عبر مسير طويل للغاية. هذا الأمر، عبر آليات التعليم والثقافة سيصنع «شخصية حضارية» للسودان وللسوداني تمكنه من استعادة طاقاته وقدراته الكامنة بل ومسألة أخرى جوهرية هي الثقة بالنفس.
|
|
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/icon_edit.gif)
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
صحيفة الجريدة الكويتية حوار مع الاديب خــالــد عويـــس عن كتابه الجديد | عمر عبد الله فضل المولى | 04-09-12, 08:58 AM |
Re: صحيفة الجريدة الكويتية حوار مع الاديب خــالــد عويـــس عن كتابه ال | عمر عبد الله فضل المولى | 04-09-12, 09:04 AM |
Re: صحيفة الجريدة الكويتية حوار مع الاديب خــالــد عويـــس عن كتابه ال | عمر عبد الله فضل المولى | 04-09-12, 09:09 AM |
Re: صحيفة الجريدة الكويتية حوار مع الاديب خــالــد عويـــس عن كتابه ال | عمر عبد الله فضل المولى | 04-09-12, 09:13 AM |
Re: صحيفة الجريدة الكويتية حوار مع الاديب خــالــد عويـــس عن كتابه ال | عمر عبد الله فضل المولى | 04-09-12, 09:15 AM |
Re: صحيفة الجريدة الكويتية حوار مع الاديب خــالــد عويـــس عن كتابه ال | عمر عبد الله فضل المولى | 04-09-12, 09:19 AM |
Re: صحيفة الجريدة الكويتية حوار مع الاديب خــالــد عويـــس عن كتابه ال | عمر عبد الله فضل المولى | 04-09-12, 09:31 AM |
Re: صحيفة الجريدة الكويتية حوار مع الاديب خــالــد عويـــس عن كتابه ال | عمر عبد الله فضل المولى | 04-09-12, 09:55 AM |
Re: صحيفة الجريدة الكويتية حوار مع الاديب خــالــد عويـــس عن كتابه ال | Adil Osman | 04-09-12, 10:10 AM |
Re: صحيفة الجريدة الكويتية حوار مع الاديب خــالــد عويـــس عن كتابه ال | عمر عبد الله فضل المولى | 04-09-12, 02:36 PM |
Re: صحيفة الجريدة الكويتية حوار مع الاديب خــالــد عويـــس عن كتابه ال | عمر عبد الله فضل المولى | 04-09-12, 03:55 PM |
Re: صحيفة الجريدة الكويتية حوار مع الاديب خــالــد عويـــس عن كتابه ال | عمر عبد الله فضل المولى | 04-09-12, 05:05 PM |
Re: صحيفة الجريدة الكويتية حوار مع الاديب خــالــد عويـــس عن كتابه ال | عمر عبد الله فضل المولى | 04-11-12, 05:08 PM |
Re: صحيفة الجريدة الكويتية حوار مع الاديب خــالــد عويـــس عن كتابه ال | عمر عبد الله فضل المولى | 04-11-12, 05:24 PM |
Re: صحيفة الجريدة الكويتية حوار مع الاديب خــالــد عويـــس عن كتابه ال | عمر عبد الله فضل المولى | 04-12-12, 02:52 PM |
|
|
|